حزب المؤتمر السوداني: أزمة فكرية وتنظيمية في مشهد سياسي معقد
دكتور هشام عثمان
يتسم المشهد السياسي السوداني بتعقيداته المتشابكة، ما يجعل تقييم الأحزاب السياسية أمرًا ضروريًا لفهم طبيعة الأزمة الوطنية والمضي نحو حلول مستدامة. حزب المؤتمر السوداني، على الرغم من بروزه كأحد القوى السياسية المعارضة لنظام الإنقاذ، عانى وما زال يعاني من إشكاليات فكرية وسياسية وبرامجية عميقة.
تكشف هذه الدراسة عن جذور أزمة الحزب الفكرية والتنظيمية، وتتناول ضعفه في قراءة مسار الثورة، وانضمامه المتأخر للحراك الشعبي، فضلًا عن افتقاره لرؤية سياسية واضحة وأداء متماسك. كما تسلط الضوء على القاعدة الشعبية للحزب ومدى محدوديتها، وتستعرض الآثار المترتبة على تبنيه مواقف سياسية متذبذبة في مرحلة ما بعد الإنقاذ.
—
الجذور التاريخية للأزمة
1. التأسيس والنشأة
تأسس حزب المؤتمر السوداني في سياق اتسم بالاستبداد السياسي، حيث سعى للتمركز كقوة معارضة جديدة دون أن يرتكز على أيديولوجيا واضحة أو رؤية نظرية عميقة.
السياق السياسي للتأسيس: نشأ الحزب كامتداد لحركة طلابية، مما أدى إلى افتقاره للتقاليد السياسية العريقة التي تمتلكها أحزاب تاريخية مثل الأمة والاتحادي الديمقراطي.
الاعتماد على البراغماتية: عوضًا عن تشكيل هوية سياسية واضحة، تبنى الحزب خطابًا يركز على مقاومة النظام القائم، متجنبًا الاشتباك مع الأسئلة الفكرية الكبرى.
2. معارضة نظام الإنقاذ
استفاد الحزب من الدور الذي لعبه كمعارض لنظام البشير فاكتسب زخمه السياسي و الشعبي من فكرة المعارضة لا من قوة افكاره السياسية ،حيث شكل ذلك نقطة قوته الأساسية. لكن هذا الدور لم يكن مبنيًا على استراتيجية طويلة المدى:
الاعتماد على رمزية المعارضة: اكتسب الحزب شعبيته من موقفه ضد الإنقاذ بدلًا من طرحه لرؤية شاملة لمستقبل السودان.
غياب البدائل: لم يقدم الحزب تصورًا تفصيليًا لكيفية الخروج من الأزمة الوطنية، ما حد من قدرته على الاستمرار كقوة جذب بعد سقوط النظام.
—
الأزمة الفكرية والتناقضات الداخلية
1. غياب المنصة الفكرية
يفتقر حزب المؤتمر السوداني إلى منصة فكرية متماسكة، مما يفسر حالة الارتباك التي يعاني منها:
التذبذب الأيديولوجي: يظهر الحزب أحيانًا بوجه ليبرالي يدعو للسوق المفتوح وحقوق الأفراد، وأحيانًا أخرى كحزب يساري يدعو للعدالة الاجتماعية.
التأثير بالمناهج المستعارة: تأثر الحزب بمنهج التحليل الثقافي الذي تتبناه الحركة الشعبية لتحرير السودان، ما جعله ينحاز إلى قضايا الهامش على حساب القضايا الوطنية الجامعة.
2. الصراع بين التيارات الداخلية
يتصارع داخل الحزب تياران رئيسيان:
التيار الليبرالي: يدعم الحلول الفردانية، ويجد جذوره في الطبقة الوسطى والنخب المثقفة.
التيار الاشتراكي الاجتماعي: يركز على قضايا الفقر والتهميش، لكنه يعاني من غياب وضوح الرؤية.
الحركة البندولية: تتنقل مواقف الحزب بشكل متكرر بين هذين التيارين، مما يفقده التماسك اللازم لاتخاذ قرارات استراتيجية.
3. الفشل في ملء فراغ الحركة الاتحادية
رغم انهيار الحركة الاتحادية التقليدية، لم يتمكن المؤتمر السوداني من تقديم نفسه كبديل حقيقي:
الافتقار للإرث السياسي: يفتقر الحزب إلى العمق التاريخي الذي تمتلكه الأحزاب الاتحادية.
الرهان على الطبقة الوسطى: حاول الحزب كسب قواعد اتحادية، لكنه فشل في تقديم خطاب شامل يتناسب مع تطلعات هذه القواعد.
—
الأداء السياسي والقصور البرامجي
1. الأداء السياسي: تناقضات ومواقف متأخرة
كان حزب المؤتمر السوداني من الأحزاب التي تأخرت في الانضمام إلى الثورة السودانية، ما أثار انتقادات واسعة:
دعم انتخابات 2020: دعا الحزب إلى المشاركة في الانتخابات التي خطط نظام الإنقاذ لإجرائها، مما اعتُبر تواطؤًا مع النظام بدعوى صعوبة إسقاطه وعد ذلك ضربا من قصر النفس الثوري و سوء الخيال السياسي ..
الانضمام المتأخر للثورة: تأخر الحزب في دعم الحراك الشعبي، وظهر وكأنه يركب الموجة بعد نجاحها.
الخطاب المتناقض: تنقل الحزب بين مواقف متباينة دون تقديم تبرير واضح لتحولاته، مما أثر على مصداقيته.
2. القصور البرامجي
يفتقر حزب المؤتمر السوداني إلى برامج واضحة لإدارة الأزمات الوطنية:
الرؤية الاقتصادية: لم يطرح الحزب خططًا عملية لمعالجة القضايا الاقتصادية كالبطالة والتضخم والفقر.
القضايا الاجتماعية: فشل في تقديم مبادرات تعالج قضايا مثل التنمية الريفية وتمكين الشباب.
3. ضعف قراءة المشهد السياسي
عدم إدراك ديناميكية الثورة: بدت مواقف الحزب بعيدة عن نبض الشارع، مما جعله يفقد تعاطف قطاعات واسعة من الثوار.
الانحياز للحلول الوسطية: أبدى الحزب ميولًا للحوار مع النظام بدلًا من دعمه لإسقاطه، مما أفقده الشرعية الثورية.
—
القاعدة الشعبية وأزمتها
1. الاعتماد على الطبقة الوسطى
يعتمد حزب المؤتمر السوداني بشكل رئيسي على دعم الطبقة الوسطى، لكنه لم ينجح في توسيع قاعدته لتشمل الشرائح المهمشة:
النخب الحضرية: يتركز دعم الحزب في المدن الكبرى وبين المتعلمين، مع غياب واضح في الأقاليم الريفية.
الغياب عن الهامش: لم ينجح الحزب في تقديم خطاب يلبي احتياجات سكان المناطق المهمشة.
2. القواعد الجماهيرية المستعارة
استفاد الحزب من انهيار الحركة الاتحادية، لكنه لم يستطع بناء قاعدة مستقلة خاصة به:
التبعية المؤقتة: اعتمد على استقطاب قواعد اتحادية بديلة بدلًا من بناء رؤية خاصة.
ضعف التماسك الداخلي: افتقرت هذه القواعد إلى الولاء الحقيقي، مما يجعل الحزب عرضة للتصدع.
—
قراءة مستقبل الحزب
1. تحديات الانتقال نحو المدنية
مع التحول نحو نظام مدني ديمقراطي، سيواجه حزب المؤتمر السوداني تحديات كبيرة:
غياب الكوادر المؤهلة: يفتقر الحزب إلى كوادر قادرة على إدارة الدولة في المرحلة المقبلة.
التآكل الجماهيري: فقدان الثقة نتيجة التذبذب السياسي سيحد من شعبيته.
2. احتمالات التراجع
إذا لم يقم الحزب بإصلاح جذري، فإنه مهدد بالتراجع إلى الهامش السياسي:
الضعف في الهيكل التنظيمي: قد يؤدي غياب التماسك الداخلي إلى انقسامات وصراعات.
تزايد الانتقادات الشعبية: إذا استمر الحزب في عدم تقديم برامج ملموسة، سيتحول إلى كيان هامشي.
توصيات لإصلاح الحزب
1. بناء منصة فكرية متماسكة
اختيار هوية واضحة: ضرورة الالتزام بخط أيديولوجي واضح سواء ليبرالي أو اشتراكي.
صياغة رؤية وطنية شاملة: تقديم مشروع وطني يعالج القضايا الرئيسية في السودان.
2. تحسين الأداء السياسي
التواصل مع الشارع: تعزيز المشاركة الشعبية عبر خطط وبرامج ملموسة.
إعادة صياغة الخطاب: تبني خطاب سياسي واضح بعيد عن التناقضات.
3. توسيع القاعدة الشعبية
الوصول إلى الأقاليم والهامش: ضرورة فتح قنوات تواصل مع المناطق المهمشة.
تعزيز الشراكات: التعاون مع منظمات المجتمع المدني والقوى الثورية.
يعاني حزب المؤتمر السوداني من أزمة هيكلية وفكرية عميقة تجعل مستقبله محفوفًا بالتحديات. ما لم يقم الحزب بمراجعة جذرية لأدائه، وتبني رؤية وطنية شاملة، فإنه معرض لفقدان مكانته كفاعل سياسي رئيسي. الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية للحزب إذا أراد أن يكون جزءًا من مستقبل السودان الديمقراطي.
دكتور هشام عثمان
سودانايل
اهم المآخذ السياسية عليه …قبوله للتطبيع مع الكيان الصهيوني دون أي اشتراطات لحقوق الشعب الفلسطيني
بالإضافة إلى أن الدور والبيَات الديواني لعمر الدقير …الذى تتسم رود فعله السياسي بروح الباشكتبة الافندوية ..أثرت كثيرا في قدرته على المبادرة والتحشيد والمقاومة الاحتجاجية..بخلاف ما كان عليه قبل سقوط السفلة
يا دكتور هشام بعد التحية والتقدير، لقد بنيت دراستك على افتراض أن المؤتمر السوداني حزب ولكنه لم يستطع أن يكون حزب حتى الآن وفقا لأى تعريف يتفق عليه لما هية الحزب، فالحزب فى جميع الأعراف يعنى فيما يعنى القاعدة الجماهيرية، وهو ما يفتقد اليه تمام المؤتمر السوداني. كما أن المؤتمر السوداني هو فى الأصل مؤتمر الطلاب المستقلين خاصة فى جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكل ثقافته وفكره وبرامجه ومهامه لا تتسع لاكثر من مساحة وحجم جمهور ركن النقاش .حتى ركن نقاشه محدود ومحصور فى شخص واحد وهو خالد سلك وفى موضوع واحد فقط هو المناكفة السياسية للكيزان ، وحتى مناكفته للكيزان تعتبر خالية تماما من اى بعد أو عمق فكرى أو ثقافى. علاوة على ذلك يتبع المؤتمر السوداني ، او بالأصح مؤتمر خالد سلك، اسلوب الغضب وفش الغبينة و التذمر والتنمر والعداء الأعمى والنطح هنا وهناك وهذا وذلك على طريقة الثور الهائج فى مناكفته للكيزان، على عكس منهج الجمهورين والشيعيون والبعثيون الذين يعارضون، وليس فقط يناكفون ويناطحون ، الكيزان بالفكر والثقافة والراى والراى الآخر ، ويبرزون مناقص و خطل فكر الكيزان السياسي والاقتصادى والصحافى والاجتماعي والثقافى وغيره .لذلك لا يوجد فى مخيلة الشعب شى عن المؤتمرالسودانى سوى خالد سلك ومناكفاته المندفعة الموتورة الحمقى المتهورة شديدة التهريج و المتناقضة بل المتناسخة دوما كما هو موثق ومبذول فى الميديا، فلو بحثت فى قوقل عن تصريحات أو مهاجمات خالد سلك ستجد كل ذلك وغيره مما يؤكد كل ما ذكرته انت يا دكتور هشام كما يؤكد ما ورد فى هذا التعليق. ولقد الحق كل ذلك اساءة و ضررا بالغا ،غير قابل للمعالجة والتعويض، بالسودان ومستقبله. لقد كنت فى بداية الثورة متفائلا ببروز المهندس عمر الدقير كقائد جديد يختلف من القادة السابقين ووجدت فيه الكثير من سمات وصفات القائد ولكن احبطنى الدقير والذى لا يعلم الشعب السوداني ،الا نفر قليل، حتى اليوم أنه رئيس لما يسمى بحزب المؤتمر السوداني!!! ومع ذلك لا زلت ارى ان لدى المهندس المهذب الدقير ما يمكن أن يقدمه للوطن أن انتفض و تقدم من الصفوف الخلفية إلى موقع القيادة وقام بمهام وواجبات ومسؤليات والتزامات القائد الحزبى الوطني.ودمتم
اعتقد هذا المقال جيد. طبعا لا يمكن ان نفترض صحة كل ما ورد فيه لكن يصلح كبداية لنقاش عميق حول هذا الحزب. الاحزاب الكبيرة الموجودة الان هي احزاب عقائدية و لا مستقبل لها على المدى البعيد و الساحة السياسية تحتاج لمن يملّا الفراق بأحزاب لها قيم معروفة و متفق عليها كما في البلدان المتطورة
المؤتمر السودانى هو حزب الطلاب المستقلين كان فى جامعه الخرطوم وكان عمر الدقير رئس اتحاد طلاب الانتفاضه وإبراهيم الشيخ كان طالبا بالاقتصاد . أما الحزب الشيوعي السودانى كانو له مفكرين مثل المرحوم محمد ابراهيم نقد وينطلق من فكر ماركسى وكذلك الجمهورين والاسلامين ونحن فى جامعه الخرطوم كنا نرى فى أركان النقاش المرحوم الخاتم عدلان والحاج وراق من الشيوعين ومن الجمهورين الدالى والقراى ومن الاسلامين حسين خوجلي والدكتور الجمعيابى وكانت الندوات فى الميدان الشرقى الترابى ونقد. أما حزب المؤتمر حزب له منطلق فكرى يمارس من أجل السياسه . ابراهيم الشيخ من النهود وبعد تخرجه من كليه الاقتصاد موظفا فى الكهرباء وعندما أتيت اجازه من البحرين وكنت بسدد بناء منزلى ابراهيم الشيخ كان من كبار تجار الاسمنت والسيخ . اى باختصار حزب المؤتمر السودانى ليس له قاعده فكريه لذلك يقال مخترق من المخابرات البريطانيه . أما حزب بابكر فيصل احد الاصدقاء الفرنسين والذي كان زميلنا فى منشاستر والان هوله منصب كبير فى باريس يثنى بكثره على حزب بابكر فيصل ولا ادرى السبب . أما حزب البعث مقسم إلى فروع . فرع السنهورى وفرع كمال بولاد وزوجته وفرع التيجاني حسين ومحمد وداعه. السنهورى ليس كسلفه بدر الدين مدثر لانه مرتمى فى أحضان المخابرات الاماراتيه وهو يريد الوصول إلى السلطه بانقلاب عسكرى.