مقالات وآراء سياسية

هل اخترق الاخوان الإدارة المدنية؟

إسماعيل عبدالله

رشحت اخبار عن اختراق عضوية حزب المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمين لهياكل الإدارة المدنية ، التي تم تكوينها بالولايات المحررة من قبضة فلول النظام البائد ، وقد نفت الجهات المدنية ذات الصلة بقوات الدعم السريع هذا الادعاء ، وما بين النفي والزعم تكمن هواجس أحرار السودان المكتوين بنار الحزب الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار ، فكيف سمح المنظمون لتأسيس الإدارة المدنية لأن يخترقها الحزب البائد ، والمفترض أن يكون محلولاً؟ ، وقد نبّهنا من قبل لضرورة وضع هذا الكيان السياسي الاخطبوط ورموزه موضع الحظر الكامل ، مع تقديم المفسدين والقتلة والمتجاوزين للمحاكمة ، بل ذهبنا لأبعد من ذلك ، بوجوب رفع مستوى النظر لجرائمه بذات المستوى الذي وصل إليه حزب البعث في العراق ، فاليوم وبعد أن تعافى العراق لن تجد من يرى في حزب البعث البائد الباطش إعادته للمشهد وضخ دماء الحياة فيه ، ولو ثبت ولوج عضوية المؤتمر الوطني لهياكل الإدارة المدنية ، تكون القضية المحورية للأشاوس الباذلين للروح والبدن قد نسفت من أساسها ، ولن يكون هنالك اتساق ما بين مشروع القضاء على الدولة القديمة ، وتصبح الأجندة المشروعة لإزالة وتفكيك منظومة الإخوان المسلمين المتحورين للمؤتمر الوطني فاقدة لصلاحية النفاذ ، لما لتعارض وجود سدنة الحكم البائد مع أهداف القضية ، ويمسي السودانيون الطامحين في بزوغ فجر للحرية والانعتاق مخذولين قانعين قابعين ، وفي ذات السياق يكون فلول المنظومة البائدة قد وجدوا ضالتهم في الإدارة المدنية ، التي سيحولونها لمنصة يستطيعون عبرها تدشين مشروع تمكيني آخر جديد ويكون متاحاً للذين يصنفون حرب الجيش والدعم السريع ، على أساس أنها حرب بين كيزان وكيزان ، وأيضاً يكون الزعم بأن مستشاري قائد الدعم السريع جميعهم من كوادر الحركة الإسلامية – المؤتمر الوطني.

والاستفهام الثاني : هل حقيقة هنالك صراع يسار ويمين داخل أروقة قوات الدعم السريع؟، وهل كان اقالة المستشار السياسي لقائد الدعم السريع ، وراءها الكادر الاخواني الموجود زعماً على رأس هرم القوات؟ ، الإجابة على هذين السؤالين تحدد استمرار القوات كقوة التف حولها الشعب من أجل تحقيق مراده ، في الديمقراطية والحكم الرشيد ، أو عدم ذلك ، بتحوّل القوات لثكنة للإخوان – المؤتمر الوطني ومن ثم تعود المهزلة بالمزيكا فاردة أجنحتها المغطية للولايات المحررة بدم الأشاوس ، البعيدين كل البعد عن صراع الأيدلوجيا وخلافات السلطة ، ونحن نسبر غور هذه المزاعم يتبادر للأذهان الاستفهام الجوهري ، هل توجد جماعة منظمة سياسياً غير هذا الحزب؟ الذي قطف ثمار خلاف النخبة في آخر حكومة منتخبة ، فقفز على الديمقراطية ونفذ جريمة الانقلاب الذي دفع الناس ثمنه حروباً شعواء ، فلو كان الآخر مشغول بخلافاته الداخلية ولم يعر انتباهاً للمرحلة الآنية ، وفقد التركيز المؤدي لتسنمه هياكل الحكم المدني الطارئ ، إذاً في هذه الحالة لا يلومن أحد نفسه ، فالفعل السياسي ليس تمنيات وآمال عراض تفرش على الفراغات الخالية من العمل البياني ، وإنّما هو فعل تراكمي يتهيأ لمستقبل مجريات الأمور حتى إذا جاءت الآجال حصد المجتهدون حصادهم ، وهذا التصور والتحليل يشير لعدم جدوى الحملات السياسية والحشد الذي عمل على كشف زيف الجماعة الاخوانية وابنها المدلل الحزب (المحلول) ، لأن الزخم المعارض القائم منذ أن وطأ الدكتاتور بلاط السلطة إلى لحظة إسقاطه من المنطقي أن يولد فيلاً عملاقاً لا فأراً ضئيلاً ، كما هو مزعوم من وراثة الإدارة المدنية من قبل الإخوان ، وهذا بدوره يرجعنا لأمر مرعب نرجو ان لا يكون حقيقة ، وهو عدم وجود حراك مدني مستقل من أساسه.

التغيير هو المطمح الأول للناشطين في السياسة والاجتماع ، وكذلك هدفاً سامياً ونبيلاً للذين امتشقوا البندقية ، وفي سبيله تدمرت البنى التحتية والإنسان ، والمخرج النهائي من البديهي أن يكون حكماً مدنياً مستقراً ومعافى من جرثومة البائدين ، والناس مطالبين كل من مدينته أن يشاركوا في تأسيس لبنات الحكم المدني الحقيقي ، بالتوافد إلى كل خيمة تنصب لتدشين إدارة مدنية ، فالمبادرون هم الممتلكون للحق في الحديث بما فعلوا وقدموا، أما القاعدون فلا فلاح لهم ولو كان ضميرهم صحو نابض بالحق ، وهذه المزاعم التي رشحت في قنوات التواصل من الحكمة أن تكون جرس انذار مبكر للقيادة العليا للدعم السريع ، لأن لا تترك الحبل على الغارب ، وأن يراقب تنفيذ شرط (عدا المؤتمر الوطني) ، وفي هذا الموقف ليس على الدعم السريع حرج ، بل تكون هذه الخطوة حاضرة والقرار مستقبلاً قريباً ، مبدأَ يقوم بالإشراف عليه القائد نفسه ، وأن لا يكله لأحد غيره ، وأن تُراجع المؤسسة في قيادتها العليا موضوع ابتعادها المثالي عن مراقبة الشأن المدني ، فالمدنيون مثل تلاميذ الفصل لابد لهم من (ألفة) ، يرصد المهرج ويضعه على قائمة المخالفين ليقدمه لمرشد الصف ، وقيادة الدعم المبرأة من الوجود الاخواني هي ألفة المدنيين المنضمين حديثاً للهياكل المدنية ، وكما ينصحنا منهجنا القويم بإتقان أي عمل نقوم به ، على القيادة العليا مراجعة سير عمل الإدارات المنشأة حديثاً ، والجهوزية والوقوف بعين راصدة لمنع تغلغل المؤمنين بفقه التقية من فلول المنظومة البائدة.

 

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..