تصدع الجدار …. الإسلاميين معاول الهدم والأيدي الخفية في حرب 15 ابريل … عبدالحي يوسف نموذجا (1—2)

يوسف عيسى عبدالكريم
في اليومين السابقين تصدرت اخبار السودان الفيديو المنتشر لرجل الدين عبد الحي يوسف المقيم في تركيا وهو يصف الجنرال البرهان بعبارات قاسية لم يعتدها الشارع السوداني من مثله وذلك خلال لقاء تم استضافته فيه من قبل مركز مقاربات للتنمية السياسية ويبدو واضحا من الاسم انه احدى واجهات تنظيم الاخوان المسلمين . وصف عبدالحي في القاء الجنرال البرهان بأنه لا دين له ولا عهد بل ذهب الى أبعد من ذلك حيث شكك في قدرة الجيش السوداني على الانتصار في هذه المعركة وأفاد بأنه لولا المقاومة الشعبية – وهي التسمية التي أوضح بأنها قد استحدثت لكتائب الإسلاميين وذلك بغرض ذر الرماد في العيون وعمل غطاء وتمويه لها حتى لا يتم الربط بينها وبين الحركة الإسلامية – بأنه لو لاها لما استطاع الجيش ان يحقق أي انتصار في معركته لأنه ببساطة لا حول ولا قوة له بدونها .
وبغض النظر عن صحة قول عبدالحي عن البرهان او عدمها وبدون الخوض في جدل هل البرهان فعلا فيه ما قيل عنه أو ليس فيه. فان المراقب للمشهد يلمح ان هناك تصدعا كبير في المواقف بين تيارات الاسلامين وبقايا نظام الإنقاذ داخل وخارج السودان . فالظاهر ان موقف عبدالحي يمثل تيارا في الخارج يريد لهذه الحرب الملعونة ان تستمر بهذا الشكل طالما انها قد افلحت في إعادة الألق والبريق للحركة الإسلامية وخلقت بيئة خصبة لأحياء ادبيات الجهاد والاستشهاد وسط الشباب وهي فرصة كبيرة لأعاده احكام السيطرة الدينية على البلاد والرجوع بها لعهد الظلامية والتطرف . خصوصا وان هذا التيار عرف عنه مناصرته للتيارات التكفيرية وتنظيمي داعش والقاعدة تحديدا وما يزال الشارع السودان يذكر صورة بن لادن التي تتوسط جمع من المناصرين لتنظيم القاعدة خطبة القاها عبدالحي يوسف في تظاهرة لتأبين أسامة بن لادن بعد مقتله. ولا تزال كذلك الصورة التي يظهر فيها علم داعش متوسطا جمع فيه محمد علي الجزولي وعبد الحي حاضرة في اذهان الكثير .
وفي المقابل اصدر تيار اخر في الداخل عرف نفسه باسم الحركة الإسلامية السودانية بيانا – وللدقة لا يعرف من اصدر هذا البيان حيث نشب صراع في الآونة الأخيرة بين مجموعتين احداهما بقيادة المهندس إبراهيم محمود والأخرى بقيادة احمد هارون وكلاهما يدعي بانه يمثل الحركة الإسلامية السودانية ورغم خلافاتهما في المواقف الا ان كلاهما متفق على ضرورة استمرار هذه الحرب الملعونة ولكن ليس لديهم أي غرض ديني من ذلك فالواضح للجميع ان دعمهم لاستمرار هذه الحرب يأتي في سبيل سعيهما لاستعادة السلطة التي فقدوها نتيجة لقيام ثورة ديسمبر المجيدة – تبراْ هذا التيار من عبدالحي يوسف واصفا إياه بأنه ليس عضوا في الحركة الإسلامية ولا هياكلها . ويلاحظ ان البيان يبدو وكأنه قد كتب على عجل حيث بدا مقتضبا ولم يشر بصراحة لشخص الجنرال البرهان بل اكتفى بالإشارة الى وقوفهم خلف قيادة البلاد (بدون تحديد رغم ان عبدالحي كان واضحا في انتقاده للجنرال البرهان والذي كان يستدعي منهم ان يكون البيان واضحا في تأكيد موقفهم في الوقوف خلف البرهان) كما ان البيان لم ينكر على عبدالحي ما قاله بخصوص ان الجنرال البرهان لا دين ولا عهد له وهو لب الحديث المثار واللغط الدائر وقد ذهب البيان الى اكثر من ذلك حيث كال المديح لعبدالحي يوسف ولم ينكر عليه ما قاله تفصيلا بل قام بشكره على دوره المشرف في خدمة العمل الإسلامي في السودان واصفا إياه بالشيخ الدكتور عبدالحي يوسف .
في مفارقة عجيبة تنسف الغرض من اصدار البيان وتجعله متناقضا . ويبدو وكأنه موقف حاكم إقليم دارفور الذي اشتهر به في بداية اندلاع الحرب الملعونة حيث صرح بأن موقفه (شوية مع دول وشوية مع دول) . وبذلك اصبح البيان كلاما مرسلا عائما ليس فيه موقفا واضحا بمعنى اخر ولزيادة التوضيح ان البيان يفتح الباب امام الحركة الإسلامية للتنصل من موقفها اذا ما اضطرت للمشاركة في الإطاحة بالجنرال البرهان لأن ليس فيه ما يدينها في دعمها للبرهان لان موقوفهم المعلن هو الوقوف خلف قيادة البلاد أي كانت البرهان او غيره .
واضعف تيارات الإسلاميين – بالرغم من كثرة أنصاره – هو تيار الإسلاميين الرافضين لاستمرار هذه الحرب الملعونة وهو تيار لا يكاد يرى أو يسمع صوته في المشهد لعجزه عن اعلان موقفه بوضوح وشجاعة . فهو يعرف بأن هذه الحرب لن تنتهي الا بالتفاوض وان ما يمكن الحصول عليه اليوم بالتفاوض سيكون ثمن الحصول عليه غد وبالتفاوض أيضا غاليا وهذا التيار ينتمي اليه بروف غندور والدكتور علي الحاج و عثمان ميرغني ولفيف من الإسلاميين المبعثرين في اصقاع الأرض .