أخبار السودانأهم الأخبار والمقالات

تصعيد جديد وتغير أماكن السيطرة في عدة محاور وجبهات بين الجيش والدعم السريع

شهدت في الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على عدة جبهات. حيث قامت القوات المسلحة بشن هجمات على مواقع كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وتمكنت من استعادة بعض هذه المواقع، وفقاً لما أعلنه الفريق ياسين إبراهيم، وزير الدفاع، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان.

في الوقت نفسه، قام مؤيدو الجيش بنشر مجموعة من الفيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر تقدم القوات المسلحة وانتصاراتها في الميدان. هذه التسجيلات تعكس الوضع العسكري المتغير وتسلط الضوء على العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة في مواجهة قوات الدعم السريع.

من جهة أخرى، أعلنت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من صد الهجمات المتزامنة على عدة مناطق، ووزعت بدورها تسجيلات مصورة تدعم ادعاءاتها. كما زعمت السيطرة على منطقة حدودية مع جنوب السودان في محلية الجبلين بولاية النيل الأبيض، مما يزيد من تعقيد الوضع العسكري في المنطقة.

الجيش يأخذ زمام المبادرة

في حديثه مع راديو دبنقا، أشار ضابط متقاعد من القوات المسلحة، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن التصعيد العسكري الحالي يرتبط بثلاثة عوامل رئيسية ساهمت في تعزيز قدرة القوات المسلحة على اتخاذ زمام المبادرة في العمليات. وأوضح أن هذه العوامل تعكس تغيرات ملحوظة في المشهد العسكري.

وأكد الضابط أن أحد العوامل الأساسية هو حصول القوات المسلحة على كميات كبيرة من المعدات العسكرية، لكنه استبعد أن تكون هذه الأسلحة من النوعية المتطورة، مشيراً إلى أن الانتقال من استخدام نوع سلاح إلى آخر يتطلب وقتاً للتدريب والتكيف مع المعدات الجديدة. وأوضح أن الأسلحة المستخدمة حالياً هي نفس الأسلحة التقليدية التي اعتمدت عليها القوات المسلحة في حروبها السابقة.

كما أشار إلى أن المدرعات والدبابات الثقيلة لم تعد تستخدم في العمليات القتالية، نظراً لطبيعة الحرب التي تدور داخل المدن. وبدلاً من ذلك، لجأت القوات المسلحة إلى استخدام المركبات الخفيفة، مثل “التاتشر”، على غرار قوات الدعم السريع. وأكد أن المعدات الثقيلة تُستخدم بشكل أساسي للدفاع عن المناطق العسكرية الرئيسية، بهدف منع تقدم قوات الدعم السريع نحوها.

أكد الضابط المتقاعد أن العامل الثاني الذي أحدث فارقًا ملحوظًا هو تعزيز الجيش لقدراته الجوية من خلال استخدام الطائرات المقاتلة والطائرات المسيرة، وهو ما تفتقر إليه قوات الدعم السريع بشكل كامل. حتى الطائرات المسيرة التي تمتلكها قوات الدعم السريع تعاني من قيود في المدى والقدرة التدميرية، مما يحد من تأثيرها في المعارك.

وأوضح أن سلاح الطيران قد نجح في استهداف تجمعات قوات الدعم السريع، مما ساهم في تقليص خطوط الإمداد الطويلة التي تمتد من دارفور إلى وسط السودان. هذا الأمر أدى إلى تقليل قدرة قوات الدعم السريع على المبادرة بالهجوم، مما أثر سلبًا على استراتيجيتها العسكرية.

كما أشار إلى أن العامل الثالث والأخير يتمثل في استغلال الجيش لفترة الخريف، حيث تراجعت فيها العمليات العسكرية وقلت قدرة الخصم على الحركة. وقد تجلى ذلك في تدريب أعداد كبيرة من المقاتلين، حيث شاركت قوات تابعة لمصطفى طمبور في المعارك الأخيرة بأعداد كبيرة، مما يعكس نجاح الجيش في تعزيز قدراته البشرية.

هجمات متزامنة

في الساعات الأولى من يوم 2 ديسمبر 2024، شنت القوات المسلحة هجوماً منسقاً على خمس جبهات رئيسية، تشمل الحلفايا، حجر العسل، مصنع سكر غرب سنار، أم القرى، وأم روابة. هذا الهجوم المفاجئ أثار العديد من التساؤلات حول طبيعته وأهدافه.

تساءل المراقبون عما إذا كانت هذه الهجمات المتزامنة تمثل بداية لعملية عسكرية شاملة أم أنها مجرد عمليات محدودة ستتوقف بعد تحقيق أهداف معينة. وقد أشار البعض إلى الهجوم الذي نفذته القوات المسلحة في نهاية سبتمبر الماضي، حيث تمكنت من عبور كبري النيل الأبيض والسيطرة على أراضٍ محدودة، لكنها لم تتمكن من إبعاد قوات الدعم السريع عن مناطقها في الخرطوم والخرطوم بحري.

في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع عن استيلائها على منطقة التبون الحدودية مع جنوب السودان، مما يزيد من تعقيد الوضع العسكري في المنطقة. هذه التطورات تشير إلى تصاعد التوترات وتحديات جديدة قد تواجهها الأطراف المعنية في المستقبل القريب.

محور الحلفايا، الهدف سلاح الإشارة

على الرغم من الهجمات المتكررة التي شنتها قوات الدعم السريع، تمكنت القوات المسلحة من الحفاظ على مواقعها في مدينة الحلفايا، التي كانت قد استولت عليها في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي.

يتضح أن القوات المسلحة قد نجحت في تثبيت وجودها في الحلفايا، رغم وجود قوات الدعم السريع في مناطق قريبة مثل السامراب إلى الشرق والجيلي إلى الشمال وشمبات في الجنوب.

في بداية مهمتها، كانت هذا القوات  تهدف إلى تحرير مصفاة الجيلي، ولكن في الهجوم الذي وقع في الثاني من ديسمبر، اتجهت القوات جنوباً عبر محورين رئيسيين، هما شارع الشهيد مطر من الشرق وشارع الشهيد طيار الكدرو من الغرب، حتى وصلت إلى شارع مستشفى البراحة. هذا التحول في الاستراتيجية يعكس ديناميكية العمليات العسكرية في المنطقة.

أفاد المراقبون بأن قوات الدعم السريع قد انسحبت بالكامل من المحورين الرئيسيين، حيث انتشرت في الأحياء السكنية في مناطق السامراب ونبتة وشمبات الأراضي، مما أدى إلى عرقلة تقدم القوات المهاجمة. هذا الانسحاب يعكس تغيرًا في الاستراتيجية العسكرية للقوات المعنية.

منذ بداية النزاع، تسعى قيادة القوات المسلحة إلى تحقيق تقدم في هذين المحورين باتجاه الجنوب، بهدف فك الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مقر سلاح الإشارة في حي كوبر. هذا التقدم يعتبر خطوة حيوية للجيش، حيث يسعى للعبور عبر النيل الأزرق من خلال كبري الحديد وكبري كوبر.

الهدف من هذه العمليات هو الالتحام مع القوات المدافعة عن مقر القيادة العامة للجيش، الذي يعاني من حصار مستمر منذ اليوم الأول للحرب. إن نجاح هذه الخطط العسكرية قد يكون له تأثير كبير على مجريات الصراع ويعزز من موقف القوات المسلحة في مواجهة التحديات الحالية.

محور حجر العسل، محاولة فاشلة أخرى

تقع بلدة حجر العسل على بعد 75 كيلومترًا جنوب مدينة شندي، حيث تتواجد الفرقة الثالثة مشاة التابعة للجيش السوداني. كما تبعد البلدة حوالي 52 كيلومترًا شمال مدينة الجيلي، التي تقع في الطرف الشمالي لمدينة الخرطوم بحري، والتي تضم مصفاة الجيلي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

في 29 سبتمبر الماضي، قامت القوات المسلحة بسحب وحداتها من حجر العسل نحو مدينة شندي، وذلك بعد تعرض المنطقة لهجمات متكررة وقصف مدفعي عنيف من قبل قوات الدعم السريع. هذا الوضع أتاح لقوات الدعم السريع السيطرة على المنطقة، مما شكل تهديدًا مباشرًا لمدينة شندي.

على الرغم من احتفاء أنصار الجيش في 2 ديسمبر باستعادة السيطرة على البلدة التي تربط بين الخرطوم وعطبرة، إلا أن هذه السيطرة لم تدم طويلاً، حيث اضطرت القوات للتراجع مرة أخرى نحو مدينة شندي. وفي صباح 3 ديسمبر، تداولت المواقع الموالية لقوات الدعم السريع مقاطع فيديو تظهر وجود قوات الدعم السريع داخل بلدة حجر العسل.

 

مصنع سكر غرب سنار، استعادة السيطرة على الولاية

في نهاية يونيو الماضي، تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على منطقة جبل مويه ومدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، خلال هجوم واسع النطاق، بينما لم تنجح في طرد الجيش السوداني من مدينة سنار رغم محاولاتها المتكررة.

في بداية أكتوبر، استطاع الجيش السوداني استعادة منطقة جبل موية، وفي الأسبوع الأخير من نوفمبر، تمكن من استعادة السيطرة على مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الدعم السريع منها، مما شكل تحولاً في مجريات الأحداث في الولاية.

في إطار جهودها لاستعادة السيطرة على ولاية سنار بالكامل، شنت قوات الجيش هجوماً واسعاً في صباح 2 ديسمبر 2024 على مصنع سكر غرب سنار، واستمرت المعارك حتى الساعات الأخيرة من يوم الاثنين، حيث تمكن الجيش من طرد قوات الدعم السريع من المنطقة، مما يتيح له التواصل مع قواته في المناقل.

لكن الملفت في مؤتمر صحفي عُقد في الثاني من ديسمبر، أشار وزير الدفاع ياسين إبراهيم إلى انسحاب قوات الدعم السريع من المنطقة، رغم استمرار الاشتباكات لساعات بعد ذلك. هذا التناقض أثار تساؤلات حول الوضع الأمني في المنطقة ومدى تأثيره على المدنيين.

يقع مصنع سكر غرب سنار على بُعد 23 كيلومترًا شمال غرب مدينة سنار، وقد تم إنشاؤه في عام 1976، حيث تصل طاقته الإنتاجية إلى 110 آلاف طن سنويًا من السكر الأبيض المستخرج من قصب السكر المزروع على مساحة 35 ألف فدان. يعتبر المصنع من المشاريع الحيوية في المنطقة، لكنه يواجه تحديات كبيرة.

يعاني المصنع من مجموعة من المشكلات المستمرة منذ سنوات، بما في ذلك عدم تحديث المعدات ونقص قطع الغيار، بالإضافة إلى عدم توفر التمويل الكافي لدعم العمليات الزراعية. هذه العوامل تؤثر سلبًا على إنتاجية المصنع وقدرته على المنافسة في السوق.

محور أم القرى، الطريق إلى مدني

في صباح يوم 2 ديسمبر 2024، انطلقت قوة عسكرية تابعة للجيش مدعومة بقوة كبيرة من قوات الكفاح المسلح من منطقتي الفاو والخياري، متجهة نحو أم القرى التي تبعد حوالي 45 كيلومترًا شرق مدينة ود مدني.

تُعتبر هذه العملية هي الأولى للجيش في تلك المنطقة بعد انسحابه من مدينة تمبول، التي تقع شمال ود مدني على الضفة الشرقية للنيل الأزرق، وذلك عقب إعلان انضمام ابوعاقلة كيكل وقوات درع البطانة إلى صفوف الجيش في 20 أكتوبر الماضي.

شهدت المنطقة بعد ذلك عمليات عسكرية مكثفة من قبل قوات الدعم السريع، التي ادعت أنها تسعى لملاحقة العناصر المرتبطة بأبو عاقلة كيكل. ومع ذلك، فإن هذه العمليات أسفرت عن انتهاكات جسيمة وجرائم ضد المدنيين، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1500 شخص ونزوح عشرات الآلاف نحو الشرق، باتجاه القضارف وحلفا الجديدة.

في مؤتمر صحفي، أعلن وزير الدفاع ياسين إبراهيم عن استعادة الجيش السيطرة على منطقة أم القرى. هذه السيطرة تعتبر خطوة مهمة في سياق العمليات العسكرية الجارية.

يعتقد المراقبون أن هذه التطورات تأتي في إطار جهود الجيش لتضييق الخناق على مدينة ود مدني، حيث من المتوقع أن تتجه القوات نحو الشمال لقطع طرق الإمداد القادمة من منطقة شرق النيل، التي تتواجد فيها قوات كبيرة من الدعم السريع.

 

محور أم روابة، فك حصار الأبيض

بعد محاولتين سابقتين فشل خلالهما متحرك الصياد في التقدم نحو مدينة أم روابة، تمكن المتحرك صباح الثاني من ديسمبر من الانطلاق من تندلتي، حيث كان موجودًا هناك لأكثر من 9 أشهر، متجهًا نحو مدينة أم روابة عبر الطريق البري الذي يربط مدينة كوستي بمدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان. تصادمت القوة بوحدة متقدمة من قوات الدعم السريع في منطقة ود عشانا، التي تبعد 26 كيلومترًا إلى الغرب من تندلتي على الطريق البري السريع. في المقابل، انطلقت وحدة دعم من قوات الدعم السريع من مدينة أم روابة لتعزيز القوة الموجودة في ودعشانا (45 كيلومتر)، بينما تحركت وحدة أخرى من منطقة العباسية لقطع الطريق أمام تقدم مجموعة الصياد نحو أم روابة. لم تتبين معالم المعركة حتى توقيت كتابة هذا التقرير، ولكن المؤكد أن نجاح الجيش في استعادة السيطرة على أم روابة سيعزز بشكل كبير قدرته على فك حصار مدينة الأبيض وإيصال الإمدادات إلى الفرقة الخامسة مشاة (الهجانة) التي تدافع عن المدينة الواقعة على بعد 136 كيلومترًا من أم روابة عبر الطريق البري السريع.

 

الدعم السريع يسيطر على التبون

المنطقة الوحيدة التي كانت فيها السيطرة العسكرية لقوات الدعم السريع في 2 ديسمبر 2024 هي منطقة التبون بولاية النيل الأبيض. التبون هي منطقة حدودية مع جنوب السودان، حيث تقع على بعد حوالي 10 كيلومترات إلى الشمال من الحدود المشتركة بين ولاية النيل الأبيض ومقاطعة الرنك في جنوب السودان. تبتعد التبون مسافة حوالي 39 كيلومترًا عن مدينة الجبلين، وحوالي 98 كيلومترًا إلى الجنوب من مدينة ربك، التي هي عاصمة ولاية النيل الأبيض.

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لقوات الدعم السريع فيديو يظهر عناصرها أمام لافتة مقر كتيبة المشاة التابعة للقوات المسلحة، والذي بدا خالياً دون وجود آثار للمعارك، مما يشير إلى احتمال انسحاب القوة العسكرية الصغيرة التي كانت موجودة هناك. تحركت قوة الدعم السريع التي شنت هجومًا على المنطقة انطلاقًا من منطقتي الدالي والمزموم، حيث تجمعت قواتها بعد انسحابها من ولاية سنار عقب معارك الدندر وسنجة.

تسمح السيطرة على هذه المنطقة لقوات الدعم السريع بتوسيع نفوذها على جميع المناطق الحدودية المتجاورة مع جنوب السودان في ولايات دارفور وجزء من الحدود مع ولايات غرب وجنوب كردفان، باستثناء المناطق الخاضعة لحركة الشعبية شمال وولاية النيل الأبيض وولاية النيل الأزرق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..