مقالات وآراء

(مستنقع القذارة): تقاطعات السياسة والأخلاق!!

علي يس

إذا أمكننا اعتبار الورم السرطاني “إضافة حقيقية و إيجابية” للجسد المصاب ، إذا أمكننا ذلك فقط ، نستطيع أن نعتبر قيادات اعتصام الموز ، أمثال أردول و مبارك الفاضل إضافة إيجابية للكتلة المدنية!!..

ما أحزنني حقا ، و جعلني أكاد أفقد الأمل في معافاة السياسة السودانية ، هو ما اعتبره بعض الإخوة انتصارا و إضافة للقوى المدنية في مؤتمر جنيف الأخير ، مشيرين إلى استقطاب مجموعة من قيادات اعتصام القصر “أو سمه اعتصام الموز” الذي مهد لانقلاب الخامس و العشرين من اكتوبر ، من شاكلة أردول و مبارك الفاضل، ضمن المؤتمر الذي توافق على مجموعة من المبادئ التي استهدفتها ثورة ديسمبر المجيدة.
و من نافلة القول تأكيد المؤكد بشأن اعتصام الموز ، و هو كونه حلقة من حلقات مؤامرة الكيزان الكبرى و المصيرية بالنسبة إليهم لإفشال ثورة ديسمبر و العودة للانتقام من الشعب الذي رفضهم ، فكان أن حشدوا في ذلك الاعتصام المصنوع كل نطيحة و موقوذة و منخنقة ، و وضعوا على ألسنهم ذلك الهتاف السوقي الوضيع المنبطح : (الليلة ما بنرجع ، إلا البيان يطلع) !! فكان أن استجابت زعانف الكيزان في الجيش و أصدرت (البيان) الكارثي ، الذي أنجب الحرب و الدمار الذي يعم السودان اليوم!!! هل يتوقع عاقل من مطايا الكيزان و “غواصاتهم” أمثال أردول و مبارك الفاضل و التوم هجو و عسكوري إلخ أن يكونوا مخلصين لمبادئ الثورة ؟؟؟؟؟؟!!
مؤكد أن قبول الشرفاء من قيادات الحرية و التغيير بوجود هؤلاء بينهم بدعوى “جمع الصف الوطني” ما هو إلا تفعيل لذلك المفهوم المشوه العليل للسياسة ، الذي تم تكريسه منذ الاستقلال ، و الذي يتعاطى السياسة باعتبارها (لعبة قذرة) لا تتأسس إلا على قطيعة كاملة مع المبدئية و الأخلاق ، و لا تنبني إلا على الانتهازية و الخداع و الكذب!!!.. هل لا تزال قوى الحرية و التغيير تتعاطى السياسة بهذا المفهوم ؟؟.. أينتظرون أن يؤسسوا (ديمقراطية) على أيدي نخبة من الانتهازيين ، الكذبة و المخادعين (كما ظل يحدث في الديمقراطيات المزعومة منذ العام ١٩٥٦؟؟؟..)..

السياسة لم تكن أبدا – و لن تكون في يوم – لعبة قذرة ، بل و لم تكن و لن تكون (لعبة) بالأساس ، بل هي عمل رسالي لا يصلح له إلا الأطهار الشرفاء ناكري ذواتهم ، الذين لا يكذبون “أهلهم” ابدأ. و السياسة في السودان لم تمارس على حقيقتها حتى اليوم ، لم تتم طوال بضع و ستين عاما مساءلة سياسي كذب أو خان الأمة أو أفسد (في تواطؤ شيطاني غريب بين المدنيين و بين العسكر) !!.. غاية ما ظل يفعله قادة الأحزاب السياسية بعد الثورات على العسكر هو (تمثيليات) بمحاكمات استعراضية ، لا تسفر عن شيء ، و ذات الأمر يفعله العسكر الانقلابيون حين يبررون انقلاباتهم بفساد الساسة المدنيين ، إذ بدلاً عن تقديمهم لمحاكمات حقيقية تثبت أو تنفي التهم الموجهة إليهم ، يدعونهم إلى مشاركتهم في الحكم!!!…
على قيادات الحرية و التغيير أن تقاطع المفهوم المشوه القديم للسياسة ، و تتعطاها بصدق وأمانة و شرف ، كما يفعل قادة العالم الديمقراطي الحر ، و أن تعزل كل انتهازي كذوب ، أو أن ينتظروا عودة الساقية الجهنمية التي ظل السودان عالقاً فيها منذ الاستقلال (ساسة مدنيون انتهازيون – عسكر فاسدون – ساسة مدنيون انتهازيون..إلخ)..

اسكاي سودان

‫9 تعليقات

  1. تشكر ايها الرجل النبيل …
    كان ومازال لدي اعتقاد قديم …انت تؤكده بمقالك هذا …ان اول من أطلق عبارة أن السياسة لعبة قذرة …ضرب أكثر الأمثال سوءا …ايا كان مقصده..لانه بهذه العبارة .. سوف يُبعد عنها النزيهين الاخيار…
    وما السياسة الا حلة غداءنا اليومي .. وتعليم أبناءنا.. وتوفير العناية الصحية لهم…ومن بعد هذه الاحتياجات الأساسية تنهض وترتقي الامم .. ..شكرا مدرارا لك …
    وخالص التحية والتقدير لاحرار ثورة ديسمبر العظيمة

  2. استقطاب مبارك واردول يمثل الانتهازية القذرة قذارة المرحاض أو أكثر اتفق معك تماما. وهى انتهازية قذرة مزدوجة ، فقحت وتقدم وتحت ضغط المجتمع الدولى و وتحقيقا لمصالها الضيقة هى وليس جمع الصف الوطني، واردول ومبارك الفاضل نفعيون انتهازيون لا عهد لهم البتة وليس لهم اخلاق أو مبادئ باعوا تحالفهم لقحط وتقدم وقبضوا الثمن. عليه فقد انصاعت قحط لمطلوبات المجتمع الدولى وقبلت مرغمة حفاظا على مصالحها باردول ومبارك الفاضل واللذان كانت ترفضهما رفض من يرفض ذبحه مما ادى لهذه الحرب اللعينة. عليه فالطرفين انتهازيون بلا حدود .وقريبا سنرى المزيد من الانهازية الاكثر قذارة فى تأريخ السودان بل تأريخ البشرية!!!!

  3. سياسة الدول المتخلفة مثل السودان تنحصر فى السباق لنيل الامتيازات الشخصية والمناصب التى تتيح الفساد وسرقة الاموال العامة والساسة وبعض رجال الدين والقوادين يناصرون العسكر لانهم يختصرون الطريق بالانقلاب العسكرى والسيطرة على موارد الدولة والبترول والذهب . ومن قتلوا فى المعارك لو عادوا للحياة عند نهاية الحرب سيرون مبارك الفاضل وعبدالحى واردول ومسار وشمار وكرتى والميرغنى الصغير وسناء وطرحه فى سدة الحكم يتغدون تحت بوت احد الجنرالات فيموتون حسرة مرة اخرى لان الوطنيين الاوفياء الاتقياء الشرفاء الامناء سيكون مكانهم السجن او المنافى البعيدة . الدعارة تكسب المال والنفاق السياسى يكسب المال ..

    1. في دول أفريقية كثيرة الرئيس والوزير اول من يضحي وآخر من يستفيد مثال إثيوبيا إرتريا الصومال تشاد..
      آمنت السودانيين تكارين ساي ما عندهم أخلاق

  4. لاتعرفون السياسة و لاتعرفون لماذ قبلتهم تقدم، السياسة هي فن مباصرة الممكن قبلتهم تقدم لتنفيذ اتفاق دولي بمشاركة كل القوي عدا اخوان ابليس الالعن من ابليس المسكين . قبولهم شي شكلي لن يؤثر في تقدم تقدم وهم أنفسهم عباره عن مرتزقة وكلاب الواحد تجع ليهو عضم يسكن ، لن يكون لهم تأثير سلبي ابدا في مسيرة الكفاح لإيقاف الحرب واعادة المسار الدمقراطي.

  5. الأخ البجاوى بعد التحية الحديث هو عن المبادئ فمن يمارس السياسة بدون مبادئ أو اخلاق حتما سيقع فى قذارة مجارى الصرف الصحي مثلما حدث لقحت وتقدم من جانب ولاردول ومبارك الفاضل من جانب اخر ،فهذه صفقة قذرة مفيده
    جدا للطرفين خاصة لاردول الانتهازى العنصري ولكنها مضرة جدا للوطن والمواطن.

    1. الأخ عبدالماجد في كثير من الأحيان تتطرك السياسة لاتخاز إجراءات شكلية لاتوثر على المبادىء والأهداف العامة

  6. لأول مرة منذ أمد بعيد أقرأ موضوعاً يعبر بصدق عن واقعنا السياسي!! للهِ دَرُّك أستاذ علي يس!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..