حول مشروع “تقدم” لوقف الحرب.!!
إسماعيل عبد الله
اتخذت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” موقفاً وسطياً ، في الحرب الدائرة بين الجيش الذي اختطف قراره فلول النظام البائد وقوات الدعم السريع ، رغم توقيعها مع الأخيرة لوثيقة تُعنى بوقف الحرب واحلال السلام ، وظل كادر “تقدم” الإعلامي ممسكاً بالعصا من منتصفها ، في حياد تام تجاه الفريقين المتصارعين ، مع العلم بأن قائد الدعم السريع ، وقبل اندلاع الحرب ، قد تاب ورشد ، وفك ارتباطه بالانقلاب ، وانخرط في العملية السياسية القاصدة تفكيك المنظومة القديمة ، والساعية بجدية لتأسيس الحكم المدني ، واعقب ذلك بالانفكاك من الانقلابيين والتضامن مع مشروع اتفاق الاطار، الذي بموجبه يتم التوصل للمنشود من أهداف ثورة ديسمبر المعلنة – الحرية والسلام والعدالة ، ما أدخله في حرب منتصف نيسان ، ولو لا انحيازه للقضية لما اطلق عليه فلول النظام البائد النار ، فجر سبت ذلك اليوم المعلوم ، فبرغم التضحيات الجسام للدعم السريع ، بالروح والدم من أجل مشروع الثورة السودانية ، ما تزال “تقدم” الجسم المدني (المعبّر عن أشواق الثوار) تساوي بين الضحية والجلاد ، وبناء على مخرجات اجتماع أوغندا ، هل تقدر “تقدم” على السير بخطى واثقة على مضمار المسارات الثلاثة التي أعلنتها؟، وهي وقف اطلاق النار وتأسيس العملية السياسية الشاملة ، المؤسسة للسلام المستدام ، ومعالجة الأزمة الإنسانية ، إنّ هذه المسارات جانبت فيها “تقدم” واقعية الطرح ، فما لم تتضافر جهود كل القوى المدنية الداعمة لوقف الحرب ، لتبني خط سياسي جديد مختلف الرؤية في النظر إلى طرفي الصراع ، باعتبار أن الطرفين يجب أن يعرّفا التعريف الصحيح ، وأن تُحمّل مسؤولية اطلاق طلقة الحرب الأولى على الطرف البادئ بالظلم والعدوان ، ووضع عبء وأد الحراك السياسي السلمي على ظهر المعتدي.
المسار الأول – وقف إطلاق النار ، كان حري باجتماع أوغندا أن يرسل صوت شجب مباشر لقيادة الجيش المُختطفة والساعية لإعادة النظام القديم ، وأن يثمّن دور الدعم السريع الذي شهد له الوسطاء الإقليميون والدوليون ، بحضوره الدائم لجميع الفعاليات المنعقدة بهدف وقف الحرب ، فعندما تبخس “تقدم” الجهد المبذول من الطرف الأكثر حرصاً على السلام ، والمُعتدَى عليه ، تفقد الاتساق ، ولا اظنها تقدر على أن تحدث اختراق ذا بال في هذا المسار، أما المسار الثاني وهو تأسيس العملية السياسية الشاملة، يجب أن لا تنسى “تقدم” أن تحالفها قد ضربه الضعف ، منذ إعلانها عن هيئتها القيادية التي جاءت بالمهندس صديق المهدي أميناً عاماً ، وهو الشريك التجاري للمهندس الحاج عطا المنان الرمز الاقتصادي الشهير للنظام البائد، والمتهم في قضايا فساد ، وأظنه كان ضمن المعتقلين الذين زجت بهم لجنة التفكيك في السجون، فعملية التأسيس لا توكل لجسم قيادته العليا تدور حولها شبهات العلائق والروابط ، بالنظام الذي انتفض الشعب من أجل إزالته ، ومشروع السلام المستدام لا يحمل أعمدته الظهر الذي اعتاد على الانحناء، أما فيما يخص مسار معالجة الأزمة الإنسانية ، فقد هبّت المنظمات المعنية بالشأن ، ومعها دول الإقليم ، والتي على رأسها مجلس التعاون الخليجي ، فأوصلت إلى بورتسودان الأغذية والألبسة والأغطية والخيام والدواء، لكن للأسف باعها للسوق السوداء نفس الجيش ، الذي تديره دوائر الاخوان المسلمين – المؤتمر الوطني – الحزب المحلول ، ورآها المواطنون جهاراً في أسواق بورتسودان وكسلا، ولم نقرأ بيان صادر من “تقدم” تدين فيه سرقة المواد الإغاثية ، فمسار العمل الإنساني يبدأ من الحرص على ضمان تدفق المساعدات ، ووصولها للمتضررين من الحرب، لا الصمت المطبق حيال الاجرام المؤسس الذي تمارسه حكومة الانقلاب المختطفة لسيادة الدولة.
على القوى المدنية بمكوناتها أن تصدع بكلمة الحق ، وأن تقف مع الفريق الذي تقدم عملياً على طريق البحث عن أسباب وقف الحرب ، الفريق صاحب الكعب العالي في ابداء النية الحسنة لوقف الاقتتال ، المستحوذ على أكبر رقعة جغرافية من مساحة البلاد ، والذي من انجازاته الكبيرة الداعمة للمدنيين ، تكوين “قوة حماية المدنيين”، في الوقت الذي ارتكبت فيه كتائب النظام البائد جرائم التصفيات الميدانية بحق المواطنين ، الذين لم يجني فرداً واحداً منهم أو جماعة ذنباً ، غير (ذنب) أقامتهم بالمدن التي تبادل فيها الجيشان السيطرة والانسحاب ، مالكم كيف تحكمون يا “تقدم”؟ ، هل اصابكم الضعف منذ ذلك اليوم الذي تنازل فيه رئيسكم رئيس الوزراء السابق ، عن طرحه البراغماتي الانتقالي ، فسمح بدخول الانتهازيين الى كابينة مجلس الوزراء؟ ، فالآن وبعد أن لحقت لظى الحرب كل بيت ، لن يكون هنالك مستقبل لأي قوى مدنية لا تتحلى بالشجاعة الكافية التي تمكنها من قول الحق ، ولا تثمّن عطاء من عمل مثقال ذرة من خير ، فهذه الحرب ليست حرباً عبثية كما روّج لها قائد الجيش الخاضع لأوامر النظام القديم ، وأكد على ذلك الترويج بعض رموز “تقدم”، بل هي حرب حتمية ، وكان لابد لها أن تندلع حاضراً كان ذلك أم مستقبلاً ، وهي نتاج مباشر لتراكم أزماتنا السياسية وخيباتنا الوطنية منذ عام (الاستغلال) الأول، فإذا لم ترتقي “تقدم” أو أي قوى مدنية أخرى لمستوى التحدي الوطني ، سيتجاوزها الذين فدوا الأرض بدمائهم وارواحهم.
تقدم لا تقدم ولا تؤخر
توبة الهالك حميدتي و فك ارتباطه بالانقلاب كان خطاب مضلل و خطاب مرحلة و تكتيك للوصول إلي مبتغاه بعد أن صوروا له سهولة قيام مملكته علي انقاض الدولة السودانية… الهالك حميدتي رجل مجرم و غدار و منافق و يتلون مثل الحرباء.. الحمدلله علي هلاكه و عقبال البقية الباقية