قصة شعار جامعة الخرطوم
أحمد إبراهيم أبوشوك
قدَّم البروفيسور النَّذير دفع اللَّه كتيِّبًا تعريفيًّا عن شعار جامعة الخرطوم في احتفالات الجامعة باليوبيل الفضِّيِّ في نوفمبر 1981م ، حيث كتب عن فكرة تصميم الشِّعار ، قائلاً : “أخذت أفكِّر بتأنٍّ ، مشركًا معي الفنَّان إبراهيم الصَّلحي جال فكريّ على مرِّ الأيَّام حول ثلاثة معالم ، هي: 1/ المعرفة المتفتِّحة ، يرمز إليها بالكتاب المفتوح.
2/ خصوبة أرضنا وكرم أهلها ومهَّد حضارتنا ، يرمز إليها بالنِّيل وفرعيه ، النِّيل الأزرق والنِّيل الأبيض.
3/ نهضة التَّعليم الحديث في السُّودان الَّذي يتمثَّل في قيام أوَّل مدرسة حديثة ، تطوَّرت بمرور الأيَّام ، لتصبح مجمَّع المدارس العليا ، ثمَّ الكلِّيَّة الجامعة ، ثمَّ الجامعة.
4/ شعار في كلمات تتضمَّن غاية الغايات ، وهي : معرفة اللَّه سبحانه وتعالى ، والحقيقة الَّتي تمثِّل الوسيلة ، والَّتي بتسخيرها يبني الوطن ، وتسهم في تقدُّم الإنسانيَّة ، هكذا : اللَّه – الحقيقة – الوطن – الإنسانيَّة” .
ويسترسل النَّذير قائلاً : “بعد أن قام الأستاذ الصَّلحي بتجهيز النَّماذج الَّتي اتَّفقنا عليها ، دعوت إلى منزلي عمداء الكلِّيَّات ، والمشرف على شؤون الطُّلَّاب ومشرِّف الدَّاخليَّات ، وأعضاء لجنة اتِّحاد الطَّلبة ، وعرضت عليهم النَّماذج الأربعة. ولكن واحدًا من المجتمعين ، وهو الأخ الدُّكتور عثمان سيِّد أحمد إسماعيل [البيلي] أبدى تحفُّظًا في غاية الواجهة ، وهو أنَّ كلَّ النَّماذج أتت خلوًّا من شكل يرمز لحضارتنا السُّودانيَّة الأصيلة”.
وكانت هذه الملاحظة الدَّافع للبحث عن معلِّم يشير إلى الحضارة المرويَّة ، وفي هذا يقول النَّذير : “وجدت شكلاً للَّوحة من الحجر عليها كتابة بالحروف المرويَّة. اللَّوحة مستطيلةً الشَّكل ، وقد قدَّمها أحد أفراد الشَّعب هديَّةً إلى الإله إيزيس أمُّ الأجيال ، الَّتي تزداد حكمتها بتعاقب ما تنجب من أجيال (فكرة الجامعة). إيزيس في صورة كبش نفرتيتي. اكتفيت بكتاب خ. ر. ط. م.، وهي الأربع علامات في نصِّ اللَّوحة ، لترمز لجامعة الخرطوم من جهة ، ولتبرز التَّحدِّي الَّذي تواجهه الجامعة في إماطة اللِّثام عن حضارة سودانيَّة عريقة ، لا زالت لغتها مجهولةً. وأكتمل التَّصميم في ديسمبر 1966م. ثمَّ طبع الشِّعار ، وأنتج بواسطة الفنَّان مجذوب رباح” .
هذه قصَّة شعار جامعة الخرطوم ، الَّذي أضحى يتكوَّن من أربع كلمات : اللَّ ه، والحقيقة ، والوطن ، والإنسانيَّة، كتبت بخطّ أقرب إلى الخطِّ الدِّيوانيِّ ، على صفحة كتاب مفتوح ، يرمز للمعرفة بفروعها المتنوِّعة ، ويحتلَّ الكتاب الجزء الأعلى من الشِّعار ، ويقسِّم صفحة الكتاب عموديًّا خطَّان متوازيان ، الخطُّ الأيمن أزرق اللَّون ، والأيسر أبيض اللَّون ، ويمثِّل نهر النِّيل، والخطَّان المائلان يمثِّلان النِّيل الأزرق ، والنِّيل الأبيض ، يمنة ويسرة على التَّوالي ، وما بين النِّيلين صورةً لمبنى الجامعة ، تنبعث منها خطوط البيضاء (عدلت إلى برتقاليَّة) ممثِّلة شعلة العلم، ومبدَّدة ظلامات الجهل المجسَّدة في الخلفيَّة الزرقاء (عدلت إلى السَّوداء) للَّوحة ، وتمثِّل اللَّوحة المستطيلة في الجزء الأيسر من الشِّعار حضارة مرويّ القديمة ، وبداخله أحرف منفصلة عن بعضها (خ ر ط م ) ، ترمز من طرف إلى اسم الجامعة ، ومن طرف آخر إلى طلاسم اللُّغة المرويَّة الَّتي لم تكتشف بعد.
يا سلام يا بروف ذكرتنا ام نخيل ستظل شامخة شموخ إنسان السودان الى الابد،