حماية المدنيين في السودان : ضرورة إنسانية ومسؤولية وطنية
مصعب عبد الماجد
ينص القانون الدولي الإنساني على ضرورة حماية المدنيين اثناء الصراعات المسلحة في دول العالم وان المسؤولية الأساسية لمسألة حماية الافراد تقع على عاتق الدولة او الحكومات. اعتمد القانون الدولي الإنساني على اتفاقيات جنيف الأربع للعام 1949م والبرتكولات الإضافية المصاحب لها وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان … الخ باعتبارها حجر الأساس والإطار القانوني الذي يرتكز عليها قضية حماية المدنيين. هذه القوانيين تحث الحكومات والأطراف المتحاربة على حماية المدنيين في كل الأوقات ، والمدنيين وفقاً لما جاء في قرار مجلس الامن الخاص بحماية المدنيين هم أولئك الأشخاص الذين لم ينخرطوا في النزاعات المسلحة والاعمال العدائية بشكل مباشر ، وهم النساء، الأطفال ، الرجال ، النازحين الذين فروا من مناطق الحرب لضمان سلامتهم وعدم تعرضهم للقتل والتهجير القسري.
لقد شهد السودانيون والعالم اجمع الانتهاكات الفظيعة والواسعة التي تعرض لها المدنيين في الحرب الحالية ، وشملت هذه الانتهاكات القتل خارج نطاق القضاء ، الاغتصاب ، التهجير القسري ، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية … الخ. لقد اثبتت التقارير ان هذه الحرب تُخاض على أجساد النساء ، وتستهدف الأطفال في معسكرات النزوح ، والرجال في المساجد وكبار السن والمرضى ، ولا يميز فيها المدني من العسكري المقاتل ، فهي حرب تفتقد لكل القوانين والأخلاق الخاص بقواعد الاشتباك ، وبالتالي لا نتوقع ان يقوم أطرافها بأية مبادرة مع المنظمات الدولية لتحديد مواقع امنه لحماية المدنيين ، وبهذا التصرف غير المسؤول ، اضاعوا على نفسهم وعلينا فرصة منع التدخل الدولي العسكري والحفاظ على السيادة الوطنية.
كما تشير تقارير المنظمات الإنسانية الى ان السودان يواجه أكبر كارثة نزوح لم يشهدها العالم منذ عقود بسبب الاعتداءات المتكررة على المدنيين ، حيث يعاني السودانيون من كوارث صحية وعدم القدرة للحصول الغذاء وانعدام الامن في جميع أجزاء البلاد ، كما تواجه المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني صعوبات وعراقيل من أطراف الحرب في إيصال المساعدات الإنسانية الى المحتاجين. حيث حذرت الأمم المتحدة من أن مستويات النزوح القسري غير المسبوقة قد تتفاقم في عام 2025م ، إذ من المتوقع أن تدفع الصراعات والكوارث الطبيعية المزيد من الأشخاص إلى الفرار من منازلهم ، في حين تسعى مفوضية شؤون اللاجئين للحصول على دعم مادي لمواجهة الازمة في ظل انخفاض حاد في التمويل التي تتلقاها المنظمة ، الامر الذي يستدعي منا التحرك العاجل للفت انتباه العالم حول ضرورة حماية المدنيين.
ان قضية حماية المدنيين في بلادنا أصبحت ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل ، لضمان حماية ما تبقى من الشعب السوداني ، ولطالما ان اطراف هذه الحرب لا يرغبون في إيجاد حلول بالطرق السلمية على القوى السياسية والمدنية الحية الدعاية للسلم والديمقراطية التحرك بصورة عاجلة لتحديد نموذج او الية لحماية المدنيين مع الاخذ في الاعتبار تقييم التجارب الإقليمية والدولية لحماية المدنيين وكذلك الدراسة العميقة لتجربة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي او ما يعرف باليوناميد في دارفور للخروج بنموذج فعال لحماية المدنيين وضمان الحفاظ على السيادة والوطنية من التدخل السافر او تحويل السودان الى حقل تصفية الحسابات بين المحاور الدولية. يجب على السودانيون ان لا ينتظروا المجتمع الدولي لتحديد الية لحماية المدنيين ، ينبغي على السودانيين تحديد النموذج الفعال الذي يتوائم ويتوافق مع بلادنا.