وساطة أردوغان تنطلق من مساواة الرؤوس بين إثيوبيا والصومال
عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعين منفصلين مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس الصومال حسن شيخ محمود الأربعاء، في خطوة تظهر أن الوساطة التركية تنطلق أولا من المساواة بين الرؤوس بأن تجمع صاحبي القرار في البلدين ثم ممارسة الضغوط على جميع الأطراف لتسريع التوصل إلى حل ينهي التوتر.
وحدث الاجتماعان في توقيت لافت مع تصعيد عسكري في جوبالاند، وهو الإقليم الصومالي الثاني الذي يصعّد تمرده ضد مركزية الحكم في الصومال بعد أرض الصومال.
وقالت مصادر تركية لـ”العرب” إن أردوغان ضغط على رئيس الصومال لقبول وساطته وتسهيل الخروج بنتيجة من اجتماعات أنقرة.
وكشفت المصادر أن أردوغان حذر شيخ محمود من أن إفشال الوساطة وعدم إبداء المرونة سيقابلان بموقف تركي حازم، مشيرة إلى أن نصف الأراضي الصومالية -ممثلا بأرض الصومال- وجوبالاند قريبان وأن راعيهما القوي آبي أحمد موجود ومستعد للتحرك سريعا والاتفاق على فتح الباب أمام الأتراك لدخول العمق الأفريقي من خلال الإقليمين وإثيوبيا.
الأتراك يريدون أن يعي الرئيس الصومالي أن الوجود التركي ليس لأجل إنقاذ سلطته، وإنما خدمة للمصالح الإستراتيجية لأنقرة وإذا كان الصومال عنصرا معرقلا، فهناك بدائل جاهزة
وتمتلك تركيا نافذتين لدخول قلب أفريقيا، الأولى الصومال وإثيوبيا إذا قبل شيخ محمود بإبداء مرونة وجدية في إنجاح الوساطة، والثانية الدخول مباشرة عبر إقليمي أرض الصومال وجوبالاند وإثيوبيا إذا استمر الرئيس الصومالي في التمسك بموقف متشدد رافض لأي تسوية عن طريق تقديم التنازلات.
ويريد الأتراك أن يعي الرئيس الصومالي أن الوجود التركي العسكري والاستثماري والخدماتي والإنساني ليس لأجل إنقاذ سلطته، وأن الأمر مرتبط بإستراتيجية تركيا لتركيز النفوذ في القارة، وأنه إذا كان الصومال عنصرا معرقلا، فهناك بدائل جاهزة.
وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تقوم بتدريب قوات الأمن الصومالية وتقديم المساعدات الإنمائية لمقديشو في مقابل الحصول على موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.
واستضافت تركيا حتى الآن جولتين من الاجتماعات بين الجارتين في شرق أفريقيا، في محاولة لإصلاح العلاقات بينهما. وألغيت جولة ثالثة من المحادثات كان من المقرر أن تنعقد في سبتمبر.
واندلعت خلافات بين الصومال وإثيوبيا في وقت سابق من هذا العام بعد أن أعلن الإثيوبيون عن خطط لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، والتي تكافح من أجل الحصول على الاعتراف الدولي على الرغم مما تتمتع به من حكم ذاتي وسلام واستقرار منذ إعلان الاستقلال في 1991. ويعارض الصومال بشدة مساعي أرض الصومال للاستقلال.
وقالت إثيوبيا إنها ستعترف رسميا باستقلال أرض الصومال مقابل شريط إستراتيجي من الأرض، بالقرب من مكان التقاء البحر الأحمر بالمحيط الهندي. وإثيوبيا لا تطل على بحار، ولديها آلاف القوات في الصومال لمحاربة المتمردين المرتبطين بتنظيم القاعدة.
وأدى الخلاف إلى تقارب الصومال مع مصر، التي تختلف مع إثيوبيا منذ سنوات بسبب بناء أديس أبابا سدا ضخما لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر النيل، ومع إريتريا، وهي عدو آخر لإثيوبيا.
وبالتزامن مع اجتماع أنقرة اندلع قتال بين قوات من ولاية جوبالاند شبه المستقلة في الصومال وقوات الحكومة الاتحادية، في تصعيد للتوتر بعد أن أجرت جوبالاند انتخابات مخالفة توجيها من الحكومة الاتحادية.
وستثير الاشتباكات مخاوف من أن تصرف الخصومات الداخلية النظر عن قتال حركة الشباب الصومالية المتشددة والمرتبطة بتنظيم القاعدة في توقيت ينتهي فيه تفويض قوات حفظ سلام تابعة للاتحاد الأفريقي.
وقال آدن أحمد حاجي مساعد وزير الأمن في جوبالاند خلال مؤتمر صحفي في كيسمايو عاصمة جوبالاند “هاجمت قوات اتحادية من مقديشو في رأس كامبوني قوات جوبالاند صباح الأربعاء مستخدمة طائرات مسيرة.”
وقال وزير الدفاع الصومالي عبدالقادر محمد نور إن قوات جوبالاند هي التي بدأت الاشتباكات. وأضاف ضمن بيان “في وقت مبكر من صباح الأربعاء هاجمت قوات جوبالاند قوات من جيش الصومال الاتحادي في جوبا السفلى للسيطرة على قواعد انسحبت منها بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال.” وفي أواخر نوفمبر أعادت جوبالاند، المتاخمة لكينيا وإثيوبيا وهي واحدة من خمس ولايات شبه مستقلة في الصومال، انتخاب الرئيس الإقليمي أحمد محمد إسلام مادوبي لولاية ثالثة.
وتعارض الحكومة في مقديشو الانتخابات، وقالت إنها أجريت دون مشاركة من الجهات الاتحادية. ومع تصاعد الخلاف بشأن الانتخابات، أصدرت الحكومة الاتحادية مذكرة اعتقال بحق مادوبي وردت جوبالاند بإصدار مذكرة مماثلة بحق محمود.
وقال آدن نور، وهو ضابط في الجيش الاتحادي في مقديشو، إن الاشتباكات التي جرت الأربعاء وقعت في منطقة تبعد نحو 20 كيلومترا عن رأس كامبوني، وهي بلدة عززت فيها القوات الاتحادية تواجدها منذ الانتخابات.
وأضاف نور أن القوات الاتحادية صادرت حتى الآن أربع شاحنات محملة بالأسلحة أو حاملات مدافع من قوات جوبالاند، مشيرا إلى أن القتال لا يزال مستمرا لكنه بعيد عن رأس كامبوني. وأكد سقوط قتلى وجرحى من الجانبين دون ذكر عدد محدد.
صحيفة العرب