مقالات وآراء

الحركة الوطنية وبخت الرضا: معارضة المقاومة ومعارضة النهضة

عبد الله علي إبراهيم

(هذه كلمة أخرى في تمييزي بين معارضة المقاومة ومقاومة النهضة. وأدق مثل على معارضة المقاومة هي معارضة الطوائف المعارضة لدولة الإنقاذ. يكفي عن فرط مقاومتها أنها ما تزال تعارض الإنقاذ . . ولو سقطت. ولهذه المعارضة اسم آخر هو معارضة الإثارة كما جاء في كلمة لأستاذنا عبد الخالق محجوب. أما مقاومة النهضة فهي التي تطعم المعارض السياسي برؤية تشيله خلال عملية التغيير التي تبدأ بعد سقوط النظام القديم. وهذا العمى عن التغيير هو ما جعل الكثيرين يسيئون الظن بثوراتنا فيستقلونها لأنها مما تقطع بها السبل بعد سقوط النظام القديم. فنفوا عنها صفة الثورة لأنها لم تغير ما بنا.

والثورة ثورة تعريفاً بإسقاط النظام القديم. أما التغيير فهذا “وحش” آخر قد لا يقع إلا بعد قرون كما رأينا في الثورة الفرنسية: فلم تحقق الجمهورية ولا العلمانية في يومها وإن حاولت، وعصفت بها العواصف حتى استرد البوربون ملكهم في فرنسا بعد الثورة، ولكن لحين. وبالطبع فإن مما يسارع بالتغيير أن تتشبع المعارضة السياسية لنظام برؤية ترمي بعيد)

نبهتني الدكتورة فدوى عبد الرحمن علي طه إلى وجوب تمييز نقدي لمعهد بخت الرضا عن نقد الآخرين له. وهو نقد حرض عليّ خريجي رضا وعارفي فضلها. وآخرهم الأستاذ هلال زاهر السادات الذي صرف نقدي لها ك “افتراء”. فجاءت فدوى في كتابها المميز عن والدها، وهو من مؤسسي بخت الرضا في 1934، بطائفة من نقد المعاصرين للمعهد. وما أخذته على فدوى أنها لم تأت بهذا النقد من افواه قائليه، بل من افواه من ردوا عليه من “سدنة” المعهد مثل والدها وقريفث، أول مدير له، وعوض ساتي الذي هو من طاقم المعهد البارز ومدير مكتب النشر فيه ومحرر جريدة “الصبيان” المرموق.

واضح أن نقد هذه المؤسسة التربوية الاستعمارية قديم. فمنذ قيامها ارتاب رواد الحركة الوطنية في مقاصدها. فعدوها “مؤسسة استعمارية” أبعدها الإنجليز في خلاء الدويم من الناس لئلا يروا المؤامرات التي تحاك بين جدرانها. ومن ذلك أنهم يرسلون المدرسين النجباء لكي يموتوا في بيئتها العسيرة، أو تموت فيهم الرغبة في التعليم. ومن الناقدين من خشي على تطور التعليم في السودان مغبة التوجه الريفي لرضا. فمثل هذا التوجه قد يعزلنا عن الصناعة التي هي أساس العمران في عصرنا. وكان من رأي بعض خريجي كلية غردون أنها ستخرب تعليم غردون. وزادوا بأن إدخال اللغة الإنجليزية في منهج مدرسي المدراس الأولية لم يقصد منه إلا قفل كلية غردون والاستغناء عمن تخرجهم من كتبة ومحاسبين.

واستراب خريجو المعهد العلمي أن رضا ستهدم خلاوي القرآن. وقال الناقدون إن كتاب الجغرافيا المحلية، سبل كسب العيش في السودان، هو النواة لأقلمة التعليم. وتساءلوا “ما قيمة الفرق التجديدية (كورسات المدرسين الدورية) والرحلات المدرسية فهي في حسابهم ضياع للوقت وحرمان من الدرس والتحصيل”، وأن تدريب الطلاب على النقاش الحر هو لطبع الشباب باللجاج والخروج على التقاليد. ومن نقد بخت الرضا الباكر أنها ينبغي أن تكف عن التجريب وتأخذ من خبرات العالم لتنفق ما بيدها من مال على زيادة المدراس.
وليس نقدي كنقد هؤلاء أو أولئك. فنقدهم نقد “مقاومة” وطنية “مشوش” تجاه المؤسسة يلقي عليها بالاتهامات من خارج جدرانها. فهي ستهدم كلية غردون أو الخلاوي أو أنها ستلهينا عن الصناعة أو أنها سيئة في تدبير المال. وبعض النقد “مؤامراتي” مثل تعريض نوابغ المعلمين لبيئة رضا الوخيمة. وربما ظلمت هؤلاء النقدة بأخذ زبدة قولهم من أفواه سدنة بخت الرضا. ولكن نقدي لرضا الذي أذعته بالصحف ينفذ إلى باطنها ويناقش فلسفتها ومناهجها عن كثب. فأنا لا “أظن” بها الظنون التي تجد أقوى ذرائعها في العاطفة الوطنية. فهذه وطنية المقاومة التي تكره الاستعمار ولو جاء مبرأ من العيب.

اما وطنيتي فهي وطنية النهضة التي “تفلفل” الظاهرة الاستعمارية نصاً نصاً تستنطقها فلسفتها ونهجها مباشرة. فوطنيتي هي وطنية ما بعد ذهاب المستعمر المحتل ممن اعتقدنا أنه أعطانا ظهر قفاه ب”ولده وعدده” كما قال العطبراوي. ثم اكتشفنا أنه غادرنا “جته” ليترك فينا مأثوره الذي نسميه “المعرفة الاستعمارية”. وهي معرفة لا منجاة لأحد من الأهالي، وصفوتهم خاصة، منها إلا لمن رحم.
أضرب للفارق بين نقد الوطنية المقاومة والوطنية النهضوية مثلاً: قال المقاومون إن بخت الرضا ستهدم كلية غردون. وغردون ذاتها نفرها شنو؟ هذا ما يطرأ للمقاوم النهضوي متى سمع مثل هذا التفريق بين رضا وغردون. وأنا غردوني لم أترك لكلية غردون وامتداداتها جنباً ترقد عليه في كتابي “الشريعة والحداثة” وصورته الإنجليزية الموسعة “هذيان مانوي”.

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. لاتكذب يا ابوصلعة لم يعرف السودان حركة وطنية قط ماتسرح بالناس إذا مرت على السودان حركة وطنية لما الت الأوضاع إلى مالات اليه من حروبات اهليه وتفكيك كامل . يجب أن نجرب تقسيم السودان ونرتاح من انت ما سوداني وانت نيجيري وانت تشادي وانت وانت شعب متخلف لايستحق و لايستطيع أن يقيم دوله محترمة واخيرا انتشر الإسلام السياسي وغير السياسي بعد الهجرة للسعودية وازدادوا تخلف.

  2. فلسفة نخب فاشلين ،،الانجليز خرجوا من قبل سبعون عاما وهي فترة زمنية كافية لبناء امبراطوريات وليس مجرد دولة ،،،، الانجليز تركوا لكم بلد يقف علي قدميه مقارنة بمن حولكم ماذا فعلتم ؟!! ملحوظة مهمة : هل كان هناك استعمار بالمعني اامعروف؟ ام مجرد ادارة عليا اجنبية تدير البلد مع تعليم ابناء،البلد بفتح المدارس والمعاهد والكليات؟ هل كان السودان يتبع لادارة المستعمرات ام لوزارة الخارجية البريطانية؟ للأسف بعد خروج الانجليز كان العشم ان يتصدر المشهد المتعلمون لكنهم وقعوا في شباك الطائفية والايدلوجيات المستوردة بغباء مدهش وأصبح المتعلم ببدلته الانجليزية بسير خلف اصحاب العمم والجلاليب من زعماء،طوائف وادارات أهلية وكأن الانجليز يتحسرون ويتالمون الان بصوت خافت ويقولون: واا خسارة التربية فالاين أصبح عاقا وكثير التنظير….

  3. إن كانت المقارنة بين غردون وبخت الرضا من جانب والمعهد الديني بعلميته المزعومة والخلاوي فأنا مع غردون والغردونيين.
    أكره واحتقر من يبصق في الاناء الذي يأكل فيه ناهيك عن أن يتبول ويتغوط عليه.
    ع ع إبراهيم من النوع الأخير.
    ماذا قدمت لنا الخلاوي والتقابات والمسايد غير أمثال محمد احمد ود فحل الكاذب الضليل وخليفته المجرم الجاهل؟
    لو إلتزمنا خط الغردونيين وبخت الرضا لنجونا ونجا مجتمعنا ولكن تنكبنا الطريق بإسلامية مهووسة أضاعت الدين والدولة والمجتمع.

    المجد للعلمانية التي حماها الغردونيون ورعتها بخت الرضا.
    ولا للهوس الديني الذي قضى على الدولة والمجتمع.

  4. كل هذا الهذيان لن ينسّي من يعرفونك أنك:
    1/شاركت في مؤتمر حوار لعساكر الأخوان المسلمين ورفاقك يسحلون في بيوت الأشباح.
    2/ فتح لك الأخوان المسلمون صحفهم الصفراء لتهزأ بأي فعل مقاومة، إحتجاج أو حتى ثورة، بل بدأت تدليس، وربما حقيقة، بأن أستاذك عبد الخالق كان يدعو لتطبيق الشريعة.
    3/ حاولت ترسيخ التطبيع وتترشح ولكن لسخرية الأقدار لم تتوفق حتى في جمع تزكية نفر واحد وصرت تكذب بعدها بأنك ترشحت لمنافسة البشير.
    4/ رابطت في عزاء حسن الترابي طيلة أيام العزاء وأكلت “زلابية” صدقته أملا في أن تصير أحمد سليمان آخر نصيرا للإخوان المسلمين.
    5/ مارست التقية بعد ثورة ديسمبر ولكن سرعان ما عدت في لحس ### الأخوان المسلمين بعد الحرب حيث صرت “بلبوس” من منازلهم في كولمبيا تشجع الحرب العبثية حتى ينتصر جيش الأخوان المسلمين ولا يهم الضحايا والموتى والجوعى
    #الحياء زينة يا عبد الله والعمر ينقص بسرعة

  5. عنصري مريض مستعرب ومستلب كاره لذاته ناكر لهويته، ولايكون كذلك الا مريض نفسيي من المصفقين للحرب والخراب ماسحي جوخ الكوز الفاجر المغتصب واللاعق لبوت العسكر والكيزان، فبئس الثقافة وبئس المثقف الذي يدعم الحرب ويدعو للموت والدمار بدل ابتكار الحلول المبنية علي تعظيم حق الحياة والسلام والتعايش المشترك ونبذ الحرب والعنف والخراب، ورحم الله الثائر الوطني الحكيم الشهيد د. جون قرنق، لتاكيده ان لا شئ يوحدنا غير ان نكون سودانيين وكفي، فهنيئا للكيزان بهذا الشيوعي المتحور، وصدق من قال ان اسوء الكيزان هو الشيوعي المتحورالي كوزخاصة في ارزل عمره..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..