محور اللقيا
د. عمر بادي
في يوم 8 ديسمبر تمت الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد في سوريا بعد 24 عام من تقلده للحكم الذي ورثه من والده حافظ الأسد. الجدير بالذكر أن أول إنقلاب حدث في الوطن العربي كان إنقلاب حسني الزعيم في سوريا في عام 1948م والذي فتح شهية العسكريين للسلطة فتوالت الإنقلابات بعده. في عام 1963م كان إنقلاب حزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا بقيادة الضباط البعثيين منهم صلاح جديد والطيار الحربي حافظ الأسد والذي تبوأ فيه حافظ الأسد منصب وزير الدفاع ، وفي عام 1970م قام الأسد بإنقلاب علي رفيقيه نور الدين الأتاسي وصلاح جديد أطلق عليه ثورة تصحيحية وبموجبه صار رئيسا للبلاد ، وإستمرت رئاسته لسوريا إلي أن توفي في عام 2000م وخلفه علي الحكم إبنه بشار والذي ثار الشعب السوري ضده في عام 2011م فيما عُرف بأيام ثورة الربيع العربي فقام بقمعهم وعند ذلك تحولت الثورة السلمية ضده إلي ثورة مسلحة وتكونت بموجبها تنظيمات دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) ثم جبهة النصرة ثم قوات سوريا الديموقراطية (قسد) ثم هيئة تحرير الشام.
لقد ظهر تنظيم داعش في العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003م وإنتقل إلي سوريا في عام 2012م تحت مسمى جبهة النصرة وتعتبره أمريكا تنظيما إرهابيا ولذلك تحاربه بقوة حتى ضعف تأثيره. في البدء كان يقود جبهة النصرة في سوريا أحمد الشرع الجولاني ثم إبتعد عنها وصار يقود هيئة تحرير الشام التي تتكون من مجموعة فصائل إسلامية سلفية والتي أحدثت الإنتصارات الأخيرة بعد الدعم الذي تتلقاه من تركيا. أما قوات سوريا الديموقراطية (قسد) فهي قوات تتكون من الأكراد والعرب وأقليات عرقية وتدعمه أمريكا. لقد إستغلت إسرائيل الوضع الفوضوي في سوريا بعد سقوط بشار الأسد وقامت بشن هجمات بطيرانها الحربي علي مطارات سوريا العسكرية ودفاعاتها الجوية وسفنها الحربية ومخازنها الحربية وحطمتها بذريعة أن لا تقع تلك الأسلحة في أيدي الإرهابيين فيستعملونها ضدها ، ولكن في حقيقة الأمر أن إسرائيل قصدت تأمين نفسها من أي إعتداء عليها! .
لقد ظهرت فاشية النظام السوري للعيان بعد سقوطه فظهرت وسائل التعذيب التي كان يستعملها في سجونه من قطع بالمناشير لمعارضيه وضغط لهم بالمكابس وإذابتهم في الأحماض الحارقة ، كما ظهرت للعيان صناعته للحبوب المخدرة (الكيبتاقون) بكميات هائلة ليتم إغراقها في الأسواق المحلية وتصديرها للدول المختلفة ، وهذا يذكرني بقضايا الحاويات (الكونتينرات) التي ضبطتها سلطات الجمارك في ميناء بورتسودان قبل سنوات مضت وعند فحصها وجدوها مكدسة بحبوب الكيبتاقون! .
الشعب السوري يعيش الآن فرحته بإنتصار ثورته بعد ثلاثة عشر عاما من قيامها فهنيئا له بتجمعاته التي جسدت الوحدة الوطنية في شعاراته وتصريحاته وآماله وطموحاته ، وتم رفع العلم الجديد – القديم لسوريا الذي كان علمها الأول منذ عام 1932م وهو يمثل رمزا لسوريا فلونه الأخضر يمثل الخلافة الراشدة ولونه الأبيض يمثل الدولة الأموية ولونه الأسود يمثل الدولة العباسية والنجوم الحمراء الثلاث تمثل مناطق سوريا وهي حلب ودمشق ودير الزور.
سياسيا تم إختيار رئيس للوزراء ليقوم بتكوين حكومة تكنوقراط مدتها ثلاثة أشهر فقط عبارة عن حكومة تصريف أعمال مهمتها وضع دستور للبلاد وإعادة هيكلة الجيش والأمن والشرطة ، وبعد ذلك يتم إختيار حكومة لفترة إنتقالية يحددها الدستور الجديد. الآن يوجد من يرفعون شعار الدستور الإسلامي ومن يرفعون شعار العلمانية التي تضع مسافة واحدة من الجميع بالقانون.
تجارب ليبيا واليمن أمامنا، ونرجو أن يجد العقلاء في سوريا دورا لهم ليجنبونها ويلات تلك التجارب.
