حول مزاعم وزارة التربية والتعليم بشأن استعدادها لامتحانات الشهادة السودانية
حسن عبد الرضي الشيخ
في ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد ، والتي انعكست على حياة ملايين السودانيين وأثرت بشكل مباشر على العملية التعليمية ، فوجئنا بالبيان الصادر عن وزارة التربية والتعليم ، الذي يدعي وجود استعدادات متكاملة لعقد امتحانات الشهادة السودانية. وإذ نؤكد أن هذا البيان يفتقر إلى المصداقية ، فإننا نقدم الحقائق التالية لتفنيد هذه الادعاءات وبيان حقيقة الوضع :
أولًا : عدم مراعاة الأوضاع الإنسانية والنفسية للطلاب
إن ادعاء الوزارة بأن الطلاب في ولايات دارفور نزحوا إلى مناطق آمنة وتم تسجيلهم للامتحانات ينافي الواقع المرير. فالملايين من الأسر تعيش في معسكرات نزوح تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، ناهيك عن الاستقرار النفسي الضروري للتحصيل العلمي.
الحرب المستمرة أثرت بشكل كارثي على الطلاب في كافة أنحاء السودان ، بما في ذلك ولايات الجزيرة ، سنار ، والنيل الأبيض ، حيث لا تزال المدارس مغلقة أو مدمرة ، والمرافق التعليمية شبه معدومة.
ثانيًا : غياب التخطيط العملي والبيئة المناسبة
لم تقدم الوزارة أي دليل ملموس على جاهزية المراكز الامتحانية ، سواء من حيث توفر الأمن أو البنية التحتية الأساسية ، بل إن الظروف الحالية تشير إلى عجز تام عن توفير بيئة آمنة تضمن حقوق الطلاب.
النزوح الداخلي والخارجي تسبب في تشتت آلاف الطلاب ، ولم توضح الوزارة بشكل شفاف كيف ستتمكن من استيعابهم في المراكز المزعومة أو ضمان وصولهم إليها بسلام.
ثالثًا : استغلال امتحانات الشهادة لأهداف سياسية
الإصرار على ربط عقد الامتحانات بـ”معركة الكرامة” و”الوحدة الوطنية” يعكس تسييسًا واضحًا للعملية التعليمية ، وهو أمر مرفوض. التعليم حق أساسي وليس أداة لتحقيق مكاسب سياسية أو لتجميل صورة الدولة في ظل إخفاقها في إدارة الأزمات.
رابعًا : تقصير الوزارة في معالجة الأزمة التعليمية
بدلاً من تحميل الآخرين مسؤولية “عرقلة الامتحانات” ، كان على الوزارة التركيز على إيجاد حلول عملية ومستدامة لاستمرار العملية التعليمية، بما في ذلك التعلم عن بُعد أو تأجيل الامتحانات حتى عودة الاستقرار.
الوزارة تقاعست عن تقديم خطط واضحة للتعامل مع تحديات النزوح ، انقطاع التعليم ، وعدم توفر معلمين مؤهلين للإشراف على الامتحانات ، خاصة في المناطق المتضررة من الحرب.
خامسًا : مخالفة الأولويات الوطنية
إن الإصرار على إقامة الامتحانات في ظل هذه الظروف الكارثية يعكس تجاهلًا تامًا للأولويات الوطنية. فالتركيز يجب أن ينصب على تحقيق السلام، إعادة إعمار المدارس ، وضمان حق التعليم لجميع الطلاب دون استثناء.
ختامًا
إن محاولات الوزارة لتبرير عقد الامتحانات في ظل هذه الظروف المأساوية ليست إلا هروبًا من مواجهة الواقع ، وتجاهلًا صارخًا لمعاناة الطلاب وأسرهم. إننا ندعو إلى تأجيل الامتحانات حتى يتم توفير بيئة مناسبة وآمنة ، مع وضع خطة شاملة تعيد للعملية التعليمية دورها الأساسي في بناء الوطن ، بدلًا من استخدامها أداة للتغطية على الإخفاقات السياسية والإدارية. وأبسطها عدم القدرة على الإعتذار عن العجز في توفير مرتبات المعلمين الهزيلة..
التعليم مسؤولية .. وليس مغامرة سياسية! .