مقالات وآراء سياسية

بدأ المخبؤ يظهر

عثمان بابكر محجوب

 

من أجل قراءة ما يدور في السودان حاليا ، لا بد من التوقف مليا امام ما يدور حوله من أحداث تصاعدت بشكل دراماتيكي في المنطقة في الفترة الاخيرة بمباركة أميركية واضحة البصمات ، لكن ما يثير العجب هو ان الرئيس الاميركي بايدن (جو النائم حسب ترامب) وحتى بعد ان حمل لقب البطة العرجاء (وهذه لقب يطلق على أي رئيس أميركي في اخر عهده) استطاع قلب الطاولة في المنطقة كلها وحصل ذلك خلال أشهر معدودة بعد ان عجزت عن فعل ذلك ادارات كثيرة تعاقبت على الحكم في أميركا لعشرات سنين مضت . ويبدو واضحا ان الاسلام السياسي هو الشريك الاخر في منظومة الخراب هذا الشريك وبشكل واضح لا لبث فيه يشارك أميركا في تحقيق أهدافها الاستراتيجية في ترسم انظمة أقليمية من الخراف الوديعة كي يتفرغ الرئيس القادم الى البيت الابيض الى مقارعة الصين حول السيطرة على ثروات بحر الصين الجنوبي حيث سيكون هذا الصراع هو العنوان الاول على أجندة النزاعات الدولية في قابل الايام .

لقد كانت فلسطين هي طوطم النظام العربي في عصر الطغاة وبعد ان تهاوى هذا النظام الذي كان مجرد ظاهرة خطابية ورث الاسلام السياسي جناح أيات الله في ايران هذا الطوطم وانشأ اجنحته المتعددة في دول المنطقة برضى اميركي والسبب في تغاضي اميركا عن التمدد الايراني هو خلق خلل في الدول المستهدفة اضافة الى شكر الاسلام السياسي الايراني على دعمه وتسهيله للغزو الاميركي لكل من افغانستان والعراق هذا في المقلب الشيعي اما في المقلب السني فخلال الحرب الباردة تم تفريخ حركات اسلامية لمحاربة السوفيات في افغانستان وادى ذلك في النهاية الى انهيار الاتحاد السوفياتي . المهم في الامر ان رعاية الاسلام السياسي يدخل ضمن الاستراتيجية الاميركية الثابتة لما فيه من فوائد اثبتتها الاحداث في كل مكان خصوصا وان الاسلام من الاديان القابلة لاي صياغة جديدة فعندما اسست أميركا طالبان والقاعدة وداعش وباقي اللائحة ارتكزت الى مقولة ان الله شديد العقاب فادخلت هذه الحركات صالون التنكر لتغطي وجوهها باقنعة مرعبة وبعدها اظهرتها كحركات ارهابية وعندما تريد اميركا خلق حركات اسلامية تبدو متسامحة تلجأ الى مقولة ان الله هو الرحمن الرحيم وتدخلها الى صالون التجميل وتظهرها على شكل حركة بالرفاه والبنين التركية القطرية واما اذا ارادت اظهارها حيادية يظهر كنيس كنيسة المسجد في مضارب بن زايد مع الدعوة الى الديانة الابراهيمية .

المهم في الامر ان تقاطع المصالح بين ايران واسرائيل سمح لاسرائيل بقص اجنحة ايران في غزة ولبنان والمصلحة التي نتحدث عنها هي ان ايران استشعرت هول العاصفة القادمة نحوها من اميركا خصوصا بعد انتخاب ترامب فبدأت باظهار نواياها الطيبة وادى ذلك الى ابادة الفلسطنيين وتدمير غزة بالكامل اضافة الى تدمير لبنان وقتل وتشويه الاف الشباب وهنا لا بد من التنويه بان لا ملامة على السنوار او نصرالله لانه يبدو بانهما كانا صادقان في ما عاهدا الله ورسوله عليه لكنهما كانا على خطأ بوثوقهما بايران حيث ان الاسلام السياسي لا يمكن ان يكون يوما اهلا للثقة . وفي الجهة الاخرى تم تكليف تركيا بالاجهاز على حكم الطاغية بشار بن ابيه وادخال الحركة الارهابية جند الشام الى صالون التجميل التركي وهذه المقدمة الطويلة تؤكد ان اميركا حسمت امرها وكلفت اسرائيل وتركيا في رعاية النظام الاقليمي الجديد .

اما ما يخص افريقيا فبعد ان ظهرت تركيا في دورها الجديد استطاعت جمع اثيوبيا والصومال في لقاء سريع الهدف منه فرض سبات شتوي على الدور المصري بعد ان ظهرت بوادر مصرية في استخدام البوابة الصومالية في صراعها مع اثيوبيا حول سد النهضة لان دور مصر حاليا وفق الرؤية الاميركية لا أفريقي ولا عربي بل “ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر” .

اما حول مبادرة اردوغان للتوفيق بين بن زايد والبرهان فيبدو لنا ان هناك نية في تحقيق نبؤة الجنرال سناء حمد باعادة تعويم حكم البرهان حميدتي مع جناح من الحركة الاسلامية بعد ادخالها صالون المكياج بواجهة من غلمان مدنيين وهذه المبادرة محتملة خصوصا بعد تظهيير خلافات ايتام البشير الى العلن حيث يبدو ان خلافهم ليس بهدف قسم في النار وقسم في السعير بل من اجل اجراء عملية تجميل لطرف دون الاخر وفي مطلق الاحوال هذه المبادرة تحمل في طياتها خبث مستتر في حال فشلها لن تلام اميركا لانها حاولت لكن السودانيين رفضوا وستستمر حرب داحس والغبراء الى ما لا نهاية وهذا هو الهدف الحقيقي لخلق سودانات من ذويي الاحتياجات الخاصة يبقى ان نقول وطهروا السنتكم بالفاسقين .

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..