الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة (2)
محور اللقيا
د. عمر بادي
في مقالتي الثانية عن الذكرى السادسة لثورة ديسمبر المجيدة سوف أتطرق لمقالاتي الأربع اللاتي كتبتهم تحت عنوان (في نقد ثورة ديسمبر المجيدة) في الفترة ما بين 30 مارس 2020م و 14 أبريل 2020م ونشرتهم في الصحف والمواقع الإلكترونية ، وقد وضعت لهم مقدمة وجب تكرارها ذكرت فيها:
حرية , سلام وعدالة ، والرصد قرار الشعب ! نحن من خضنا غمار التظاهرات والمواكب وإستنشقنا (البمبان) وفلتنا من مطاردات الأمنجية ووقعنا في قبضتهم أحيانا ، منذ الربيع العربي وإلى الربيع السوداني ! نحن من رفعنا درجة الوعي وأضأنا الطريق للتنظيمات الشبابية التي كانت تتلمس طريقها بين مطرقة الأمن وسندان الأحزاب التقليدية وكتبنا في الصحف الورقية والإلكترونية عن رص الصفوف وخطوات التنظيم ، وصمدنا في ساحة الإعتصام منذ اليوم الأول وكتبنا المدونات التي اصبحت توثيقا للثورة إلى أن نزلت علينا طامة مؤامرة فض الإعتصام . دارت دورة الأحداث حتى تكونت حكومة الثورة التي لم تلتزم فيها قوى الحرية والتغيير بمعاييرها الثلاثة في ترشيح الوزراء وهي الكفاءة والخبرة والوطنية ولم يلتزم السيد رئيس الوزراء بشرطه الأساسي في ان يختار هو وزيرا من كل ثلاثة ترشحهم له قحت لكل وزارة وإن لم يجد بينهم من يراه مناسبا أعاد لهم القائمة ليرشحوا له آخرين ولكن ما حدث أنه إختار أحيانا من هم خارج ترشيحات قحت وإستمر ذلك المنحى في ملئه للوظائف العليا ! . الغريب قبل القريب يؤكد علي ضعف وزراء هذه الحكومة وعلي تراخيهم وتباطؤهم في أعمالهم وفي إتخاذ القرارات ، ربما لهم أسبابهم في ذلك ولكن فلنتمثل بقول المتنبي :
ولم أر في عيوب الناس شيئا كنقص القادرين علي التمام
لقد تواضعت معظم مكونات قوى الحرية والتغيير ، التي دب بينها بعض من خلاف لا يرومونه أن يصل إلي السطح ، لقد تواضعت علي الإستمرار في دعم حكومة الثورة بصفتهم الحاضنة السياسية لها وتقع عليهم مراقبتها ونقدها وتقويمها وهكذا صار هذا ديدننا كلنا. أنا أتحدث بصفتي من الوطنيين الحادبين علي نجاح الثورة و الباذلين نفوسهم من أجلها ومن أجل هدفيها الأسميين وهما رفع المعاناة عن المواطنين ورفعة الوطن ، والشباب في لجان المقاومة ولجان الأحياء هم كتيبة الصدام الأولى في التصدي لأي إنحراف عن أهداف ثورة ديسمبر المجيدة وهم حقا حرّاس الترس ! نسبة للمواضيع الشائكة التي أود الكتابة فيها فسوف تكون مقالاتي متسلسلة أتطرق في كل مقالة لقضية منفصلة , فلنبدأ بإسم الله تعالى …
1) – تفاقم قطوعات الكهرباء بسبب الإهمال :
لماذا لم يتم العمل بالبرنامج الإسعافي للكهرباء ؟ لقد كان لي الفضل في طرحه علي قوى الحرية والتغيير عند إختيارها لي في قائمتها الأخيرة لترشيحات الوزراء إلي دكتور حمدوك وكنت الوحيد ذا التخصص في الكهرباء ولكن تم تفضيل جانب البترول والمعادن وتركت الكهرباء للإهمال , والآن وبعد مرور سبعة أشهر علي التشكيل الوزاري لم يتم العمل بذلك البرنامج الإسعافي للكهرباء في المدى القصير أو ما هو مطلوب للمدى المتوسط ، فكل مسببات قطوعات الكهرباء كانت مندرجة من ضمن الحلول الإسعافية في المدى القصير كتوفير الوقود وقطع الغيار والعمل المبكر للصيانات وإعادة الماكينات المعطلة للخدمة ثم السعي لتشغيل وحدات الكهرباء علي كفاءاتها القصوى و في ذلك زيادة للكهرباء المولدة والمنقولة ووفرة لإستهلاك الوقود المكلف .
أسباب القصور في قطاع الكهرباء أراه في الآتي :
1 – هيمنة المتمكنين المتأسلمين في الكهرباء من مجموعة أسامة عبد الله ومعتز موسى الذين إستولوا على قطاع الكهرباء بعد حل الهيئة القومية للكهرباء وتحولها إلى وزارة الكهرباء والسدود فهم قد ورثوا الكهرباء من إخوانهم المتمكنين من مجموعة مكاوي بعد صراع الطرفين الإخوانيين والذي كانت نتيجته إبعاد مكاوي من الكهرباء إلي السكك الحديدية فتبعه بعض من جماعته إليها وآثر البعض الآخر الإغتراب . هؤلاء المتمكنون الجدد لا زالوا حتى اليوم يهيمنون علي قطاع الكهرباء حتى عند ذهاب الصف الأول منهم يظهرون في الصف الثاني والثالث ! هؤلاء لم تمسهم يد لجنة إزالة التمكين حتى اليوم فاستقووا علي الوزير و وكلاء وزارته وصاروا يطلعونهم بما يريدون إطلاعهم عليه ويخفون عنهم ما يريدون إخفاءه لأنهم الأكثر علما ببواطن أمور أجندتهم . لي تجربة مؤلمة مع هؤلاء سوف أرويها لكم في مقالتي القادمة بإذن الله .
2 – عدم تطبيق توصيات لجنة التسيير لإعادة هيكلة شركات الكهرباء الأربع وجمعها في شركة موحدة أو إعادتها للهيئة القومية للكهرباء كما كانت , فقد كوّن السيد الوزير تلك اللجنة وقامت بواجبها خير قيام وإستعانت بخبراء في تقويم وترتيب الوظائف ثم سلمت تقريرها للوزارة منذ ديسمبر الماضي ولم يحدث شئ بعد ذلك ، ومنذ اسبوع تقريبا كوّن السيد الوزير لجنة اخرى لتقوم بنفس عمل اللجنة الأولى ، فماذا يعني ذلك ؟.
3 – ترك كل شئ كما هو دون تغيير رغما عن الوقت الذي مضى علي التشكيل الوزاري فلم يطبق البرنامج الإسعافي كما ذكرت , خاصة ما به من إعادة وحدات توليد الكهرباء المتعطلة إلي الخدمة بعد توفير قطع الغيار وصيانتها.
4 – التراخي والتباطؤ في ديناميكية العمل في قطاع الكهرباء وفي الوقوف علي أماكن الخلل و عمل الإصلاحات الفورية اللازمة وفي إستشراف الأعطال قبل حدوثها حتى يتم تفاديها أو عمل الإستعدادات لها إذا لم يمكن تفاديها .
5 – وضع الخطط للإرتقاء بقطاع الكهرباء علي المدى المتوسط خلال الفترة الإنتقالية حتى تتم تغطية عجوزات التوليد الكهربائي وتنتهي بذلك قطوعات الكهرباء المضنية .
6 – عدم تطبيق الشفافية في توضيح حقائق مشاكل الكهرباء وفي إعلان تقارير لجان التحري للملأ .
2 ) – التمكين في قطاع الكهرباء وأساليبه لتحقيق أجندته :
سياسة التمكين في عهد الإنقاذ كانت تنتهج تفضيل أهل الولاء علي أهل الكفاءة عند التعيين في وظائف الدولة ولذلك عند تكوين حكومة الثورة كان الأحرى تطبيق إزالة التمكين الوظيفي لأهل الولاء للإنقاذ حتى لا يكونوا حجر عثرة في طريق الثورة ، وأنا أخص قطاع الكهرباء هنا بحكم تجربة خاصة كانت لي.
لقد مددت جسر التعاون مع السيد وزير الطاقة والتعدين بعد ان أعطته قحت رقم هاتفي وأعطتني رقم هاتفه علي أن نتهاتف في ما يخص الكهرباء بحكم أنني سوف أكون من طاقمه كوزير دولة للكهرباء أو وكيل وزارة لها وبحكم أن الوزير يحتاج لمن يطلعه علي مشاكل الكهرباء التي هي بعيدة عنه , وقد كان أن تناقشنا أكثر من مرة في أمور الكهرباء . في بداية يناير الماضي نما إلي علمي أن شركة المانية قد قدمت للوزارة عرضا في منتصف ديسمبر لمحطة توليد للكهرباء عبارة عن أربع توربينات غازية نوع براون بوفري بطاقة توليدية تعادل 4 × 63 = 252 ميغاواط وهي محطة تعمل في حالة الطوارئ لمحطة كهرباء نووية وتعمل بزيت الوقود الخفيف وبالغاز وبكفاءة 27% والمطلوب من الوزارة إما شراء المحطة بمبلغ زهيد يعادل 45 مليون يورو أو السماح للشركة الألمانية أن تقوم بتركيبها و تشغيلها بنظام البوت (BOT) وتبيع كهربتها للوزارة بالتفاوض علي سعر الكيلواط ساعة ولمدة 15 عاما يتم بعدها تسليم المحطة بحالة جيدة للوزارة ، ووجدت العرض جيدا ولكن مدة صلاحيته شهر فقط ولابد من الإسراع في الرد بالقبول عليه .
عندما لم أتمكن من مهاتفة السيد الوزير ذهبت لمقابلته في مكتبه في بناية المعادن وبوجود مدير مكاتبه تناقشت معه في أمر عرض المحطة وكان رده أن ليس له علم بذلك وربما قد تم تحويل أوراق العرض إلي بناية الكهرباء , وسالني عن رأيي فأبديته له واشار أن أرسله له كتابة بواسطة مدير مكاتبه الذي أعطاني بدوره هاتفه الذي به الواتساب الخاص به . جلست لمدة يومين أدرس في العرض المقدم وأكتب في شرحه وعمل التوصيات المطلوبة وأرسلت ذلك علي واتساب السيد مدير مكاتب الوزير بتاريخ 07 يناير و أبنت أن التوربينات الغازية لم تعمل كثيرا منذ تركيبها وبناء علي جهاز تسجيل ساعات العمل فمتوسط مدة عمل كل توربينة لا تتعدى السبعة أشهر , وأن نظام التحكم المركزي قد تم تحديثه بنظام سيمنز , وأن الصيانات التحوطية والموسمية والعمرات معمول بها , ويمكن الذهاب لمعاينة المحطة بناء علي عرضهم والإستعانة بطرف ثالث , مع التأكيد علي توفر قطع الغيار , وعمل إختبارات الكفاءة التشغيلية عند تركيب المحطة . بتاريخ 08 يناير أرسلت خطاب آخر بواتساب مدير مكاتب الوزير أبنت فيه أن نأخذ بنظام البوت لأنهم في هذه الحالة سوف يتكفلون بأعباء كل شئ بما فيه صيانة اي أعطال تحدث وفي ذلك ضمان لجودة الماكينات . أما عن سعرهم للكيلواط ساعة المولدة من محطتهم فتكون عن طريق حساب تكلفة الكيلواط ساعة بعد معرفة التكلفة الثابتة والمتغيرة لمدة معينة كشهر مثلا وتتم قسمة ذلك علي كمية الكيلواط ساعة المولدة في نفس الشهر , وأن السعر المطلوب لمحطة الكهرباء قليل جدا لأنه عادة يتم تقدير سعر المحطة بإعتبار أن سعر الميغاواط الواحد هو مليون دولار . أخيرا إقترحت في حالة عمل المحطة بالغاز أن يتم تركيبها في قرّي قرب المصفاة و في حالة عملها بوقود الزيت الخفيف أن يتم تركيبها في بورتسودان لتحل محل المحطة التركية العائمة ويستفاد من حرارة مداخن التوربينات الغازية في تحلية مياه البحر لإنتاج مياه صالحة للمدينة .
بعد ذلك ولمدة شهر لم اتمكن من مقابلة السيد الوزير لمناقشته في ما كتبته له بسبب مدير مكاتبه وعندما أوشكت أيام العرض علي الإنتهاء ذهبت لمقابلة السيد الوزير في بنايات البترول ولم أجده فتحدثت مع مستشاره الذي إستمع جيدا لشرحي ووعدني أن يتحدث مع السيد الوزير عند عودته لكتابة خطاب الموافقة . بعد ذلك بيومين عندما حضر الوكلاء المحليون للشركة الألمانية لمقابلة الوزير قال لهم أنه ليس له علم بهذا العرض ولا يعرف شيئا عنه وتبين أن مدير مكاتبه لم يعطيه الخطابات التي أرسلتها علي الواتساب الخاص به وان مستشاره لم يخطره أيضا بحديثي معه كما وعدني ! لقد قام وكلاء الشركة الألمانية بطرح ما حدث للإعلام في الصحف وفي القنوات الفضائية ، وفضلت أنا أن أكتب ما حدث في هذا الأمر لقحت ولا حول و لا قوة إلا بالله والقومة للسودان .
3 ) – ماذا يفعل المواطن السوداني مع إنفراط أسعار السوق :
قد همني كثيرا ما يعانيه المواطن السوداني (جمل الشيل) في شتى ضروب الحياة ، فهو يعاني من تردي المعيشة والمواصلات والعلاج والتعليم والبطالة والسكن والكهرباء .. تردي في تردٍ في تردٍ , ولذلك فقد آليت علي نفسي أن يكون المواطن المغلوب علي أمره في قمة إهتماماتي.
لقد توقعت أن عبئا كبيرا سوف يقع علي وزير التجارة القادم وسوف يكون من أهم وزراء المرحلة القادمة لأن من أهم واجبات الحكومة القادمة أن تلتفت إلى معايش المواطنين وتحسنها بقرارات وخطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى تنأى بالسوق عن تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه السوداني الذي لا يجدي مع شح الإنتاج والندرة ، ولذلك علي وزير التجارة أن ينتهج سياسة تحديد الأسعار وفرض قوائم الأسعار في كل المحال التجارية علي أن يراقبها مفتشو وزارة التجارة ، وأننا في إنتظار أبي حريرة جديد لتحسين معايش الناس. لقد صارت الأسعار بلا ضابط ولا رابط وصار لكل متجر أسعار تختلف عما في متجر آخر ، حتى البضاعة وهي على الأرفف يزداد سعرها يوما بعد يوم مع أن الأمانة تقتضي أن يتم تحديد سعر بيع السلعة بناءً على فاتورة شرائها ولكن للتجار منطق مخالف ويعللون زيادة أسعارهم بأن أسعار بضاعتهم الجديدة في تزايد والأمر يتطلب توفر النقود لديهم وأن أسعار السوق من حولهم والمواصلات والإيجارات في تزايد ، وهم بذلك بدلا من أن يتكفلوا بدفع فروق الأسعار من عندهم يقومون بأخذها من المواطنين المشترين . بإختصار ، صار كل صاحب سلعة يزيد سعر سلعته ليزداد دخله وصار الخاسر الأكبر هو المواطن ذو الدخل المحدود الذي لا يعمل بالتجارة .
لقد بيّن أبو الإقتصاد الكلاسيكي الرأسمالي آدم سميث الذي دعا للإقتصاد الحر وحرية المنافسة وتقليل دور الدولة ، أن سعر أي سلعة يتحدد بقانون العرض والطلب إذا خلا السوق من إحتكار الكارتيلات ومن الندرة بحيث يصبح السوق معافى لسياسة تحرير الأسعار . أما اللورد كينز أبو الإقتصاد الحديث فقد دعا إلى تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية لتحقيق التوازن المطلوب . أما في الإقتصاد الإشتراكي فإن الدولة تتولى تحديد أسعار السلع بناء على تكلفة الإنتاج أحيانا وأحيانا بناء على سياسة دعم السلع الحيوية لتقليل أعباء المعيشة على مواطنيها وتتبنى نظام التعاونيات والملكية الخاصة في أضيق حدودها . بعض الدول كدولتنا السودانية كانت تأخذ بسياسة إقتصادية مشتركة ما بين الرأسمالية والإشتراكية فكانت تدعم بعض السلع وتترك سلع أخرى للعرض والطلب وتعمل بالتعاونيات ولكن فقد نحت حكومات الإنقاذ في العهد البائد منحى الإقتصاد الرأسمالي وحررت الأسعار و رفعت الدعم عن سلع كثيرة مثل الوقود والخبز والدواء والعلاج والكهربا والماء .
علي وزير التجارة والصناعة السيد مدني عباس مدني أن يشرع في عمل الآتي :
1 – تطبيق برنامج الوزارة الإسعافي لإزالة أعباء المعيشة عن كاهل المواطنين خاصة وقد مرت سبعة اشهر بدون اي إنجاز في ذلك .
2 – كسر الإحتكار في شراء وطحن و توزيع القمح و الدقيق وتثمين دور لجان المقاومة والأحياء وتثبيت سعر الخبز ومنع تهريب الدقيق.
3 – إنتهاج سياسة تحديد الأسعار وفرض قوائم الأسعار في كل المحال التجارية علي أن يراقبها مفتشو وزارة التجارة بعد أن يتم تكوين أقسام لمراقبة الأسعار لهم .
4 – تطبيق نظام التعاونيات كما كان موجودا في السودان وكانت له مصلحة حكومية.
5 – السماح بإستيراد السلع الضرورية وإيقاف إستيراد الكماليات كالنبق الإيراني مثلا .
6 – تشغيل المصانع المعطلة والمتوقفة عن العمل التي يقارب عددها الألفين وخمسمائة مصنع وتوفير قطع الغيار لها .
7 – توفير مدخلات الإنتاج للمصانع وتقليل رسوم الإنتاج حتى تنهض المصانع من وهدتها .
4 ) – آثار رفع الدعم عن المحروقات :
لقد أدى رفع الدعم عن المحروقات إلي رفع أسعار كل السوق ، ومع وجود الإحتكارات سواء كانت فردية أم في شكل شركات في ما يعرف بالكارتيلات والتريستات فإن قانون العرض والطلب صار لا يحدد الأسعار علي حقيقتها ، ولذلك مع ضرورة التدخل بالمعالجات ظهرت مدرستان أخرتان في علم الإقتصاد وهما مدرسة اللورد جون كينز والمدرسة الإشتراكية وسوف أتعرض لهما بالشرح.
مدرسة اللورد كينز تدعو إلي ضرورة تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية لتحقيق التوازن الإقتصادي كما حدث أثناء الكساد العالمي الكبير ما بين 1929م إلي 1933م فقد دعا اللورد كينز خلال كتاباته في الصحف وابحاثه إلي تدخل الحكومة في إقتصاد السوق عند الركود الإقتصادي بالتاثير في الطلب عن طريق زيادة الإنفاق ورفع الأجور وتشغيل العاطلين لزيادة القوة الشرائية ، وكذلك بالتاثير في العرض بزيادته بالإستثمار وزيادة العرض النقدي وتخفيض ضرائب الإنتاج ثم السماح بإستيراد السلع من الخارج وايضا تشغيل المصانع المعطلة .
أما مدرسة الإقتصاد الإشتراكي التي طبقتها الدول الإشتراكية فقد أسست لهيمنة الدولة علي الإنتاج ووسائل الإنتاج وسمحت بالتعاونيات وبالملكية الفردية الخاصة في أضيق الحدود , كما تميزت بإعتماد الدولة علي نفسها في تنمية إقتصادها نحو الصناعات الدفاعية والإنتاجية و الإلتفات إلي الضروريات وإهمال الكماليات , ومع التطور العلمي والإنتاجي سعت الدول الإشتراكية إلي الإنفتاح علي العالم الخارجي إما بفتح الأبواب للإستثمار الخارجي والإستفادة منه تقنيا أو بفتح المجال العالمي لشركاتها في مشاريع ربحية , كما يحدث في الصين حاليا .
إن تجربة الإنقاذ في جانبها الإقتصادي كانت تعتمد علي إتباع وصفة البنك الدولي التي صارت محفوظة للجميع منذ زمان وزير المالية الدكتور عبدالرحيم حمدي ثم الزبير محمد الحسن وإلي بدر الدين محمود والركابي ومعتز موسى ، كلهم تبعوا وصفة البنك الدولي في رفع الدعم وتخفيض قيمة الجنيه السوداني والنتيجة دائما كارثية حتى وإن تم تغليفها بتخصيص مبالغ مالية للشرائح الضعيفة . يكفي أنه في زمان الإنقاذ قد تم حذف ثلاثة أصفار من القيمة الحقيقية للجنيه السوداني ولا زالت قيمته بعد إزالة هذه الأصفار الثلاثة تعادل 140 جنيها مقابل الدولار وكانت في بداية عهد الإنقاذ تعادل 12 جنيها مقابل الدولار !.
هل بعد كل هذا يأتي الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية ويدعو ويصر ويلح علي تجربة المجرب ورفع الدعم وتخفيض قيمة الجنيه السوداني ، وكأننا يا بدر لا عدنا ولا جينا كما يقول المثل ! أخيرا القومة للسودان .
بإختصار قدمت ما ورد في مقالاتي الأربع ، ويبقى تأخير تكوين المجلس التشريعي الذي كان يجب تكوينه خلال شهرين بعد تكوين حكومة الثورة كما ورد في الوثيقة الدستورية ولكنه تأخر بفعل محادثات جوبا والمحاصصات ، وكذلك تأخير تكوين المفوضيات والمحكمة الدستورية قد أدى كل ذلك لإختلالات وتجاوزات في الأداء، وعليه يبقى السعي لإستكمال مهام الثورة.
أخيرا ، لا تنازلات عن شعارات الثورة … فالثورة ثورة شعب ، والسلطة سلطة شعب ، والعسكر للثكنات ، والجنجويد ينحل ، والثورة مستمرة ..
– ع إنفراط أسعار السوق: 3 ) – ماذا يفعل المواطن السوداني .