اخبار السياسية الدولية والاقتصاد

تركيا تحيي “مهرجان الفرح” بسقوط الأسد أصالة عن نفسها ونيابة عن قطر

 

يحرص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي التقى الثلاثاء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على أن يبدو في ظهوره الإعلامي في صورة المحتفي بـ”النصر” الذي تحقق في سوريا، على عكس أمير قطر الذي يحرص على أن يظهر كما لو أن بلاده لم يكن لها دور في التغييرات المتسارعة في سوريا.

ويعود حرص قطر على البقاء بعيدة عن “مهرجان الفرح” بسقوط الأسد إلى اعتبارات الحساسية الخليجية، لأن جزءا من الاحتفالية سينتهك اتفاقات قمة العلا في يناير 2021، والتي كان عنوانها الرئيسي تعهد قطر بالتخلي عن تحريك وتوظيف ورقة الجماعات الإسلامية التي كانت وراء الأزمة الخليجية في 2017.

ومثّل الدور القطري في سوريا، من دعم وتمويل وإسناد إعلامي لمجاميع إسلامية، أحد عناصر الخلاف الخليجي – القطري. وإذا احتفت الدوحة بنجاحها في إسقاط الرئيس السوري الأسد والتمكين لمسلحي هيئة تحرير الشام، فستبدو كمن يعيد إذكاء نار الخلاف مجددا.

ولم تخف الإمارات حساسيتها تجاه النظام الإسلامي الجديد في سوريا بالرغم مما حصل من تغيير متسارع في مواقف الكثير من الجهات الإقليمية والدولية ممن كانت تصنف هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية.

وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي خلال كلمة في “مؤتمر السياسات العالمية” في أبوظبي السبت “نسمع تصريحات معقولة وعقلانية حول الوحدة، وعدم فرض نظام على جميع السوريين، لكن من ناحية أخرى أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية.”

وتشير مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “تشاتام هاوس” صنم وكيل إلى أن “قادة الإمارات يرون أن كل الجماعات التابعة للإسلام السياسي، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين وهيئة تحرير الشام، تشكل خطرا على نموذجهم من الحكم، واستنادا إلى تجربة تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، يرون أن تأثير هذه الجماعات مزعزع للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.”

وفيما تحافظ الإمارات على موقفها الواضح من الإسلاميين ومخاوفها من سيطرة التطرف في سوريا، فإن موقف السعودية لم يتضح بعد من هذه التطورات في وقت يتحير فيه دبلوماسيوها وإعلاميوها بين الاحتفال والانزعاج، خاصة أن السعودية كانت قد دخلت مبادرة الانفتاح على الأسد في الأشهر الأخيرة من عمر النظام فيما تبدي بعض وسائل إعلامها تحمّسا لسقوطه.

وبات الرئيس التركي محور الاهتمام الإعلامي والاعتراف له بالذكاء والدهاء بعد نجاحه في الاستفادة من التغييرات الحاصلة في الإقليم لتحقيق نصر حاسم في سوريا، ومنها انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا، والخسارات التي لحقت بإيران وأذرعها.

ويقول الخبراء إن أردوغان الذي قدم الدعم إلى الفصائل المسلحة التي أطاحت بالأسد تمكن خلال أسبوع من تعزيز نفوذ أنقرة في حديقتها الخلفية وأبعد من ذلك. ونسجت أنقرة منذ فترة طويلة علاقات مع هيئة تحرير الشام الإسلامية التي تسيطر اليوم على دمشق، لتصير أبرز مُحاور لها فيما تتخوف منها عدة عواصم بسبب ماضيها (أحد فروع تنظيم القاعدة).

وبعد مرور أيام قليلة على دخول الفصائل المسلحة دمشق، توجه إليها رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين، المقرب من أردوغان، للقاء زعيم هيئة تحرير الشام أبي محمد الجولاني الذي يستخدم الآن اسمه الحقيقي، أحمد الشرع.

وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الاثنين “أعتقد أن تركيا ذكية جدا… لقد قامت تركيا بعملية استيلاء غير ودية، من دون خسارة الكثير من الأرواح” في سوريا.

ويقول أنتوني سكينر، مدير الأبحاث في شركة مارلو غلوبال الاستشارية، “إن أردوغان يرتب الأمور على المدى الطويل.” ويضيف لوكالة فرانس برس أن “النتائج واضحة بشكل خاص في سوريا والقرن الأفريقي. لقد لعب أردوغان أوراقه بشكل جيد حتى الآن وصار يحظى بمكانة يُحسد عليها في سوريا.”

ويقول ماكس أبرامز، خبير الأمن الدولي، إن “أردوغان هو الرابح الأكبر” من التطورات الأخيرة في سوريا. ويضيف أن مع خروج حلفاء الأسد الآن من المشهد، وفي حين تجد روسيا نفسها غارقة في حربها مع أوكرانيا وتلقت إيران ضربة أضعفتها جراء الهجمات الإسرائيلية على حليفها حزب الله، بات الطريق ممهدا أمام أردوغان “لتوسيع النفوذ التركي في سوريا.”

ويذكر ماكس أبرامز أنه من المرجح أن تتحرك تركيا “للتخفيف من تهديد حزب العمال الكردستاني” في شمال سوريا، قرب الحدود التركية.

منذ عام 2016 نفذت تركيا عمليات برية عدة داخل الأراضي السورية ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، ما سمح لها بالسيطرة على مناطق بأكملها بدعم من فصائل سورية تدعمها.

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان “في الحقبة الجديدة ستختفي منظمة حزب العمال الكردستاني/وحدات حماية الشعب الإرهابية من سوريا عاجلا أم آجلا، والحكومة السورية الجديدة تريد ذلك بقدر ما نريده نحن.”

ويرى ماكس أبرامز أنه إذا قرر ترامب بعد تنصيبه سحب القوات الأميركية من سوريا، فسيضعف ذلك المقاتلين الأكراد الذين تدعمهم واشنطن في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وهو أمر “سيسعد أردوغان كثيرا.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..