حسن عبد الرضي الشيخ
تحل علينا ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة وهي محملة بآمال عريضة وأشواق شعبية متجددة نحو بناء سودان جديد سودان العدالة والحرية والسلام. ففي ديسمبر ٢٠١٨م ، انطلقت شرارة الثورة من عمق المعاناة ، لتعلن عن رفض شعبي عارم لكل أشكال القهر والظلم والاستبداد. ثورة توحدت فيها إرادة الشباب والكبار ، النساء والرجال ، ليخطوا معًا فصلاً جديدًا من تاريخ السودان.
إن عظمة ثورة ديسمبر لا تكمن فقط في نجاحها في الإطاحة بنظام شمولي دام ثلاثين عامًا ، بل أيضًا في القيم التي أرستها. فقد أعادت الثورة للسودانيين إحساسهم بكرامتهم الإنسانية ، وشكلت لوحة وطنية متماسكة تعكس تنوع السودان الثقافي والاجتماعي.
عودة إلى أكتوبر ١٩٦٤م
حين نستذكر ثورة ديسمبر ، لا يمكننا إلا أن نسترجع عبق ثورة أكتوبر ١٩٦٤م التي كانت الأولى من نوعها في إفريقيا والعالم العربي ، حيث ألهمت الشعوب المقهورة بفكرة أن التغيير ممكن عبر إرادة الشعب. ثورة أكتوبر كانت البداية التي زرعت بذور الوعي ، بينما جاءت ثورة ديسمبر لتكمل المسير ، مؤكدًة أن طموحات الشعوب لا تنكسر ، وأن درب الحرية قد يكون طويلاً ، لكنه دائمًا يستحق السعي.
رؤية الأستاذ محمود محمد طه : بشرى سودان المستقبل
في هذا السياق ، تبرز رؤية الأستاذ محمود محمد طه الذي كان منذ منتصف القرن العشرين يبشر بسودان المستقبل ، سودان الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية والمساواة. تحدث الأستاذ محمود عن أهمية تحقيق السلام الداخلي للفرد كشرط لتحقيق السلام المجتمعي ، وأكد أن الحرية هي جوهر الدين الحقيقي وجسر الإنسان نحو تحقيق ذاته.
كانت أفكار الأستاذ محمود حول الحكم الرشيد والمساواة بين الأديان والعرقيات متقدمة لعصرها ، ولعلها تشكل اليوم خارطة طريق لما يطمح إليه السودانيون من نظام سياسي جديد ، قائم على الشفافية واحترام حقوق الإنسان.
نحو سودان جديد
في ذكرى ثورة ديسمبر العظيمة ، علينا أن نستذكر تضحيات الشهداء وأحلام الثوار ، وأن نعمل جميعًا على تحقيق تلك الأحلام. إن مسيرة الثورة مستمرة وعلينا أن نستفيد من إرث أكتوبر ورؤية الأستاذ محمود لنصنع سودانًا يعبر عن تطلعاتنا جميعًا.
فكما قال الأستاذ محمود : “السودان للسودانيين ، ويجب أن يكون ملكًا للجميع على أساس المساواة” .
هذا هو الأمل الذي نحمله اليوم في ذكرى ديسمبر : بناء سودان الحرية ، السلام ، والعدالة ، سودان المستقبل.
