مقالات وآراء

بهدووووووء (بدون زعل)(13)

ب/ نبيل حامد حسن بشير

 

في الحلقة 12 طرحت عدة أسئلة ، في رأيي أنها مشروعة ، وطلبت أن نجاوب عليها جميعا بهدوء وأمانة (مع امتناع الفاقد التربوي عن التدخل). كما ذكرت انني قد اجيب عليها في هذه الحلقة أو لا أجيب ، تبعا للحالة النفسية التي نمر بها جميعا ، خاصة نحن الذين فقدنا كل شيء ، وأصبحنا شتاتا في كل مهجر داخلي أو خارجي. بأمانة ما زلت في حالة نفسية متدنية جدا لأنني في مرحلة سنية لا تسمح لي بإعادة البناء أو التفكير في المستقبل، وإمكانية العودة للوطن ، أو اتخاذ القرار بالبقاء بالغربة ، التي لم أفكر فيها وأنا في عنفوان الشباب ، رغما عن الاغراءات التي واجهناها ، حبا في الوطن والمواطن ومستقبل الأجيال القادمة ، خاصة وأننا كنا كأساتذة جامعات في مهمة اعداد أجيال ستكون الاعمدة الأساسية للنهوض بالوطن ووضعه في المكانة التي يستحقها ، وأخلصنا في ذلك أيما اخلاص ولم نندم على ذلك. الان أحاول أن أجيب على بعض هذه التساؤلات (من وجهة نظري) التي قد تجد القبول او الرفض من البعض أو الكل.

1) هل نحن كشعب نستحق هذا الوطن المعطاء؟ أن كنا نريد الصراحة في هذا الأمر فان المثل المصري يقول (يدي الحلق للي بلا ودان). كل الدول بدون استثناء تطمع في هذا الوطن ، وهذا أحد أهم أسباب الحرب الدائرة الأن. قد تكون أجيال اباءنا بالفعل يستحقونه. فهم وأباءهم وأجدادهم لم يقصروا ، وأسسوا لوطن بكل صدق وأمانة ، بل قاموا بكل ما هو مطلوب للاستقلال ونالوه عنوة واقتدارا. عليه فان المشكلة تكمن في (أجيالنا نحن والاجيال الناتجة منا). أعطانا السودان كل شيء. فماذا أعطيناه نحن؟ اين كانت عقولنا وضمائرنا؟ يبدوا أننا كنا لا نري أبعد من أرانب أنوفنا ولا نسمع الا ما يرضي غرورنا وانحصرت طموحاتنا في رغباتنا ا(لفردية الأنية) ، ناسين أن هنالك وطن كانت مساحته مليون ميل مربع ، يحتاج لكل قطرة عرق ، بل كل قطرة دم منا للحفاظ عليه والارتقاء به وتسديد ديونه علينا!!!! النتيجة أننا بخلنا علية (قصدا أو سهوا) ، والزمن لا يرحم. عادة ما أقول : نلوم سوداننا والعيب فينا، وما لسوداننا عيب سوانا. نعم نحن خلقنا في زمان يختلف عن زمان أسلافنا وابنائنا واحفادنا خلقوا لزمان يختلف عن زماننا. لكن السؤال هو هل كانت تربية أسلافنا لنا تربية خاطئة؟ لماذا لم نسير على نهجهم ، وهم من ورثونا وطن ليس به (شق أو طق) كما قال الزعيم الأزهري؟ هم تربوا على تقوي الله وحب الوطن والقناعة والتواضع والحرية والعدالة والسلام. لم يكن بينهم فاسدون ، ولم يقربوا الفساد ، ويعرفونه جيدا ، ويتجنبونه خوفا من الله ، وخوفا علي سمعة الأسرة والعائلة والقبيلة. أما نحن فقد ابتلعنا طعم الشيطان. فالفساد بالنسبة لنا له أسماء ابتدعناها نحن لتخفيف الوقع الحقيقي للمصطلح على أنفسنا ، وتبرير أفعالنا ، مثل فهلوة وشطارة وتفتيحة وتسهيلات وهدايا ، وأن الرسول صلي الله عليه وسلم قبل الهدية!!! ربينا أبناءنا علي حب الدنيا وقبول الأمر الواقع ومسايرة الظروف ، واللجوء للحلول المتاحة دون النظر الي تباعاتها الدينية والاجتماعية ، وفي أغلب الحالات هي مشبوهة. ربيناهم على (قشور) الحضارة الغربية ، ورفضنا ما تربينا عليه من اسلافنا ، ولم نساعدهم ونوجههم الي (إيجابيات) الحضارة الغربية فاصبحوا (مشوهين أخلاقيا) ، بل أصبح غالبيتهم ، ذكورا واناثا ، يتمنون الهروب من الوطن بدلا من تطويره ، لهثا وراء ما يعتقدون أنه نعيم الحياة بالغرب ، والغريب في الأمر حتي عند ذهابهم الي تلك الدول لم يقدموا شيء لتلك الدول الا القليل منهم ، بل قبلوا بأدني واحط الاعمال والوظائف. فلم ينعموا برغد العيش أو الانتماء لوطن حقيقي ، أو إنجاب وتربية أبناء وبنات في الغربة ليس لهم علاقة بهذا الوطن الذي تركه أباءهم وتنكروا لأهاليهم بالسودان ، والكثير منهم يرفض حتي قضاء الاجازات السنوية في هذا البلد المتخلف والذي لا يتناسب مع أسلوب حياتهم!!!.

2) هل نعشق السودان كما يعشق الاخرون دولهم؟ أتحدث عن الأجيال الحالية ، بما في ذلك جيلنا نحن. الإجابة أننا ندعي حبنا وعشقنا لوطننا، لكن وضح لنا أنه حب (منفعة أي براجماتي). كان الرئيس الأميريكي الأسبق جون كينيدي يخاطب شعبه فقال لهم : لا تقول ماذا (أعطتني) أميريكا ، بل قل ماذا أستطيع أن (أفعل واعطي) لآميريكا. كلنا رأي بأم عينية ماذا يفعل المصري عند عودته لمصر ، فهو يسجد أولا ويقبل تراب وطنه. أما الأميريكان عند عزف النشيد الوطني تجد الغالبية تذرف الدموع والأخرين تري الزهو والفخر في عيونهم. أما الأجيال الحالية لدينا تجد أن أغلبهم يصف السودان وبدون خجل (بالحفرة دي) ، والبعض الأخر يقول (ملعون أبوك بلد!!!) … الخ من الالفاظ والجمل المسيئة للوطن. التربية الوطنية منعدمة لدينا في البيت والاعلام وفي المدرسة وفي الجامعة. انظروا الي التعليم في مصر. في كل سنة دراسية منذ الابتدائية حتى البكالوريوس يوجد منهج له صلة بالتربية الوطنية بدأ منذ اندلاع ثورة 23 يوليه 1952م.

3) ماذا قدمنا له؟ لا ننكر أن البعض منا قد قدم و(دون من أو أذى) الكثير لهذا الوطن ، لكن الغالبية منا كان دورها (سالبا) عن قصد أو دون أن يشعر. متوسط عمل الموظف الحكومي في السودان 28 دقيقة في اليوم، بالطبع لا يشمل هذا مهن مثل المدرسين وأساتذة الجامعات والأطباء وبعض القضاة بحكم الوصف الوظيفي. المزارع بالمشاريع الحكومية ، والذي يعتمد عليه افتصاد الدولة ، يقضي 90% من وقته نائما تحت ظل الشجرة في عنقريب هبابي وفي شرب الشاي والقهوة والونسة ، ويقول لك أنه (ماسك موية !!!). سائق الآلية الحكومية همه الأول سرقة الوقود ومعدات السيارة واطاراتها والكثير من اجزائها ولا يهمه اكل الحرام هو واسرته ومتوسط عمر السيارة الحكومية 4 سنوات ، في حين أن مثيلتها الخاصة تكون في أحسن حالاتها لأكثر من 20 سنة. أما السياسي والاداري فلا انجاز لهما سوي المجاملات واستقبال الضيوف والأهل بمكاتب الحكومة والجعجعة والاجتماعات ذات الحوافز والتفكير في طرق للكذب على الجمهور والسفريات وبدلاتها الدولارية وكيفية زيادة المخصصات … الخ. لا ننكر أن هنالك العديد من المحبين للوطن الذين جاهدوا بالنهوض به عبر تأسيس المشاريع الزراعية الضخمة والمؤسسات الصناعية المميزة خدمة للوطن والمواطن ، جاهدوا وناضلوا ضد السياسات غير المنطقية التي قد تجعل ، بل بالفعل جعلت الكثير من المستثمرين ، أجانب وسودانيين ، التفكير في الانتقال الي دول أخري أو الغاء الفكرة من حيث هي.

في الحلقة القادمة سنحاول ، ان كان في العمر بقية ، تكملة إجابة ما تيسر من الأسئلة ونساله اللطف بنا (أمين).

 

[email protected]

‫8 تعليقات

  1. مقولة نحنا امة تطمع فينا كل الدنيا مقولة يرددها المفلسين فكريا وابواق الحكام الفاشلين ويصدقها الفاقد التربوي ، اي دولة في العالم تطمع فيما عند الدول الأخرى ولكن قيادات كل الدول تعمل بكل إخلاص للحفاظ على مكتسبات دولها دون أن تسطو عليها دول أخرى.
    مشاكل السودان كلها يمكن ان تحل ولكن المشكلة الوحيدة وام المشاكل والتي تحل هي الاسلام ، لايمكن ولامن الحكمة ان تامر الناس بترك الإسلام وهو طلب مالايمكن طلبه ولكن يجب عدم حشرة في كل شي الدين لله والوطن للجميع.

  2. الشباب ال قاموا بثوره من أعظم الثورات… الرباهم منو..؟ كبف ساروا على خطى الاباء والاجداد فى أكتوبر وفي أبريل.؟ يا استاذنا دول حباخدوا فرصتنم في نماء وتطوير البلد بايدهم عنوة واقتدارا.. جيلكم كتر خيرو ا ماقصرتو…قالوها.. وبقولوها. لينا نحن جيل الاباء. وليكم يا حملة مشاعل النور.. عفوا..يا ساده.. تفضلو الي مدرجات المشاهدين. ولكم حق الاستشارة فقط.

    1. أولا تحياتي لك. ثانيا هذا ما عتيته فان المستقبل القؤيب والبعيد يجب أن يكون للاجيال الجديدة وكل من قاق الخمسين عاما فليبتعد ويشجعهم علي المضي قدما وعلي الابداع والابتكار ويتوقف عن تكسير مجاديفهم. تحياتي

  3. بروفسور نبيل لك التحية والاحترام
    نحن لا نستحق هذا الوطن لعدة اسباب.
    لأننا شعب الغالبية فية كسالى.
    وحراميه ونصابين وكسارين ثلج
    والتربية غير جيدة
    وورثنا حكومات من زمن نميري إلى يومنا هذا ليس موجود فيهم كفات والبلد بة قانون لكن يطبق على الذى ليس لدية ظهر وهذا هو أول مشاكل البلد.القضاء كانوا زمان..
    اما الوطنية كما قال مبارك زروق فى الرجاف. انت تعرف ماذ اعنى بالرجاف.الشعب بتكون عندة وطنية عندما يجد حكومات وطنية وليس جلهم حرامية وقانون يطبق.اما دكاترة الجامعات والجامعات ديل كانوا زمان.الطالب يتخرج من الجامعة وماعرف يكتب اسمة.فما بالك ان يعرف الفرق بين have و has.وعاوز البلد يتقدم.صاح المصريين متقدمين عنا لان عندهم يطبق القانون.وليس عندهم ١٠٠ حزب اى حزب عاوز يسرق البلد .ومن حقهم يحب بلدهم لان حكوماتهم تهتم بالشعب المصرى فى كل شى.المغترب يوفر لة كل سبل الحياة علشان كدة بحول فلوسة عن طريق البنك وليس الموازي.اما السودانيين فى الغرب متوفر لهم كل شى يقول ليك لية انا أمشى بلد كل حروب وقتل ونهب واغتصاب.بالمناسبة انا كنت عابش بالخرج ٤٠ سنة ورجعت لكى أنعم بما تبقى من عمرى .رجعت وجدت السودان ولم أجد السودانيين.واولادى رجع للهجرة وانا بحضر نفسى للاحاق بهم لان صراحة لم أرى شعب بدمر فى بلدة بهذا الشكل من أجل السرقة والحكم ٦٨ سنة من الاستقلال والبلد فى انحاط كل سنة.زرت إريتريا واصبت بالصدمة عندما عرفت ان لاتوجد سرقة حتى إذا تركت مالك فى اى كرسى فى الشارع استقلال ٢٤ سنة ونحن ٦٨ سنة .الألم هرد القلب للبيحصل فى بلدى او بالاصح بلاد الحرامية.عندما جاء الزلزال فى تركيا أصحاب المحلات التجارية فتح للناس لأخذ المواد التموينية وبيوتهم هنا فى السودان فى شرق السودان اجمع ونهر النيل والشمالية زبحوا النازحين بالايجار وغلاء مواد الاعاشة
    البلد محتاج لشغل كثير جدا واول شى القانون وثانى شى الجيش .والمدارس والجامعات .والزراعة والصناعة والبنية التحتية من شوارع وسكر حديد وكهرباء والثروة الحيوانية التى ليس مستفيد منها المؤاطن من اللبان ومشتقاته رقم كثرتها .شوف هولندا بتورد لكل العالم البان واجبان وعندها ربع ماعندي من الماشية.نحن مشاكل كثيرة جدا وما اتوقع انها تتحل الا اذا ربنا .هدا السودانيين فقط .الكلام كثير بس ناباليد حيلة.اقول ربنا يعين السودانيين على الحكومات الفشلة

  4. “في الحلقة 12 طرحت عدة أسئلة ، في رأيي أنها مشروعة ، وطلبت أن نجاوب عليها جميعا بهدوء وأمانة”
    بداية المقال غير موفقة ،اذ الطرح من الثمار ،هو التالف،الذي لا فائدة منه! وبالدارجية يقولون “طرحت الماعز” عند ولادة خدجة!
    لك ان تكتب “اقدم أو اضع بديلا لكلمة طرحت”
    كتب المبدع والمخترع عبدالوهاب موسي قبل عقود عن استخدام كلمة طرح وطرحت و طرح…و دعا لاستخدام كلمات بديلة..
    ايضا دعوتك للفاقد التربوي ،الا يعلقوا! غير مناسبة ، نساهم بالكتابة في الراكوبة لترقية الخطاب ولتحسين اللغة المكتوبة ولايصال الرسائل بصورة جيدة.

  5. موضوع غاية في الاهميه لانه يعرينا ويفضحنا ويكشف سوءاتنا
    الشكر كل الشكر للبروف نبيل أحد علماء ا لسودان وهو يتناول هذا
    الموضوع ونامل أن يفيدنا بما يراه من مقترحات علميه رصينه سنرفضها
    ونهاجمها ونلعنها كعادتنا كلما بدت في سمواتنا اي بادره للاصلاح خصوصا
    اذا اتت من لدن أحد علماء البلاد قد أفني عمره المديد باذن الله في تعليم الاجيال التي لا تعشق الا الفشل !!!!!!

  6. اتركوا البلد للشباب ايها الديناصورات اجدادنا لم يبنوا وطن ولا حتي الازهري فعل شيئا مفيدا للبلد وهذه اكبر كذبة لقد استلمتم بلد لا فيه شق ولا طق من الانجليز وليس،اجدادنا ،،،انتهي،،

  7. مشكور يابروف علي الطرح لكن خديثك باستبعاد من سميتوهم الفاقد التربوي من التعليق ياريت نفهم المقصود من الفاقد التربوي مشكلة البلد هي نظرة التعالي لخريجي جامعة الخرطوم في الأزمان السابقه و لم يقدمو شئ للبلد والمجتمع مع انهم استخوزو علي كل الفرص ودي اكبر مشكله ضيعت البلد بفهم أنهم الوحيدين من يحق لهم الاستمتاع به
    ودونهم يطيع الفاقد التربوي علي كلامك ومسماك لم نستفيد منه بإخراج احسن صناع وزراع وعماله ماهره بفتح المراكز لاستيعابهم كل في مايحب وإزالة مسمي الفاقد التربوي ماذا قدمتم للبلد غير الجعجعه والتباكي علي فرصكم الضاعت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..