مقالات وآراء سياسية

ثورة ١٩ ديسمبر ماضية!!!

دنيا دبنقا
د. نور الدين بريمة

 

المستقرئ للمشهد السوداني الأليم ، يدرك أيّما إدراك أن طواحين الموت والإسترقاق ، التي أقامها دعاة الظلم والإستبداد ، لن ينفض سامرها إلا بوحدة الداعمين لصف الحق والعدل والمؤمنين بهما ، سيما وأن عبدة الطاغوت أبت أنفسهم إلا أن يظلوا جاسمين على صدر الشعب السوداني ، ولو أدى بهم إلى إهدار دمائهم ومواردهم ، وتشليع بنياتهم التحتية ، كأنها قطع غيار يتم بيعها في مزادات السوق الطفيليّة ، لذلك عندما أدرك الإسلامويون أن ثورة ديسمبر المجيدة، رفعت شعاراتها ، (ما بنخاف ما بنخاف أي كوز ندوسو دوس) ، ثم رددت قولها (شهدانا ما ماتوا عايشين مع الثوار) وغيرها من شعارات الصمود والثبات ، التي تنادي بالدولة المدنية وتأسيسها على أنقاض الدكتاتورية.

شدّدت الثورة على ضرورة إرجاع العسكر لثكناتهم ، وحل مليشيّاتهم وكتائب ظلهم الجنجويديّة ، وقيام جيش وطني يحمي البلاد ويبتعد عن الايديولوجيا السياسية لأي منظومة كانت ، يومها أيقن البُغاة أن قيم الثورة ما زالت ماضية نحو تحقيق غاياتها لأنها ما زالت حيّة لم تمت ، حينها قرّروا هدّ المعبد على رؤوس الجميع ، وجعل عاليه سافله ، وصبّ الزيت على ساكنيه وإحراقهم ، فإبتدروا هدهم بفض إعتصام القيادة ، وإختتموه باشعال حربهم الشاملة في (١٥ أبريل ٢٠٢٣م) ، بيْد أن الثورة أنثى جميلة تنشد القيم والفضائل والمثل ، وما برح المؤمنون بحبّها وبحبّ تلك الشعارات يضحّون من أجلها ، وفي سبيلها قدموا المهج والأرواح ، وما زالوا يرفلون في ثياب الحق، يقفون سدًا منيعًا ضد من ينكّلوهم ويسومونهم سوء العذاب ، مما تعزّز أن الأفكار لن يقتلها التمدد في التنمّر والإستبداد.

المؤكد أن الثورة نذرت نفسها بعدم السماح لعودة الطغاة ثانية لإدارة البلاد، التي أحالوها إلى دمار ورماد تذروها رياح التنازع والتباغض ، لذلك فإن ثوارها أعلنوها داوية ، بأنها ستظل صادقة- لأنها خيار الشعب- الذي لن يحيد عن طريقها مهما كلفه ذلك ، إلى أن تتحقق قيمها ، وتصبح واقعًا معاشًا تمشي بين الناس حريّة ، سلام وعدالة، الم تردد الحناجر أن الثورة ثورة شعب!!! آلت على نفسها محاسبة كل من إقترف أو إرتكب جرائمًا ضد العازّة، وعزموا أمرهم بأنه مهما يكن ، فإن الدولة القديمة بمفاهيمها البالية إلى زوال، وأنها لن تجثم على صدر الأبرياء المحبين الصابرين الصامدين ، وإن سالت دماءهم مدرارًا ، وجددوا بأنها لن تكون مبرّرًا للسفور ، طالما أن عشاقها أدمنوا شق الطريق ، ليعبروا جسر الأمل نحو تحقيق المدنية ، بل يعتقدون جازمين بأن من فاضت دماءهم من ضحوا لأجلها لن تروح هدرًا.

تلك الدماء سالت لتروي نبت الإنعتاق من الجبروت ، والتشافي من جراثيم الإستبداد والإستعباد ، عبورًا إلى رحاب الحب والسلام والتعايش بين تبايناتهم الإجتماعيّة والثقافيّة ، يشاركون بعضهم بعضًا في السراء والضراء ، مثلما يتنافسون إيجابا في إدارة شؤونهم وسيادتهم ، وأنه لا سيّد يعلو على آخر يعدّونه تابعًا له ، بل الكل سادة كرام ، وأصحاب حق ، كما أن الكل حربٌ ضد الإستعلائيّة والعنصريّة والسخريّة المُقيتة ، وإقتلاعها من أرض الوطن ، من خلال سنّ التشريعات والقوانين الحافظة للحمة الوطن ، فضلاً عن إدارة الموارد بشفافية ، أي بالطريقة التي تؤدي إلى العيش الكريم ، لأنهم رووا ثورتهم بمداد المحبّة والتفاني ، حتمًا ستلحق الهزيمة لعبّاد السلطة والثروة ، الذين سيولّون الدبر ، طالما أن الثورة ماضية في سبيلها ، ولن تبالي في تحقيق أهدافها وغاياتها ، وكل عام والثوار والثائرات بألف خير.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..