مقالات وآراء سياسية

وداعا دولة الجلابة … ومرحبا دولة جبال النوبة (2)

أ. الفاضل سعيد سنهوري

 

أدمنت النخب السياسية التاريخية القديمة والحديثة للجلابة من الشمال والوسط النيلي (يمين ويسار) علي تشجيع الأنظمة السياسية المختلفة في الأستمرار في الحفاظ والبقاء علي كرسي الحكم لطالما هي تحافظ علي مصالح الشمال النيلي والوسط المستعرب مقابل الديمقراطية والحكم المستقر والتداول السلمي للسلطة.

وتغافل الجزء الاكبر وغض الطرف من تلك النخب عن الدعوات لإعادة كتابة وقراءة التاريخ السياسي السوداني لانه يجرمها ، وما تزال المحاسبة التاريخية تمثل الهاجس الأكبر لتلك النخب ، لذلك هي حريصة كل الحرص علي أنتاج وصناعة وإفتعال حروب دموية بالاقاليم السودانية حتي يظل الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي كما هو وتستمر فيها كل ظروف وشروط الترقي الاجتماعي تميل الي مصلحة مؤيديها.

هذة الحروب المدمرة النخبوية النيلية من الشمال والوسط النيلي بداءتها في جبال النوبة واعتمدت حتي علي النوبة في استمرار وبقاء دولة 1956م ومازالت تستغل بعضهم الي ليضمن لها البقاء في السلطة وانتاج مركز حكم سلطوعي يكرس إحتكار السلطة والثروة في قبضة حفنة من المستعربيين والعروبيين وبقايا تجارة الرق الذين تسلطوا علي رقاب السودانيين.

وامعاناً في ذلك أستخدمت تلك الاقلية الأساليب الخبيثة المختلفة لإشغال السودانيين الأخرين وصناعة الجهل والتخلف وتقديم أنفسهم كأفراد (نخب) وكمجتمعات مستنيرة لها الميزة والأفضلية في ادارة البلاد مع أستمرار تغذية الحرب والإقتتال بين المكونات الاجتماعية خصوصا في جبال النوبة ومن بعد ذلك دارفور والنيل الأزرق في شكل مقزز من العنصرية والجهوية التي لم يسبقهم فيها أحد حتي من قبل تكون الدولة السودانية في العام 1956م.

أعتمدت (نخب الجلابة) السياسية التاريخية النيليلة سياسة تكريس الفوارق الإجتماعية وتغذية الكراهية تجاه أنسان جبال النوبة وتنميط الشخصية للنوبة في المخيلية الشعبية من خلال الأعلام وتوظيف حتي مؤسسات الدولة بان النوبة يصلحون فقط للجندية والاعمال الهامشية وانهم بلا دين وهم كفارة غير مسلمين …. وغيرها من الصفات الزميمة ودمغ حتي الثوار المطالبين بمطالب تاريخية بالعنصريين وغير السياسيين وأنهم جهويين واكثر الامثلة وضوحا هو معارضة 46% من نواب الاحزاب التاريخية في التصويت لرفع وإلغاء ضريبة الدقنية علي النباوي في أول برلمان سوداني منتخب.

وفي نفس الوقت وفي اطار الدولة السودانية ومؤسسات حكمها الديكتاتورية سمحت تلك النخب السياسية النيلية في المعارضة (يمين ويسار) لمنسوبيهم من القبائل النيلية بخلط العلاقات الاسرية للقبائل الشمالية النيلين والوسط في إدارة الدولة وجعلوها في حلقة واحدة تتوارثها القبائل (الوظائف/ العطاءات/ الوزارات/ علاقات السوق والتجارة/ تقسيم الوزارات … الخ) ، حيث شكل تقسيم الثروة والسلطة بين الجلابة من الوسط والشمال بالتناوب أساس لتداول السلطة المركزية بين أبناء الجلابة المندكورات العنصريين من الشمال والوسط النيلي، حيث لا يهمهم العلم فيها والدراية بالعمل والاختصاص بقدر ما يهمهم ابن الاسرة او العشيرة والوجاهة ليحظى بالراتب والامتيازات وتكريس الولاء المطلق للعقد الاجتماعي الذي يحافظ علي سياسة أمتياز الجلابة في الإستحواز المطلق علي الثروة والسلطة وكل ريعها الإجتماعي والثقافي.

في مقابل تلك الخطط العنصرية الجهنمية التي اعتمدتها النخب النيلية (السياسية التاريخية القديمة) معارضة وحاكمة ترك ابناء جبال النوبة في وضعية التهمهيش السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتعمد ، ووضعية الترميز التضليلي لمن تم إعادة صياغتهم ثقافيا وأجتماعيا ودينيا (عبيد الجلابة) ليكون مجرد ديكورا في السلطة التي أستحوزت عليها نخب الجلابة من النخب السياسية التاريخية القديمة.

أن نخب الجلابة النيليين (النخب السياسية التاريخية) هم المسؤلين عن جعل الجيش القومي (مجازا) ان تتحول الي مجرد جيش صفوي ومليشيا لخدمة طرح الدولة السودانية من أطارها الافريقي لمصلحة الدولة ذات الخصائص (عربية اسلامية نيلية) في شكلها الخارجي ، وفي حقيقتها الداخليه هي مجرد قربة مقدودة تسعي الي الحفاظ علي الانظمة السياسية الديكتاتورية (العسكرية) التي تراعي وتحافظ علي مصالح المجموعات والقبائل الشمالية النيلية والوسط المستعرب علي حساب الشعوب الاخري ، وأصرت هذه النخب علي المحافظ علي هذا الوضع كقاعدة صلبة للحفاظ علي قيادة الجيش ومجالسها العسكرية وهذا من الاسباب الجزرية لان تودع جبال النوبة هذه الكومة من القازورات الفكرية وتصبح دولة قائمة بذاتها.

ويلاحظ انه مع مرور السنوات العجاف للانظمة السياسية المدعومة من نخب الجلابة توالي الحقب السياسية التي تتماها معها غالبية نخب الجلابة السياسية (يمين ويسار) مرة تلو الاخري، والحقيقية المؤسفة هي لقد أستطاعت هذة النخب التاريخية السياسية للجلابة مدعومة بالتدخلات الخارجية من بعض دول الجوار (العروبية – الاسلاموية) التي كانت تحرص على مصالحها التي كانت ترعاها مختلف الأنظمة السياسة الديكتاورية من فرض سيطرتها على القرارات التي شكلت مواقف مفصلية في الدولة السودانية والتي كانت خصم علي أي فرصة للتطور الطبيعي والتنمية الاجتماعية لانسان وشعب اقليم جبال النوبة ، وحرمتهم من المشاركة في السلطة بل حتي وصم الرؤي السياسية ومبادي الاحزاب المناطقية الاقليمية ومطالب السياسية للاحزاب والقادة التاريخين والسياسيين من جبال النوبة بالعملاء والخونة وبالخيانة التاريخية ووصمهم بالمخربيين والعنصريين مثل (انقلاب فيليب غبوش ، والكتلة السوداء وحركة الزنوج الاحرار … الخ ) وغيرها والتي سنتاولها بالتفصيل لاحقا.

نواصل ،،،،،،

 

[email protected]

‫12 تعليقات

    1. إن هذه الحرب هي حرب تشظي الكيزان لذلك جميع اطرف الحرب يتحدثون من داخل صندوق الكيزان ويرغبون في تصوير هذه الحرب حرب أهلية ويدفعون في هذا الاتجاه ليشعلون كامل السودان بحربهم

    2. والله لم يقل الا الحقيقة التي يرفضها امثالك والتي خلفت هذا الدمار والتخلف حتى في مناطق هؤلاء الحكام العنصريون الذين تعاقبوا على حكم السودان. اذا لم تحرر عقول امثالك لن ينهض الوطن

  1. والله لو طلعت لايف و ثقفت اولادنا حطب هذه الحرب تكون مشكورا و شكرا علي المساهمة الرائعة و أصل و بالتوفيق

  2. العقل الجمعي للنوبة و بعض الرموز عبر الحقب كانوا و ما زالوا اكبر مأساة من حيث الخنوع و حالة تبلد مطبق مما جعلهم وقود لحروب في خدمة من بيده السلطة

  3. متى يعي الشعب ان مشكلة السودان منذ الاستقلال كان في الحكم العسكري والديكتاتوري الذي لا يتواني عن توظيف كل الموبقات في سبيل الاستمرار في الحكم. هذه الموبقات لا تتوقف عند الفساد والقتل الخ بل تشمل العنصرية ايضا. والتهميش ظل موجودة في جميع أنحاء السودان وتولي اشخاص من جهة معينة لا يعني ان التهميش لن يطال مناطقهم.
    في الازمن البسيطة التي أتى فيها حكم مدني كان البرلمان وهو الجهة التي تسير الحكم يحظي بتمثيل
    جميع مناطق السودان لذلك الديمقراطية هي
    السبيل الوحيد للحكم مستقبلا.

  4. وداعآ لكل من يريد أن ينفصل عن السودان! وداعآ وحظآ طيبآ مع تمنياتنا لكم بحياة سعيدة.

  5. ياخي قديتونا بهذه الاسطوانة المشروخة… تعال لينا في صحاري الشمال عشان تعرف حاجة عن التهميش ..
    جلابة وغلابة ….. خلونا في حالنا وامشوا اعملوا عالمكم براكم مش عرفتوا الحاصل

  6. المقال ملئ بالغضب غير المبرر . قلنا لكم نريد تعريفا للجلابى من هو ؟؟ ونريد تعريفا للوسط النيلى ( الظالم ) علما ان ولاية الخرطوم والجزيرة تستحوذ على اكثر من ثلث سكان السودان من جميع المناطق بتنوعهم واختلافاتهم ويمتلكون عقاراتها واعمالها وزراعاتها وماشيتها . وما هى دولة ٥٦ التى جعلتوها عدوا وهميا من خيالكم ؟ دولة ٥٦ هى السودان بعد الاستقلال ومن نخبها ابيل الير ويوسف كوه وجون قرنق وعبود ونميرى والمهدى وبونا ملوال وشمس الدين كباشى ومالك عقار وعبدالعزيز الحلو ومناوى وترك وجبريل ابراهيم والترابى وهنود ابيه وعلى الحاج وعبدالواحد وجراح العظام العالمى رحمه الله من ابناء النوبة نسيت اسمه .. شوف التنوع ده وتأمله دولة ٥٦ هى نحن جميعا حتى اصغر طفل والتى تضم اليوم كل الشعب السودانى بما فى ذلك شعب الجنوب . او عرفوها لنا من هى لنتبين ان كانت فعلا عدوا ..

  7. الميديا اتاحت للكل ان يكتب كما قال احد الأدباء وهو إيطالي الجنسية: ما كان يقوله السكاري في البارات الرثة ومشروباتها الرديئة أصبحنا مجبورين ان نقراءها في الميديا،،،،

  8. القائد يوسف كوة مكى نسب اليه انه قال (لايخاف على النوبة الا من النوبة أنفسهم) اشرس المقاتلين الذين حاربوا النوبة في الجبال هم النوبة أنفسهم ، وفي هذه الحرب العبثية الجارية الان تجد النوبة أكثر من غرر بهم في الحرب التي هي صراع على السلتطة بين الحركة الإسلامية الحاكمة والمنافس الجديد على السلتطة والثروة الدعم السريع

  9. نعيب الزمان والعيب فينا عبارة دولة 1956 عبارة خادعة تتماهى مع التغبيش والتضليل فالذى خرب السودان ليس أبنء الشريط النيلى ولكن المؤسسة الحاكمة فى قصر غردون والقيادة العامة ضمال غربى مطار الخرطوم فمنذ صبيحة يوم الاستقلال المزعوم لم يتنبه ساكنو هذه المبانى الى السودان وشعبه بل مضوا فى انانية وخيلاء يعملون لمصالحهم الذاتية وتطويرها على حساب السودان ,,كيف نفسر مثلا مسؤولا يبيع قطعة ارض كحلفا الى دولة مجاورة بل ويسمح لها بتخزين مياه داخل حدودنا الاقليمية ؟؟ كيغ نفهم ان السودان فى عهد الصادق المهدى سمح للطيران المصرى بالهروب الى مطارات السودان خوفا من الطيران الاسرائيلى وهو يدرك ان الطيران الاسرائيلى كان قادرا على الوصول اليه فى مرابضه السسودانية…وللحق فان الانظمة السياسية هى التى أضرت بالسودان لا يختلف فى ذلك ابناء دارفور او الشريط النيلى او كردفان او ابناء النوبة….كل فى موقعه قد اتخذ القرار الخاطئ الذى اضر بمصالح السودان..فالذى استضاف كارلوس وبن لادن ليس اقل من الذى باع المصانع لصالحه.. المواطن فى الشمالية مثل غيره من المواطنين لن يتحملوا اخطاء ابنائهم ممن كانوا فى سدة الحكم وللحقيقة فان الطبيعة قاسية اكثر فى الشمال اكثر دون غيره من اجزاء الوطن,,, علينا الاعتراف أيضا ان الجزيرة الخضراء قد حملت السودان كله على اكتافها لعشرات السنوات وحقيقة اخرى ان اكتشاف النفط كان بمثابة اللعنة التى لحقت بالسودان فظهر معه كل انماط الفساد والطمع بين الطبقة الحاكمة الساة والعسكريون..ومن المدهش حقا الا تضمن عائدات النفط المليارية فى اية ميزانية حكومية مقدمة للبرلمان لمناقشتها او بحث اوحه صرف تلك العائدات…تواردت الاخبار عن مبالغ مليونية حملها اسماعيل هنية او تلك التى ضبطت بحورة اين وزير البترول فى دبى….حديث عن دولة الجلابة فيه خطل كبير بالمعنى الذى يوجه اصبع الاتهام الى ابناء الشريط النيلى وفيه تعميم مخل لا يمكننا من حل المشكلة بيسر…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..