مقالات وآراء سياسية

السودان يواجه مصيراً مجهولاً – هل ينقسم أم يتوحد؟

زهير عثمان حمد

 

يشهد المشهد السياسي والعسكري في السودان تدهوراً متسارعاً وغير مسبوق ، مما يهدد بتمزيق نسيج البلاد ، مع بوادر وجود حكومتين منفصلتين : واحدة في بورتسودان بقيادة الجيش، والأخرى محتملة في الخرطوم أو دارفور تحت إشراف قوات الدعم السريع. هذا التطور ، الذي يُعيد للأذهان سيناريوهات شبيهة بتقسيم السلطة في دول مثل ليبيا ، يحمل في طياته مخاطر جمة على وحدة السودان واستقراره.
خطر الانقسام السياسي والعسكري .
يعكس إعلان قوات الدعم السريع عن تأسيس حكومة موازية عمق الانقسام السياسي، ويدل على فشل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل تفاوضي للأزمة. من مسارات التفاوض التي لم تحقق اختراقًا يُذكر منذ اندلاع الصراع في أبريل الماضي. في المقابل ، يواصل الجيش العمل من بورتسودان ، متشبثًا بموقعه كصاحب الشرعية، مما يعمق من حالة الاستقطاب السياسي.
يهدد وجود حكومتين متوازيتين بانهيار الدولة ، وتعميق الانقسامات الاجتماعية والعرقية ، وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية ، حيث تتبدد سيادة القانون ويترسخ منطق السيطرة العسكرية على الأرض. هذا الوضع سيخلق بيئة خصبة لنمو الميليشيات ، وتعزيز الانقسامات العرقية والقبلية، وازدياد التدخلات الإقليمية والدولية.
التداعيات الإقليمية والدولية
وأصبحت الأزمة السودانية قضية دولية معقدة، حيث تتنافس القوى الإقليمية والدولية على النفوذ ، مما يزيد من تعقيد الأزمة ووضعهم في موقف حرج. فالاعتراف بأي من الحكومتين قد يُفسر على أنه انحياز لطرف على حساب الآخر ، مما يضاعف من تجاذبات المصالح الإقليمية والدولية داخل السودان.
على الصعيد الإنساني ، يؤدي غياب سلطة موحدة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعاني ملايين السودانيين من النزوح والجوع والأمراض. انقسام السلطة سيجعل من الصعب التنسيق مع الجهات الدولية لتقديم المساعدات في ظل تعدد الفاعلين وتضارب المصالح.
غياب الحوار والنتائج الكارثية
التصعيد العسكري المستمر وتجاهل الحلول السلمية يدفعان البلاد نحو حافة الهاوية ، ويهددان بتفككها وهو ما أوصل البلاد إلى هذه المرحلة الحرجة. التلويح بورقة الحكومتين ليس سوى استمرار لنهج التصعيد الذي يغلق أبواب الحل السياسي. إذا استمرت هذه الديناميكية ، فإن البلاد مهددة بالتفكك إلى كيانات متناحرة ، مما يعيد إلى الأذهان تجارب دول أخرى غرقت في مستنقع الحروب الأهلية.
الحل الممكن العودة للحوار
التجارب السابقة أثبتت أن الحروب لا تُفضي إلى سلام مستدام. لا بد من العودة إلى طاولة المفاوضات ، ليس كخيار ثانوي ، بل كضرورة وطنية. على القوى الإقليمية والدولية الضغط على جميع الأطراف لقبول تسوية سياسية شاملة ، تضع مصلحة السودان فوق الاعتبارات الشخصية والسياسية.
إن الحفاظ على وحدة السودان واستقراره يتطلب حواراً شاملاً وجاداً بين جميع الأطراف ، وإلا فإن البلاد ستواجه مستقبلاً مجهولاً مليئاً بالتحديات
إن سيناريو تقسيم السودان إلى حكومتين ليس مجرد احتمال ، بل هو خطر حقيقي يتطلب مواجهة جادة وقرارات شجاعة من كل الأطراف. الحوار وحده هو السبيل لتجنب هذا المصير المأساوي ، والحفاظ على وحدة السودان وأمنه ومستقبله.

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. السودانيون شعب تشاكس وخلاف ورب ضارة نافعة فليس هناك كيان متماسك ومتحد فى طرفى الحرب . وشهدنا فى الايام الماضية انقسام وتشظى فى كيان الاخوان الذى يحكم من بورتسودان ويتحكم فى الجيش والمال والمليشيات الاخوانية وقد يهدد هذا الانشقاق مناطق سيطرتهم بالانقلاب او الدواس فيما بينهم . وشهدنا ايضا انشقاقا قبليا فى مليشيا الجنجويد بين مكوناتها القبلية وتشظهيا وبداية انهيارها . فقد اكتشف ابناء هذه القبائل فقيرة التعليم والمعرفة مؤخرا جدا انهم مجرد وقود رخيص فى هذه الحرب لاهداف خارجية ولجماعة سياسية انتهازية ولاسرة واهمة اعتقدت انها يمكن ان تبسط سيطرتها على البلاد . وعرفوا اخيرا ان شبابهم مات سمبلة بعشرات الالاف وٱلاف المعاقين فى اكبر خدعة تجرعوها كالسم الزعاف ولم يحصدوا الا السراب . اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا منهم سالمين ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..