مأزق الحرّب والإسلاميين

نضال عبدالوهاب
ظهور مايُعرف بالإسلاميين أو الحركة الإسلامية وتياراتها أحزاباً ومجموعات في السُودان هو ظهور قدّيم في ساحة العمل السياسِي والوطني ، وتطور وجودها مابين جماعات “دعوية” ودينية ، إلي المُشاركة في العمل السياسِي المُباشر ثم المُشاركة في أجهزة الحُكم والدولة في حقب ومراحل مُختلفة ، وحتي سيطرتها الكاملة علي مقاليّد الحُكم والسُلطة بشكل مُطلق بعد إنقلابها في يونيو ١٩٨٩م ، والذي إستمر لثلاثين سنة ، حتي تم التغيير الجزئي بثورة ديسمبر وإزاحة رأس النظام ، مع بقاء كافة أجهزته ومؤسساته في طور التفكيك ، حتي تم الإنقلاب مرة أخري وبوجوه تابعة لهم ومسنودة منهم في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م ، ثم تواصل الصراع الداخلي وإختلاف المصالح من أجل الموارد والنفوذ والسُلطة نفسها فحدثت الحرب الحالية بين “الجنرالات” من العسكريين ، والتي تم الزج بالجيش فيها بعد سيطرة الإسلاميين علي كامل القرار فيه ، مع ذات المليشيات التي صنعها الجيش والحركة الإسلامية وحزبها السياسِي المؤتمر الوطني وسلحها ودربها وقواها وهي مليشيا الدعم السريع ، وتم إشعال الحرب للقضاء علي أي مظهر للتغيير ثم للعودة للسلطة من قبل الإسلاميين والمؤتمر الوطني ، مع تقاسم للبلاد مابينهم وبين قوات المليشيا المصنوعة منهم والتي تم إعادة إستخدامها كأداة في أيدي خارجية ، لكنها مع ذات الوقت لاتخلو من وجود الإسلاميين داخلها ، فصارت الحرب أشبه بصرّاع الإسلاميين فيما بينهم ، مع إدخال الصرّاع الإثني والقبلي كاحد موجهات الصرّاع ، وكذلك إختلاف بعض المصالح الخارجية الدولية والإقليمية كمُحركة وداعمة للحرب وإستمرارها.
إذاً فإن مأزق الحرب الحالية يلعب فيه الإسلاميون الدور الأكبر ، بأهداف تتوزع مابين:
١/القضاء علي الثورة والتغيير
٢/العودة للسُلطة
٣/إستمرار التمكيّن السياسِي والأقتصادي
٤/تصفية الخصوم السياسِين والتخلص منهم
٥/الإفلات من العقاب والمُسآلة
وفق هذه الأهداف غير “المُعلنة” تتستر الحركة الإسلامية أو الإسلاميين أو بعضهم وقطاع كبير منهم علي “وجه الدقة” ، خلف هذه الحرب ، ولعل في سبيل تحقيق هذه الأهداف وضح تماماً أنه ليس هنالك أي “سقف” وحد للتنازل عن تلك الأهداف حتي وإستطالت الحرب ، أو تم القضاء علي كُل الشعب والتضحية به ، أو حتي تمزيق البلاد وتقسيّمها وعرض أجزاء منها كاراضي مُحتلة أو منهوبة من الخارج والطامعين ، وهذا مع التنبُه أيضاً أن للمليشيا أيضاً في تفكير قياداتها أو منسوبيها ذات الأهداف الإستطماعية وإن إستندت علي الطابع القبلي أو الإثني ، وهي الوصول للسُلطة والقضاء علي الثورة والتغيير والتخلص من الخصوم وإستدامة النفوذ ونهب الموارد والتمكين الإقتصادي ، والإفلات من العقاب ، وهم أيضاً من أجل ذلك لاسقف لهم ولاحدود ، فتصيّر “العمالة” للخارج والتعاون مع الإجنبي لأجل ذلك لتنفيذ أجندتهم لأبقائهم في السُلطة وكنز الأموال وإستمرار نهبها وتقاسمها مع هذا الخارج أو المُحتل.
فطرفي الحرب إذاً ، ليس الشعب ولا أي قضايا وطنية ولا أي مصالح للبلاد هي في تفكيرهم أو إهتمامهم وأجندتهم ، وهذا كله وضح من خلال سيّر الحرب وإفرازاتها وآخرها ماحدث في كارثة فتح أبواب خزان جبل أولياء والغرق لأجزاء واسعة في ولاية النيل الأبيض والدمار ، والتي لاتزال ماثلة وبذلك تعريض البلاد وشعبها للإفناء والتدّميّر المُتعمّد والمُمنهج.
ليس هنالك حرباً لكرامة ، ولا حرباً لإستعادة الديمُقراطية وخطابات الخداع والمُتاجرة بالقضايا والأخلاق هُنا وهُناك!.
بالعودة للإسلاميين وحتي تتوقف الحرب ، من المُهم تصنيف هؤلاء الإسلاميين علي إتساع مدارسهم وتركيبتهم ومجموعاتهم وتياراتهم السِياسِية ، وفقاً لموقفهم من الحرب نفسها ، ثم من مواقفهم من أي قضايا لها علاقة بنبذ العُنف ، وتحقيق السلام والأستقرار أولاً ، ثم بعد ذلك بالتحول الديمُقراطي ومبادئ الثورة التي يعلمونها والتي من أجلها “خرج” و”ثار” الشعب السُوداني ضد نظامهم وبرنامجهم ومشروعهم السياسِي.
الإنكار أو التنكر للثورة والتغيير لايخدّم إستقرار البلاد السياسِي والتداول السِلمي للسُلطة ، وبالمقابل وضع جميّع الإسلاميين في “سلة” واحدة لايخدم قضية وقف الحرب ولا التحول الديمُقراطي والتداول السِلمي للسُلطة ، ومسألة عدم نبذ العُنف لاتخدم قضية السلام العادل والتداول السِلمي للسُلطة ، والإصرار علي التمسك بذات المشروع السياسِي من قبل الحركة الإسلامية والإسلاميين والذي مزق البلاد وأشعل فيها الحرب وفرّق بين السُودانيين ثم رفضه الشعب بالثورة عليه هو أيضاً “مربط الفرس” في عدم قبولهم ولايخدم قضايا الوحدة والسلام والعدالة والمُساواة ، ويؤدي لإستمرار حالة الصّراع وعدم الإستقرار.
ما أود الوصول إليه ، أن التعامل مع الإسلاميين ينبغي له أن لايخرج من تلك المعايير والتوصيف :
١/الموقف من الحرب
٢/الموقف من الثورة
٣/الموقف من التحول الديمُقراطي والتداول السِلمي للسُلطة
٤/الموقف من العنف ونبذه
٥/الموقف من سيادة البلاد ووحدتها
لا أعتقد أن هذا عائقاً للحوار معها وليس بالضرورة أن يعني هذا التوصل لنتائج لاتخدم مصالح البلاد وكل نضالات السُودانيين من أجل التغيير فيها.
العمل لإيقاف الحرب والمحافظة علي البلاد يتطلب مواجهة من يشعلون الحرب وأطرافها الداخليين والخارجيين وعلي رأسهم “الإسلاميين” ، وعلي كُل من هو إسلامي أن يُعلن موقفه من تلك القضايا التي فصّلناها وعلي رأسها الموقف من الحرب والدعوة المُباشرة لوقفها والعمل لأجل ذلك لينفتح طريق للحوار حول غيرها من قضايا تهُم حاضر ومُستقبل البلاد والشعب السُوداني دون عزل أو إقصاء ، مع التذكير أن أولويات وقف الحرب والإبادة للشعب السُوداني وتشريده ، مع أمنه وإستقراره ، والمُحافظة علي البلاد ووحدتها ، هي المصالح الأكبر لكُل السُودانيين بمُختلف توجهاتهم وتنوعهم.
إهم نقطتين يجب اجلاءهما قبل كل هو موقف أصحاب الاسلام السياسي من طبيعة الدولة وطريقة التداول السلمي للسلطة، فالدولة في ادبيات الاسلام السياسي يجب ان تدين بدين الاسلام ولا يحق لغير المسلم الولاية العامة، وكذلك المرأة. أما الانتخابات كوسيلة للتداول السلمي للسطلة، فموقف الاسلام السياسي منها موقف انتهازي حسب موقعهم من السلطة، فعندما كانوا خارج السلطة ادعو القبول بالانتخابات الحرة وتكوين الاجسام النقابية والسياسية، لكن عندما استولوا على السلطة انقلبوا على كل ذلك، فاصبحت الانتخابات مخجوجة ومزورة باعتراف الترابي، وتم اختراق الاحزاب السياسية ومطاردة عضويتها والتضييق عليها، وتم افراغ النقابات من دورها وجاءوا ببدعة نقابة المنشأة للسيطرة على النقابات حتى اصبح رئيس نقابات عمال السودان استاذا جامعيا هو ابراهيم غندور.
يجب التوافق اولا على ان المواطنة اساس الحقوق والواجبات دون اعتبار للدين والمعتقد والعرق، ولكل مواطن الحق في اي وظيفة من أعلى قمة الهرم في رئاسة البلاد الى ادنى الهرم، ويجب الاقرار التام بالديمقراطية كوسيلة لتداول السلطة، دون هذين الشرطين يصبح الحديث عن توافق مع الاسلام السياسي ضرب من الغفلة والغرارة.
أمشي قول الكلام دا للحزب الشيوعي والثورجية العاملين فيها تغيير جذري وكل الثورجية الذين عملوا على تقويض الثورة منذ أول يوم
أما أنت بصراحة يا مناضل من منازلهم في أميركا ممكن تمشي جامع النور في اليكساندريا ڤيرجينيا بتلقى كيزان كتار ممكن تصاحبهم وتتفاكر معهم وتصلوا لرؤية مشتركة في كيفية تخريب الثورات والمواكب