مقالات وآراء

وحدة السودان بين تعددية الجيوش والمليشيات وتعددية المراكز الجغرافية السياسية

 

وحدة السودان

بين تعددية الجيوش والمليشيات

وتعددية المراكز الجغرافية السياسية

ساحة الإعتصام-بورتسودان-نيالا-نيرتتي-كاودا

ياسر عرمان

إختفت الخرطوم كمركز للسلطة السياسية والقيادة والسيطرة العسكرية للمرة الأولى منذ أن نجح كتشنر في غزو السودان في عام 1898، وبفضل سياسات الإنقاذ وإسلامييها وعنف الدولة المتطاول ضد القوميات والريف ما عادت القوات المسلحة والدولة المحتكر الوحيد للسلاح وأصبحت تعددية الجيوش والمليشيات وصناعتها على قفا من يشيل.
غياب الجيش الواحد يعني بالضرورة غياب البلد الواحد فإذا أردنا بلادا واحدة فلنسعي لجيش واحد فلا تنمية أو ديمقراطية أو إستقرار أو أمن في بلد جيوشها ومليشياتها أكثر من جامعاتها ومستشفياتها!

في مايو 2019 بعد قيام الثورة كتبت مقالا عن أن تعددية الجيوش هي قضية الثورة الأولى ودون معالجتها ستُهزم الثورة والدولة ، واليوم أضحت تعددية الجيوش والمليشيات مرتبطة بحياة كل إنسان ووجود الدولة نفسها، ولا يفوقها في الأهمية الا معاجلة الكارثة الإنسانية ووقف الإنتهاكات وحماية المدنيين، وهي نفسها نتاج فساد الترتيبات الأمنية وحرب الجيوش والمليشيات.

اليوم فإن الدولة قد إنهارت والمجتمع قد تشتت وتراجع الناس عن أحلامهم الكبيرة إلى مكافحة خطاب وممارسة الكراهية ومن الحقوق السياسية إلى الحقوق الطبيعية وعلى رأسها حق الحياة وحق الإقامة في المنزل الآمن، ومطلب المواطن الأول هو وقف الحرب وأولوياته هي الأمن والطعام والسكن والعلاج وكل إستراتيجية سياسية يجب أن تُبني على ما ينفع الناس وصون مصالحهم وتحقيق مطالبهم.

إن الإغاثة قبل السياسة والعملية الإنسانية قبل العملية السياسية بل هي مدخل لها، والبحث عن حق الحياة قبل البحث عن السلطة، كل ذلك يتحقق عبر عملية متكاملة وكحزمة واحدة تبدأ بهموم المواطن وحمايته وتنتهي بإكمال الثورة وبناء الدولة، والعملية السياسية مرتبطة بتحقيق وقف الحرب أولاً كي تُعالج إنهاء الحرب ومخاطبة أسبابها وأولها تعددية الجيوش والمليشيات.
*تعددية المراكز الجغرافية السياسية:*
برزت مراكز جغرافية سياسية جديدة وأخرى قديمة بعضها كبير وورث مظاهر الدولة ومركزها القديم والبعض الآخر يعبر عن أحلام ومطالب إقليمية أو قومية في ظل غياب الخرطوم، وواقع الأمر فإن السودان اليوم يضم مراكز متعددة، وهنالك بورتسودان ونيالا أو الضعين ونيرتتي وكاودا- على سبيل المثال لا الحصر- ومن يدرك المجهول فينا والقادم نحونا!
*وحدة القوى المدنية المركز الغائب الحاضر:*
المركز الغائب والحاضر والذي يمثل إرادة الشعب والتغيير الغلابة والتي لا غالب لها-مركز ثورة ديسمبر- ومقره الجغرافي وعاصمته هي ساحة الإعتصام المغدور في قلب الخرطوم، وهو في قلب كل ثائر وثائرة وضمير حي، وهو مركز يضم أكبر وأوسع كتلة جماهيرية تمثل التنوع السوداني الإجتماعي والجغرافي والسياسي والثقافي، وهو إمتداد للثورات السودانية المتراكمة في الريف والمدن منذ ثورة 1924، وعمر هذا المركز 100 عام ويطمح لبناء سودان جديد فالسوريون اليوم يتحدثون عن سوريا الجديدة، ومن جمهورية النفق وساحة الإعتصام يطل هذا المركز من خلف حُجب الحرب، وسيثبت المستقبل إن الثورة أبقى من الحرب.
وحدة مركز الثورة المدني في الريف والمدن هو الضامن لوحدة النسيج الإجتماعي ووحدة السودانيين والسودانيات ووحدة السودان. وعلى قوى الثورة المدنية جميعها أن تنتظم في جبهة معادية للحرب حتي تُعيد توازن القوة في مواجهة تعددية الجيوش والمليشيات وأن لا تتوزع بين حاملي السلاح بل أن ترفض الحرب على هُدى كتاب الثورة المنير، وإن تشتتها سيطيل أمد الحرب ويؤدي إلى حلول هشة.

لابد من جيش واحد مهني يُنهي عصر تعدد الجيوش والمليشيات ويُدشن عصر القبول بالتعددية السياسية والإجتماعية والثقافية كعملة وحيدة، ولابد من بناء الخرطوم الجديدة كمركز يحترم إرادة مكونات وأقاليم السودان في وحدة لا إنفصام لعراها قائمة على الإرادة الحرة وفي ظل مواطنة بلا تمييز ونظام ديمقراطي وعدالة إجتماعية وبترتيبات دستورية جديدة.
*قوى الثورة ليست بطلاء لحلول قسمة السلطة:*
المزاج الإقليمي والعالمي يقرأ من قاموس ودليل الحلول السريعة لقضايا الحرب، وهي إتفاق الأطراف المتحاربة على قسمة السلطة، ولأن حرب السودان تأتي على خلفية الثورة وعلى خلفية إلتزام المنظمات الإقليمية والدولية بإستعادة الحكم المدني الديمقراطي فإن أصحاب الحلول والوجبات السريعة يسعون إلى إستخدام قوى الثورة كطلاء على حائط قسمة السلطة، وإستخدام تشتت قوى الثورة كذريعة لإستخدام ما تيسر من طلاء، وإن لم يفي بالغرض فبعض الموز يكفي ولا يضر!
إن وحدة قوى الثورة هي التي يُمكن أن تمنع الحلول الهشة وتُولد الحلول المستدامة حتي لا يُستخدم بعض المدنيين على طريقة “كف العين” في قسمة السلطة.
26 ديسمبر 2024

‫6 تعليقات

  1. ((وأصبحت تعددية الجيوش والمليشيات وصناعتها على قفا من يشيل. ))… انت واحد من صنائع وصناع حركات ما يعرف بالهامش منذ تمرد صاحبك الهالك قرنق كنت تؤمن بان التغيير ممكن ان يكون بالبندقية واعتمدت في ذلك على بندقية قرنق سنين عديدة ثم باعك قرنق ورفاقك لجلابة الشمال مقابل ان يكون النائب الاول للبشير ثم هلك قرنق وباع سلفاكير نضالكم مقابل وعود من اوربا واسرائيل وقبض الريح ( اب كرشولا – خلاوي همشكوريب – النيل الازرق وصاحب الحلو في جبال النوبة واما صاحبك عقار هو الان النائب الاول للبرهان وانت ضائع بين قرنق نائب للبشير وعقار نائب لبرهان … هولاء هم رفقاء دربك في حركات الهامش والاعتماد على التغيير بالبندقية ) حصادك مر يا ود عرمان يا عربي الجزيرة يا جلابي … شوف ليك سبحة لالوب وادخل في غار ممكن تصل لشيء عز عليك الوصول له عبر السياسة وبندقية الهامش …….. شكرا استاذ ياسر برضك ظاهرة سودانية تستحق الدراسة …

  2. الكلام ليكم يا ( سليمان صندل ، التعايشي ، ونصر الدين عبد الباري ) !

    هاي .. هاي كماندر عرمان الرجل الوطني السياسي المخضرم ….كم أنت مخلص يا رجل!!

  3. إذا لم يتم توحيد قيادات الجيش وعمل هئية أركان وغرفة عمليات واحدة لن تقف الحروبات بدا. نتمنى من الله ولا يستطيع اي كائن من كان إن يحميك ان تتمنى ، نتمنى من الله ان تقف الحرب اليوم قبل غدا. ونتمنى ان يوضع دستور دائم للبلاد يمنع تكوين أحزاب دينية ويمنع تدوير السلتطة لأولاد بعض الأسر

  4. ولكن تناسيت يا ياسر عرمان أن قوى الثورة نفسها أصبحت قوة مسلحة ومليشيا ضمن المليشيات وانت من أسس هذه المليشيا فكرا وتخطيطا وتنفيذا. انت من
    من نقل قوة الثورة من قوة مدنية سلمية الى مليشيا
    مسلحة إرهابية حرقت الوطن. ومن هو خبير ومنتج ومصنع وتاجر ومصدر المليشيات غيرك على مستوى الإقليم يا ياسر عرمان؟!!!! اتناسيت أنك ومن مليشيتك الام الحركة الشعبية والجيش الشعبى مع قرنق قد صنعت وولدت مليشيات دارفور من لدن مليشيا بولاد كما صنعت مليشيات شرق السودان من لدن الأسود الحرة وكدت أن تصنع مليشيا كاجبار فى الشمال ووووو، و ومع كل ذلك وغيره الكثير الكثير تحاول ليل نهار أن تلتف حول كل ذلك لتبرا نفسك ولكن الشعب السوداني صاح ولن تفلت من قصاصه.

    1. ياسر عرمان كان يناضل ضد نظام ديكتاتوري باطش ثار في النهاية كل الشعب السوداني وعندما حارب مع قرنق الذي كان يحمل مشروعا توحيديا وبعد انفصال الجنوب ظل ياسر يحارب نظام الانقاذ الي حين سقوطه وما زال يحارب ضد هيمنة الاسلامويين وحلمهم بالعودة للسلطة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..