امريكا ورفع الحظر عن الجولاني
ظِلَال القمــــــر
عبدالرحمن محمـــد فضــل
بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية الكارثية في سوريا ، يمثل الانهيار المفاجئ لنظام الأسد لحظة إعادة توازن ، ليس فقط داخل سوريا ولكن في جميع أنحاء الشرق الأوسط
واعتقد انه لقد وصلت الولايات المتحدة إلى مفترق طرق استراتيجي مع تراجع النفوذ الإيراني ، وانشغال روسيا وإرهاقها ، وتوسيع تركيا نفوذها بهدوء ، حيث أصبحت واشنطن امام طريقين يمكنها الاستمرار في سياسة العقوبات والمواجهة العسكرية ، أو يمكنها التحول إلى شكل أكثر بناءً من المشاركة ، في هذه المرحلة الأولى ، ستسعى سوريا إلى توازن جديد ، فالقوات الروسية ، التي كانت متمركزة سابقاً في قلب الجهاز الأمني السوري ، والمستنزفة بسبب حربها في أوكرانيا ، قد رحلت فعلياً ، وقد فر الرئيس بشار الأسد إلى موسكو ، ويأمل الكرملين في تأمين صفقة مع حكام سوريا الجدد ، بقيادة (هيئة تحرير الشام) ، للاحتفاظ بقاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية ومنشأتها البحرية في طرطوس ، في غضون ذلك ، سحبت إيران أيضاً أصولها العسكرية ، بعد ان تعرضت لضربات إسرائيلية بعد غزو حماس في السابع من أكتوبر ، وقد انهار “محور المقاومة” الذي كان يمتد سابقاً من طهران إلى البحر المتوسط ، أدت هذه التطورات إلى تسابق جيوسياسي ، مع تحرك تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة لتأمين مصالحها حيث تغتنم تركيا الفرصة لضرب القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على طول حدودها ، معتبرة إياها إرهابيين مرتبطين بحزب العمال الكردستاني ، وهي تريد بشدة منع توحيد منطقة كردية مستقلة داخل شمال شرق سوريا ، حيث يمكن أن يشجع ذلك الانفصاليين الأكراد في الداخل .
وفي الوقت نفسه ، تستهدف الولايات المتحدة المصممة على منع عودة ظهور تنظيم الدولة ، بقايا الجماعات الإرهابية في سوريا وتوسع إسرائيل احتلالها لمرتفعات الجولان (التي استولت عليها من سوريا في عام 1967م) وتشن غارات جوية على مواقع الصواريخ والأسلحة الكيميائية ويستمر قصفها في القضاء على القدرات العسكرية الحيوية ، بما في ذلك الطائرات المقاتلة ومنشآت الرادار والدفاع الجوي والسفن البحرية ، ووفقاً لمصادر صحفية ، فإن “الضرر يتجاوز الضربة الجوية التي أشعلت حرب الأيام الستة ، مما يؤدي فعلياً إلى تخفيض قدرات سوريا إلى نقطة القدرة” الصفرية”، تختلف أهداف كل قوة من الدول أعلاه ، وتسلط تحركاتهم السريعة الضوء على التحديات التي تواجه حكام سوريا الجدد، لقد كانت الولايات المتحدة بتركيزها الطويل على مكافحة الإرهاب ، قد صنفت (هيئة تحرير الشام) سابقاً كمنظمة إرهابية ووضعت مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار على زعيمها ، أبو محمد الجولاني ، الشكوك الأمريكية ليست بلا أساس تماماً ، من وجهة النظر الاميركية نظراً لأن هيئة تحرير الشام ينظر اليها بانها فرع القاعدة في سوريا ، ومع ذلك ، تقول هيئة تحرير الشام أنها أعادت ابتكار نفسها سياسياً ، متعهدة بنظام أكثر شمولاً وتمثيلاً وركز خطابها على بناء المؤسسات ، وكان استيلاؤها خالياً من الدماء بشكل ملحوظ ، وفي خطاب النصر ، تناول الجولاني المظالم القديمة ، منتقداً الطائفية التي أججتها إيران والفساد المحلي ، هنا يبدو منطق الواقعية السياسية واضحاً، ولكن منطق الواقع السياسي هو هيئة تحرير الشام الآن تحكم بلداً مدمراً بالحرب ، وهي تحتاج بشكل عاجل إلى الشرعية والاستثمار الأجنبي والاعتراف الدولي لتحقيق الاستقرار في اقتصاد سوريا المحطم واستعادة البنية التحتية ، وتوفير الخدمات العامة الأساسية ، في هذا السياق ، سيكون من الخطر على الولايات المتحدة التمسك بالنماذج القديمة لهذا نلحظ بانه لقد سعى صانعو السياسة الأمريكيون منذ فترة طويلة إلى كبح النفوذ الإيراني والحد من الموطئ الاستراتيجي لروسيا ، وكانت هيئة تحرير الشام هي التي حققت جزئياً كلا الهدفين
بدلاً من إهدار هذه اللحظة بحملات قصف تلقائية ضد جماعة يبدو أنها قطعت بصدق علاقاتها مع القاعدة ويمكن تشجيعها أكثر على الانتقال إلى الحكم المدني، يجب على الولايات المتحدة التحول إلى سياسة المشاركة ، وهذا يعني رفع العقوبات التي تستهدف الجولاني وقيادة هيئة تحرير الشام العليا ، وإظهار الاستعداد للتفاوض ودعم إعادة إعمار سوريا ، يمكن للولايات المتحدة تشكيل سيناريو تبتعد فيه سوريا أخيراً عن حروب الوكالة التي ترعاها دول أجنبية وتتجه نحو محاذاة إقليمية أكثر توازناً ، من خلال عدم السماح لروسيا أو إيران بإعادة تأكيد نفوذهما ، سيكون لمثل هذا التحول في السياسة الأمريكية صدى استراتيجي ، سقوط الأسد ليس نهاية مشاكل سوريا ، كما أن صعود هيئة تحرير الشام ليس حلاً سحرياً ، لا تزال هناك مشاكل هيكلية عميقة ، ولا يمكن التغلب بسهولة على إرث الحرب والصراع الطائفي والانهيار الاقتصادي والبيئي، لكن الولايات المتحدة لديها أشياء يمكن ان تكسبها من التخلي عن سياسة العداء التلقائية واستبدالها بمشاركة استراتيجية مشروطة يمكن تحقيق ذلك ، من خلال منح الحكم الذاتي المحدود للأكراد ، مع ضمان أمن الحدود والإشراف بشكل صارم لمعالجة مخاوف تركيا المشروعة ضمن إطار سوري موحد ومستقر.
ستتحدد سياسات القوى العظمى في سوريا ما بعد الأسد من خلال من يدرك فرص اللحظة أولاً ، بالنسبة للولايات المتحدة ، هذا يعني رفع العقوبات عن الجولاني ، ووقف الغارات الجوية ، واغتنام الفرصة لتشكيل شرق أوسط أكثر استقراراً وأقل استقطاباً ، ربما تري امريكا ان رفع العقوبات عن الجولاني ليس تنازلاً بل مبادرة لتشجيع الاعتدال ودعم إعادة الإعمار تحت حكومة ائتلافية موحدة ، يجب على الولايات المتحدة اذا كانت صادقة مساعدة السوريين على استعادة مصيرهم بايديهم بعد خمسين عاماً من الدكتاتورية الوحشية التي قمعت الحريات السياسية والاقتصادية للشعب السوري الذي عاني كثيرا من النظام الديكتاتوري الذي جثم علي صدرور الشعب السوري نصف قرن من الزمان ، ونحن في السودان كذلك تشرأب اعناقنا نحو دحر الظلم وعودة الامن والامان والسلم والسلام لوطنا العزيز الغالي السودان والامنيات باستقرار المنطقة بشكل عام وانتهاء كل الحروب حتي يعلو صوت السلم والسلام والامن والأمان.