لي في نيفاشا غزال
د. عبد الله علي ابراهيم
(هذه كلمة أخرى من أيام مفاوضات نيفاشا عن شكواي المستديمة من أن سياستنا في طلاق بينونة مع الثقافة)
لو استعنا بعنوان مسرحية اشتهرت في الستينات عنوانها “سمك عسير الهضم” لقلنا أن ما يجري في نيفاشا منذ شهور هو “مفاوضات عسيرة الهضم”. فهي مفاوضات صعبة جداً حتى أن حصائلها لا تخرج إلا في شكل حزم واحدة في إثر أخرى. وآخر الحزم هو اتفاق قسمة السلطة الذي خرج إلى الوجود أول أمس بالتي واللتيا. وقد أغراني عسر هذه المفاوضات بتذكر ما قاله ود التوم، عميد الوصافين (حتى لا نقول السحارين) الرباطاب حين زرتهم في عام 1984. فقد قال أنه كان يحلق شعره الشائب عند حلاق. فاشتكي الحلاق عن عسر زيانة الشيب. فقال له ود التوم أن زيانة الشيب مثل كي ملابس الكاكي. ونيفاشا فيما رأينا إما زيانة شيب او كي رداء من الكاكي.
غير أن أصدق وصف ينطبق على جولات نيفاشا هو أنها مثل مذاكرة الدقائق الأخيرة لمن قضوا السنة الدراسية في شغل عن المسألة. فقد جربت مثل هذه المذاكرة بجامعة الخرطوم على أيام ولعي السياسي بالجبهة الديمقراطية واتحاد الطلاب. فقد كنت لا اتفرغ للمذاكرة فحسب في منعطف الامتحانات، بل لإعداد المحاضرات نفسها التي توفرت في وقتها المناسب للحاذقين من الطلاب. ففي حين يبدأ الطلاب بدفتر يذاكرونه أبدأ أنا من لا شيء بتاتاً. فقد كنت اكتب محاضراتي واذاكرها في الوقت نفسه. ولا أعرف أنني عانيت عسراً مثل عسر هذا الإعداد المزدوج. وكنت انتحي ركني من مكتبة جامعة الخرطوم لأعد محاضراتي رأساً من الكتب بعد أن فات علي سماعها وتدوينها من المحاضرين. ولا أذكر أنني استوحشت مثل تلك الوحشة أرتب نفسي للامتحانات. لم أذق مثلها في السجن، او الغربة، أو في مواضع أخرى.
ونيفاشا مثلي يوم يكرم المرء أو يهان. لم يسبقها تحضير، ولم تستعلم عن مفردات مسائلها في الوقت المناسب. حتي المحاضرين والخبراء (الأقانب) جاؤوا بهم لها وهي في قاعة الإمتحانات. وتساءلت هل كان لنيفاشا “هئية أركانحرب بحثية” تجمعت عندها حصيلة الخاطرات والاجتهادات والكتابات تغذي بها المفاوضات وتختصر مساقاتها وتلطف عسرها. فقد استعجبت مثلاً أن من ضمن ما ناقشته نيفاشا في ملف الثروة مبادئ ملكية الأرض. وتساءلت هل كان هذا بنداً خلافياً؟ ولماذا؟ وهل استوقف النائب الأول والعقيد واستغرق بعض وقتهما الغالي؟
لقد اراحتنا الحركة الشعبية وقالت أنها لم تتمخض عن مركز أبحاث منذ نشأتها. والواضح ما فاضح. أما الحكومة فلا عذر لها في الجلوس في نيفاشا علي طريقتي في الإعداد للامتحان. فقد أنشأت معهد الدراسات الإستراتيجية. وأخشى أن تكون مساهمته المؤكدة هي تحول مديره، السيد الخطيب، إلى ناطق رسمي للوفد الحكومي. ولم تستظل نيفاشا بعلم التجمع الوطني (أسمرا) لخلوه منه. فما خلق الله أعدى منه للفكر والرشد. فهو تنظيم الحضور عنده جسدي والمساهمة في أن يكون المرء بشخصه فيه أو لا يكون. أما عن مقررات أسمرا للقضايا المصيرية فلم يفتح الله عليها بحرف تدلي به في زحام الآراء في نيفاشا.
ستدخل نيفاشا التاريخ بوصفها المناسبة التي غابت عنها الثقافة واستفحل فيها الجشع والجشع المضاد حتي أعديا الآخرين في دارفور وكيان الشمال وآخرين. فالثقافة هي برهم الشفاء من التهاب الغرائز وتفاقمها. ولندرة الثقافة في نيفاشا سيخرج علينا وطن مصنوع من “مخامشة” لم تلطفها رؤى، أو يزينها عقل، أو تستحضر مستقبلاً لإلفة شعب السودان كله من غير فرز. سيخرج وطن سيكون كيه مثل كي الكاكي أو زيانة الشيب. وككيان خارج من لجنة في حالة مذاكرة سيخرج الوطن قبيحاً حتي إشعار آخر. فمن كراهة الأمريكان في اللجان ومنتوجاتها قالوا أن حيوان الموس (شين شنه شديدة) هو من تاليف إحدي اللجان. غير اننا شعب أفضل من قادتنا بمراحل كما قال المرحوم محمود محمد طه وسأاخذ موس نيفاشا ونزينه ونجمله غزالاً كالتي لنا . . . في المسالمة.
سودانايل
مثلا انت لم ترى في نيفاشا بكل جدبها الثقافي، لم ترى فيها أي عبرة في وقف أطول حرب في العصر الحديث. عبرة تستصحبها في رأيك في الحرب الجارية الأن كبداية لثاني أطول حرب.بالعكس نراك يا عبد الله نسفت كل ثقافة أو سياسة وأنت تشجع جيش محترف الإجرام في حق شعبه، تشجعه أن يواصل الحرب حتى يمحق خصمه حتى لو خربت دار أبوك وأبو أهل الجميع.
لا تنهى عن و (تضحك) على خلق أنت فاعله يا عبد الله
“. ولندرة الثقافة في نيفاشا سيخرج علينا وطن مصنوع من “مخامشة” لم تلطفها رؤى، أو يزينها عقل، أو تستحضر مستقبلاً لإلفة شعب السودان كله من غير فرز. سيخرج وطن سيكون كيه مثل كي الكاكي أو زيانة الشيب.”
اقتبس من خطابك المتعلم learned,ما يفيد بغياب العقل الجميل وقد جسدته في مراكز الدراسات الاستراتيجية أو مستودعات التفكير ومراكز وضع السياسات العامة! وما حالنا البائس إلا نتاج لذلك الواقع,! وسنظل نخبط في ذات الطريق مع غياب القيادة الرشيدة…
سيد الطيب دفعتنا في جامعة الخرطوم وقد تم فصله ليس لبلادة أو غباء ولكن لاشتغاله بالسياسة،بدلا من التحصيل خلال سنته الاولي في الجامعة!
لعل الترابي ارسله الي ولايات اميركا المتحدات مع غيره من شباب الاسلاميين لاكمال دراسته! ولا ادري ماذا حصل في اميركا؟
ففي مركز الدراسات الاستراتيجية لم تري استراتيجية أو سياسات عامة…وجاء كسبهم فيما اطلقوا عليه “..الاستراتيجية.القومية الشاملة..”أو شيئا من هذا القبيل! إذ لم تكن استراتيجية ،لغياب الرؤية! ولم تكن شاملة،لانفرادهم بوضعها! أو هيمنتهم علي اخراجها!
لذلك اري ضرورة انشاء مستودعات افتراضية للتفكير و لوضع السياسات العامة…
وعلينا الاستعانة بالامم المتحدة أو المملكة المتحدة لارسال خبراء في وضع السياسات العامة ،اذ لا يوجد في السودان حاليا من يوصف بانه خبير في السياسات…فهيا الي مشروع يجمع الناس! مستودع السودان لوضع السياسات العامة…