مقالات وآراء سياسية

هل تُعيد فرنسا رسم ملامح استراتيجياتها لاستعادة نفوذها في إفريقيا؟

أبوبكر عبدالله

 

 

في 21 ديسمبر 2024م ، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتقى برئيس الوزراء آبي أحمد ، في خطوة تعكس تحولاً استراتيجيًا في السياسة الفرنسية تجاه القارة الإفريقية.

 

أهمية الزيارة

 

تواجه فرنسا تحديات متزايدة في غرب إفريقيا ، حيث تقلص نفوذها بشكل ملحوظ بعد الانقلابات العسكرية في دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر ، حيث تم رفض وجودها وطرد قواتها من هذه الدول.

 

في هذا السياق ، تحاول باريس إعادة تشكيل استراتيجيتها في القارة الإفريقية بالتركيز على دول ذات أهمية استراتيجية في شرق إفريقيا مثل إثيوبيا ، والتي تُعد بوابة للقرن الإفريقي ومركزًا حيويًا في القارة.

 

كما تُعتبر إثيوبيا لاعبًا رئيسيًا في القرن الإفريقي، وتكتسب أهمية استراتيجية بسبب موقعها القريب من البحر الأحمر وأهميتها في مبادرات التنمية الإقليمية واحتضانها لمقرات الاتحاد الافريقي.

 

الجدير بالذكر ، أن التنافس بين القوى الكبرى والصاعدة (الصين ، الولايات المتحدة ، تركيا ، ودول الخليج) على تعزيز نفوذها في إثيوبيا يجعل زيارة ماكرون خطوة ضرورية لفرنسا لمزاحمة هذه الدول وزيادة حضورها في المنطقة.

 

أبرز القضايا التي نوقشت خلال الزيارة .

 

1. الوصول إلى البحر الأحمر : تحدث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن دعم ماكرون لجهود إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر ، نظرًا لعدم امتلاك إثيوبيا منفذًا بحريًا بعد استقلال إريتريا ، مما يدفعها للبحث عن شراكات استراتيجية لتسهيل التجارة والحصول على الموانئ البحرية.

 

2. دعم المشاريع التنموية: تعهدت فرنسا بدعم مشاريع كبرى مثل تجديد القصر الوطني ، مما يعكس رغبتها في تعزيز صورتها كحليف اقتصادي واستثماري لإثيوبيا ، حيث تعتبر هذه المشاريع جزءًا من استراتيجية أوسع لزيادة النفوذ الفرنسي في البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في البلاد.

 

3. التعاون الأمني والسياسي : مع التحديات الأمنية في المنطقة (مثل التوترات في التيغراي والقرن الإفريقي) ، يبدو أن فرنسا تسعى لتعزيز التعاون الأمني مع إثيوبيا لضمان استقرار مصالحها ، خاصة في ظل تصاعد المنافسة الدولية والإقليمية.

 

التوقيت والدلالات الاستراتيجية

 

تأتي زيارة ماكرون في ظل انسحاب فرنسا من بعض الدول الإفريقية ، مما يجعل إثيوبيا نقطة انطلاق لتعزيز النفوذ الفرنسي في شرق القارة.

 

كذلك تعكس زيارة ماكرون سعي فرنسا لموازنة الحضور الصيني الكبير والتركي في إثيوبيا ، حيث تُعد الصين (وتركيا بدرجة اقل) شريكًا تجاريًا واستثماريًا رئيسيًا ، خاصة في مشاريع البنية التحتية.

 

تحديات وفرص

 

1. التحديات : فرنسا تواجه صعوبة في بناء نفوذ جديد في سياق تزايد النفوذ الصيني والتركي- الخليجي في إثيوبيا. إلى جانب ذلك ، تعاني إثيوبيا من تحديات داخلية ، مثل إعادة الإعمار بعد الصراع في التيغراي ، مما قد يؤثر على قدرة البلد على الانخراط في شراكات طويلة الأمد.

 

2. الفرص : تعزيز العلاقات مع إثيوبيا قد يفتح لفرنسا فرصًا جديدة للتأثير في قضايا إقليمية مثل أمن البحر الأحمر ، وتعزيز حضورها الاقتصادي والسياسي في شرق إفريقيا وبذلك قد تصبح إثيوبيا بوابة لفرنسا للتوسع في القرن الإفريقي خاصة مع وجود مصالح استراتيجية في جيبوتي المجاورة.

 

الخلاصة

 

زيارة ماكرون إلى إثيوبيا تأتي في وقت حساس تحاول فيه باريس تعويض فقدان النفوذ في غرب إفريقيا من خلال تعزيز علاقتها مع دول شرق القارة ، ونجاح هذه الخطوة يعتمد على قدرة فرنسا على تقديم دعم ملموس لإثيوبيا ومواجهة التحديات الجيوسياسية والإقليمية.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. ان فرنسا اليوم فى ركن ضيق لانها ومنذ انسحاب الجنرال ديقول من حلف الناتو واغلاق القاعدة العسكرية الامريكية فى اوليفيه بمقاطعة اللوار جنوبى باريس..ظلت تعانى منذ ذلك الوقت من حصار غير معلن ففى العام 1990 عندما اعلنت الولايات المتحدة غزو العراق وحاولت لضفاء الصفة الجماعية على العملية وقف الرئيس شيراك معارضا ذلك واذا بامريكا تباشر ضغطا غير معلن على فرنسا بتقليص الاستثمار او المشاركة مع فرنسا فى مشاريع مشتركة وقد ذكر الرئيس شيراك عشية اطلاق الطائرة الفرنسية ايرباص 380 والتى سمين بالقراند ميكانو بانه يستطيع عبور الاطلسى مع ثمانمائة اخرين على متن فخر الصناعة الاوروبية المشتركة معنيا بها ايرباص ولكن المراقبين تساءلوا عن وجهة الظائرة فرد بعضهم انها نيويورك بكل تاكيد مشيرين بذلك الى المنافسة التى ستندلع بين عملاقى الصناعات الجوية بوينج الامريكية وايرباص الوروبية ومقرها تولوز جنوب غربى فرنسا… باريس منهمكة فى صراع خفى مع كل العالم وهو صراع مصالح حثيثى لا تنطفئ اوارها فالشركات الامريكية والكندية تعمل بجد فى الولوج الى السوق الافريقية وهى ساحة المنافسة اليوم مع فرنسا ففى العام 2022م دخل استثمار مشترك امريكى جنوب افريقى فى صناعة اليورانيوم بالنيجر وهى صناعة مزدهرة ترتبط بها فرنسا لانها اكبر منتج للكهرباء المولدة من مفاعلاتها النووية وتصدرها الى غالبية جوارها الاوروبر فضلا عن استهلاكها الضخم للكهرباء … التحالف العسكرى الجديد لكل من النيجر وبوركينافاسو ومالى والذى تقف خلفه روسيا يعنى تهديدا اخر للنفوذ الفرنسى بالمنطقة وهناك ما يدور همسا وهو اصدار عملة لدول غرب افريقيا بديلا عن الفرنسك الفرتك سيفا مما يضع نهاية لمصالح فرنسا …تركيا ايضا صارت منافسا قويا للوجود الفرنسى فى غرب افريقيا فقد قدمت تموذجا مغايرا للنموذج الفرنسى الذى يراه الافارقة نموذجا استغلاليا لا يخدم المصالح المشتركة بل اقرب لشكل من الاستعمار يرفضه الافارقة.. فقد قال الرئيس الشاب تراورى رئيس بوركينافاسو الجديد لا نريد مساعدة لا تساعدنا على التنمية ويعنى بذلك لفرنسا.. ما تخشاه فرنسا هو انتقال عدوى الابتعاد عن باريس الى بقية دول القارة او الى منابر الاتحاد الافريقى لجعله قرارا افريقيا مما يعنى ضمور الوجود الفرنسى….ولم تكن زيارة ماكرون بعيدة عن هذا الفلك… والاغرب من هذا ان مالى قد اتهمت فرنسا بتشجيع الاعمال الارهابية فاراضى مالى برغم وجود قوات البرخان الفرنسية التى تقاتل الاهاربيين فى الاراضى المالية

    1. فرنسا حالياً في موقف صعب، لأنها من زمن ديغول ومحاولتها للاستقلال عن أمريكا وهي بتواجه ضغوط مستمرة. دخول أمريكا وشركاء زي تركيا وروسيا للسوق الأفريقي، خاصة في مجالات زي اليورانيوم، بيهدد مصالحها الكبيرة. كمان فكرة استبدال الفرنك الأفريقي بعملة جديدة لو تمت، حتضرب نفوذ فرنسا الاقتصادي.

      الاتهامات لفرنسا بدعم الإرهاب في مالي وبرغم وجود قواتها هناك زادت من فقدان الثقة فيها، ودا بيأثر على صورتها في المنطقة. المنافسة بقت شرسة وفرنسا لو ما غيرت أسلوبها وتعاملت مع الأفارقة بشراكة حقيقية، حتلقى نفسها برة اللعبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..