مقالات وآراء سياسية

وَداعًا يَا ظَلام الهَمّ!!!

دُنْيًا دَبَنْقَا

د. نور الدين بريمة

 

يودّع السودانيون العام ٢٠٢٤م ، وهم مجروحين مفجوعين ، مكبّلين كذلك بالأنين والآلام ، منذ أمد بعيد، لكنها صارت أكثر حدّة ، بعد إندلاع الحرب التي أشعلوها في (١٥ أبريل ٢٠٢٣م) قضوا بها على الأخضر واليابس ، أوقد نارها الإسلامويون- أي الكيزان البلابسة- ومليشياتهم وكتائب ظلهم العسكريّة ، إن كانوا في الجيش أو الدعم السريع ، أو غيرهم من (البرآءين) أولي البطش والتنكيل ، الذين لم يطرف جفنهم من تلك السوءات ، أو تأخذهم رأفة بالضحايا ، وقد مرّت على حربهم عامين إلا قليلاً ، أراقوا خلالها دماء ودموع الأبرياء الأنقياء ، أسالوها عبثًا وعبطًا -كما نعتوها- فروُوا بها أرض العازة ، لترجعهم إلى التسلط والتحكم ثانية ، بيد أنها -هيهات هيهات- أن تعيدهم إليها ، بيد أنها أنتجت مزيدًا من العُنصريّة والإسْشتعلائيّة البغيضة ، مضغ ثمارها سمر الوجوه -عُنوة وإقتدارًا- فأكثروا بفعالهم الفساد ، وصبوا على أبناء الوطن صوت عذاب.

 

نسأله تعالى أن يرنا فيهم وفي من شايعهم ، يومًا أسودًا -عبوسًا قمطريرًا- ويلجمهم بعجائب قدرته وقهره ، كما نرجوه كذلك ، أن يُرنا فيهم يوم عاد وثمود ، وأن تغشاهم الطامّة الكبرى ، تزلزل عروشهم وأقدامهم ، وتشتت شمل أحلامهم ، وتنزل عليهم ريحًا صرصرًا عاتية ، تقتلهم بددًا ولا تغادر منهم أحدًا ، ونرفع أكفنا لرب السماء ، الذي جعلها بغير عمد نراها ، أن يسكن من راح إلى سبيله حُسن المآب ، ويبدله دارًا خيرًا من داره ، وأهلاً خيرًا من أهله ، ويحقن دماء مَن ظلوا على قيد الحياة ، وينزل عليهم شآبيب رحمته ، فليس ذلك على الله بعزيز أو بعيد ، لأنه فالق الحبّ من النوى ، جعل في سنبله مائة حبة أو كثير ، نعم قد مضى عام الحزن هذا بفظاعاته وتعاساته ، وأنينه وبكائه ، وبرغم ذلك لم يزل الوطن مكلومًا مفجوعًا بفقده للأبناء والأحباب ، وإهداره للموارد الماديّة والبشريّة ، وربما للوطن ذاته ، الذي بات- كالأجرب- يأنفه الفحول ، فصار عقيمًا لا ينجب إلا الخراب والدمار ، ولا يستطيع أن يلهم أهله قيم الإحترام للتنوع والتباين ، وأصبح عصيًا عليه أن يهبهم الحياة ، وليس بمقدوره أن يهب الخير لأقرانه وجيرانه الأقربين والبعيدين.

 

إلا أن المؤمنين بأقدار الحي القيوم ، يدركون أنها سننه في الكون ، ولولا أنه جعل دفع الناس بعضهم بعضًا ، لفسدت الأرض ، ولهدّمت صلوات ، صوامع وبيع ، يذكر فيها أسم الله ، وغابت القيم والأخلاق ، فضلاً عن أنه لا تدري نفس أنى أجلها!!!، وبأي أرض تموت!!!، وكيف ومتى تلاقى ربها؟ ، لأنها بالطبع نواميس ربانية لا يعلم كنهها إلا هو ، جعلها في الأرض منذ الأزل ، وبالتالي ضعوا الأمل في أن القادم أحلى ، وأن العام ٢٠٢٥م ستضع الحرب أوزارها بإذن الله ، ليكون عامًا للسلام والوئام والمحبة ، بإرادة الواحد الأحد الفرد الصمد ، فلا تبارحوا عشمكم فيه ، فهو الذي سيبدل جحيم أيامكم سعادة وهناء ، يحيلها إلى جنة تؤتي أكلها كل حين ، دون منٍّ أو رياء ، وثقوا به وبتضحياتكم الجسام أن مستشفياتكم ومدارسكم وجامعاتكم ، وكل دور علمكم ومراكز وعيكم وإستنارتكم ، ستعانق شغف أحلامكم وولها ، وأن خدماتكم ستنساب إليكم مدرارًا ، تتغنون بها ، وتنثرون جمالكم وإبداعكم فرحًا وحبورًا ، فيرقص جميعكم بشدوها أمنًا سلامًا وإستقرارًا ، وكل عام والوطن يرفل في ثياب محبتكم وجمالكم ، فلا تنسووا الفضل بينكم ، ولا تغفلوا عزيزاتي/ أعزائي ، إستمرار ثورتكم ، إلى أن تحقق أهدافها وغاياتها ثم نرجو عفوكم وصفحكم عنّا ، إذا ما أخطأنا بحق أحدكم ، والسلام على من إتبع الهدى ، وسلك طريق الحرية والسلام والعدالة منهاجًا ، وكل عام وأنتم بخير ، لأنو الدنيا كما يقول أهلنا دبنقا دردقوها بشيش … أي تعاطوا معها برفق وتؤدة.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..