مقالات وآراء سياسية

الذكري التاسعةوالتسعون لاستقلال السودان : دروس من الماضي وآفاق المستقبل

صدى الوطن 

آدم ابكر عيسي

تمر علينا الذكرى التاسعة والستون لاستقلال السودان في ظل أوضاع معقدة أمنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً. يعاني الوطن من صراعات مستمرة منذ ما قبل الاستقلال في عام 1956م ، مروراً بأحداث 1955م، وصولاً إلى اليوم. ورغم المحاولات الحثيثة لإقامة نظام دستوري يمهد الطريق نحو ديمقراطية حقيقية  إلا أن تلك الجهود لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة في إدارة التنوع الثقافي أو الشأن العام. فقد كانت الحلول آنية ، تهدف إلى تخفيف الألم ، لكنها فشلت في بناء وطن يتمتع فيه الجميع بمواطنة متساوية بلا تمييز.
تجددت المطالب الشعبية مع تمرد عام 2003م ، الذي أعاد إحياء نفس طموحات الجيل الأول من حركات التحرر الوطني. نادت هذه الحركات بإقامة دولة تحترم حقوق الجميع وتحقق المساواة في الحقوق والواجبات، مع ضرورة إقرار نظام فدرالي وإعادة توزيع عادل للسلطة والثروة.
تفجرت الأوضاع في ديسمبر 2018م عبر ثورة شعبية مدعومة من داخل الحزب الحاكم وخارجه ، حيث تم تفكيك النظام السياسي السابق الذي ارتكب جرائم ضد الإنسانية. وقد أسس هذا النظام ميليشيات على حساب المؤسسات الوطنية (الجيش والشرطة والأمن) اعتقاداً منه أنه يحمي نفسه من حركات الكفاح المسلح. ومع ذلك ، أدت سياسات النظام إلى ضعف المعارضة التي ركنت للخارج على حساب الوطن.
كان للخارج دور في دعم الثورة، لكن كانت له أهداف أخرى تتمثل في إضعاف النظام السياسي وزرع الفتن بين مكوناته ، مما يسهل السيطرة عليه تحت لافتة المدنية. استخدم هذا الخارج خطاباً إعلامياً لتجميل أهدافه وإقناع الشباب بمشروعيتها. ورغم ذلك ، فشلت الحكومة الانتقالية في تحقيق تغيير حقيقي في بنية الدولة ومؤسساتها مما أعاق الانتقال إلى ديمقراطية حقيقية.
لم تستطع الحكومة تشكيل مجلس تشريعي أو محكمة دستورية ، كما لم تنجح في إصلاح المؤسسات الأمنية أو حل الميليشيات. بل عملت على إيجاد مسوغات لتوسيع نفوذ الميليشيات ، مما أدى إلى تصاعد التوترات واندلاع الحرب في 15 أبريل 2023م.
رغم الأزمات والمآسي التي يمر بها الوطن ، يجب على الجميع إدراك أهمية الوحدة الوطنية قبل أن ينقسم السودان إلى أجزاء، كما فقدنا جنوب السودان نتيجة لسياسات رعناء وعنصرية من بعض المكونات السياسية التي سعت لتحقيق طموحات ذاتية على حساب الوطن. لقد نمت التمييز السياسي والاقتصادي والوظيفي بين مكونات الدولة ، على نفس النهج الذي اتبعه المستعمر.
إنها دروس وعبر من التاريخ يجب أن تُقرأ بعناية لإصلاح الوضع العام وجعل الوطن ملكاً للجميع. يجب إزالة كافة اختلالات الماضي لبناء وطن يسود فيه الاحترام والتقدير والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع السودانيين. كما يجب تعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان والعمل نحو بناء سلام مستدام وتحقيق توازن في العلاقات الخارجية لاستعادة مكانة الوطن وسيادته على ترابه الذي انتُزع منه نتيجة لضعف السلطات الحاكمة التي تعاقبت على حكم السودان.
في الختام ، إن الذكرى التاسعة والستين لاستقلال السودان تحمل في طياتها دعوة للتأمل والتفكر في الماضي ، والعمل الجماعي نحو مستقبل أفضل يحقق آمال وطموحات جميع السودانيين.

[email protected]

تعليق واحد

  1. تاسعة وستون ،، وهكذا تكتب 69 ،، الا اذا كنت تقصد شيئا اخر بالرقم

    ((الذكري التاسعةوالتسعون لاستقلال السودان : دروس من الماضي وآفاق المستقبل))

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..