بين الكوزنة والكيزانوفوبيا والكوزوميتر

معمر حسن محمد نور
التعابير الثلاثة ، ليس لي فيها فضل اجتراح. فكلها تدولت في اطار توصيف حالة محددة وإن كثر استخدام الكوزنة بعد ثورة ديسمبر المجيدة من العديدين بل وزاد الناس بالتوصيف بأن الكوزنة سلوك .
اما الكيزانوفوليا فتعير راج اكثر بعد اندلاع هذه الحرب اللعينة. وقد استخدمه اكاديميون ومفكرون سودانيون لهم وزنهم الثقيل. امثال الدكتور عبد الله على ابراهيم ومحمد جلال هاشم. وقد برروا بهذا الوصف رأيهم في اهمية الوقوف في الحرب في صف الجيش ضد الدعم السريع واصفين من تحدثوا عن اشعال الكيزان للحرب بأنهم انما يبررون فشلهم في ادارة الدولة بعد الثورة وأنهم بقصورهم قد افسحوا المجال للكيزان لسد الفجوة التي تسببوا فيها.وبذلك تركوا للكيزان الساحة في التأييد والدعم المستحق للجيش. وهو رأي له مؤيدوه ورافضوه.
اما تعبير الكوزوميتر ، فقد سمعته عند الدكتور عزام عبد الله صاحب برنامج مع عزام في كل مواقع التواصل المشهورة في السودان. فقد قرر ان كل سوداني به درجة من الكوزنة تقل او تزداد حسب مقياس اطلق عليه الكوزوميتر.
كل هذه الآراء جديرة بالاعتبار سيما وأن القائلين بها من العيار الثقيل. وإن كانوا جميعهم ممن ظلوا يبادلون الكيزان عداء بعداء من مواقعهم في اليسار . ولئن كان الاكاديميان والمفكران ممن نافحوا حنى قبل الانقاذ. فإن القائل بالكوزوميتر ممن تخرجوا في الجامعات التي انشأتها فترة الانقاذ. فهو خريج جامعة البحر الاحمر. وهو من الشباب الذين يطمئنونك على مستقبل السودان وهم كثر في كل التيارات السياسية والمستقلين الذين تعهدوا انفسهم بالتثقيف والاطلاع بعد وقوفهم على فشل تجربة الانقاذ.
كل ما سبق يضعك مباشرة امام سؤال جوهري وهو هل الكيزان على هذا المستوى من التأثير في الواقع السوداني؟ .
الواقع ان محاولة الاجابة على هذا السؤال لن توقفك عن تجربة الثلاثين عاما من حكم الانقاذ فقط. وستجد ان البحث عن الاجابة عن هذا السؤال ، قد شغل الدكتور عبدالله علي ابراهيم .وقد وقفت على رأيه في اجابته على سؤال اديبنا الراحل الطيب صالح في بداية الانقاذ . (من اين اتى هؤلاء). وقال انه من حقه طرح هذا السؤال من زاويته كاديب. لكن الدارس ينبغي الا يتفاجأ بهم. لانهم وفقا لرؤيته ، يمثلون الثورة المضادة في كل ثوراتنا التي اطلقها القطاع الحديث. وفكرهم يمثل اسباب الردة في اكتوبر وابريل ، حتى تمكنوا في هجمتهم على ثورة ابريل من الاستيلاء بالكامل على السلطةفي فترة الانقاذ.
ويربط هذا القول مع تعبير الكوزوميتر الذي قال به بعد تحليله الشخصية السودانية بانه تتم تربيته منذ الصغر على عدم التسامح ووضع نفسه امام الخيارات الصفرية امام الآخر المخالف وهو في رأيه احد اسباب استعصاء حل كارثة الحرب التي لن تنتهي الا بتنازلات مؤلمة لم يتأهل السودانيون لها بعد.
كل ما سبق ، يجعلنا نسترجع ما ظللنا نقوله في اتفاق مع آخرين بأن تجربة الانقاذ ليست خاصة بمن عرفناهم بالاتجاه الاسلامي. بل في رأيي هي قمة تمظهرات دخولنا في اللحظة التاريخية التي تسير كل العالم العربي والاسلامي منذ استلام معاوية بن ابي سفيان بالسيف والفتوى.وقد ادخلنا تأسيس السلطنة الزرقاء فيها كاول دولة اسلامية وعربية فيها. لكننا عجزنا ان نكون ذوي تأثير مثل النجف والازهر. واكتفينا برواق السنارية في الازهر الشريفعلى قول الراحل محمد ابو القاسم حاج حمد
هذه الدولة بهذا التوصيف. كان فشلها في فشل تجربة الانقاذ التي وجدت كامل الفرصة لتطبيقها ما يفسر تكرار الاسلاميين لبدايات الانقاذ بعد محاولتهم النخفي وراء القوات المسلحة في هذه الحرب.
خلاصة القول اننا ازاء لحظة تاريخية تتشكل لم يحن اكتمال توصيفها بعد وان بدت مع جون قرنق زحركات الهامش التي تخضع لنار التجربة ونكتوي بها ومعها.
كل ما يتم تداوله من كتابات عن فترة حكم الكيزان كتبه أعدائهم المخلصين لعداوتهم ، نحن فى حاجة لكتابات المحايديون عن تجربة الكيزان، وهذا هو المفروض والمفقود للحكم الموضوعى على هذه التجربة سلبا اوايجابا.