تصريحات العطا الأخيرة… دلالات ورسائل خفية

تقرير: رشا حسن

في الذكرى الـ69 لاستقلال السودان، أدلى مساعد القائد العام للقوات المسلحة وعضو مجلس السيادة، الفريق أول ركن ياسر العطا، بتصريحات مثيرة. أكد العطا أن الحرب في نهاياتها، مشددًا على أنه لن يكون هناك دور سياسي لكل من شارك مع قوات الدعم السريع، موضحًا أن المتورطين ستتم محاكمتهم علنًا، مع مصادرة ممتلكاتهم لصالح المواطنين.

وأضاف العطا، خلال مشاركته في احتفالات ولاية الخرطوم، أنه “لا تفاوض إلا بعد الالتزام بعدد من البنود”. وأشار إلى أن أي تواصل بهدف التفاوض سيتم مع القادة الميدانيين السودانيين فقط، وليس مع ما وصفهم بـ”القادة المرتزقة” الذين جلبتهم دولة الإمارات. كما طالب الإمارات بتعويض السودان عن الأضرار التي لحقت بالبلاد بسبب ما وصفه بـ”نهب وتدمير المليشيا”

تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه السودان حربًا دامية ووضعًا أمنيًا حرجًا، لا سيما في المناطق التي تشهد اشتباكات يومية، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

“تفتيت التمرد”
ويرى قاسم الظافر، الأمين العام للحركة الوطنية للبناء والتنمية، أن تصريحات الفريق أول ياسر العطا الأخيرة جاءت بعد التقدم الملحوظ للقوات المسلحة في عدة محاور، وبعد مواجهات عنيفة خاضتها القوات الحكومية بأذرعها المختلفة في كل من الجزيرة، والخرطوم بحري، ودارفور. وأوضح أن القوات المسلحة ألحقت هزائم متتالية وضربات قاسية بقوات الدعم السريع، خاصة في منطقتي الزُرِق والمالحة بشمال دارفور.

ويعتقد الظافر في حديثه لـ”الراكوبة” أن هذا التقدم أدى إلى إضعاف ملحوظ لقوات الدعم السريع، وحدّ من قدرتها على الحركة والمناورة وسرعة الانتشار، مما يشير إلى تفتيت القوة الصلبة للتمرد، ويُنذر بدنو أجل التمرد كقوة عسكرية حاضرة في الميدان. كما أشار إلى وجود العديد من الإشكالات الداخلية بين المجموعات المتمردة ذات الخلفيات العرقية المتباينة.

وعن حديث العطا بشأن محاكمة المتعاونين، قال الظافر إن محاكمة المتعاونين وكل من أجرموا في إلحاق الضرر بالمواطنين تمثل حقًا أصيلًا وإبرازًا لوجه الدولة الحاسم. واعتبر الظافر أن هذه المحاكمات من الضروريات التي تتطلبها المرحلة الحالية لترسيخ ثقافة عدم الإفلات من العقاب، التي ظلت غائبة في كثير من الجرائم، خاصة تلك ذات البعد الاجتماعي الواسع.

وأشار الظافر إلى أن هذا الموقف يتسق مع إعلان الحكومة في جدة خلال مايو 2023، حيث أكد أن أي عملية تفاوض تسبقها جملة من الشروط التي تستوجب الإيفاء بها لإثبات حسن النوايا. وطالب بضرورة أن تتهيأ الأطراف وتكون جاهزة للمضي قدمًا في إحداث اختراق بشأن التسوية، واعتبر ذلك من البديهيات في بروتوكولات التفاوض. واستبعد الظافر أن تعرقل تصريحات العطا أي تسوية سياسية من أي نوع.

وأضاف أن التسوية والبنود التي أشار إليها الفريق أول ياسر العطا تهدف إلى تحقيق تسوية سياسية شاملة، وأن معظمها يرتبط بالترتيبات العسكرية ومعالجة الأزمة الإنسانية. وأوضح أن المسار السياسي والتسويات الخاصة به لم يتم التطرق إليها لا في منبر جدة ولا في المبادرات الأخرى، حيث انحصر التركيز حتى الآن على البندين العسكري والإنساني فقط.

“حرب نفسية”
أما القيادي في الحزب الشيوعي، كمال كرار، فيقول إن حديث قادة الحرب في طرفيها يندرج في إطار الحرب النفسية، ويكشف الأجندة الحقيقية للحرب والهدف الخفي لها.

وأشار كرار في حديثه لـ”الراكوبة” إلى أنه يكشف عملية الاستيلاء على السلطة السياسية والانفراد بالحكم والتقرير بشأن مصير الوطن، وتحديد من سيُصادر نشاطه السياسي أو لا يُصادر. وأضاف أن هذه التصريحات مقصود بها الحرب النفسية على ثوار ديسمبر، بمعنى أنه إما أن يحكم قادة الجيش البلاد أو قادة الدعم السريع بالقوة المسلحة متى ما انتصر أحدهما على الآخر.
ويرى كرار أن هدف التصريحات هو تصفية ثورة ديسمبر ووأد أحلام الشعب في دولة مدنية ديمقراطية، مضيفًا أن هذه التصريحات تطلق في الهواء كفزاعة لا غير، ولا يُعتد بها.