مقالات وآراء

بين الثورة والدولة: قراءة معمقة في خطاب قائد قوات الدعم السريع

 

علي أحمد

دائماً ما أجد فروقاً هائلة بين خطابات وكلمات قائد الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، ونظيره قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان. فالأخير – في الغالب – لا يقول شيئاً فيما يتعلق بمستقبل السودان والسودانيين، وإنما يصفع الشعب بكلمات مرسلة، في حين يحتضن النظام القديم بجناح وحركات الارتزاق والانتهازيين بجناح آخر.

نعود إلى كلمة (حميدتي) بمناسبة الذكرى (69) لاستقلال السودان وأعياد الميلاد المجيدة، حيث ابتدرها بإشارة مهمة، وهي أن من أشعل الحرب الراهنة هي قيادة الجيش والحركة الإسلامية. وهذه جزئية يتفق فيها معه كل الشعب السوداني عدا الكيزان ومني أركو مناوي.

كما أكد – وهذا مهم جداً – على التزام قوات الدعم السريع بقضايا الشعب العادلة، وحماية الانتقال الديمقراطي، وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، والحفاظ على وحدة السودان أرضاً وشعباً، وبناء سودان جديد قائم على قيم العدالة والحرية والسلام والديمقراطية.

تكمن أهمية هذه الجزئية من (الكلمة/ الخطاب) في أنها ترسخ وتكرس لموقف الدعم السريع من قضايا الوحدة الوطنية والديمقراطية وحقوق الإنسان وقيم العدالة. وهذا بالضبط ما يضعها على النقيض من الإسلامويين والعروبيين والقوميين الشماليين الداعين للانفصال بدعم من نظام الكيزان السابق، وإن ادعوا أن لا علاقة لهم بمفهوم (مثلث حمدي).

إذاً، ما يزال الدعم السريع ملتزماً بالخط الوطني الوحدوي مع تأكيده على ضرورة إحداث تغييرات عميقة في بنية النظام السياسي والعسكري والأمني والاقتصادي، وهذا يتفق مع أهداف ثورة ديسمبر المجيدة. أما ما يُثار في زوايا القوميين الانفصاليين المظلمة من أن هناك تناقضاً بين دعوة (حميدتي) للتمسك بوحدة البلاد وإصراره وقتاله من أجل ذلك، وبين دعوته لمعالجة أعطاب واختلالات ما اصطلح على تسميتها بدولة (56)، فهذا محض هراء لا يستحق الرد.

نعود للخطاب، الذي أكد مرة أخرى: “إن قوات الدعم السريع لن تقبل أبداً إلا بدولة سودانية جديدة، خالية من كل أنواع الهيمنة التي أشعلت حروب السودان، وتنعدم فيها التفرقة على أساس الدين، والجهة، والثقافة، والعرق”. أليست هذه أهداف ثورة ديسمبر نفسها؟ أليس هذا حلم جميع السودانيين؟!

الأكثر أهمية من ذلك هو تأكيد قائد الدعم السريع أن قواته لا ترغب أن تكون بديلاً للجيش الحالي، ولكنها تتمسك بمبدأ تأسيس جيش جديد مهني وقومي، لا تسيطر عليه جهة أو مجموعات إثنية محددة. جيشٌ لا يتدخل في السياسة ويخضع منذ اليوم الأول لتأسيسه للسيطرة والرقابة المدنيتين. وهذا ما نادت به ثورة ديسمبر، وظل الشعب السوداني ينادي به منذ فجر الاستقلال، لكن حال دون تحقيقه قادة الدولة القديمة الذين دمروا البلاد وأحالوها رماداً تذروه وتعصف به ريح الفساد والمحسوبية والعنصرية.

ظل قائد قوات الدعم السريع، منذ أن أطلق الكيزان وقادة الجيش المتحالفون معهم والمنظمون تحت رايتهم الطلقة الأولى على قواته وهاجموها في معسكرها بالمدينة الرياضية بالخرطوم فجر يوم 15 أبريل 2023، يردد دون كلل أو ملل أنه مع السلام الحقيقي الذي يضمن إنهاء الحروب والهيمنة في السودان. وهذا لن يحدث إلا بتأسيس وبناء الدولة السودانية الجديدة القائمة على أنقاض ما سماها (الحقبة الاستعمارية الوطنية)، أي أن نخبة من أبناء هذه البلاد، ممن ورثوا السلطة والثروة عن المستعمر البريطاني، أفسدوا فيها وأقعدوا بها. ولا بد من معالجة الأمر وقطع دابره مرة وإلى الأبد.

أيضاً، دعا محمد حمدان دقلو الشعب السوداني قاطبة إلى الوحدة والعمل المشترك من أجل الأهداف العليا المتمثلة في الخلاص الكامل من السودان القديم وتأسيس وبناء السودان الجديد. وهذا، حقيقة، ما يمثل أشواق وأحلام الشعب السوداني المقهور من قبل الدولة القديمة التي تصطف الآن خلف قائد الجيش، الذي سلم زمام أمره تماماً للحركة الإسلامية الإرهابية، وأصبح محض جرذ صغير مختبئ في عباءة “علي كرتي” وثوب “سناء حمد”، يريدون العودة بالسودان القهقرى إلى حقبة استعمار النخبة وريثة المستعمر الأجنبي. وهيهات، فهذا لن يحدث وإن انطبقت الأرض والسماء. فالسودان القديم انتهى ومات وشُيِّع إلى مثواه الأخير منذ أن أطلت عليه ثورة ديسمبر المجيدة، التي أغلقت جميع طرق العودة إلى دولة ما بعد الاستعمار. فإما أن نذهب إلى الأمام سوياً وننخرط في تحرير بلادنا من ربقة الفاسدين والقتلة، أو ينهار السقف على رؤوس الجميع.

‫5 تعليقات

  1. هذا المقال سعرو كم؟؟؟؟
    بالدولار ولا و بالدرهم الاستلام؟؟؟
    شكله السعر عالي لان الخطاب يستحق التجميل والتحسين وزيادة البوهية حتي تتحسن الصورة
    لمن الزول يحكي ليك قصة وانت تكون حاضر للحدث بتاع القصة
    بتكون بتضحك علي الهبل وعدم الخجل والاستحاء
    لكن احسن تكورك وتزعق خارج الوطن لكن حقو تعرف ان البلد دي مابتعب علي تاني ولو كل الناس خلوك اعداء بالكوم كان عندك باقي أسرة هنا رسل سوقهم معاك
    انت قايل قعادك بره البلد بحميك والله تتحاسب حساب غليظ

  2. على مؤسسة الدعم السريع تذكير العالم بأنها تحارب أيضا كتائب داعشية متطرفة فى السودان تشكل خطرا امنيا اقليميا و دوليا, والهجوم الارهابى مؤخرا بمدينة نيواورلينز فى الولايات المتحدة ليس ببعيد عن خطورة تلك التنظيمات.

  3. تدعون الحرية الديمقراطية ولاتسمحون بالتعليقات علي الكتاب
    هذا نفاق ودجل وسواقة الناس بالخلاء
    هذه الراكوبة هي راكوبة الخمارة وكراهيتكم للاسلاميين دي مابتعمل ليكم رصيد في الشعب السوداني
    وانما زادتكم كراهية وخبالا
    والله ولو سودتو كل الاسافير لن تنالو منهم
    كله بسبب الغباء والنفوس المريضة واصحاب حقد وحسد

  4. قائد الدعم السريع عليه اولا إثبات انه سودانى وغير تشادى إبراز شهادة الميلاد وفى اى قرية واين درس ومن من زملاؤه الموجودين .. ذلة لسان والد حميدتى قال نحن منذ حضرنا الى سودان نسكن الزرق .. وانت ياعلي اثبت انك سودانى فقط قل اسمك الثلاثي وساقول لك من اى بلد انت قادم ، ان شاءالله بعد الحرب دى توقف لن تسكنوا مرة أخرى بيننا والعاصمة الا غسالين عربات ومكوجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..