في ظلال الحروب : صراع المليشيات في كادقلي ..!!؟؟
د. عثمان الوجيه
في قلب سودانٍ يئنّ تحت وطأة نيران الحرب ، وفي مدينة كادقلي ، حيث تتداخل خيوط الصراع وتتشابك ، وقعت حادثةٌ أضافت حلقة جديدة إلى سلسلة الأحداث الدامية ففي يومٍ من أيام الأسبوع الماضي ، وفي ساعةٍ حُملت على أكتافها عبء التوتر والقلق ، قام قائد قوات المهام الخاصة ، ذلك الرجل الذي يلقب بـ”كافي طيار”، بعملٍ أثار الذعر في نفوس المدنيين واستفز مشاعر القلق في قلوب العاملين في المجال الإنساني ، فقد أقدم كافي، وهو قائد مليشيا موالية للجيش السوداني في ولاية جنوب كردفان ، على احتجاز عدد من السيارات التابعة لمنظمة “NRC”، تلك المنظمة التي تعمل بلا كلل لإنقاذ الأرواح وتقديم العون للمحتاجين ، وبذلك، يكون قد أغلَق باب الأمل في وجه من باتوا بلا مأوى وأوقف عجلة الإغاثة التي كانت تسعى لتخفيف معاناة الجرحى والمرضى ، وتأتي هذه الخطوة الاستفزازية في سياق تصاعد التوترات في المنطقة ، حيث تسعى القوات المسلحة جاهدةً إلى بسط سيطرتها على الوضع الأمني في ظل النزاع الدائر ، فالحرب التي اندلعت شرارتها في الرابع عشر من أبريل عام ألفين وثلاثة وعشرين ، لا تزال تشتعل نيرانها ، وتدمر كل ما يقع تحت أيديها من بنى تحتية وموارد طبيعية ، وتدفع بالآلاف إلى حتفهم ، وتجبر الملايين على النزوح والتشرد ، ولعل كافي طيار الذي يُعرف بأمير إمارة البرام ، هو خير مثال على تلك الشخصيات التي استغلت الظروف الصعبة لتعزيز نفوذها وزيادة ثرواتها ، فبعد أن شكل ميليشيا خاصة به ، تحالف مع الجيش السوداني ، وبات يطلق على قواته لقب “قوات المهام الخاصة”، ليصبح بذلك أحد أبرز اللاعبين في هذا الصراع المعقد ، إن ما يحدث في السودان اليوم هو مأساة إنسانية بكل المقاييس ، حيث يتعرض المدنيون الأبرياء لأبشع أنواع الانتهاكات ، وتتدمر البلاد وتنهار مؤسساتها ، وتضيع آمال الأجيال القادمة ، وفي ظل هذا الظلام الدامس ، تبرز الحاجة إلى تكاتف الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد حل سياسي للأزمة السودانية ، وإنهاء هذا العنف الذي لا يخدم إلا مصالح حفنة من الأشخاص .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن اوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- “ظلال الجوع في ود الحيلو مأساة وقصة واقعية” في خضم الحرب التي عصف بالبلاد ، وتحت سماء سودانٍ يئنّ تحت وطأة الصراع ، تسللت إلى نفوس الناس هموم جديدة أبرزها شبح الجوع الذي يهدد حياتهم ، وفي ظل هذه الظروف القاسية ، كانت المساعدات الإنسانية بمثابة شريان حياة ، إلا أن توزيعها في بعض المناطق قد تحول إلى مأساة جديدة ، كما حدث في محلية ود الحيلو بولاية كسلا ، في هذه المحلية البعيدة ، كشف مواطنون عن فضيحة هزت ضمائرهم ، وهي التلاعب في توزيع المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي ، فقد اتضح أن مدير الشؤون الاجتماعية ، المسؤول عن حصر المحتاجين وتسجيلهم ، قد استغل سلطته في تمرير أسماء أشخاص أثرياء ومقربين منه ، متجاهلاً بذلك الفئات الأكثر احتياجاً ، تلك الفضيحة لم تقتصر على شخص واحد ، بل امتدت لتشمل تعاوناً بين مدير الشؤون الاجتماعية وبعض أعضاء لجان الزكاة الذين استغلوا مواقعهم في التلاعب بالقوائم وتضليل المنظمات الدولية ، فبدلاً من أن تصل المساعدات إلى من يستحقها ، ذهبت إلى أيدي من لا يحتاجون إليها ، في حين يعاني الفقراء والمساكين من الجوع والعوز ، وشهد العديد من المواطنين على تلك الممارسات المشينة ، فوصفوا كيف تم استبعادهم من قوائم المستفيدين ، وكيف شاهدوا أشخاصاً أغنياء يسجلون أسماءهم ويحصلون على المساعدات ، وقد عبروا عن غضبهم واستيائهم من هذه الأفعال التي تزداد سوءاً في وقت يشتد فيه الحاجة إلى التكاتف والتضامن ، من جهته ، اعترف مشرف فريق المنظمة المنفذة للمشروع بوجود قصور في عملية الحصر ، مؤكداً أن الفئات التي تم تحديدها ليست هي الفئات المستهدفة ، إلا أن هذا الاعتراف لم يكن كافياً لتهدئة غضب المواطنين ، الذين يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن هذه الفضيحة ، تؤكد هذه القصة المأساوية أن الحرب لا تدمر البنية التحتية فقط ، بل إنها تدمر أيضاً القيم الأخلاقية والإنسانية ، ففي الوقت الذي يتوجب على الجميع التكاتف لمساعدة المحتاجين ، نجد أن هناك من يستغل الأزمات لتحقيق مصالح شخصية ، إن ما حدث في ود الحيلو ليس حالة معزولة ، بل هو انعكاس لواقع مرير يعيشه العديد من المناطق في السودان ، ولذلك ، فإن من الضروري اتخاذ إجراءات حاسمة لمحاسبة المتورطين في هذه الفضائح ، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها..
What happened in Wad Al-Haylo is not an isolated case, but rather a reflection of the bitter reality experienced by many areas in Sudan. Therefore, it is necessary to take decisive measures to hold accountable those involved in these scandals, and to ensure that aid reaches those who deserve it.
وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج:- “عذاب الكاش : سودان يصارع بين مطرقة الحرب وسندان الفقر” ففي خضمّ جحيم حربٍ طاحنة، يواجه الشعب السوداني معاناة إضافية لا تقل قسوة عن ويلات القتال ، فبين أنياب الحرب التي تلتهم الأخضر واليابس ، يرزح المواطنون تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة ، تتجسد أبرز ملامحها في شح السيولة النقدية ، حيث تشهد شوارع السودان يوميًا مشهدًا مألوفًا : طوابير طويلة تمتد أمام أبواب البنوك ، يقف فيها المواطنون ساعات طوال ، عساهم يحصلون على قليل من النقود لتغطية نفقاتهم المعيشية المتزايدة ، فمع تزايد الأسعار وتراجع قيمة العملة الوطنية ، بات الحصول على الكاش كنزًا ثمينًا يصعب الوصول إليه، ولم يقتصر الأمر على نقص السيولة ، بل تعداه إلى صعوبة التعامل بالوسائل الإلكترونية ، حيث يرفض بعض التجار التعامل إلا بالنقود ، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين الذين يعتمدون على التطبيقات المصرفية في ظل توقف العديد من الصرافات الآلية ، تلك الأزمة التي يعاني منها السودانيون ليست وليدة اللحظة ، بل هي نتاج تراكم الأزمات الاقتصادية والسياسية التي عانى منها السودان على مدار سنوات طويلة ، وقد تفاقمت هذه الأزمة مع اندلاع الحرب ، التي أدت إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل الاقتصاد، وشل الحركة التجارية ، ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن هذه الأزمة لها آثار سلبية بالغة على حياة المواطنين ، حيث تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتضخم الفجوة بين الأغنياء والفقراء ، وتزيد من حدة المعاناة الإنسانية ، في خضم هذا الواقع المرير ، يواجه الشعب السوداني تحديات جسام ، تتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية ، والعمل على إيجاد حلول سياسية للأزمة السودانية ، تمكن الشعب السوداني من العيش في سلام ورخاء.. #أوقفوا – الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.