هكذا يفتك الجوع والمرض بمواطني مايرنو
يعيش المواطنون والنازحون في مايرنو بولاية سنار جنوب الخرطوم ظروفا إنسانية قاسية بعد توقف المطابخ الخيرية وشح الأدوية وانتشار وباء الكوليرا الذي أودى بحياة أكثر من 300 شخص..
توفي طفل جارتنا حديث الولادة. ولد ميتا بسبب فقر الدم لدى لحقت به والدته بعد ثلاثة أيام فقط” هكذا حكى سلطان طلال المتطوع بمنطقة مايرنو بولاية سنار مأساة إحدى الأسر هناك.
ويضيف سلطان: هذه السيدة المتوفاة تركت ثلاثة أطفال بنات وجميعهن الآن يعانين فقر الدم.
وكشف طلال عن أن الجوع وتفشي الملاريا والكوليرا ظاهرة منتشرة في مايرنو مضيفا أن حالات وفيات الحوامل والأطفال ومرضى الملاريا والتيفويد فتكت بسكان المنطقة في ظل شح الأدوية وعدم القدرة على شراء العلاج.
يعيش المواطنون والنازحون في مايرنو بولاية سنار جنوب الخرطوم ظروفا إنسانية قاسية بعد توقف المطابخ الخيرية
فيما تحدثت سيدة أخرى للتغيير تشكو الوضع بالقول “لدي أطفال أيتام بعمر 13 و12 و8 سنوات ظروفنا سيئة وزوجي متوفى، نتمنى المساعدة، أطفالي يعانون فقر الدم”
يعيش المواطنون والنازحون في مايرنو بولاية سنار جنوب الخرطوم ظروفا إنسانية قاسية بعد توقف المطابخ الخيرية وشح الأدوية وانتشار وباء الكوليرا الذي أودى بحياة أكثر من 300 شخص.
ويوجد بمدينة مايرنو مستشفى ريفي واحد تم تأهيله جزئيا ليكون تخصصيا لاحقا ليتبع لوزارة الصحة، غير أن ظروف الحرب الحالية جعلت المشفى تحت إشراف غرفة طوارئ مايرنو.
وبعد توغل قوات الدعم السريع بولاية سنار توقف المستشفى، ثم عاد مؤخرا للعمل بمجهودات غرفة الطوارئ، غير أن الصيدلية لم يتم تشغيلها إلا في منتصف نوفمبر 2024.
ويشكو مواطنو المدينة من غلاء الأسعار في الصيدلية وعدم وجود علاج مجاني؛ مما دفع غرف الطوارئ للالتزام بوجبة للعاملين بالمشفى ونثريات تسييرية.
وبسبب إحجام وزارة الصحة بولاية سنار عن تسيير المستشفى فتحت غرفة طوارئ مايرنو مركز عزل للكوليرا بمجهودات ذاتية. ومنذ أغسطس الماضي انتشر وباء الكوليرا بايرن، وأودى بحياة أكثر من 300 شخص، بالإضافة إلى وفيات أخرى؛ بسبب مرض الملاريا وسوء التغذية وصعوبة الحصول على العلاج.
وفي السياق يقول عمر عرابي عضو غرفة طوارئ مايرنو لـ”التغيير” وزارة الصحة رفعت يدها عن مسؤولياتها، مرضى الكوليرا يعالجون أنفسهم بمجهودهم الذاتي (الدرب) الواحد ارتفع إلى سبعة آلاف جنيه سوداني.
ويضيف: في منطقتنا حدثت وفيات كثيرة من فئة كبار السن، في ظرف أقل من شهر توفي معظم من هم في عمر ال 60 عاما أو يزيد، كما أن هنالك وفيات وسط الأطفال.
وكشف عرابي عن أنهم في غرفة الطوارئ يبحثون عن مصادر للتمويل مضيفا بأنهم قاموا بنفرة دعمها أبناء المنطقة المغتربين خارج البلاد “ولم يقصروا” على حد تعبيره، غير أن تبرعاتهم لم تكن كافية لتسيير المطابخ والعلاجات.
ونبه إلى أن الجزء الجنوبي من منطقة مايرنو لم يتبق له في المطبخ الخيري سوى جوالين فقط من البليلة العدسية، ويفترض أن تكفي هذه الكمية خمسة أحياء كاملة وهو أمر مستحيل حيث يحتوي الحي على ثلاثة مطابخ خيرية.
وختم بالقول: للأسف منطقة مايرنو بأكملها لم تصلها أي قافلة إغاثة منذ دخول الحرب إلى ولاية سنار.
علاج الملاريا
وتعاني ما يرنو كذلك من انتشار الملاريا حيث يصعب الحصول على العلاج بسبب غلاء الأدوية. ويصاب المواطنون بالملاريا أكثر من مرة لنقص الجرعات.
وتبلغ قيمة أقراص كوارتز 5000 جنيه سوداني وهو علاج أولي، ليتحول المريض إلى أخذ جرعة حقن “ارتسمت” غالي الثمن، والذي لا يستطيع معظم المرضى الحصول عليه.
توقف الزراعة
ساهمت عوامل متعددة في توقف المطابخ بايرن أهمها غلاء أسعار المواد الغذائية وارتفاع أسعار الوقود والترحيل والطبخ.
وبلغ سعر جوال البليلة العدسية (الوجبة الأساسية للمطابخ الخيرية) أكثر من 300,000 جنيه سوداني بعد أن كان ثمنه في السابق في المتناول، على الرغم من أن الإنتاج الحالي في السوق قديماً، وتم تخزينه منذ الموسم السابق.
ووصل سعر القمح إلى 50,000 لليلة الواحدة (الجوال سعره 350 ألفا) فيما يقدر سعر جوال الذرة من نوع طابت 140 ألفا.
وخلال العامين الماضيين توقفت معظم المشاريع الزراعية بسنار مما أوقف الإنتاج. وساهمت عوامل أخرى في فشل الموسم الزراعي أهمها عدم توفر الجازولين؛ مما أجبر المزارعين على الزراعة اليدوية المرهقة وغير العملية.
ويعتمد المواطنون والنازحون في مايرنو الآن على التكايا والمطابخ التي توقفت تماما. وتتكون المدينة من 20 حيا حيث لم يستطع معظم المواطنين الخروج منها منذ دخول قوات الدعم السريع فيما عاد الذين نزحوا للقضارف؛ مما شكل عبئا إضافيا على المطابخ الخيرية.
الموقع الجغرافي
وتقع ما يربو على بعد 400 كلم جنوب الخرطوم على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وتبعد عن مدينة سنار حوالي 17 كلم، ومن سنجة العاصمة حوالي 70 كلم إلى الشمال. ويقدر سكانها الأصليون ب 62,000 وبها عشرون حيا.
ومع عودة النازحين والعائدين من الخرطوم والجزيرة وصل عدد السكان إلى 70,000 نسمة تقريبا.
التغيير