مقالات وآراء سياسية

حكومة ومبادرة

عثمان بابكر محجوب

 

بعد ان خفتت موجة تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع ، علت موجة تشكيل حكومة في بورتسودان الى حد تدوال اسم رئيس الحكومة المدنية العتيد العسكري ود المهدي وتم الاحتفاء بعودة وزير الداخلية السابق عنان الذي هرب في بداية الحرب بعد سماعه أول طلقة رصاص واعتبر البعض ان هذه العودة مرتبطة بتشكيل حكومة جديدة ولهذا السبب عاد الزير ابو البلى الملهلب الى الديار .ولا يمكن أخذ هذه الدعاية على محمل الجد بل هي مجرد خطوة استفزازية هدفها استدراج الطرف الاخر الى فخ تشكيل حكومة موازية بغية وضع خطة تقسيم البلاد في دائرة التنفيذ الفعلي لذلك نرى انه لا يجوز تشيكل حكومة موازية لانها يتكون بمثابة هدية مجانية لافاعي الحركة الاسلامية . وما نراه من صخب في بورتسودان حول تشكيل حكومة جديدة هو مجرد مناورة خبيثة اذا ما اقدم عليها البرهان سيفقد شرعية الامر الواقع التي بحوزته حاليا مع وضع البلاد على طريق اللاعودة على طريق المجهول. ويكذب من يقول بان تشكيل حكومة ضمن هذه المعطيات هدفه تسيير امور الناس لان هدف اهل السودان الوحيد هو وقف الحرب وليس تشكيل حكومة لممارسة العاب بهلوانية عقيمة بحجة خدمتهم .

وفيما يخص المبادرة التركية التي قيل في البداية انها للمصالحة بين البرهان ومحمد بن زايد نجدها اليوم قد تحولت عند البعض الى مبادرة لوقف الحرب وان حظوظها في النجاح كبيرة نقول لهؤلاء : صحيح ان الغريق على استعداد دائم للتعلق حتى بقشة لكن هذا لا يعني ان هدف السياسة هو انقاذ الغرقى بقدر ما هي تهدف الى انتهاز الفرص لتحقيق مصالح اصحاب المبادرة وفي هذا السياق فقط يمكن النظر الى المبادرة التركية وتقييم ابعادها الحقيقية . وماذا عن تركيا ؟ بعد أن يئست تركيا من دخول الاتحاد الاوروبي قرر الغرب اطلاق يدها في دنيا العرب كتعويض لها على فقدان الامل بالحلم الاوروبي وفي البداية اعتمد الرئيس التركي أردوغان نهجا متسرعا بهدف احياء سلطنة بني عثمان لكن هذا المشروع اصطدم بمسلمة ان التاريخ لا يعيد نفسه وان تركيا علمانية وليست اسلامية لذلك استبدل خطة احياء تركيا العثمانية بخطة انشاء تركيا – الاخطبوط . ويمتلك الاخطبوط أذرع كثيرة لكن ميزته الاهم أن له ثلاثة قلوب وهذا ما يفسر السر في علاقة اردوغان الجيدة مع اطراف متخاصمة تمنحه فرصة لعب الوسيط مثلا روسيا وأوكرانيا ، الصومال واثيوبيا ، واليوم تتجه أنظاره نحو الامارات والسودان ، لكن من شروط الوساطة ان تكون الخصومة مكتملة وفي حالة السودان والامارات الخصومة غير مكتملة لان ياسر العطا هو من يروج للعداء مع الامارات والامارات تنفي الاتهامات وبالتالي لا العطا مخول بقول ما يدعيه ولا الامارات تبنت هذه العدواة وبالتالي تفتقد هذه الوساطة لما يبررها لهذه الناحية اضافة الى وجود صراع تركي – امارتي في ليبيا فهل هناك مقايضة ما في الافق ما بين السودان وليبيا ؟. اما حول وساطة وقف الحرب فمن المعلوم ان الخصومة بين الجيش المختطف من الحركة الاسلامية والدعم السريع مكتملة الاركان لكن لم نلحظ وجود اية علاقة بين الاتراك والجنجويد وهذا يسقط احتمال قدرة المبادرة التركية على احداث اختراق ما في جدار المحنة السودانية يبقى ان نقول ان تركيا المنتشية بما حققته مؤخرا في سوريا اضافة الى نجاحها في خلق اطار مصالحة بين الصومال واثيوبيا تمد ازرعتها نحو السودان فذراع يحن الى سواكن وزراع يحن الى حيازة اراضي زراعية خصبة اضافة الى زكزة مصر في محيطيها الافريقي .

وبما اننا ذكرنا سوريا لا بد من القول ان ما حدث هناك دليل قاطع على تبعية الاسلام السياسي الكامل لاميركا حيث اننا امام نموذج واضح : زعيم متهم بالارهاب وهناك جائزة لمن يدلي بمعلومات عنه يتحول في لحظة الى شخصية محورية تتبارك برؤيته اوروبا واميركا وتحج اليه الوفود على اعلى المستويات . علما اننا نبارك للشعب السوري سقوط النظام الوحشي والطغاة من عيال حافظ لكن ما يعنينا هو ان نقول للمضللين من اهلنا بهذا الاسلام الكانيبالي السوداني بتاع كرتي -الترابي . عودوا الى رشدكم والا صح فيكم القول ان لكم رؤوس لا يستفيد منها غير الحلاق.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..