من أمن العقوبة أساء الأدب
د. منتصر نابلسي
ياعنان : أعطيني قليلاً من الشرفاء المثقفين .. وسأحطم لك جيشاً من اللصوص والفاسدين. – جان جاك روسو.
الأرض نقطة باهتة ، تحمل أنهار الدماء التي أراقها الحكام من أجل أن يكونوا اسيادا مؤقتين ، لجزء اصغر من نقطة. – كارل ساغان
الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة ، لا يعتبر ضحية ، بل شريكا في الجريمة. – جورج أورويل.
واقعنا لا يختلف كثيرا عن ما يحدث ولايمكن أن نتحدث عن من ترك دفة المركب والقيادة ليغرق الوطن في خضم هذا الدرك السحيق، الذي نحاول جاهدين الخروج به من عنق الزجاجة ، ومن الحكمة أن تفكر في المصائب وكيفية الخروج منها قبل أن تشرع في البحث عن الحلول ، فحين تضيق المنافذ ويصبح الحل غير مأمون العواقب ، بل من الحكمة أن تعلم أن الكوارث حين تصيب المجتمع يحتاج اصحاب العقول النيرة أن يتذكروا أن الحريق حين يستشري ويلتهب سوف يأكل الاخضر واليابس ، وقتها سيكون من الصعوبة بمكان أن تطفيء النار فكلما يتمدد الحريق يصبح اطفاءه معضلة والتكلفة باهظة الثمن فادحة النتائج حينها سيكون أكثر ضحاياها هم الأبرياء …
الحياة منحة من الله سبحانه وهي سنوات معدودة للحاكم أوالمحكوم معا لن تكون ملكا لحاكم مهما كان مستبدا أو ظالما او محكوم بائس مغلوب على أمره ، فهل تستحق المخاطرة ونحن بين قتل وتخريب ونزوح هل يستحق الانسان السوداني هذا التجريف والقتل والتعذيب وهذا الحقد الأعمى الذى يطال الناس بكل جلافة وقسوة.
الايادي الملوثة بدماء السودانيين ليس من اشترك في المعرك والقتل المباشر فقط ، ولكن هناك من خان الوطن وباع من حوله بثمن بخس من أجل دراهم معدودة وللاسف لم نرى مثل هؤلاء يواجهون محاكمة عادلة أو حتى مجلس محاسبة تأديبي من قبل الدولة، ولم يكن وزير الداخلية السابق عنان الا وأحدا من هذه الطغمة الظالمة التي لعبت دورا في الفساد والافساد وترك الباب مشرعا أمام الملشيا الغادرة بل ساهم في منح الاف المرتزقة جوازات السفر السودانية بدون وجه حق حتى اصبحت الجنسية السودانية مباحة يأخذها كل من هب ودب حتى تكالبت المليشيا بمرتزقتها على الدولة ليكونوا اداة قتل وإغتصاب ونهب وتشريد للمواطن السوداني ، ترك عنان منصبه كوزير للداخلية شاغرا تاركا وزارة الداخلية بدون قيادة أو وزيرانفرط عقد قوة الشرطة السودانية منذ باية هذه الحرب ، بعد أن باعهم الوزيرعنان بثمن بخس خيانة للوطن والمواطن ، فكان لضعف قوة الشرطة الاثر البالغ في عدم وجود الأمن تماما ووجدت المليشيا فرصتها في تدمير البنية التحتية للبلاد خاصة العاصمة وسرقة البنوك نهارا جهار مع ضياع هيبة الدولة.
وبكل وقاحة واستهتار يعود السيد عنان للسودان وكأن شىء لم يكن وبدلا أن يحاسب على أفعاله ليكون عبرة لغيره ، فاذا به يستقبل في بورتسودان بكل حفاوة وكرم ، وحقيقة من أمن العقوبة أساء الأدب والله المستعان .