
تواجه بحيرة تشاد التي تطل على أربع دول أفريقية هي النيجر وتشاد ونيجيريا والكاميرون تحدياً وجودياً يتمثل في الجفاف الذي يقود إلى تآكل مستمر للبحيرة التي تمثل كنزاً لجزء كبير من سكان الدول المذكورة.
وعلى رغم تصاعد التحذيرات من أن البحيرة قد تفقد كل مقوماتها في غضون سنوات قليلة فإن السلطات المعنية لا تضع خططاً فعلية من شأنها أن تنتشلها من أزمتها، خصوصاً في ظل التطرف المناخي الذي باتت تعانيه المنطقة.
وقبل سنوات صنفت البحيرة كسادس أكبر بحيرة في العالم، وهي التي توفر قوتاً يومياً لنحو 30 مليون نسمة يعملون في مجالات مثل الزراعة وصيد الأسماك والرعي وغير ذلك، لكن كل ذلك بات مهدداً.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وأيضاً الإدارة الأميركية الوطنية للفضاء (ناسا) قد حذرتا من نضوب البحيرة مع استمرار انحسار مياهها.
تفاقم الصراعات
وعلى رغم أن دولاً مثل الجزائر وليبيا والسودان وأفريقيا الوسطى ليست بلداناً مشاطئة لبحيرة تشاد، لكنها مرتبطة بها شديد الارتباط، مما يعني أن تداعيات اندثار أجزاء واسعة منها ستتأثر بها دول أخرى في المنطقة. وبحسب عديد من الدراسات فإن مساحة البحيرة تقلصت بنسبة تناهز الـ90 في المئة، فبعدما كانت تبلغ نحو 25 ألف كيلومتر مربع، أصبحت الآن نحو 2000 كيلومتر مربع.
وقال الناشط البيئي النيجري سليمان برا إن “من المهم التذكير بالموقع الجغرافي لهذه البحيرة الكبيرة التي تغطي ما يقارب ثمانية في المئة من مساحة القارة الأفريقية، حيث تمتد على سبع دول في الأقل، وهي: النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا”. وأضاف برا أن “دراسات عديدة أظهرت أنه على مدى سنوات فقدت بحيرة تشاد جزءاً كبيراً من مساحتها السطحية لسبب رئيس وهو تغير المناخ، والجفاف هو إحدى عواقب هذا التغير المناخي”. وتابع، “في الواقع فإن جفاف البحيرة يشكل مصدر قلق كبير لأنه يؤدي إلى زيادة إفقار السكان، خصوصاً أنه سيؤدي إلى تفاقم الصراعات بين المزارعين والرعاة”. ولفت إلى أنه “إذا نظرنا إلى مساهمة هذه البحيرة على مستوى المجتمع، فإن المخاوف من استمرار تآكلها أمر مشروع بين السكان المحليين وخارجه على مستوى الدول المعنية وغير المعنية لأنها توفر وظائف مهمة، وتمثل مصدر رزق للآلاف”. وأكد المتحدث نفسه أن “معظم السكان يعيشون على الزراعة المعتمدة على الأمطار وتربية الماشية، لذا فإن ندرة المياه تهدد سبل عيشهم”.
خطة للإنقاذ
وعلى مدار السنوات الماضية أنفق عديد من المنظمات أموالاً من أجل إنقاذ البحيرة من الأخطار التي تتربص بها، في وقت وافقت فيه الأمم المتحدة على عملية معقدة لجمع نحو 50 مليار دولار تستهدف من خلالها تنفيذ خطة تنقذ البحيرة وأيضاً شبح المجاعة عن الملايين.
وتبنت الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا خطة لإنقاذ البحيرة من الاختفاء عام 2008، وتتمثل هذه الخطة في تجريف نهر شاري – لوغون الذي يمثل أكبر مصدر لمياه البحيرة. ونهر شاري ينبع من جمهورية أفريقيا الوسطى ويصل إلى العاصمة التشادية أنجامينا، حيث يلتقي بنهر لوغون، الذي يشكل حدوداً بين تشاد والكاميرون، ويعبر النهر الحدود بين البلدين ليصب في بحيرة تشاد.
ولدى هذه الدول خيار آخر يتمثل في نقل جزء من مياه نهر أوبانغي، وهو أكبر رافد لنهر الكونغو، الذي يمثل الحدود الطبيعية بين أفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية والكونغو. وسيتيح نقل المياه توسعة مساحة بحيرة تشاد إلى نحو 5.5 ألف كيلومتر مربع، مما يسمح برفع مستوى البحيرة بمتر واحد في الأقل بعدما انخفض بنحو أربعة أمتار منذ عام 1962.