مقالات وآراء

اتسع الخرق على الراقع !!!

  1. عبد المنعم على التوم

 

(إتسع الخرق على الراقع) أو (اتسع الفتق على الراتق) هو مثل عربى قديم فهو يضرب عندما تزيد الأمور على صاحبها تعقيدا ولا يستطيع أن يجد المخرج والحل المناسب للمشكلة التى وقع فيها أو أوقع فيها من حوله فلا يجد بمقدوره أن يرقع الخرق أو الفتق أو البلاء أو المصيبة أو الملمة التى ألمت به ، ولا يستطيع إصلاح ما فسد . وهكذا هو حال الطاقم الذى يدير إقتصاد الدولة السوانية ، يلف ويدور فاقد للبوصلة يتخبط شمالا وجنوبا شرقا وغربا وحين يفقد الثقة بالنفس -تعم الفوضى- ، ويظل يكابر بأنه أعطى ولم يستبق شيئا ، ويظل يحرث فى البحر ويعمق من جراحات الشعب السودانى فى خلق مزيد من الازمات .. ومزيد من انفلات سعر الصرف . ومزيد من إرتفاع الاسعار . ومزيد من تعميق أذمة الثقة بين البنوك والجمهور …. وضياع الشعب السودانى فى مسار غربة لا يعلم مداها إلا اللـه .!!! .

يقول ألبرت إينشتاين عبقرى النسبية ، (ما يهمنى أكثر من الماضى هو المستقبل ، حيث أنى أنوى العيش فيه) .

(What interests me more than the past is the future in which I intend to live)

وبما أننى أحد أفراد المجتمع الذى أعيش فيه المستقبل القريب والبعيد إن مد اللـه فى الاعمار فكان لا بد أن أدلى بدلوى فيما يهمنى ويهم المجتمع السودانى قاطبة وابناء الشعب السودانى والذى يسعى هؤلاء النفر فى اصرار وبالقوة الجبرية بزجهم فى متاهات التعامل مع البنوك وبالتطبيقات الرقمية وحتى يتذكر الناس ما فى هذا الدلو من معلومات وقراءة للمستقبل المنظور القريب وليس البعيد. !!! .

جوهر عمل البنوك منذ نشأتها وحتى يوم الناس هذا قائم وقاعد على أساس أستقطاب أموال الناس وتسخيرها فيما ينفع الناس والمجتمع ولذلك كانت هناك قواعد وأعراف مصرفية أهمها على الاطلاق ثقة المتعاملين أو العملاء مع المصارف التى تتلقى أموالها من الجمهور ومن ثم تقوم بعمليات التسليف وتقديم الخدمات المتميزة التى ترضى جمهور المتعاملين وتخلق فى نفوسهم نوع من القبول والسعادة والرضى يساعدهم فى إنجاز مشاريعهم وأعمالهم وإحتياجاتهم المختلفة بكل غبطة ونجاح وسرور من خلال جمعهم لتلك الاموال أو فيما يعرف بالودائع وهكذا تعضد أهمية الجمهور فى حياة البنوك – وبدون جمهور لا يمكن أن تقوم قائمة للبنوك فالجمهور هو روح البنك – وهكذا بدأ التقدير والاحترام لاصحاب الاموال لحثهم على فتح حسابات تعظم من شأن الودائع و الاستقطاب – لذلك ظهرت القاعدة الذهبيةلإرضاء العملاء أو الزبائن (العميل دائما على حق) أو مايعرف باللغة الانجليزية

(Customer is always right – So when we say the customer is always right, it’s about putting their needs first and doing our best to keep them satisfied.

لقد شاهد الشعب السودانى فى الايام الماضية قرار غرفة العمليات و المتابعة لاستبدال العمله ببنك السودان – بداية من يوم الاحد 10 ديسمبر 2024م ويشمل القرار سته من الولايات المستهدفة ووجهت غرفة العمليات والمتابعة فى الولايات غير المستهدفة وغير المعنية بالاستبدال الامتناع عن إستلام أى إيدعات نقدية من الفئات المسحوبة من التداول إعتبارا من تاريخه….!!! (حقيقة لم يستوعب عقلى هذا الكلام ولم افهم شيئا .. !!!)  بالاضافة لاصرار البنك المركزى بعدم الاستبدال وأنما الامر فرض وبالقوة حجز الاموال واستخدام التطبيقات الرقمية عنوة وإقتدارا ، وعدم السماح بالسحب نقدا إلا فى حدود مئتان الف جنيه فقط لا غير تقلصت فى بعض الولايات الى خمسون الف جنيه فقط لا غير ، (إذا عجبك ..!! ..لو ما عجبك أمشى اقع البحر .. !!!) هذا فى تقديرى أمر خطير جدا يعمق أذمة الثقة بين المتعاملين والجمهور ويشكل أذمة حقيقية للبنوك المحلية الوطنية ويهدر كرامة الجنيه السودانى فى وضح النهار ويعطى دافعا قويا للبنوك الأجنبية للسيطرة على عنق الاقتصاد السودانى !!! وما دليل ربط شبكة بنك الخرطوم والبركة وفيصل وبنك المزارع مع بعضها ، إلا بادرة فى سيطرة الاجنبى على ميدان اللعب…!!! .

ذكر صندوق النقد الدولى فى دراسة سابقة أن اصدار عملة جديدة ليس بالامر السهل ، فالإستقلال النقدى يتطلب درجة من الاستقرار المالى تستند الى سياسات مالية سليمة يتم تنفيذها مع تقديم عملة جديدة ، وقد يؤدى الافتقار إلى السياسات الداعمة الكافية الى خسارة العملة الجديدة المصداقية ومن الصعب والمكلف جدا إستعادة الثقة إليها ، وقد نشاهد هنا فى السودان كارثة حقيقية قد تصيب الجنيه السودانى فى القريب العاجل فقد تبنى الطاقم الاقتصادى فتح عمليات الاستيراد للسيارات مما يزيد من عمليات الطلب للعملات الصعبة فى السوق الموازى ظنا منهم بأن فتح عمليات الاستيراد وارتفاع الدولار الجمركى سوف تزيد من حصيلة الجمارك وتستقطب جذب العملة السودانية الوطنية الى خزينة الدولة ولكن .. هيهات .. من الكارثة القادمة جراء هذا الاجراء الذى يفاقم المشكلة فى إنفلات جديد لسعر الجنيه السودانى وتترتب على ذلك زيادة اسعار المحروقات و الطاقة ويتبعها إرتفاع جامح فى اسعار السلع وهروب كثير من المنظمات والشركات الاجنبية فى تحويل اموالهم فى إتجاه السوق الموازى .. وزيادة فى معدلات تهريب البضائع الصادرة والواردة .. وهكذا تبحر السفينة وتدور الساقية الاقتصادية صوب المجهول… ومزي من افقار الدولة … (والعواسه نفس العواسه واضل .. للاسف الشديد ..!!) .

حقيقة هناك كثير من المبررات بعضها مقنع – كنهب الجنجويد لاموال البنوك |وكثير من التجار والمواطنين وتزييف للعملات فئة الالف جنيه وفئة الخمسمائة جنيه ، ولكن فى تقديرى تم الأمر مرتجلا ولم يكن منظما ومرتبا حتى تتحقق الاهداف المعلنة من إستبدال العملة . ولم نشاهد او نسمع منذ بداية الاستبدال بالقبض على اموال مجهولة المصدر او أموال مزيفة عرضت فى ساحات القضاء … مما يؤكد بأن الإعلام المزيف يطمس عنق الحقيقة .!! .

وحقيقة فى تقديرى ما تم فى السودان هو ليس بإستبدال للعملات بمعناه الواسع ولكنه إستقطاب وإجبار الناس على تسليم ما يحملونه من نقد وأتمنى أن أكون مخطئا عندما ابشر الطاقم الاقتصادى المنفذ لهذا البرنامج واقول لهم بأن هذا المسكن او البنج الموضعى لهذا الألم سوف يزول قريبا جدا عبر عدة إتجهات وسوف تتسرب الاموال الجديدة الى الاسواق بطريقة او بآخرى ولن تعود مرة آخرى الى أروقة البنوك للاسف الشديد مما يخلق شح وافلاس نقدى مريع فى خزائن البنوك وتصير مرة آخرى مثل الاطلال …!!! .

يقول البرت إنشتاين : إذا لم يتلائم الواقع مع النظرية فلتغير الواقع

(If the reality doesn’t fit the theory , change the reality )

فالطاقم الاقتصادى كان عليه أن يغير كثير من الوقائع والسياسات والقوانين قبل أن يقدم على مبادرة استبدال العملات أو إستقطاب العملة بمعنى أكثر دقة ، كان عليه أن يضع قوانين صارمة لكل مؤسسة حكومية لم تلتزم بالقرار فما حدث من وقائع على الارض فى كثير من مؤسسات الدولة كالاراضى و السلطة القضائية والشرطة وبعض مناطق التحصيل رفضهم التام للجمهور بعدم الاستلام للمتحصلات إلا نقدا مما جعل الجمهور هائم على امره يؤكد بأن هناك فساد وعدم إنصياع لقرارات الدولة وكل مؤسسة تعمل ما يحلو لها  !!! .

كان عليهم الالتزام الصارم بتحويل حسابات وأموال الحكومة الى مقرها الرسمى الحقيقى (بنك السودان) أو كما كان فى العهد الذهبى لمؤسسات الدولة جميعها عليها أن تحتفظ بحساباتها فى بنك السودان وأضعف الايمان فى بنك وطنى حكومى لاسباب يطول شرحها – فمن العيب والعار أن تحفظ البنوك الاجنبية الحسابات الحكومية (عيب و اللـه)!!!، كنا نتوقع أن يبدأ اصلاح حقيقى والتخلى عن برنامج الاقتصاد الحر الى برنامج الاقتصاد الموجه او المقيد وحتى تستطيع الدولة السيطرة على حركة العملات الاجنبيه داخل حدود السودان الجغرافية وتقليص التعامل على نطاق البنوك و أحياء ادارة الرقابة العامة على النقد الاجنبى ببنك السودان بعد أن قبروها أهل المشروع الحضارى … !!! كنا نتوقع أن يعود الحال للعهد الذهبى وتسيطر الدولة على ثروتها وصادراتها القومية – وتعديل كثير من مناشير البنك المركزى – حقيقة الاقتصاد السودانى يحتاج لثورة حقيقية واعادة السياسات التى تحترم وتثمن العملة الوطنية – ما فعله الطاقم الاقتصادى من حجز لاموال الناس سوف يساعد موظفى البنوك ضعاف النفوس الى فساد مستتر قد لا يعلمه أكثر الذين حرصا على هذا التغيير . فمازال الاقتصاد هشا يحتاج لكثير من القيود والاجراءآت .!!! .

أننا نؤكد ونؤمن على اهمية التعامل عبر التطبيقات الرقمية ولكن هذا لا يمكن أن يحدث فى دولة تقطع فيها الكهرباء بالساعات وعدم إستقرار فى خدمات الانترنيت فى معظم ولايات السودان بالاضافة لمعظم سكان السودان أما أنهم لديهم موبايلات لا تستطيع تقديم هذه الخدمة أو أنهم يسكنون فى مناطق ليس بها كهرباء أو انترنيت اصلا – والسواد الأعظم من العمال والمزارعين ليس لديهم خدمات بنكيه فى مناطقهم وكثيرا منهم لا يحملون موبايلات فالبنية التحتية لمتطلبات هذه الخدمات غيرجاهزه وغير مكتملة مما يعجل بإجهاض الفكرة فى مهدها …(وأظنكم لا تعلمون ذلك) ويقال فى المثل : (إذا اردت أن تطاع فأمر بما يستطاع) – الخطب جلل والمصاب عظيم والامر فظيع ولقد (إتسع الفتق على الراتق) أو (لقد أتسع الخرق على الراقع) !! . نسأل الـله أن ينير البصائر ويحفظ السودان واهل السودان من الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا ومن المتربصين والمنظراتية والرويبضة ويجنبنا شرورهم ويجعل كيدهم فى نحورهم .

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..