مقالات وآراء

العملية السياسية لوقف الحرب في السودان

 

د. الشفيع خضر سعيد

نختتم اليوم مناقشتنا للأسئلة الصعبة الستة المكونة لمحتوى رؤية القوى المدنية السودانية حول كيفية وقف الحرب الدائرة في البلاد. ونواصل الإجابة التي ابتدرناها في مقالنا السابق على السؤال السادس/الأخير والذي يقرأ: ما هي تفاصيل العملية السياسية من حيث أجندتها وأهدافها وأطرافها، وكيف يتأتى للقوى المدنية والسياسية السودانية العمل على بناء السلام وقيادة البلاد بعد إنهاء الحر، وهل ستنحصر العملية السياسية في قضايا الانتقال من الحرب إلى السلم، أم ستتوسع لتعالج جذور الأزمة الوطنية العامة في البلاد وقضايا إعادة تأسيس الدولة السودانية؟
إن تصميم وقيادة العملية السياسية، كما ظللنا نكرر، يقعان حصريا على عاتق القوى السياسية والمدنية السودانية، دون أن يعني هذا رفض أي تيسير أو تسهيلات من قبل القوى الدولية والإقليمية، وخاصة الاتحاد الأفريقي. فالمجتمع الدولي والإقليمي عبارة عن إطار كبير جدا ومتداخل لا يمكن أن تتعالج مشاكلنا بمعزل عن وجوده. ولكن التعامل معه يتطلب الحكمة والحذر حتى نضمن الحد من تأثيراته السالبة علينا. وبالنسبة لتصميم العملية السياسية، أقترح استنادها على عدد من المرتكزات، منها: مشاركة كل القوى السياسية والمدنية ماعدا حزب المؤتمر الوطني المحلول. * الشفافية والعلانية في كل مراحلها، وبعيدا عن أي تدخلات دولية أو إقليمية في تفاصيلها. العودة إلى مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، والانطلاق من مبدأ إعادة بناء الدولة السودانية وفق أسس التمسك بوحدة البلاد، واحترام التنوع العرقي والديني والثقافي وضمان العدالة الاجتماعية، وتفكيك الميليشيات المسلحة وبناء جيش قومي موحد، والحكم المدني الديمقراطي. التوافق على آلية/جمعية قومية تضم ممثلين عن القوى السياسية والمجتمع المدني والقوى الشبابية وغرف الطوارئ والعسكريين والشخصيات الوطنية، تلغي الوثيقة الدستورية لعام 2019 وتتولى مهام التشريع والرقابة وفق مراسيم بديلة تؤسس لحكم انتقالي مدني لا يشارك فيه العسكر أو الميليشيات.
مباشرة بعد وقف العدائيات وإطلاق النار، أقترح أن تبتدر الآلية/الجمعية القومية الفترة الانتقالية بإصدار مراسيم يتم بموجبها حل المجلس السيادي وهياكل الحكم الأخرى القائمة، تعيين حكومة مدنية، في المركز والولايات، من شخصيات مستقلة وعلى أساس الأهلية والكفاءة والقدرة السياسية والتنفيذية، وبعيدا عن أي ترضيات أو محاصصات سياسية أو جهوية، وتكوين مجلس الدفاع والأمن القومي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية. ونشدد على أهمية ابتعاد قيادات وكوادر الأحزاب والقوى السياسية عن الجهاز التنفيذي الانتقالي وأن تكتفي بمراقبة أدائه وسير تنفيذ الخطط والبرامج من خلال تواجدها في الآلية/الجمعية القومية، أما القيادات العسكرية فمكانها مجلس الدفاع والأمن القومي.
وفور تكوينها، أقترح أن تنظم الحكومة الانتقالية المدنية مؤتمر مائدة مستديرة تشارك فيه كل القوى السياسية والمجتمع المدني والقيادات الأهلية والشعبية والمنظمات القاعدية كغرف الطوارئ والتكنوقراط والعسكريين والشخصيات الوطنية المجمع عليها، بهدف الخروج برؤية موحدة حول المشروع الانتقالي الذي من الممكن أن ينتشل البلاد من واقع الحرب والتأزم. فصياغة المشروع السياسي البديل والبرنامج الانتقالي لما بعد الحرب هي مهمة تاريخية لا يمكن أن تقوم بها مجموعة بعينها من الفصائل، مثلما لا يمكنها أن تقتصر على النخب والقيادات السياسية وحدها. أما أولويات البرنامج الانتقالي والتي ستنفذها الحكومة المدنية، فتشمل:
الشروع فورا في مباشرة تفكيك تمكين نظام الإنقاذ.

إن تصميم وقيادة العملية السياسية، يقعان حصريا على عاتق القوى السياسية والمدنية السودانية، دون أن يعني هذا رفض أي تيسير أو تسهيلات من قبل القوى الدولية والإقليمية

مخاطبة المأساة الإنسانية المتفاقمة، وخاصة مناطق النزوح واللجوء، بالتعاون مع المنظمات الدولية، وبالتنسيق مع لجان الطوارئ ولجان الخدمات والتغيير والمنظمات القاعدية في المحليات.
استعادة الاستقرار وفرض القانون والنظام العام.
إصلاح القضاء والمنظومة العدلية.
تحقيق العدالة والعدالة الانتقالية.
إصلاح القطاع الأمني، والإشراف على عمليات تنفيذ البنود الخاصة بالجيش الموحد، ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج بالتنسيق مع القوات المسلحة السودانية.
مراجعة وتقويم اتفاق سلام جوبا، والعمل على عقد اتفاق سلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.
رتق النسيج الاجتماعي من خلال إطلاق مبادرات لتقليل الاستقطاب الاجتماعي والعرقي وللتصالح والتعايش السلمي، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني في بناء الجسور بين المجتمعات المتضررة، وتفعيل دور القيادات الدينية والمجتمعية والتقليدية في تقليل حدة الاستقطاب المجتمعي وإجراء المصالحات المحلية.
إعادة الإعمار وتنفيذ برنامج اقتصادي إسعافي.
عقد المؤتمر الدستوري على أن ينجز أعماله قبل نهاية الفنرة الانتقالية. والمؤتمر الدستوري في جوهره يعني أن يتوافق السودانيون، بمختلف انتماءاتهم الفكرية والثقافية والإثنية والسياسية، على مشروع وطني لإعادة بناء الدولة السودانية، وعلى ثوابت دستورية تشكل مواد الدستور الدائم للبلاد، وذلك من خلال التوافق على إجابات أسئلة التأسيس التي ظلت، ومنذ فجر الاستقلال، إما بدون إجابات أو بإجابات خاطئة كلفتنا تاريخا وحاضرا مرعبين. وأسئلة التأسيس تشمل: أ- شكل الحكم الملائم والذي يحقق مشاركة عادلة في السلطة بين مختلف المكونات القومية والجهوية، ويشمل ذلك إصلاح النظام السياسي بما يضمن إيقاف متوالية الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية.
ب ـ التوزيع العادل للثروة والموارد بين هذه المكونات. ج ـ الهوية وعلاقة الدين بالدولة. وبحكم طبيعة مهامه هذه، سيظل المؤتمر الدستوري، في دلالاته، أقرب لأن يختط السودان بتعدد كياناته العرقية ومعتقداته الدينية المتعددة وجذوره الثقافية الحضارية المتنوعة، منهجا لحل معضلاته المزمنة كيما يستقر دولة حديثة جديرة بأهله، ورقما ينتزع الاعتراف به في هذا العالم.
التوافق على قانون انتخابات جديد يتجاوز سلبيات التجارب الديمقراطية السابقة المرتكزة على صيغة «وستمنستر» والتي أفرزت نظما ديمقراطية هشة يسهل الانقضاض عليها. والمطلوب من القانون الانتخابي الجديد أن يحقق ممارسة سياسية صحية تستند على صيغة سودانية للديمقراطية التعددية، توائم بين القيم العالمية المطلقة للديمقراطية التعددية والسمات الخاصة ببلادنا، وتربط الديمقراطية بتوفير لقمة العيش ومياه الشرب وخدمات العلاج والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى.

‫7 تعليقات

  1. لا جديد يزكر
    نفس الإنشاء القديمه
    لم نعام شي ولن نتعلم شي
    نفس الاقصاء ونفس الادبيات وكان الشمس لم تغرب بالأمس وتشرق صباح هذا اليوم

  2. نعم هذه خارطة طريق علمية ودقيقة للنهضة بالسودان كوطن للجميع ولكنها تبقى كلاما رومانسيا لدى القابضين على مفتاح الخزنة وكراسى السلطة من العسكر وقادة المليشيات وكهنة الاخوان .
    اما علاقة الدين بالدولة فهى قنبلة موقوته تبتز بها التيارات الدينية والكهنة وتجار الدين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى لنسف اى تفاهم بالمواطنة المتساوية وتعدد الثقافات والاعراق والاديان لان هذه المبادئ تجردهم من ( عدة الشغل ) وتطردهم من السقيفة وتجعلهم مواطنين ( ساى ) لا ينتمون الى سادة قريش وإرثها . وفهم عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد نور لعبة الملوص التى يمارسونها ولذلك يطالبون دائما الاعتراف بعلمانية الدولة كشرط اساسى قبل اى تفاوض او توافق .عموما حرب السياسة القادمة اشرس من حرب الميدان .

  3. والله حكاية مشاركة كل القوى السياسية والمدنية ماعدا حزب المؤتمر الوطني المحلول. دي فيها عنصرية وغير مقبولة ممكن تقول ماعدا الشاركوا في االحكومات السابقة يبقي اي زول شارك في اي حكومة سابقة يمنع من المشاركة في الحكومة الجديدة ولكن ممكن يشارك برضو ويقدم ويشرح خبرته الطويلة للاستفادة منها ويتكون مجلس يضم هؤلاء كامراجعيه للدرواس والاستفادة منهم وبعدين ذاتو الاغلبية مسلمة يعني 99 مسلم يبقي مافي علمانية واسلامية وبس شوفوا امريكا لانو الغالبية مسيحية الدولة بتطلع قرراتها من المسيحية شوفوا موضوع منع الاسقاط للجنين معمول بيه في كل امريكا رغم انو فيها نسبات دينية اخري ولكنها لاتهتم بيهم وبعدين المسيحيين الفي السودان معظمهم من جنوب السودان والاقباط من جمهورية مصر يعني هم غير سودانيين نحن لازم في الاول نعمل احصاء شامل لكل السودان ونشوف السوداني منو عشان نحفظ ليه حقو ونعامل الاجنبي بي المثل وبعدين موضوع الانتخابات دا بدري عليه مش رئيس سوريا الجديد قال يمكن اربعة سنوات وبعد داك نعمل انتخاب بي الظبط كدا البرهان يحكم اربعة سنوات وبعد داك يعمل الانتخاب ولي ماكدا

  4. يا دكتور هذا المقال حرفيا هو الاتفاق الإطاري الذى أشعل الحرب. لن تأتى بجديد مطلقا ما لم تتحرد تتجرد من خناق ايدولوجيك اليسارية . ستكتب وتكتب وتكتب ولكن لن تستطيع ان تزيد شولة وربما تزيد شبه الشولة فى الإطاري، بعد كل مائة مقال ، على الرغم من الحل واضح جدا وبسيط جدا فى الانتخابات.

  5. هههههها …. كلام الليل يمحيه النهار…. دا تكرار للانشآ ساكت وتنظير من غير تأسيس….. لقد اتتكم طائعه يتيمة ولكنكم فرطتم بها واستفردم بها ثم انشغلتوا عنها ونحن سبحنا في عالم الخيال والاحلام في غيبه اننا كنا مغيبين وحالمين وفرطنا وافرطنا في الثقة … فاذا بكم فتيه يافعي العود لم تكونوا قدر المقام… فسحلت احلامنا وطفش نومنا وهجرنا ودمرنا وسلب منا ماضينا ولم يكن اصلا لنا مستقبل بل كنا نحلم بمستقبل من بعدنا اما حاضرنا فهو حلم كابوس…
    وقس علي هذا المختصر البسيط……..

  6. عندما سرقتم الثورة و حكمتم السودان و جمعتم كل نطيحة و متردية لم نري أي محاكمة ضد أي شخص .
    و وين كلامكم و نظرياتكم التى تخرجوها من الشنطة عند الفلس و لم تصدحوا بها فى مجلس الوزراء او المزرعة نعم المزرعة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..