مقالات وآراء

مقدمة كتاب ” نحو اقتصاد الناس أولا “

 

د. نازك حامد الهاشمي

إن الكتابة عن الاقتصاد بنهج التنوير المعرفي والتثقيف المالي تندرج ضمن جهود مطلوبة لإثراء الفكر الاقتصادي، وتعميق الوعي العام من أجل فهم العوامل المؤثرة في الحياة الاقتصادية اليومية. ويعد النهج التنويري في الكتابة عن الاقتصاد أسلوبًا يسهم في فتح آفاق جديدة أمام القارئ غير المتخصص حول مفاهيم متجددة، تساعد في إدراك طبيعة الاقتصاد المعاصر وكيفية تأثيره على مجتمعاتنا.
وتتجلى أهمية الأعمدة الاقتصادية كأساس لتحقيق التنمية المستدامة في أي مجتمع. فالأعمدة الاقتصادية تشمل التعليم، والصحة، والبنية التحتية، والتي تُعتبر عوامل حيوية تُسهم في بناء اقتصاد قوي ومرن. إن توثيق هذه الأعمدة وشرح دورها في تعزيز التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية يمثل محورًا رئيسيًا لهذا الكتاب. فالفهم العميق لهذه الأعمدة يساعد الأفراد على تحديد أولوياتهم الاقتصادية، وبالتالي يُسهم في بناء مجتمع يتمتع بالاستقرار والازدهار.
ومن جهة أخرى، فإن الإصلاح الإداري يعد عنصرًا حاسمًا في تعزيز كفاءة وشفافية المؤسسات الاقتصادية. فالأنظمة الإدارية الجيدة تسهم في توجيه الموارد نحو الاستخدام الأمثل، وتؤدي إلى تحسين الأداء العام. ويتناول الكتاب أهمية الإصلاح الإداري باعتباره وسيلةً لتعزيز فعالية الإدارة، وتمكين الأفراد من المشاركة الفعّالة في العملية الاقتصادية. ويساهم بناء ثقافة إدارية شفافة في رفع مستوى الوعي المجتمعي ويؤدي إلى تحسين جودة القرارات الاقتصادية.
أما إدارة الموارد الاقتصادية، فهي تُعتبر قلب الاستراتيجيات التنموية. ويسعى هذا الكتاب لإظهار الكيفية التي يمكن للإدارة الفعالة أن تُسهم بها في استغلال الموارد بشكل أمثل، مما يُساعد في تحقيق التنمية المستدامة. ويبرز الكتاب أهمية استدامة الموارد الطبيعية والاقتصادية، حيث إن الإدارة الحكيمة لهذه الموارد تسهم في تحقيق الرفاهية للجميع وتضمن عدم استنزافها للأجيال القادمة. لذا، يُعتبر تعزيز المعرفة بأدوات إدارة الموارد جزءًا لا يتجزأ من التثقيف المالي والاقتصادي.
إن تثقيف المجتمع اقتصاديًا وماليًا يؤدي إلى تعزيز وعي الأفراد حول كيفية إدارة مواردهم الشخصية، ويدفعهم لاتخاذ قرارات مستنيرة تخدم استقرارهم المالي وتحقق لهم رفاهية مستدامة. ومن خلال هذا التثقيف، يُمكن للمجتمع أن يبني أساسات قوية لمواجهة التحديات الاقتصادية، ويستفيد من الأدوات المالية المتاحة لتحسين جودة الحياة. فعندما يصبح المجتمع ملمًا بالأساسيات المالية والاقتصادية، تزداد قدرته على مواجهة الأزمات، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمع ككل.
إن توثيق الاقتصاد يتجاوز كونه مجرد سرد للأحداث والسياسات، بل يمثل أساسًا مهمًا للحفاظ على التاريخ الاقتصادي، ويتيح فرصة فريدة للجيل القادم لاستخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة. فهذه العملية لا تقف عند حدود تسجيل الوقائع، بل تُسهم في بناء إرث معرفي عميق، يوفّر إطارًا تحليليًا يساعد في تقييم القرارات والسياسات بموضوعية، ويُغني هذا الإرث التراكمي المعرفي، مما يعزّز القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية بفعالية ويقود إلى رؤى أكثر شمولية حول إدارة الموارد وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي عالمنا المعاصر، تبرز التحديات المرتبطة بإدارة الموارد كأحد القضايا الأشد إلحاحًا. ويتناول هذا الكتاب قضية سوء استخدام الموارد الطبيعية والاقتصادية الناجم عن ضعف الإدارة وغياب المؤسسية الفعالة والأنظمة الحاكمة. ومن خلال دراسة الهياكل الإدارية والموارد، نسعى إلى تقديم استراتيجيات فعالة لضمان تحسين الأداء وتحقيق التنمية.
تتطلب عملية التغيير الفعّال جهودًا جماعية من جميع أفراد المجتمع، وليس فقط من الحكومات والمؤسسات. إن تعزيز الوعي الاقتصادي والتثقيف المالي يتطلب مشاركة فعّالة من الأفراد، الذين يجب أن يتحملوا جزءًا من المسؤولية في تحسين أوضاعهم الاقتصادية. فكل فرد في المجتمع، سواء كان طالبًا أو موظفًا أو رائد أعمال، لديه دور مهم يلعبه في بناء ثقافة اقتصادية صحية.
عندما يتعاون الأفراد مع بعضهم البعض، ويعملون جنبًا إلى جنب مع الحكومات والقطاع الخاص، يمكن أن يتحقق تأثير إيجابي أكبر. يشمل ذلك مشاركة المعرفة، دعم المبادرات المحلية، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية التي تعزز من التنمية المستدامة. من خلال العمل كفريق، يمكن للمجتمع أن يحقق نتائج ملموسة، ويبني أساسًا قويًا لمستقبل أفضل للجميع.
يسعى هذا الكتاب للدعوة للتغيير، وينادي بأن يعمل الجميع إلى أن يكونوا جزءًا من الحل، وأن يسهموا في بناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة. من خلال دمج الوعي المجتمعي والشفافية في إدارة الموارد، نأمل في تحقيق تغيير حقيقي وفعال يضمن استدامة الموارد للأجيال المقبلة. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب تكاتف الجهود بين الأفراد والمؤسسات الحكومية والخاصة، حيث يجب أن تتعاون جميع الأطراف لتعزيز الابتكار والقيم الاقتصادية السليمة.
كما أن التثقيف المالي لا يقتصر على نقل المعرفة فحسب، بل يتضمن أيضًا تحفيز روح المبادرة وتعزيز التعاون بين الأفراد في المجتمع. لذا يجب أن يعمل الجميع على بناء بيئة تشجع على تبادل الأفكار، وتطوير المشاريع التي تعزز من التنمية المستدامة، وتتيح للناس فرصة تحسين مستويات حياتهم. إن إدراك الأفراد لأهمية دورهم في المجتمع كعناصر فاعلة يسهم في دعم الاقتصاد ويعزز من قدرتهم على مواجهة التحديات.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن نركز على أهمية استخدام التكنولوجيا كأداة لتعزيز الكفاءة وتحسين إدارة الموارد. فالتقدم التكنولوجي يفتح آفاقًا جديدة في فهم وتحليل التحديات الاقتصادية، ويقدم حلولًا مبتكرة تعزز من الإنتاجية وتساعد في تحقيق التنمية المستدامة. إن استغلال هذه الفرص يتطلب التفكير الإبداعي والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في العالم.
يتناول كتاب “نحو اقتصاد الناس أولاً” الذي بين يديك موضوع إعادة تشكيل الأولويات الاقتصادية لتحسين رفاه الأفراد والمجتمعات، عوضاً عن التركيز فقط على مؤشرات اقتصادية تقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي. ويبرز الكتاب ضرورة أن تعكس صحة الاقتصاد مدى تحسين حياة الأفراد من حيث جودة الحياة، والوصول إلى الخدمات الأساسية، والأمن الاقتصادي.
ويقترح الكتاب أيضًا تحويل السياسات لدعم التنمية العادلة والاستدامة والاهتمام بالاقتصادات المحلية، كما يدعو لخلق مقاييس تشمل العوامل الاجتماعية والبيئية لتوجيه السياسات نحو تقدم حقيقي وملموس. ويأخذ في الاعتبار عوامل غير مالية واجتماعية. ويسعى هذا الإطار الشامل إلى تصور مستقبل اقتصادي يضع المجتمعات والأفراد في صلب السياسات الاقتصادية والتخطيط للمستقبل، ويشجع على النمو الشامل الذي يعمل لصالح الجميع.
أخيرًا، علينا أن نؤكد على أهمية بناء مجتمع واعٍ، يستند إلى مبادئ الشفافية والمساءلة. فالأفراد الذين يمتلكون المعرفة والوعي قادرون على ممارسة ضغوط إيجابية على صانعي القرار، مما يؤدي إلى تحسين السياسات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية. إن هذه العملية ليست مجرد حلم، بل هي ضرورة ملحة لضمان استقرار وازدهار المجتمعات. لذا، ندعو جميع القراء للمساهمة في هذه الرحلة نحو التغيير، ولنبدأ معًا في بناء غدٍ أفضل يتسم بالتنمية المستدامة والعدالة الاقتصادية.

‫4 تعليقات

  1. د.نازك
    السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.
    مقدمة جميلة وشيقة وبالتأكيد الكتاب كثراً متعاً.
    نرجو شاكراً لو هديتني نسخة من الكتاب عبر بريدي الأكتروني :[email protected]
    شكري وتقديري لكم ومزيد من العطاء العلمي المستنير

  2. د.نازك
    السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.
    مقدمة جميلة وشيقة وبالتأكيد الكتاب أكثراً متعاً.
    نرجو شاكراً لو هديتني نسخة من الكتاب عبر بريدي الأكتروني :[email protected]
    شكري وتقديري لكم ومزيد من العطاء العلمي المستنير

  3. مع احترامي لجميع الدرجات العلمية والخبرات العملية السودانية لكن لم تجد حظها في السودان وذلك بسبب قصورهم لا نجاملكم الوطن نحن شركاء فيه من العامل البسيط لحدى اعلى درجة علمية وقد يكون العامل افضل من بروف في دفعة الاقتصاد بسبب واحد لانه وطني والبروف خائن ارتهن للمال السياسي … يادكتورة اكرر احترامي لك وتحية وتقدير لما كتبتي لاننا لم نشاهد عبر القنوات عبر المواقع الاخرى الصحف الخ… غير الحرب النفسية الحرب العنصرية وكلهم حتالة المجتمع السوداني جميع منتسبي الاحزاب بلا نخوة وبلا عززة نفس وكرامة العضو بالحزب يعمل لصالح عصابة الصحفي يعمل لصالح عصابه كلهم كل الاحزاب مشكلة السودان ليست في الكيزان وحدهم وان كان سبب وتسببوا في ما حصل لكن ليس مبررا انا كمواطن انا اسمع مواطن يصرخ وحزب مسجل وله امكانيات مادية ومعرفية وعلاقات يصرخ فلول فلول طيب انا المواطن الضعيف العاوزين ترفعوا مستوى الوعي مستوى المعرفة بالحقوق من وين اخذ اين اميل اين الجهه الصادقة التي تعمل بعيدا من القبلية المناطقية الاسرية … لدي تعقيب بخصوص الاقتصاد الاقتصاد اليوم مبني على حساب دول عظمى لا يوجد اقتصاد حقيقي وشركات لان المعدات و التقنية المعرفة العلمية بقت هي حكر ومحتكرة بالقانون وبالبندقية لدول مثل اوربا الصين امركا وباقي الدول مشغل لاقتصادات هذه الدول وحسب مزاجهم لا تستطع دولة بالعالم الثالث ان تخترق وتصادم هذا الواقع الا بوحدة وطنية وحدة صف وثوابت وطنية وهذا غير موجود وللاسف علاقات السودان خاصة الاقليمية والدولية علاقة شخصية ليست علاقات دولة بدولة التعامل يكون بواسطة اشخاص فلان بالحزب الفلاني حق ناس فلان وفلان حق الحزب او الاسرة الفلانية تابع لدولة كذا بدونه امركا اوربا الاقليم لا يتعامل الاقتصاد مرتبط ارتباط عميق وشديد بالسياسة حتى الاكل والشراب الدواء كل شيء مرتبط مثلا سوريا سقطت بي جيشها وهذا حصل معنا في السودان ابان فترة حمدوك سقط البشير ولن تتعامل معنا الدول باعتبار نظام كان ارهابي نظام الخ…. اليوم سوريا يتعاملون معها بنفس سياسة حمدوك وسوف يقع هنالك نفس السيناريو يريدون مشاركة اشخاص شبه عملاء يقول ليك السياسة والعلاقات نعم وهذه الحكمة سمعتها من زول ليس سوداني لكن ثوري قاتل وحارب القذافي سنوات عجاف وهو من الطراز الوطني لا يهتم بمنصب ولا مال ولا جاه كان صادقا في تحرير وطنه من العسكر والجهله السؤال بخصوص استقطاب الدول والاغراءات وتحدث عن حفتر بشفافية قال حفتر عميل والسبب الجيش التشادي في احدى المعارك انتصر على الجيش الليبي واسر قوة كبيرة بي ضباطها من ضمنهم اللواء حفتر هذا قال داخل المعتقل بتشاد تواصلت المخابرات الامريكية وتفاوضت معه قالوا له نحن نستطع ان نخرجك من هذا المازق لكن تعمل لصالحنا فتمت البيعه الخ…. فقال علاقة الدول شعرة تكون عميل او خادم لوطنك التعامل بين الدول يحتاج خبره وحنكه ووطنية اليوم الاقتصاد السوداني مبني على اشخاص دول تدعم طرف بالمال لكي يتحكم على مفاصل الدولة وتحصل زي الحرب هذه نرجع مربع الصفر لانه اقتصاد ليس مبني على شفافية كما ذكرت واهم عوامل نجاح مؤسسات الدولة هي الشفافية حتى جميع المؤسسات عاوز افتح سجل تجاري يكون متوفر البيانات الشروط متساوية للجميع ليس كما هو بالسودان تخيلي يادكتور شخص سوداني له خبره في صناعة الحلويات الشامية وهي مشهورة ومن افضل الحلويات بالسوق سعرها وحب العامه لها حاول يفتح محل بالخرطوم ذهب لكل الاجراءات وصل لمرحلة احد الموظفين قال ليه والله ساكت تعبان ليه قال ليه ما في تصديق بيتم لان هنالك جمعية او تكتل من اشخاص متحكمين على سوق صناعة جميع الحلويات الباسطة وغيرها هذه الشبكة تدفع شهريا مبلغ من المال لمدير المحلية مقابل عدم التصديق لاي شخص يدخل هذا المجال وبنفس هذا المعيار وقصص حقيقيه وقعت في عهد الكيزان واصحاب المشكلة من رحمي ودمي تخيلي واحد ذهب ليعمل توكيل لشركة استيراد وتصنيع الحفاض بتاع الاطفال دفع وتسكع في جميع المؤسسات اخر حاجه ذهب وجد التوكيل مصدق ومركون ويتم دفع مبلغ مالي كبير لهذه الشركة مقابل عدم منح توكيل لاي سوداني والقصص كثيرة نحن لا توجد لدينا دولة الدولة مخطوفة من شبكات اجرامية وتتشابك في جميع الاحزاب السودانية داخل لجنة ازالة التمكين يوجد افراد منتفعين من النظام السابق تاجروا معه هنالك شركات اصحابها وملاكها لديهم علاقات مباشرة بهرم احزاب وشكرا انا بكتب بدون مراجعه فقط فضفضه واستحملونا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..