العنف والكراهية في السودان ،، الجذور النفسية والاجتماعية للعنف الانتقائي

محمد الهادي
“الظلام لا يطرد الظلام، الضوء وحده يفعل ذلك. الكراهية لا تطرد الكراهية، الحب وحده يفعل ذلك.”
“اللاعنف ليس سلبية بل موقف إيجابي يدعو إلى الحب والسلام.”
الاقتباسات لمارتن لوثر كينج وموثقة في خطبه:
“Strength to Love” و”Loving Your Enemies”*.
مشاهد القتل والاغتصاب وقصف الطيران للأعيان المدنية، والتعذيب الوحشي مثل الذبح وبقر البطون، والتصفيات الجسدية، أصبحت مشاهد يومية مألوفة في السودان، وترسم صورة قاتمة لواقع مرير، وما كان يوماً يُعتبر جريمة نكراء، أصبح الآن مشهداً عادياً يتكرر دون أي اعتبار لكرامة الإنسان أو للقيم الإنسانية، وهذه الفظائع تتعدى الأجساد الممزقة، لتغذي مشاعر الخوف والكراهية التي تجتاح النفوس، وتغرق المجتمع السوداني في دوامة من العنف الذي يقتل كل أمل في السلام، ويبني جدرانًا أعلى من الاستقطاب والانقسام.
الجرائم والانتهاكات المتكررة، بما في ذلك القتل خارج القانون خلال حرب الخامس عشر من أبريل، تكشف لنا بشكل واضح عمق الأزمة، والعنف والكراهية المتجذرة داخل المجتمع السوداني، وهي نتاج بيئة مشحونة بالاستقطاب الاجتماعي والسياسي الذي يغذي الكراهية ويبرر العنف، سواء من طرف الجيش أو قوات الدعم السريع، فتلك الأفعال نتاج لعقلية ترى في “الآخر” تهديدًا وجوديًا يستوجب الإقصاء والإبادة، واستمرارها سيفاقم الانقسامات بشكل كبير، ويؤسس لثقافة قبول العنف كوسيلة لحل النزاعات، مما يهدد أي فرص مستقبلية لبناء سلام مستدام أو تحقيق مصالحة وطنية حقيقية.
خلال الحرب الحالية، شهدت مناطق عديدة في السودان، انتهاكات صارخة بحق المدنيين من قبل الطرفين المتصارعين، ففي المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، تعرض السكان للعنف المفرط والنهب والترويع، لكن المعاناة لم تنتهِ عند خروجهم، إذ جاءت قوات الجيش لتعيد إنتاج نفس الممارسات تحت مبررات ودعاوى مختلفة.
تقف أحداث قرية ود النورة والحلفايا شاهدًا على هذه الانتهاكات، فبعد سيطرة أحد طرفي النزاع على أي منطقة، يتعرض المدنيون لعمليات تصفية جسدية بذريعة تعاونهم مع الطرف الآخر، وهذه الادعاءات تكررت في مناطق أخرى، كالجزيرة التي كانت تأمل في الاستقرار بعد خروج الدعم السريع، لكنها وجدت نفسها مجددًا ضحية لعنف الجيش، عمليات القتل خارج القانون أضحت ممارسة شائعة، حيث يُتهم السكان زورًا بالولاء للطرف الآخر، دون أي دليل، لنجد أنفسنا داخل حلقة مفرغة من الانتهاكات المتبادلة.
العنف والكراهية، كظاهرتين إنسانيتين متكررتين، يشكلان تحديًا عميقًا للفهم النفسي والسوسيولوجي، لا سيما في المجتمعات التي تعاني من الانقسامات الحادة، كالحالة السودانية التي أفرزتها الحرب بين الجيش والدعم السريع. ولفهم جذور الموقف تجاه العنف والكراهية، سواء بالرفض المطلق أو الانتقائي، يجب النظر إلى التفاعلات النفسية والاجتماعية التي تصوغ موقف الأفراد والجماعات من هاتين الظاهرتين.
ومن منظور نفسي، يرتبط رفض العنف والكراهية أو قبولهما ارتباطًا وثيقًا بهوية الفرد والجماعة التي ينتمي إليها، فالفرد الذي يرفض العنف والكراهية جملة وتفصيلًا يتبنى غالبًا منظومة قيمية ترى في الأذى تهديدًا لمبادئه الإنسانية، بغض النظر عن الطرف الذي يتعرض لهما. أما أولئك الذين يرفضون العنف والكراهية إذا وقعا عليهم فقط، بينما يتقبلونهما أو يغضون الطرف عنهما إذا وقعا على “الآخر”، فهؤلاء يعكسون موقفًا قائمًا على تماهيهم مع جماعتهم أو انحيازهم لمصالحها.
هذه النفسية المتجذرة داخل المجتمع السوداني ليست حديثة، بل يمكن تتبعها عبر تاريخ الصراعات والحروب في السودان، والحرب بين الجيش والدعم السريع تمثل إمتدادا طبيعي لحالة الكراهية المتجزرة في المجتمع، والتي تعمقت بشكل كبير إبان فترة نظام الإنقاذ والصراعات التي لازمت تلك الفترة، والقائمة على نبذ وإقصاء الآخر، وهذا الصراع الدائر الآن، يعتبر إمتدا طبيعيا لتك الحقبة، وانعكاس لصراع أعمق يكشف عن انقسامات اجتماعية وعرقية وسياسية، وفي هذه السياقات، يتم إعادة إنتاج مفاهيم “الآخر” بشكل متكرر، يُنظر إلى الطرف الآخر باعتباره عدوًا، وحينها يصبح العنف والكراهية الموجهان نحوه مبررين، إن لم يكونا مطلوبين، وفق سرديات تصوغها النخب السياسية والعسكرية لتأجيج الصراع واستقطاب الدعم.
قبول العنف والكراهية الانتقائي ينبع عادة من آليات دفاعية تهدف إلى حماية الهوية الجمعية للفرد، وعبر هذه الآليات، يتم تحويل العنف والكراهية من فعل مدان إلى وسيلة مشروعة للدفاع عن النفس، أو الجماعة، أو القيم، كما هو الحال الآن، وهذا التحول يبرزه خطاب الحرب، حيث يتم تصوير الجيش كمدافع عن “الدولة” والدعم السريع كـ”ميليشيا”، أو العكس، بتصوير الدعم السريع كمدافع عن الجماهير ضد صلف الدولة والجيش، وذلك تبعًا لانتماء الراوي، وهذه السرديات تخلق استقطابًا نفسيًا حادًا، حيث يصبح من المستحيل التعاطف مع ضحايا الطرف الآخر.
من زاوية أخرى، يشير علماء النفس إلى أن التفاعل مع العنف والكراهية يتأثر بالخوف والشعور بالضعف. فالفرد الذي يشعر بأنه مهدد مباشرة يرفض العنف والكراهية عليه، لكنه قد يجد فيهما حلاً إذا وقعا على “الآخر” الذي يعتبر مصدر تهديد، وفي السودان نرى هذا بوضوح عندما تدافع المجتمعات المحلية عن أحد الأطراف ليس اقتناعًا بعدالة موقفه، بل خوفًا من الطرف الآخر. وهنا، يُستدعى مفهوم “العنف الوقائي” الذي يبرره الأفراد للحفاظ على وجودهم وأمنهم، وهذا يتضح جليا في خطاب أنصار ما يعرف بدولة النهر والبحر.
الاستقطاب العرقي والديني يزيد من تعقيد الموقف تجاه العنف والكراهية، عندما يُبنى العنف والكراهية على أساس هذه الانقسامات، فإنهما يأخذان بُعدًا أخلاقيًا، حيث يتم تصويرهما كـ”واجب” أو “رد فعل مشروع” ضد الآخر الذي يُصور غالبًا كـ”شيطان” أو “غريب”. هذا التصور يُسهل على الأفراد تجاهل المعاناة الإنسانية للطرف الآخر، بل وحتى الشعور بالرضا عن ألمه، ويُعرف هذا ب”العدوان المشروع”.
استمرار الحرب في السودان يعمق هذه الانقسامات النفسية والاجتماعية، ويجعل من الصعب تبني موقف يرفض العنف والكراهية بشكل كلي، أما الكارثة الكبرى فتكمن في أن العنف والكراهية يصبحان نمطًا مألوفًا للعلاقات بين الأفراد والجماعات، وذلك يعمق الأزمة ويجعل من السلم عملية معقدة وطويلة.
التحليل النفسي لهذه الظاهرة يضعنا أمام مسؤولية إدراك أن أي قبول للعنف والكراهية، حتى الانتقائي منهما، يفتح الباب أمام استمرار دوامة الدماء، كما أن بناء مجتمعات متصالحة يتطلب إعادة تأهيل نفسي واجتماعي، يهدف إلى تفكيك الصور النمطية عن “الآخر” وتعزيز قيم إنسانية ترفض العنف والكراهية بمطلقهما، والسودان كحالة إنسانية وسياسية ملحة، أحوج ما يكون إلى هذا النهج إذا أراد تجاوز محنته.
اها وبعدين يا اخونا السعودي انت شرحت لينا كل مشاكل السودان من الالف الي الياء ولكن نسيت كالعاده تضع النقاط فوق الحروف و تضع لينا الحلول شنو ولي اها عندك حل واحد انو نحب الاعداء حقتنا لا ياشيخ هو حتي الاسلام ماقال حبو الاعداء تجي انت تجيب لينا كلام امريكي سادج كلامو غير مقبول لنفسه حتي ويصعب تصدقه لانو النفس لاتقبل المكروه وهو بالعافية يعني ولي ايه ياشيخ وكدا باالله عليك شوفنا لنا حلول كويسة ومقبوله وواب وكرا واحي وسجمي والترابة في خشمي هو مش قالوا البباري الجداد بوديهو الكوشة!!!
لعل اكبر خدعة للنفس مارسها السودانيون على انفسهم بان صدقوا ان مجتمعهم ليس عنيفا وانه مسالم ومتسامح هذه عبارات لا تعكس الحقيقة ولا صلة لها بها لانها تسقط عند اى اختبار فالمجتمع القبلى اذا لم يتم تحصينه ببرامج تربوية وقانونية صارمة سرعان ما يدور حول نفسه ويعمل مرة اخرى على اذكاء القبلية .. لذلك نجد ان السودانى وفى عمق تفكيره اذا اراد قضاء غرض ما فى اية دائرة عامة يفكر قبل كل شئ عن احد افراد قبيلته حتى لو ان الموضوع لا يتطلب ذلك.. ولا ننكر ان القبلية تطغى على الدولة وقوانينها فكم من المتهمين هربوا من الحراسات بعد ان سهل لهم بعض القائمين بذلك والتهريب الذى يشهده السودان لموارده خاصة الذهب تقف خلفه القبلية والفساد… وما نشاهده اليوم ليس جديدا بل متجذر فى المجتمع السودانى ولعل اوضح مثال هو ما يتذكره السودانيون ممن عاصروا الديموقراطية الثالثة فى ثمانينات القرن الماضى ما قاله الوزير الكتور محمد يوسف ابو حريرة وكان وزيرا للتجارة وعضوا بالبرلمان وقبل ذلك كله كان استاذا للقانون بجامعة الخرطوم… ففى احدى جلسات البرلمان تفوه بكلمات اعترض عليها احد النواب وطالبه بسحبها والاعتذار وجاء رده صادما انه حلف بالطلاق الا يعتذر واضاف بقوله ( انا من قبيلة تقتل ولا تعتذر) وهو الاستاذ الجامعى الوزير والبرلمانى ,,كانت كلماته تلك تلخص المستنقع الذى هوى اليه السودان ولا يزال قابعا فيه.. المؤسسات العامة فى السودان مؤسسات عنيفة وطبيعى الا تحترم المواطن السودانى فهى بعيدة عنه ولان انظمة الحكم التى تعاقبيت على البلاد الديموقراطية منها والعسكرية لم يكن المواطن واحترامه هما فى مخيلتها… وفى شوارع الخرطوم عادة ما تلتقط الاذن عبارة ( انت شنو) وهى تعنى بالضبط ان الاخر لا قيمة له بل لا وجود له البتة. اما عهد الانقاذ فقد بر غيره من العهود فى سفيه القول واحتقار الاخر توجها البشير بمقولته فى حديث الغرابية الاشهر… رحم الله الطيب صالح فقد قال ان الخرطوم هى اكبر تجمع للبدو فى العالم مع احترام البداوة ففيها من الخصال الحميدة الشئ الكثير…..العنف والكراهية يعمقهما الظلم التاريخى والنظرة الاستعلائية وعدم الاعتراف بالتنوع المشهود فى السودان…. فقد نسبت هذه الكلمات لاحد ممن يسمون بفحول الشعراء فى السودان وهى تنبض كراهية واستعلاء لا مثيل لهما تقول الكلمات من قصيدة طويلة
ساتركها بلادى فنيلها ما عاد كوثر ارض موريس وسحلول وبعشر
وكل النفايات التى خلفها المعسكر
اذا الاسماء المشار اليها فان موريس هو موريس سدرة القبطى وكان اول وزير صحة فى حكومة جعفر نميرى بعد انقلاب مايو1969م اما سحلول فهو على سحلول الديبلوماسى الذى وصل الى تسنم وزارة الخارجية فى عهد الانقاذ وبعشر هو الطبيب النفسى الاشهر طه بعشر وهؤلاء رموز كل فى مجالاته ولكن العنصرى الذى يكره الاخر لا يرى فيهم الا سببا يغادر الوطن هربا وينسى بالطبع ان هروبه سيجعله هو ذاته اخرا لا بد ان يجد من يكرهه ولا يستسيغ رؤيته…
excuse me هوووي انت يعني عاوز تقول انو القبلية والقبائل هي سبب كل مصائب السودان طيب الحل عندك شنو؟ نمحي شئ اسمو القبلية مثلا؟طيب السعودية ودول الخليج مافيها قبائل وعنصرية شديدة وقبيلة واحدة هي من تحكم وتاخذ المال وكلو كلو ليه مافي مشاكل طيب لية؟لالا المشكلة العندك اكيد ليس في الاسمية لانو لو اسم القبيله مشكله ممكن تغيروا الاسم واكيد انت عندك مشكلة في المنطقية مش كدا يعني المنطقة والموقع الجغرافي وليه ناس الشمال ساكنين فوق في الشمال وانت في دارفور ساكن في الاخر في الجنوب وعاوز نشيل ليك دارفور دا ونطلعها في الشمال مثلا ولي عاوز نتبدل المناطق انتو تجوا تقعدوا في الشمال الحارقكم دي ونحن نمشي نقعد في دارفور
اخى الكريم رايت تعليقك مؤخرا فبلدان كالسعودبة فبها من القوانبن ما بردع اى مخالف ونالنظم الادارية فيها فعالية فضلا عن التعليم وبرامج التربية كلها تساهم فى تضييق الخناق على سوءات القبلية…. ولا يعنى ايذا ان وجود القبلية فى السعودية مبرر لوجزدها فى السودان ومع كل الاحترام للسعودية فهى ليست النموذج الامثل ولكل بلد ظروفه الموضوعية للسير فى الطريق التى تناسبه
اي وطن ارض بوجه هذه البسيطة يوجد بها تنمر عنصرية لكن قوانين وقوة الدولة هو البيتحكم او الساسة هم من يتلاعبون بالشعوب الشغلة ضرب اعلامي على المجتمع هات دولة بوجه هذه الارض لا يوجد تنمر وعنصرية اولاد العم الخال الاخت يتعنصروا على بعض يبقى الضرب على هذا الوتر من الخونه والجهله طلاب السلطة والذين لا يميزون ما بين وطن وتعارض حزب او نظام يتشفون ينتقمون من بعض والكل يظل مجنون بلا وعي في الصراع اصحوا فيقوا من هذا الوحل واي زول سوف يدفع ثمن ما قام به من تخريب من اي طرف ربنا دا ما غافل بيردع اي ظالم اي خبيث وخسيس