مذابح ودمدني و”الذاكرة السمكية”

د. النور حمد
قديما قالوا : “كلُّ تجربةٍ لا تُورِثُ حكمةً تكرِّرُ نفسَها”. فالنسيان السريع للتجارب السيئة التي ينبغي أن تورث حكمةً وعبرةً ، ونسيانها حيث يجب استحضارها ، أمرٌ شائعٌ وسط جميع الناس. وهذا هو ما تعتمد عليه الجمعيات السرية ، والأنظمة السياسية الماكرة ، من ديكتاتوريةٍ ، بل ومن ديمقراطيةٍ ، لنسج المكائد والدسائس والمؤامرات للتحكم في عقول العامة. فإذا ثار شعبٌ ضد نظامٍ ما ، بسبب سوء الأحوال ، يقوم النظام بخلق كارثةٍ أضخم تجعله يحن إلى وضعه السابق الذي شكا منه. هكذا تفعل الأنظمة الأمنوقراطية للسيطرة على عقول العوام ، وسوقهم كقطعان السوائم. هذه الخطة كثيرًا ما تنجح ، ولا يبين مكر مدبريها ، بل قد يتحولون إلى أبطال ، في نظر الجمهور. وعمومًا ، فإن أساليب السيطرة على عقول العامة والتحكم في رودود أفعالها ، كثيرة للغاية. وقد كُتبت فيها مئاتُ الكتب ، وآلاف الأوراق العلمية.
من مجزرة الضباط إلى مذابح ودمدني
أعدم نظام الكيزان ، في أول عامٍ له في الحكم ، 28 ضابطًا ، كانوا قد قاموا بمحاولة انقلابية ضده. تفاوض معهم النظام لكي يسلِّموا أسلحتهم ويستسلموا ، مقابل منحهم الأمان ، ووعدهم بمحاكماتٍ عادلة ، فصدقوا واستسلموا. لكن ، ما أن استسلموا غدر بهم ، وساقهم بلا محاكمات إلى غرب أمدرمان حيث قُتلوا ورُميت جثثهم في حفرةٍ ضخمة. وكان إصابات بعضهم ، في ذلك القتل العشوائي ، غير مميتة ، فجرى دفنهم وهم أحياءٌ يئنون. عقب ذلك جعلوا آليات الحفر الثقيلة تسير بجنازيرها فوق تلك الحفرة. وقد اعترف بقتل هؤلاء الضباط ، نائب الرئيس البشير ، علي عثمان محمد طه في كلمةٍ متلفزة.
في الثاني من أبريل 1998م ، جرت مجزرةٌ أخرى في قرية العيلفون ، جنوب شرقي العاصمة السودانية الخرطوم. كان ضحايا هذه المجزرة شبانٌ صغار السن ، جيء بهم قسرًا لمعسكرٍ للدفاع الشعبي. طالب هؤلاء الشباب إدارة المعسكر منحهم عطلةً ليومٍ أو يومين ليحضروا العيد مع ذويهم. لكنَّ إدارة المعسكر رفضت طلبهم ، فحاولوا الهروب. فما كان من إدارة المعسكر إلا أن أطلقت عليهم النيران ، فغرقوا بالعشرات في مياه النيل الأزرق ، الذي يقع المعسكر على ضفته الشرقية.
في عام 2003م ، اشتعلت حرب دارفور ، فاستأجرت حكومة الكيزان الزعيم القبلي ، موسى هلال ، ومعه علي كوشيب ، وغيرهم ، فعاثوا في أهل دارفور قتلاً وتشريدًا. كما حرقوا القرى ومسحوها من وجه الأرض. وقد قدَّرت المنظمات الدولية أن من قُتلوا في تلك المجازر يبلغ 300 ألف. أما الذين أصبحوا يعيشون في المعسكرات فيفوق عددهم المليونين. وهذا العدد من الضحايا ليس سوى جزءٍ من عددٍ أكبر جرى قتله ، من قبل في جنوب السودان ، ومن بعد في جبال النوبة ، والنيل الأزرق.
في عام 2013م ، اشتعلت انتفاضةٌ شعبيةٌ قويةٌ ضد نظام الكيزان ، فواجهوها بالرصاص الحي المُصوَّب بدقة إلى روؤس المتظاهرين وصدورهم ، وبلغ عدد الضحايا المئات. وتحدَّث عن تلك الحوادث ، نائب الرئيس ، على عثمان محمد طه قائلاً : إن التعليمات لقوى الأمن أن تصوِّب بنادقها لتقتل ، وحسب ، shoot to Kill ، كما قالها باللغة الإنجليزية. وإلى جانب كل ذلك ، كان المعارضون للنظام من الرجال والنساء ، طيلة فترة حكم الكيزان الممتد من 1989م وإلى 2019م ، يُعتقلون ويُهانون ويعذَّبون بأخس الأساليب وأبشعها ، بل ويُغتصبون. كما أحيانًا يُقتلون بدمٍ باردٍ وهم في المعتقلات ، ويجري إخفاء جثثهم أو رميها كيفما اتفق.
مجازر ما بعد الثورة
منذ أن اشتعلت ثورة ديسمبر 2018م واجهها نظام الكيزان بعنفٍ مفرط. فما من مظاهرةٍ سلميةٍ خرجت إلا وجرى قتل بعض ممن قاموا بها. ثم حدثت المذبحة الكبرى التي جرت في فض اعتصام القيادة العامة. دبَّر تلك المذبحة الكيزان وجيشهم ، وجرت تحت سمعهم وبصرهم. في تلك المذبحة البشعة ، جرى قتل مئات من المعتصمين بالرصاص الحي. كما جرى إلقاء بعضهم في النيل الأزرق وهم أحياء ، مع شد الوثاق على اليدين والقدمين ، وربط الأجساد إلى أثقالٍ خرسانية ، لكي يموت الشبان غرقًا ، ولكيلا لا تطفو جثثهم بعد موتهم إلى السطح. لكن الجثث طفت وانفضحت الجريمة. وبعد انقلاب البرهان على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021م ، استمر قتل الشبان والشابات قنصًا من على أسطح البنايات ، وبالدهس بسيارات الشرطة وقوى الأمن. كما استمر حملات الاعتقال والتعذيب والاغتصاب.
كان غرض البرهان والكيزان من إشعال الحرب الجارية الآن ، هو قطع الطريق على الاتفاق الإطاري ، وسحق قوات الدعم السريع التي وقفت معه. وأهم من ذلك ، قلب الطاولة على الجميع. ونقل الناس إلى مربعٍ جديدٍ ، اعتمادًا على قصر ذاكرة الجماهير ، وتلاشي تأثير الفظائع من الأذهان. فشلت خطة على قوات القضاء على الدعم السريع في مدة قصيرة. فاتجه البرهان والكيزان إلى الاستثمار في التجاوزات التي حدثت منجانب قوات الدعم السريع. حشدت الآلة الإعلامية الكيزانية الضخمة جهودها لشيطنة قوات الدعم السريع ، حتى نسي كثيرون من هم الكيزان وماذا فعلوا عبر أكثر من ثلاثين عامًا. بل ، نسوا أن هناك ثورة سعت لازاحتهم من السلطة. اشترى كثيرون صورة الدعم السريع التي رسمها لهم الكيزان ، ونسوا صورة الدعم السريع الأولى ، الزاهية ، التي رسمها له الكيزان أنفسهم ، حين كانوا على وفاقٍ معهم. وأشرطة الفيديو في كيل المدح لقوات الدعم السريع من قبل الكيزان والكوزات ، على قفا من يشيل. عقب إشعال الحرب والفشل في حسمها لجأوا إلى الاستنفار ، وتسليح المدنيين. ورفع البرهان والكيزان شعار، “جيشٌ واحد شعبٌ واحد”، وشعار أن هذه الحرب ، “حرب كرامة”. فاشترى كثيرون ، ومن بينهم مثقفون ، هذه الفرية المفضوحة.
هل فهمنا بعد؟
جاءت استعادة مدني لتؤكد لمن لا يزالون يحتاجون لتأكيد ، الطبيعة الوحشية الأصلية للكيزان. فالكوز مهما تظاهر بالتمدن ، لا يملك ، بحكم نشأته، إلا أن يعود إلى طبيعته الافتراسية الأولى. بعد يومين أو ثلاثة من استعادة المدينة ، امتلأت وسائط التواصل الاجتماعي بالفيديوهات التي صوَّر فيها متطرفو الكيزان المرضى ، فظاعاتهم. صوَّروا أنفسهم وهم يرفعون رؤوسًا مفصولةً عن أجسادها ، وأميرهم يحثهم على قطع المزيد. كما صوَّروا أنفسهم وهم يبقرون بطن امرأة حامل ، وكذلك ، وهم يلقون بشخصٍ إلى النيل الأزرق من فوق كبري حنتوب ثم وهم يلاحقونه بوابل من رصاص بنادقهم ليسقط ميتًا في مياه النهر. أيضًا ، صوَّروا أنفسهم في حوش فسيح ملئ بالجثث لمن أعدموهم جزافًا ، وربما لكي يتسلى هؤلاء المرضى النفسيون. وهذا ليس سوى غيضٍ من فيض.
ما جرى في ود مدني ليس سوى المقدمة لحكم الكيزان الثاني ، الذي سيسرفون ، أكثر من أي وقتٍ مضى ، في القتل والطغيان والفساد. وإذا ، لا قدر الله ، أمسك البرهان ومن ورائه الكيزان ، بمقاليد الأمور من جديد ، فسوف يقولون لعمر البشير : “إنت بتعرف شنو”. لقد أظهرت فظائع ودمدني حقيقة “جيشنا” المزعوم ، وحقيقة “شعبنا” المزعوم. كما أظهرت زيف اللُّحمة المزعومة الرابطة بينهما. وأهم من ذلك ، أظهرت ذاكرةً جمعيةً سمكيةً ، حوَّلت أكثريتنا إلى قطيعٍ من السوائم. فبعد ثورةٍ خلبت ألباب العالم بسلميتها ، جاءت فظائع ودمدني لتَسِمَنَا كأمة : بِرقَّةِ الدين ، وبالتَّوحُّشِ، والنذالةِ ، وانعدامِ الشرفِ والمروءة ، وخواء العقول ، وخلو القلوب من الرأفة والرحمة. لعنة الله على الكيزان أينما ثُقفوا ، وعلى كل من شايعهم ، ومالأهم ، وزيَّن لهم خواء عقولهم ، وخراب نفوسهم ، أو لزم الصمت تجاه باطلهم الصراح ، خوفًا ، أو طمعًا.
وبعد اعترافهم بأن كيكل كان عميلاً لهم داخل الدعم السريع ، فترة سيطرته الدعم السريع على مدينة ودمدني ، يتضّح ان الانتهاكات والمجازر والقتل والسحل والاعتداءات الفظيعة التي وقعت في مدني تلك الفترة كانت بإيعاز منهم وبتدبيرهم وبايدي عملاءهم ، لمجرد كسب الرأي العام والعالمي ، وهذا ما عملت عليه آلتهم الاعلامية في ذلك لوقت وصدقه الكثيرون ، وها هم يعيدون انتهاكاتهم الاولى لاهالي ودمدني بواسطة كيكل نفسه !!!
ليت اصحاب الذاكرة السمكية يستيقظون من ثباتهم العميق وغفلتهم .
من اشكاليه د. النور حمد انه يتموضع حول الذاتيه وينغلق في العداء الفاجر تجاه الاسلاموين ( علما ان العنف المقدس عند الإسلاميون تأسيس بنيوى وجوهرى حيث الأحزاب الاسلامويه تاسيسيا منذ حسن البنا وعبدالرحمن السندى الى الهالك الترابى فيها جناحين سياسى مدنى يوظف الدين ايدولجيا واستقطابيا وشق اخر عسكرى جهادى يشكل مليشيات توظف للجهاد ضد المختلف المخالف وحمايه الفساد والافساد والتمكين), ويعتقد د. النور حمد (بالرغم ان مفكر كبير ومعلم منضبط ورمز ثقافى ومعرفى سودانى) ان الإسلاميون هم سبب اى مشكله في السودان وهم جذر العنف السياسى والعنف المقدس, وهذا يتجافى مع الموضوعية حيث الاختزال التبسيطى المختل لايتماهى مع الموضوعيه ولا المنهجيه , بيد ان الإسلاميون (الكيزان -الاخوان المسلمين كقوى ظلاميه هي واحده من العوامل المدمرة للسودان) ولعل د. النور حمد يريد الانتقام من الكيزان لانهم تخلصو وتسسبو ف قتل الأستاذ محمود محمد طه كمفكر وقطب ادرك خطوره الاخوان المسلمين ………………………….عنف الدوله المركزيه الاسلاموعروبيه المستعمره له جذور تاريخيه منذ مذبحه عنبر جوده ومحرقه قطار الجنوبيين بالضعين + عنف جهاز الدوله من جهز الامن والجيش وقتل الجنوبيين بعنف لامثيل له عند اشتعال بذره التمرد ( ضابط شايقى لقبه أبو سريع حرق الأطفال والنساء الجنوبيين في ملكال وحرق ضباط نميرى وغالبهم من الشمال النيلى بيوت الجنوبين في ملكال: وكتب عن هذا توثيقيا الأستاذ : شوقى بدرى ومن التباينات الغير مفهومه ان الأستاذ محمود محمد طه دعم وساند حكومه نميرى ورفع نميرى درجات في درجات الترقى وجعل منه القوى الأمين ……….
اما صنعه التمليش فقد ابتدرها برمه ناصر في عهد الهالك الصادق المهدى حيث صنعوا لمراحيل وكان نميرى قد شكل مليشيا من البقاره تحمى المسير بعد اتفاقيه اديس ابابا ( صنع نميرى مليشيا منضبطه تحمى أهلها ولكن برمه ناصر صنع مليشيا تقاتل التمرد وتنهب الجنوبيين في المناطق الحدوديه مثل الخرسانه وكده)+ القوات الصديق قوات الباشمرقه ……………………………………………….اما اجرام الحركه الاسلاميه (المؤتمر الوطنى او الكيزان او الاخوان المسلمين) فهو جزء تكوينى اساسى متمحور حول جدليه العنف المقدس المبرر بتاويلات وتفسيرات ترابيه منبثقة من التفسير التوحيدى وتراث سيد قطب , اذن ما حدث في مدنى في الكنابى متوقع وما فعلته مليشيات العطاوة (الدعم السريع) ماهو الاتمدرس وتتلمذ على يد الالاسلامويين…………………..
اما صناعه التمليش ( بداء قبل صناعه الشيخ موسى هلال حيث تم تمليش البقاره للقتال ضد الجنوبيين -الحركه الشعبيه لتحرير السودان وتم توظيف جنوبيين كقوات صديقه ………………..
اما توظيف الشيخ موسى هلال كمليشيا حرس حدود جاء في مسوغات تصفيه الحركات المسلحه الدارفوريه والتخلص من الزرقه , وكذلك توظيف الأمير حميدتى كبيدق لضرب الحركات المسلحه الدرافوريه وتطهير دارفور ذات البعد الاجتماعى والسياسى من الزرقه ومن ثم تأسيس مشروع مثلث حمدى ….
عنف الدول المركزيه الاسلاموعروبيه المعروفه بدولة 56 تمظهر في العنف المقدس الكيزانى وتوظيف النص الدينى لتصفيه الخصوم واستغلال التراث لشحذ همم الظلاميين للجهاد ضد السودانيين وكانت تمثلات هذا في الابادات الجماعيه في دارفور وجبال النوبه والنيل الزرق وتظاهرات 2013 و فض الاعتصام وانتهاكات مليشيا وانتهاكات مليشيا الكيزان في كمبو طييبه …………………………………..
ويظل المفكر د. نور حمد متقوقع في الذات والضغينه المسيطره تجاه الكيزان ويصطف في صف مليشيا العطاوة حتى ولو تدمر السودان كله ————–ولكن ليس هذا سلوك المفكرين ولا العلماء وليس الضغينه مسلك لله ولا تأدب مع الله ————-فمصلحه الوطن العليا متجاوزه للكيزان والقحاته وبقيه القطيع وبقيه اذيال الغرب الذين يعيشون على صدقات الغربيين وهى وسخ أموال الناس……………………..
كلامك كبار كبار ومافيهو سند لما خلصت إليه في البداية عندما نسبت للدكتور اشكاليه تموضعه في الذاتيه وانغلاقه في العداء الفاجر تجاه الاسلاموين !! ومع ذلك جبت ليك كلام وضعته بين أقواس ، ويبدو من أول وهلة بأنه كلام دكتور النور !! بعدين منو هم الاسلامعربيون الانت بتتكلم عنهم وعن شرورهم !! هل الكيزان جزء منهم ولا لا ؟؟ وإذا انت بنفسك بتقر بسوء الاسلامعرويين فشنو البخليك تقول عليهو متموضع في الذاتية ومنغلق في العداء الفاجر تجاه الاسلاموين ؟؟
كان من الاحري ان تتحدث عن القتل علي الهويه عندما تمت اباده المساليت ومجازر السريحه وودالنوره والهلاليه وغيرها من المجازر علي الشعب الاعزل المغلوب علي امره!!!!
ام حديثك الان لشئ في نفس شله يخسي وكفيلها عديمي الاخلاق في اداره حرب اباده قذره علي الشعب المغلوب علي امره!!!
من تدمير محطات المياه والكهرباء في شتئ انحا السودان !!!
الم يستحق ذالك العمل الجبان الارهابي الذي يجرمه القانون الدولي الادانه ياديك المسلميه؟!!!
هكذا يتحدث الجمهوري النور حمد الأسخريوطي الذي باع السودان بثلاثين من الفضة كما باع يهوذا السيد المسيح!!!
آلة الكيزان الاعلامية تنشط في اغتيال شخصية كل من يشكل خطرا عليهم، انظر هجومهم على خالد سلك وياسر عرمان والنور حمد ورشا عوض. كلما زاد كذب الكيزان حول شخص ما، كلما زاد ارتفغ ذلك الشخص في مضمار الوطنية والاخلاق.
الكوز في نسخته الحالية يبدأ في الحديث عن عدم علاقته بالكيزان، ثم يبدأ في السب والكذب حول كل من يعارض الكيزان
من المضحك بان كاتب المقال يتمتع بذاكرة سمكيه هائلة ولا هذا لم يتذكر اي فظائع قام بها الدعم السرىع ! من المؤسف ان مثل هولاء محسوبين علي الشعب السوداني كمفكريين ……………