أخبار متنوعة

“أيتام” قادوا الأمم والشعوب والممالك

رصد تاريخي لهؤلاء الذين دفعهم وضعهم نحو زعامة الدول والإمبراطوريات

 

كثيراً ما ورد في تعاليم الديانات المختلفة دعوات إلى العناية بالأيتام والمسح على رؤوسهم لأسباب معنوية وروحية، إذ ينظر إليهم كفئة ضعيفة تحتاج إلى الرعاية، خصوصاً في مرحلة عمرية يفتقدون فيها وجود الأب. ومع ذلك يظهر من خلال استعراض التاريخ أن اليتم كان حاضراً في حياة عدد من الشخصيات المؤثرة، من آخر أنبياء الله على الأرض نبي السلام “اليتيم محمد”، المعروف في التراث الإسلامي بلقب “اليتيم”، إلى شخصيات بارزة أخرى مثل جنكيز خان وهتلر وصدام حسين، الذين لعبوا أدواراً رئيسة في تشكيل مصائر شعوبهم وإمبراطورياتهم عبر العصور.

واليتيم وفق تعبير أهل اللغة هو من فقد أباه دون سن الرشد (15 سنة)، وهم الذين تصنفهم أمم العالم المتحدة بأنهم “الأشد ضعفاً”، وفي القرآن “وأما اليتيم فلا تقهر” و22 آية أخرى، وفي الإنجيل جاؤوا في 34 موضعاً، وكلها آيات وتراتيل تدعو إلى رعايتهم والرأفة بهم وإطعامهم والإحسان إليهم.

على رغم الدور المحوري للأب في بناء شخصية الأفراد، يبدو أن اليتم أحياناً يلعب دوراً مهماً في تشكيل قادة تركوا بصماتهم في التاريخ. فالتاريخ مليء بأسماء شخصيات يتيمة تمكنت من تغيير مسار الأمم ورسم ملامح الجغرافيا السياسية، وأصبحت رموزاً بارزة في ذاكرة البشرية.

وتقدر الأمم المتحدة عدد الأطفال الأيتام في جميع أنحاء العالم اليوم بنحو 153 مليون طفل، وهؤلاء ربما من يسكنون الملاجئ والخيام، إذ إن عددهم يفوق هذا الرقم بكثير، فهناك يتامى يعيشون في كنف الأسر الممتدة بين رحمة الأجداد والجدات.

جنكيز خان

وأحد هؤلاء اليتامى مؤسس الإمبراطورية المغولية جنكيز خان (1162-1227)، أحد أعظم القادة العسكريين والسياسيين في التاريخ، ولربما أنه يتماهى لذهنك حين تسمع باسمه فضائعه وفتوحاته، وهو الذي أدمى الحرث والزرع وحكم رقعة واسعة من الأرض.

والده هو يسوجي زعيم قبيلة “كياد”، قتل بالسم وجنكيز حينها لم يبلغ ست سنوات من العمر، وبعد مقتل الأب عانت عائلته التشرد والفقر، حتى أن القبيلة نبذته مكاناً قصياً لفقره وضعفه.

لكنه وفي كبره أطلق عليه لقب جنكيز خان، وهو اللقب الذي يعني “الحاكم العظيم”، واستطاع بشجاعته توحيد القبائل المغولية المتناحرة وتحويلها إلى قوة عسكرية هائلة أسست أكبر إمبراطورية متصلة في التاريخ.

وفي ميزان دول العالم اليوم كانت إمبراطوريته تضم الصين وإيران وكازاخستان وكوريا الشمالية والجنوبية ومنغوليا وفيتنام وتايلاند وأجزاء من سيبيريا، إلى جانب مملكة لاوس وميانمار ونيبال وبوتان.

وعلى رغم دمويته إلا أنه كان متسامحاً مع الأديان المختلفة داخل الإمبراطورية وشجع الحرية الدينية، كما استقطب علماء وتجاراً من مختلف الثقافات، مما ساعد في نقل المعرفة بين الشرق والغرب.

توفي جنكيز عام 1227 أثناء إحدى حملاته العسكرية ضد قبائل التانغوت في الصين، وبعد وفاته استمرت الإمبراطورية المغولية في التوسع تحت قيادة أبنائه وأحفاده، ووصلت إلى أقصى اتساعها خلال القرن الـ13.

معلومة مثيرة تشير إلى أن نحو 16 مليون شخص حول العالم قد يحملون جينات مرتبطة بجنكيز خان، وفقاً لدراسة علمية نُشرت عام 2003 في “المجلة الأميركية لعلم الوراثة البشرية” (American Journal of Human Genetics). الدراسة، التي أجراها فريق بحثي بقيادة ديفيد كومينز، تعزو ذلك إلى تعدد نسل القائد المنغولي وانتشار سلالته عبر الأجيال.

نيرون

كان اليتم طريقه نحو العرش، ذلك أكثر وصف يليق بالإمبراطور الخامس للإمبراطورية الرومانية، نيرون (37-68 ميلادية) الذي عرف عنه أنه طاغية سيئ السمعة يتسم بالوحشية.

وكان والده توفي عام 40 عندما كان يبلغ ثلاث سنوات فقط، لتتزوج والدته أغريبينا من الإمبراطور كلوديوس الذي تبنى الإمبراطور الصغير، ليمهد له طريق الوصول إلى عرش روما التي لا تزال لعنة إحراقها لغزاً محيراً يلاحقه.

ويروى عنه حول الحريق المزعوم عام 64 أنه وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفي وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه، وبيده آلة الطرب يغني أشعار هوميروس (شاعر أغريقي) التي يصف فيها حريق طروادة، كما عرف في حياته باضطهاد المسيحيين وبأسلوب حكمه المستبد، وانتهى حكمه بثورة ضده، وأجبر على الانتحار.

ولربما أن لغز قسوته تفسره وثائق تاريخية تقول إن والده غنيوس دوميتيوس أهينوباربوس الأرستقراطي الروماني كان ذا سمعة سيئة عرف بالقسوة والجشع، وهذا لربما دليل على أن الوارث ترك للوريث القسوة مع اليتم.

جورج واشنطن

ربما كثيرون لا يعرفون أن الرجل الملقب بـ”أبو أميركا” عاش يتيماً بلا أب، وهو جورج واشنطن (1732-1799)، الأب المؤسس للولايات المتحدة الذي صاغ مع هيبتها دستورها.

ولد واشنطن في الـ22 من فبراير (شباط) 1732 في ولاية فرجينيا لأسرة تمتهن الزراعة، كغالبية الشعب الأميركي في تلك الحقبة، وفقد أباه مبكراً وهو في سن الـ11 من عمره، ليعيش داء اليتم ومضاعفاته رفقة والدته.

وفي سن الـ16 تبوأ أول مناصبه العامة “مساح”، وبعد عام عين مساحاً بصورة رسمية لمقاطعة كولبيبر بولاية فيرجينيا.

وفي طريقه نحو أهم منصب سياسي في العالم اليوم، انضم الأب اليتيم في عام 1752 إلى جيش التحرير، وشارك في صفوف الجيش البريطاني في الحرب بين فرنسا وبريطانيا، المعروفة في أوروبا باسم حرب السنوات السبع، إذ كانت نزاعاً بينهما للسيطرة على أجزاء من أميركا الشمالية، وذاع صيته حينها.

وهو الذي وضع السياسة العرفية لمدة أقصاها ولايتان للرئيس، بعد أن تولى عام 1789 جورج رئاسة الولايات المتحدة الأميركية بالإجماع، ليكون أول رئيس أميركي يفوز بالانتخابات الرئاسية بنسبة 100 في المئة.

 ويعتبر من أعظم الرؤساء الذين مروا على “البيت الأبيض” مع أبراهام لينوكلن، كما لم يكن تحرير العبيد يعود للأخير وحسب، بل كان لواشنطن البادرة الأولى، فحين وفاته كان يمتلك نحو 300 من العبيد إلا أنه كان معارضاً للعبودية، فأمر في وصيته بإطلاق سراح عماله المستعبدين بعد وفاة زوجته.

توفي جورج واشنطن في 14 سبتمبر (أيلول) 1799، ودفن في واشنطن بجوار أفراد عائلته.

الملكة فيكتوريا

هل سمعت بـ”العصر الفيكتوري”؟ ربما نعم، لكنك لا تعرف أن الذي خلدته ولدت يتيمة فقدت أباها حين كانت تبلغ من العمر ثمانية أشهر فقط، وهي المرأة ذائعة الصيت التي توسعت بفضلها الامبراطورية البريطانية، وهي الملكة فيكتوريا (1819-1901)، ملكة بريطانيا العظمى وأيرلندا.

ولدت فيكتوريا في 24 مايو (أيار) 1819 في قصر كينغستون بلندن، وهي الابنة الوحيدة للأمير إدوارد، دوق كينت، ووالدتها الأميرة فيكتوريا، من ساكس-كوبرغ-زالفلد. كانت طفولتها استثنائية ومميزة، إذ أصبحت وريثة مفترضة للعرش البريطاني بعد وفاة والدها في عام 1820، إلى جانب وفاة أعمامها الذين لم يكن لديهم أبناء شرعيون.

نشأت فيكتوريا في ظل نظام صارم يعرف بـ”نظام كينغستون”، الذي فرضه عليها مستشار والدتها السير جون كونروي. كان هذا النظام يهدف إلى حماية فيكتوريا من التأثيرات السلبية، لكنه حد من حريتها بصورة كبيرة، ولم يسمح لها باللعب أو التواصل بحرية مع أطفال آخرين، وكانت دائماً تحت مراقبة شديدة.

على رغم القيود أظهرت فيكتوريا ذكاء ملاحظاً منذ صغرها، إذ تلقت تعليماً منزلياً صارماً، شمل اللغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية، إضافة إلى التاريخ والجغرافيا، وكانت شغوفة بالرسم والموسيقى، وبدأت في تطوير حسها القيادي في سنوات مراهقتها.

وفي عام 1837، صعدت فيكتوريا إلى العرش وهي في سن الـ 18، بعد وفاة عمها الملك ويليام الرابع. كما أثرت طفولتها الصارمة في أسلوب حكمها، إذ أصبحت ملكة تتمتع بقوة إرادة واضحة، وسعت إلى الاستقلال عن تأثير والدتها ومستشاريها. وشهدت بريطانيا خلالها تحولات هائلة في الصناعة والتكنولوجيا والسياسة، إضافة إلى توسع الإمبراطورية البريطانية لتصبح الأكبر في التاريخ.

تميز حكمها بتعزيز القيم الأخلاقية والعائلية وبروز بريطانيا كقوة عظمى اقتصادياً وسياسياً، كما كانت فيكتوريا أيضاً رمزاً للوحدة الإمبراطورية، إذ حملت لقب “إمبراطورة الهند” بدءاً من عام 1876.

وتوفيت فيكتوريا في 22 يناير 1901 عن عمر يناهز 81 سنة، لتنتهي حقبة شهدت تغييرات غير مسبوقة في تاريخ بريطانيا والعالم. تركت إرثاً عظيماً من التحديث والنفوذ الإمبراطوري، واحتفظت بمكانة مرموقة كواحدة من أبرز ملوك بريطانيا.

نيلسون مانديلا

“اليتم في الصغر والسجن والرئاسة في الكبر”، هما طريقا نيلسون مانديلا (1918-2013) رمز النضال ضد الفصل العنصري “الأبارتايد” في جنوب أفريقيا.

وكما يروى أن الطفل الذي مات أبوه وهو ابن التاسعة من عمره كان في معظم سني طفولته راعياً لقطعان من الماشية، إذ لم يكن للتعليم نصيب منه ومن والديه الأميين، لكن والدته التي اعتنقت المسيحية استدركت أقداره حين ابتعثته إلى المدرسة الميثودية المحلية وهو بعمر سبعة سنين. وعمد كميثودي، ومنحه معلمه اسماً إنجليزياً هو “نيلسون” كاسم أول.

يقول النضالي العتيق في وقت لاحق من حياته إنه ورث من والده “التمرد بفخر”، و “إحساس عنيد بالعدالة”.

وقبل حملاته السلمية درس القانون لينضم إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، ثم تلا لحظات السلم أعوام من التمرد ضد نظام الفصل العنصري، وهو الموقف الذي تسبب في سجنه لمدة 27 سنة (1962-1990).

وبعد إطلاق سراحه قاد مفاوضات لإنهاء “الأبارتايد”، ليعلو بعدها ويصبح أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا (1994-1999)، متوجاً كفاحه بجائزة نوبل للسلام عام 1993، إذ اعتبرته رمزاً للسلام والمصالحة في العالم.

عمر المختار

ليس بعد، فلليتامى شمس من الخلود لا تغيب، ثمة يتيم قاد أشهر مقاومة ضد الاستعمار الإيطالي في بدايات القرن الماضي، وهو الشيخ الذي منحه أعداؤه مع حبل المشنقة لقب “أسد الصحراء”، وهو الليبي عمر المختار (1862-1931) الذي بدأ أولى حروبه بعد بلوغه 50 سنة.

ولد شيخ الشهداء كما يوصف في قرية ساحلية تعرف بـ”جنزور” على سفح هضاب شرق العاصمة الليبية طرابلس في بيئة صحراوية بدائية بسيطة، وجاء نبأ يتمه برسالة بعثها أبوه الذي كان ارتحل لأداء فرائض الله في مكة، وكان يوصي في رسالته الأخيرة، رسالة “فراش المرض”، بأن يرعى ابنيه عمر ومحمد شيخ يدعى حسين الغرياني، شيخ زاوية جنزور السنوسية.

وتلقى المختار تعليمه بمعهد “الجغبوب” الذي كان ملتقى للعلماء والفقهاء والأدباء والمربين، ومكث فيه ثمانية أعوام يدرس العلوم الشرعية المتنوعة.

ولما بلغ أشده برز اليتيم الذي منحته الحياة ألقاباً في الحياة وبعد الممات، كقائد ميداني لحركة المقاومة الليبية ضد الطليان، واستمر نضاله لأكثر من عقدين، رافضاً الاستسلام أو المساومة على حرية بلاده، ليصفه الإيطاليون بـ”أسد الصحراء”.

لكن أقدار العظماء في الحياة أن يستمر صيت نضالهم بينما هم يرحلون، إذ ألقي القبض عليه في ثلاثينيات القرن الماضي في معركة قرب وادي بوطاقة عام 1931، بعد أن أصيب حصانه وسقط أرضاً.

قدم الاحتلال الإيطالي المختار لمحاكمة وصفت بالصورية بهدف كسر عزيمة الشعب الليبي، وحكم عليه بالإعدام شنقاً، لينفذ الحكم في 16 سبتمبر (أيلول) 1931 في مشهد مؤثر، إذ وقف المختار بشجاعة رافضاً التنازل عن مبادئه أو طلب الرحمة من المستعمر.

صدام حسين

“كان يتيماً بائعاً للبطيخ”، هذا هو أكثر زعماء القرن الـ 20 صيتاً وعنفواناً وجدلاً، صدام بن حسين (1937-2006) الذي توفي والده الفقير المزارع قبل ولادته بستة أشهر.

وولد حاكم العراق الذي يعود نسبه لرابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب في 28 أبريل (نيسان) 1937، في منطقة السكماني في محلة الحارة بتكريت، لعائلة تمتهن الزراعة.

وليتمه دور في انتقال أمه صبحة بنت طلفاح المسلط، ليعيش في كنف خاله في بغداد، وهو تحول مهم في حياة صدام، إذ كان له أكبر الأثر في تكوين شخصيته في ما بعد، وعقب ذلك تزوجت من شخص يدعى إبراهيم الحسن والد إخوة صدام من أمه، برزان ووطبان وسبعاوي.

ويصف الذين عرفوا الحسن أنه كان يصر على أن يتعلم صدام فنون الزراعة والرعي بدلاً من الذهاب إلى المدرسة وهو في سن صغيرة جداً، وحين كانت تحاول أم صدام أن تحميه من بطش زوجها كان ينهرها ويعنفها، إذ كان يرى أن الأسلوب الأفضل في تربيته هو الشدة والقسوة حتى يصبح رجلاً.

وأنجبت أمه ثلاثة أخوة غير أشقاء لصدام، وعاشت في تكريت حتى وفاتها في يوليو (تموز) عام 1983، وعند وصوله إلى الحكم أسند صدام لكل من برزان وسبعاوي ووطبان مناصب رسمية مهمة بعد أن أصبح رئيساً للعراق.

وحكى صدام لأمير إسكندر كاتب سيرته الذاتية قائلاً “لم أشعر أنني طفل أبداً كنت أميل إلى الانقباض، وغالباً ما أتجنب مرافقة الآخرين”، ولكنه وصف تلك الظروف بأنها منحته الصبر والتحمل والاعتماد على الذات.

ومن ضمن ما رواه صدام حياة صعبة اندفع إليها بسبب الفقر، فكان يبيع البطيخ في القطار المار بتكريت في طريقه من الموصل إلى بغداد كي يطعم أسرته.

انضم صدام في كبره إلى “حزب البعث العربي الاشتراكي” وأصبح رئيساً للعراق عام 1979، وكان ضمن محطاته المثيرة خوضه الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988). وأعقبها بغزو الكويت عام 1990، مما أدى إلى حرب الخليج الثانية.

وانتهت حقبة اليتيم القوي بالإطاحة به خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وأعدم شنقاً عام 2006 على الشاشة وأمام مرأى ملايين حول العالم.

أدولف هتلر

أحد أبرز قادة القرن الـ 20 الزعيم النازي أدولف هتلر (1889-1945) يتيم أيضاً، وهو أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في التاريخ، ويكاد لا يتذكر الناس سوى “المحرقة” من حياة الزعيم الألماني النازي الذي بدأ صعوده للسلطة مستشاراً لألمانيا عام 1933، وزعيماً مطلقاً بعد ذلك. بينما في طفولته آلام مات وهو لم ينسها بسبب طفولته مضطربة، إذ كان قبل يتمه معنفاً من والده ألويس هتلر الذي كان عنيفاً في معاملته له ولأمه.

وفي عام 1903 عندما كان أدولف يبلغ من العمر 13 سنة رحل الأب، لتستفيد زوجته من معاش الورثة، الذي يسمح لها بتربية أطفالها حتى عام 1907، لتظهر للابن المحب للرسم في صغره آلام أخرى عندما أسرت له أمه أنها مصابة بسرطان الثدي، وهو الذي أودى بها.

عاش هتلر في فيينا في الفترة من فبراير 1908 حتى مايو (أيار) 1913، ثم غادر بعدها إلى ميونيخ. وكان “يقتات ويكسب رزقه من خلال الرسم بالألوان المائية والتصاميم، وظل هكذا حتى الحرب العالمية الأولى التي غيرت مسار حياته بالكامل حين انضم إلى الجيش، وأصيب مرتين أثناء الحرب (في عامي 1916 و1918) وحصل على ميداليات عدة”.

وأطلق الزعيم النازي الحرب العالمية الثانية بغزو بولندا عام 1939، وتظل المحرقة التي أودت بحياة ستة ملايين يهودي وملايين آخرين نقطة سوداء خالدة تلاحقه حتى بعد الممات.

وانتهت به الحياة منتحراً ببندقيته في برلين عام 1945، عندما اقتربت القوات السوفياتية من المدينة.

مصطفى كمال أتاتورك

“يتيم برز في الحرب العالمية الثانية وبدد قوات الحلفاء وأسقط الدولة العثمانية”، وهو مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938)، مؤسس الجمهورية التركية، وأول رئيس لها فقد أباه وهو في سن السابعة من عمره، وتأثر في طفولته بفقدانه لوالده لولا رعاية أمه زبيحة هانم ربة المنزل المرأة المتدينة.

وولد أتاتورك عام 1881 في مدينة سالونيك التي كانت جزءاً من الدولة العثمانية، وهي الآن في اليونان، وكان والده علي رضا أفندي موظفاً حكومياً صغيراً.

بعد وفاة والده انتقلت الأسرة إلى مزرعة لأقاربه لتأمين معيشتهم، ثم عادت لسالونيك حيث التحق مصطفى بمدرسة تقليدية دينية لفترة قصيرة بناء على رغبة والدته. لاحقاً، ألحقته والدته بمدرسة حديثة، إذ أظهر ذكاء مميزاً واهتماماً بالعلوم والرياضيات.

وفي شبابه انضم إلى مدرسة عسكرية في سالونيك، حيث تفوق أكاديمياً، واكتسب لقب “كمال” من أحد معلميه تقديراً لتميزه في الرياضيات. تميزت طفولته بمزيج من التحديات والفرص التي شكلت شخصيته القوية والطموحة، وأسهمت في بناء روح القيادة لديه.

وبرز أتاتورك كقائد عسكري خلال الحرب العالمية الأولى، وحقق شهرة واسعة بقيادته القوات العثمانية في معركة “غاليبولي” بعد هزيمة الدولة العثمانية وتفككها، وقاد حرب الاستقلال التركية (1919-1923) ضد قوات الاحتلال الأجنبية، مما أسفر عن تأسيس جمهورية تركيا في عام 1923.

كرئيس نفذ إصلاحات جذرية هدفت إلى تحديث تركيا وإبعادها عن التراث العثماني، كما ألغى الخلافة الإسلامية واعتمد النظام الجمهوري، واستبدل الأحرف العربية بالأبجدية اللاتينية. كما ركز على علمنة الدولة من خلال فصل الدين عن السياسة، وتبنى سياسات اجتماعية واقتصادية تهدف إلى تحديث المجتمع التركي، مثل تعزيز حقوق المرأة وإصلاح التعليم.

توفي أتاتورك في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 1938، عن عمر يناهز 57 سنة.

بيل كلينتون

الحياة عبارة عن ألغاز من الأقدار تجري لتصنع إجاباتها أقدار أخرى، بيل كلينتون الرئيس الـ 42 للولايات المتحدة الأميركية يتيم التقى في صغره جون كينيدي ليلهمه طريق الرشد نحو الرئاسة، وربما أن القدر الصعب في غياب الأب يحل محله لاحقاً زوج أم سكير، مما جعل النجاح والقمة طريقاً لنجاة الرئيس المولود في أغسطس (آب) 1946 في مدينة هوب بولاية أركنساس.

وكان بيل طالباً متفوقاً وموسيقياً موهوباً، إذ تعلم العزف على الساكسوفون، وكان يحلم بمستقبل مشرق.

في مرحلة المراهقة، قرر بيل أن يحمل اسم عائلة زوج والدته، فأصبح اسمه “بيل كلينتون”. وفي سن الـ 17، حضر لقاء مع الرئيس جون كينيدي، وهو ما ألهمه بشدة ودفعه للسعي إلى العمل السياسي.

تفوقه الأكاديمي واهتمامه بالقيادة جعلاه يلتحق بجامعة جورج تاون، ثم يحصل على منحة رودس للدراسة في جامعة أكسفورد، مما مهد الطريق لمسيرته السياسية اللاحقة.

وكان يمكن للتاريخ أن يحفظ للرئيس كلينتون الازدهار الاقتصادي الذي خلفه “اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية”، لولا لعنة مونيكا وفضائحها التي لا تزال كابوساً يطارده.

اندبندنت عربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..