مقالات وآراء

الواضحة البيضاء : إطلاق اللحية من تحريفات اليهود

محمد الصادق

 

جاء في لسان العرب ، مادة (عفا) :

“وأَصلُه المَحْوُ والطَّمْس ..

قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :

عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ؛

مَحا اللهُ عنكَ،

مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِمْ :

عفَت الرياحُ الآثارَ

إِذا دَرَسَتْها ومَحَتْها…

وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍُ :

(سَلُوا اللهَ العَفْو وَالْعَافِيَةَ والمُعافاة)

فأَما العَفْوُ فَهُوَ مَا وصفْناه

مِنْ مَحْو اللَّهِ تَعَالَى ذُنوبَ عَبْدِهِ عَنْهُ…

والعفو : الأرض الغفل لم توطأ وليست بها آثار”

[ابن منظور: لسان العرب]

 

ومطلع معلقة لبيد بن ربيعة:

(عَفتِ الدِّيارُ مَحَلّها فَمُقامُهَا)

“يقول: عفت ديار الأحباب

وانمحت منازلهم”

[الزوزني : شرح المعلقات السبع]

ف (عفت) بمعني زالت

و(إعفاء) المسؤول من المنصب

لا يعني إبقاءه وتوفيره

وإنما إزاحته عنه

وتعافي من المرض :

أي زال عنه المرض

فحديث إعفاء اللحية :

(حفّوا الشوارب وأعفوا اللحي)

يكون معناه

علي حسب (أصل المعني)

هو إزاحة وإزالة اللحية.

مسألة اللحية

فيها خلاف كبير معروف

بين المذاهب

وقد جاء حديث اعفاء اللحي

بروايات كثيرة

وبألفاظ عديدة

(وفروا اللحي)

(ارخوا اللحي)

لكن لفظ (اعفوا)

جاء في البخاري ومسلم والنسائي

ومعظم كتب السنة ؛

بما يجعل روايات

(وفروا اللحي)

(ارخوا اللحي)

غير صحيحة تماما

فهي روايات دخيلة

ومعلوم أن السنة

دخلها الكثير من الإسرائيليات

بغرض تشويه الدين ،

وتحريف الكلم عن مواضعه ،

وهذا دأب اليهود.

ومعروف كذلك

ان الخلافات المذهبية

اشتدت في بعض الأزمان

ووصلت حدّ الإقتتال

ولكن قبل ثلاثة – أربعة قرون

ظهرت اتجاهات حاولت

تجميع المذاهب

تحت مسميات:

(الإجماع) و (الجمهور)

لكن ليس بالضرورة

أن يتحقق (الإجماع)

وللإمام أحمد قول معروف:

(من ادّعي الإجماع فقد كذب).

ورأي (الجمهور) بالطبع

ليس حجة :

{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ

يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ

إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّن

َّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}

[راجع (تاريخ المذاهب الإسلامية)]

▪▪▪▪▪

لقد نهي النبي

عن كتابة الحديث:

(لا تكتبوا عني

ومن كتب عني شيئا

فليمحه)

فهو لم يقل

لا تحفظوا عني

بل الحفظ مطلوب

لأن طلب العلم فريضة

وإنما منع من الكتابة

لأنها مظنة التبديل والتحريف ،

فقد تم تحريف الأديان السابقة

عن طريق الكتابة والتدوين :

▪{فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِأَیۡدِیهِمۡ

ثُمَّ یَقُولُونَ هَـٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ}

▪ {مِّنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟

یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ}

▪{أَفَتَطۡمَعُونَ أَن یُؤۡمِنُوا۟ لَكُم

ۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمۡ

یَسۡمَعُونَ كَلَـٰمَ ٱللَّه

ِ ثُمَّ یُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ

وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ}

ولذلك وصفت أمة الإسلام

بالأمية :

▪{هُوَ ٱلَّذِی بَعَثَ فِی ٱلۡأُمِّیِّـۧن

َ رَسُولࣰا مِّنۡهُمۡ}

ووصف نبينا ب (الأمي) :

▪{ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُول

َ ٱلنَّبِیَّ ٱلۡأُمِّیَّ}

•• وقد جاء في البخاري :

(إنّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ ،

لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ)

 

إذن فالعلم الديني

عند أمة الإسلام

يتداول سماعا وشفاهة

ويكون في الصدور

وليس في السطور

ولذلك أمر الناس بطلب العلم

حتي يكونوا حراسا له

بأن تكون صدورهم

مستودعا للعلم

وهذا ما كان

في قرون الإسلام الأولي

فالعلم في الصدور

عصي علي التبديل والتحريف

▪▪▪▪▪

ربما يحتج البعض:

أن العفو قد جاء بمعني الترك ؛

ففي لسان العرب :

“وعَفَا لَهُ عَمَّا لَهُ عَلَيْه ،

ِ إِذا تَرَكه”

ولكن (عفا) هنا أيضا

تأخذ معني (محا)

أي (أسقط) عنه ما عليه

وهي مثل معني :

(عفا الله الذنب)

اي أسقطه ومحاه

ولو كانت (اعفوا اللحي)

بمعني الترك

لما جاز أن يؤخذ منها

ولا شعرة واحدة

وقد جاء في فتح الباري للعسقلاني

أن النبي كان يأخذ من لحيته

من عرضها وطولها ؛

فهل هذا اعفاء بمعني الترك ؟؟!! .

والمعروف أيضا

أنه يؤخذ من اللحية

في الحج والعمرة :

“وقال الحافظ ابن عبدالبر

في (الاستذكار) (4/317):

((وفي أخذِ ابنِ عمَرَ مِن آخِرِ لحيتِه في الحَجِّ

دليلٌ على جوازِ الأخذ من اللحيةِ في غير الحَجِّ ؛

لأنَّه لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحَجِّ …

وابن عمر روى عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

(وأعفُوا اللِّحى)

وهو أعلَمُ بمعنى ما روى))”.

[من موقع الدرر السنية :

درر نت]

▪▪▪▪▪

إن موقع اللحية

عرضة للإتساخ

فإذا كان البعض يعلق فوطة

علي رقبته عند تناول الطعام

حتي لا يتسخ قميصه

فما بالك بلحية تمتد – اذا تركت نهائيا-

ربما بطول قدم أو نصف متر !! .

والحديث الذي روته عائشة

واضح جدا :

(عَشْرٌ مِن الفِطْرةِ :

قَصُّ الشّارِبِ ،

وإعْفاءُ اللِّحْيةِ ،

والسِّواكُ ،

والاسْتِنْشاقُ بالماءِ ،

وقَصُّ الأظْفارِ ،

وغَسْلُ البَراجِمِ ،

ونَتْفُ الإبْطِ ،

وحَلْقُ العانةِ ،

وانْتِقاصُ الماءِ – الاسْتِنْجاءَ- والخِتانُ)

▪▪▪▪▪

لقد أفلح اليهود

في تشويه مظهر الرجل المسلم

وهم قد شوهوا دين الإسلام

حتي يشابه دينهم

حتي يبدو كأن محمدا

لم يأت بجديد !

لكن الإسلام شريعة جديدة مختلفة

ولذلك دعا الإسلام إلي عدم التشبه بهم :

تأمل في الأحاديث :

– (صَلُّوا في نِعالِكم وخالِفوا اليَهودَ)

-(خالِفوا اليَهودَ ؛ فإنَّهُم لا يُصَلُّون في خِفافِهم ، ولا نِعالِهم)

– (صُومُوا يومَ عاشوراءَ ، وخالفُوا فيهَ اليهودَ ، صومُوا قبلَه يومًا، وبعدَهُ يومًا)

– (لا تشبَّهوا باليهودِ ولا بالنَّصارى

فإنَّ تسليمَ اليهودِ الإشارةُ بالأصابعِ

وإنَّ تسليمَ النَّصارى الإشارةُ بالأكف

ِّ ولا تقُصُّوا النَّواصي

واحفوا الشَّواربَ واعفوا اللِّحى

ولا تمشوا في المساجدِ والأسواقِ وعليكم القُمُص

ُ إلّا وتحتَها الأُزُرُ)

– (غيِّرُوا الشَّيْبَ

ولا تشبَّهوا باليهودِ)

– (خَمِّروا وُجوهَ مَوْتاكم ،

ولا تَشَبَّهوا باليَهودِ)

– (إذا صَلَّيْتُم فاتَّزِروا ، وارْتَدوا ،

ولا تَشَبَّهوا باليَهودِ)

– (نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ، ولا تَشَبَّهُوا باليهودِ ؛ تَجْمَعُ الْأَكْباءَ في دُورِها)

– (عن عائشةَ أنها كرهت الاختصارَ في الصلاةِ ،

وقالت : لا تَشَبَّهوا باليهود)

– (إنَّ تَسْوِيَةَ القبورِ من السنةِ ،

وقد رَفَعَتِ اليهودُ والنصارى

فلا تَشَبَّهُوا بهِما)

– (أَحْفُوا الشَّوارِبَ ، وأَعْفُوا اللِّحى ولا تَشَبَّهُوا باليهودِ)

▪▪▪▪▪

فمع أننا نؤمن بجميع الرسل والأنبياء

ومن ضمنهم أنبياء اليهود

لكننا أمرنا بمخالفتهم

فلا يمكن الأقتداء

بلحية هارون أو أخيه موسي :

{قَالَ یَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡیَتِی وَلَا بِرَأۡسِیَ}

▪▪▪▪▪

الأحاديث تبين بوضوح

أن اليهود لا يهتمون بالنظافة

(في زمن النبي – علي الأقل)

لكن الإسلام جاء مسايرا للفطرة

وجاء الأمر بحلق اللحية

مع أفعال اخري مشابهة :

قص الشارب

وتقليم الأظافر

ونتف الابط

والسواك

والإستنشاق .. الخ

وكلها من أجل النظافة

وهذا دليل واضح أن اللحية تُحلق

فحلقها من الفطرة

ولذلك معظم المسلمين

في الماضي والحاضر

يحلقون لحاهم

والاستثناء قليل

لدرجة أن (الإلتحاء)

معروف في مجتمعنا كلقب للتمييز

وهو لم يظهر بوضوح في المجتمع

إلا قبل حوالي نصف قرن

مع بداية الصحوة الإسلامية

التي – للأسف – صاحبتها

بعض مظاهر التطرف الديني

▪▪▪▪▪

جاءت بعض الأحاديث

تذكر أن للنبي وللصحابة لحي

فمثلا ذكر أن قراءة النبي

كانت تعرف من اضطراب لحيته

وأنه كان يخلل لحيته

وهذا شيء طبيعي

لأن اللحية كلما حلقتها تنمو

وحسب القواميس

فإن كل ما ينبت علي الذقن والخدين

يسمي لحية

ومن البديهي أن حلق اللحية

يكون بعد أن تطول.

وفي الوضوء ..

اللحية تخلق إشكالا :

لأن اللحية جزء من الوجه

فقد جاءت الآثار المشهورة بالتخليل

وهذا يفيد قلة الشعر تحت الذقن

فالتخليل يكون بغرض

إيصال الماء إلي ما تحت الشعر

أما الفتاوي الأخري

فقد جاءت في أزمان متأخرة

مثل تلك التي تتحدث

عن غسل أو مسح ظاهر اللحية

دون باطنها …الخ !!! .

▪▪▪▪¤

ختاما نلخّص القول :

أن حلق اللحية

تؤيده أولا دلالة اللغة

وثانيا منهج مخالفة اليهود

وثالثا كونه من سنن الفطرة.

ونعتقد أن المسألة واضحة

لأن الدين واضح

اذا أُجتنب إتباع الهوي

والتقليد الأعمي (وجدنا آباءنا)

وهما طريقا الهلاك :

جاء في الحديث

(تركتُكم على الواضحةِ ،

[وفي رواية]

تركتكم علي البيضاء

ليلُها كنهارِها ،

لا يَزيغُ عنها إلّا هالك)

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

هذا نصح وتذكير بآيات الله…

ونرجو الا يحكم الناس عليه ،

دونما ترو وبحث وتمحيص

ورجوع إلي ..

إلي كتاب الله وصحيح السنّة :

فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَـٰلُ}؛

{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِۦ

ثُمَّ أَعۡرَضَ عَنۡهَاۤۚ}

ونرجو من كل من فهم المعلومة

أن يساهم بنشرها وبشرحها ،

حتي تعم الفائدة ،

ولكي نزيل الدخيل

من المفاهيم الساذجة والخبيثة ..

فهذه إذن نصيحة ،

والدين النصيحة -كما في الحديث :

(لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

 

[email protected]

تعليق واحد

  1. الناس مشغولة بالحرب و لكن بعض المتشدقين يحاولون لوي الحقائق و تجهيل الناس و تحريف شعائر الاسلام

    أولا : لفظ العفو من معانيه الترك , فمثلا اذا قال شخص لشخص آخر : عفوت عنك فالمقصود هنا بكل وضوح هو أنه تنازل عن حقه و ليس المقصود انه محا او أزال
    قال الله تعالى : ” ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
    ” 95 سورة الاعراف
    أي حولنا الحال من شدة إلى رخاء ، ومن مرض وسقم إلى صحة وعافية ، ومن فقر إلى غنى ، ليشكروا على ذلك ، فما فعلوا .
    وقوله : ( حتى عفوا ) أي : كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم
    و قال تعالى ” وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ” و المعنى في قوله تعالى ” الا ان يعفون ” هنا هو ان يعفو الثيب عن حقها أي تتركه

    أما الحديث (حفّوا الشوارب وأعفوا اللحي ) فواضح الدلالة ان المقصود هو ترك اللحية فلو كان المقصود من نص الحديث هو حلق اللحى لما كان هناك اختلاف من الاساس حول حلق اللحى و فيما بالشعر فان الافاظ المستعملة هي الحلق و القص و النتف و التخفيف و التقصير و لم يستخدم العرب ابدا الكحو او الازالة لقص الشعر
    أما قول كاتب المقال :
    قد جاء في فتح الباري للعسقلاني أن النبي كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها ؛ فليذكر لنا الجزء الذي ورد فيها هذا و هل عزاه ابن حجر للنبي صلى الله عليه و سلم ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..