السودان : المراحل المبكرة لإطلاق الاسم ودلالاته ( 2 – 4 )

أحمد الياس
المرحلة الثانية : مرحلة إطلاق اسم اثيوبيا باللغة اليونانية
اثيوبيا
بدأت المرحلة الثانية من مراحل إطلاق اسم “السودان” عند اليونانيين الذين بدأت صلاتهم بافريقيا في النصف الأول من الألف الأخير قبل الميلاد. وكلمة اثيوبيين في اللغة اليونانية تعني السود واثيوبيا تعني بلاد السود. وقد استخدم اليونانيون كلمة اثيوبيين بنفس المعني المصري القديم أي سكان جنوب مصر. فقد ذكر هيرودوت أن “المصريين يسكنون شمال اسوان… والاثيوبيين يسكنون المناطق الواقعة جنوب اسوان.” (Herodotus, p 52. 54)
وعندما توسعت معرفة اليونانيون بافريقيا توسعوا في إطلاق اسم اثيوبيا على سكان افريقيا السود الذين عرفوهم. يقول هيرودوت إن الاثيوبيين اكتسبوا هذا اللون الأسود بفعل حرارة الشمس. (Herodotus, p 54) ويقسم هيرودوت الاثيوبيون إلى نوعين : الاثيوبيون جنوب مصر ، والاثيوبيون الشرقيون وهؤلاء – كما يقول – يشبهون الاثيوبيون الجنوبيون في كل شيء عدا لغتهم وشعرهم حيث أن شعرهم مرسل (هيرودوت، تاريخ ص 61) فبلاد اثيوبيا تعني بلاد السود أو بلاد السودان ، وأثيوبيا تعني السود أو السودانيين.
وكانت معرفة اليونانيون بالسودان سابقة لعصر هيرودوت. فقد وردت بعض المعلومات في التراث اليوناني القديم الذي دونه هومروس في الالياذة نحو عشرة ألف سنة مضت. ونقل ديودورس الصقلي عن المؤرخ اليوناني أجارثرخيدس في القرن الثاني قبل الميلاد أن صاحب الالياذة وصف زيوس والمعبودات اليونانية الأخرى “بأنهم كانوا يذهبون لاثيوبيا [السودان] لتلقي القرابين التي كانت تقدم لهم كل سنة. ولحضور الوليمة العادية التي كان يقيمها الاثيوبيون أنفسهم … وأن ولاءهم [السودانيون] الشديد للآلهة أكسبهم رضاءها” ديودوري، ص 87) وانظر الموضوع رقم 7 في هذا الكتاب.
والوليمة المذكرورة هنا مقصودٌ بها “مائدة الشمس” التي وصفها الجغرافي الروماني بومبونيوس قائلاً : “يوجد عندهم مكان يملأ في كل الأوقات بوجبات جاهزة يأكل منها كل شخص ما شاء ، ولهذا يطلقون عليه مائدة الشمس وهم يعتقدون أن الأكل الذي يوضع فيه يتجدد باستمرار بقدرة ربانية” (بومبونيوس، ص 133)
وكانت تلك المائدة من أهم المعالم التي زارتها بعثة الملك الفارسي قمبيز التي أرسلها عندما غزا مصر وكان يخطط لغزو السودان. فقد ذكر هيرودوت أن أعضاء البعثة زاروا ينبوع الماء الذي تنبعث منه رائحة الفل ، وزاروا مائدة الشمس وتوابيت جثث الموتى. ووقفت البعثة على طعام السودانيين الذي يؤدى إلى طول أعمارهم ،فقد وصفوا بأنهم طويلو العمر ، إذ يعمرون إلى ما بعد المائة وعشرون سنة. كما وصفوا بأنهم أطول الناس قامة وأجملهم. (هيرودوت، تاريخ، ص 54 – 55) .
وكان اليونانيون ينظرون إلى السودانيين القدماء نظرة فيها الكثير من التجلة والاحترام ، فقد كانوا يعتقدون – كما ذكر أجاثرخيدس -“أنهم من أقدم البشر” ويقول : “إن الدليل على ذلك واضح ، ذلك أنهم لم يأتوا كمهاجرين لكنهم أهل البلد، إذاً القول بأنهم أصليون مقبول من كل الناس. إنه أمر بَدَهي أن يكون سكان الجنوب هم أول من تخرجهم الأرض ، لأن حرارة الشمس عملت على تجفيف الأرض من الرطوبة عندما وُلِدت كل الأشياء ودبت فيها الحياة. ويقولون إن من المحتمل أن أول الكائنات الحية ظهرت في المناطق القريبة من الشمس.” (ديودور ص 18) .
ووصف أجاثرخيدس قدماء السودانيين قائلاً : “كما يذكرون في الكتب أنهم أول من علم الناس تقديس المعبودات وتقديم القرابين لها ، وتنظيم المواكب والاحتفالات وأشياء أخرى” ويقول عن ملوك السودانيين القدماء: “يتبع الملك في حياته النهج الذي تحدده قوانينهم ، وفي العادة كان يتبع سنة الأسلاف لا يحابي أحداً ، ولا يعاقب أحداً خلاف العرف المتبع عندهم” (ديودور ص 18).
ووضح هيرودوت أن عاصمة الاثيوبيون [السودانيون] هي مدينة مروي. (Herodotus, p 55) ومن المعروف أن مدينة مروي التي تقع في منطقة البجراوية الحالية شمال مدينة شندي كانت العاصمة الثانية لمملكة كوش الثانية. وقد وردت كتابة اسم هذه المدينة بطرق مختلفة. فأول ذكر لها ورد في المصادر اليونانية ، وقد تُرجم اسم المدينة من نص هيرودوت المكتوب باللغة اليونانية إلى Meroe. (Edie, et al, Vol, 1 p 308) ومن العقول جداً أن يكون هيرودوت قد أخذ الاسم من اللغة المصرية القديمة. ويقول أركل إن أقدم رسم معروف لكلمة مروي وصلنا من اللغة اليونانية هو بَروا Barua. بينما يقول محمد ابراهيم بكر إن اسم مروي في اللغة المصرية القديمة هو بِدوي Bedewi. (محمد ابراهيم بكر، ص 141 وArkell, p 146) .
وقد ورد ذكر مدينة مروي في نقش الملك الكوشي اماني نتي يركي في الكوة في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد، كما ورد في مسلة الملك الكوشي نستاسن في النصف الثاني من القرن الرابع قبل الميلاد. وقد ترجم رتشارد هلتن بيرس النصين إلي اللغة الانجليزية ، فجاءت ترجمة كلمة مروي في النص الأول Meroe وفي النص الثاني Barawe ، وترجمها بدج في نص الملك حرسيوتف Birawe وفي مكان آخركتب اسم المدينة Baruat. (ُEdie. et al, Vol. 1 p 401, 475 ) وذكر عبد القادر محمود أن اسم مدينة مروي يكتب باللغة المروية بِدويْ وبِرِويْ ، بينما ذكر محمد ابراهيم بكر أنه يكتب باللغة المروية مَزِوي Mazewi. (عبد القادر محمود، ج1 ص 266 و324 ومحمد إبراهيم بكر، ص 141) .
ويلاحظ اهتمام قدماء اليونانيين بتراث الأمة السودانية في تلك العصور المبكرة ، فهل من أجل ذلك أخذنا بنطقهم لاسم عاصمتنا مروي وتركنا نطق أجدادنا لها؟ .
وجرت عادة بعض المؤرخين على ترجمة كلمة اثيوبيا في المصادر اليونانية والرومانية والكتاب المقدس إلى الحبشة وبدولة اثيويا الحديثة. ففي الأحداث المتعلقة بوزير الملكة الكوشية الكنداكة. فقد جاء في الكتاب المقدس مايلي :
“26 ثم إن ملاك الرب كلم فيلبُّس قائلاً : قم وأذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أورشليم إلى غزة التي هي برِّية على ماء * 27 فقام وذهب. فإذا رجل حبشي خَصِيْ وزير لكنداكة ملكة الحبشة كان على جميع خزائها … 36 وفيما هما سائران في الطريق أقبلا على ماء. فقال الخصي هو هذا ماء ماذا يمنع أن أعتَمِد* 37 فقال فيلبس إن كنت تؤمن من كل قلبك يجوز. فأجاب وقال : أنا أُومن أن يسوع المسيح هو ابن الله …” (أعمال الرسل الاصحاح 8 الآيات 26 – 40)
في النسخة الانجليزية جاءت الآية رقم 27 أعلاه كالآتي :
“So he started out, and on his way he met an Ethiopian eunuch, an important official in charge of all the treasury of Candace, queen of Ethiopian”. (Acts 8:27)
ومن الواضح أن الشخص المذكور في الآيات هنا مقصود به أحد رجال الكنداكة ملكة كوش الثانية في العصر المروي. وقد وردت الاشارة إليه في الآية بالحبشي. والحبشة تعبير لاحق لم يكن مستخدماً أيام الرومان بل اشتهر في المصادر العربية يقابله Abyssinia في اللغة الانجليزية. ولكلمة الحبشة في المصادر العربية مدلولان ، أحدهما خاص أطلق على مناطق دولة اثيوبيا وارتريا الحاليتين ، ومدلول عام يشمل أراضي دولة السودان الحالية وأحيانا يتعدى ذلك ليشمل مناطق واسعة نحو الغرب كما قال المسعودي :
“وأما غير هؤلاء من الحبشة الذين قدمنا ذكرهم من أمعن في المغرب – مثل الزغاوة والكوكو والقراقر ومديدة ومريس والمبرس والملانة والقوماطي وزويلة والقرمة – ولكل واحد من هؤلاء وغيرهم من أنواع الأحابش ملك ، ودار مملكة” (المسعودي ، مروج الذهب ، موقع الوراق ج 1 ص 176) .
وقد أتت الاشارة “بالاثيوبي” إلى وزير الكنداكة في النص الانجليزي للكتاب المقدس. وذكر الأب فانتيني أن “أول مسيحي دخل أرض النوبة خصي من حاشية قنداقة وهي الملكة الأم في المملكة المروية” (فانتيني ، ص 54) .
فالحبشة في النص العربي للكتاب المقدس مقصود بها مملكة كوش الثانية في العصر المروي. لكن المؤرخ الاثيوبي سيرجيو سلاسي ذكر إن المسيحية بدأت في اثيوبيا [يقصد دولة اثيوبيا الحالية] مبكرا كما ورد في أعمال الرسل [النص الانجليزي] فإن خَصِيْ الملكة كنداكة ذهب إلى بيت المقدس وعمده فيليب.، وذكرأن الملكة كنداكة معروفة لأنها حاربت الرومان ، وذكرأن أغلب الكتاب يفترضون أنها حكمت كل اثيوبيا” (Sellassie. P 97) .
لم يقل سلاسي إن كنداكة هي ملكة مملكة كوش الثانية (مروي) بل اعتبرها ملكة اثيوبيا التي كانت تعرف في ذلك الوقت بمملكة أكسوم. ويضيف سلاسي أن الكتاب اليونانيين ذكروا : “بعض المدن الاثيوبية التي لا تزال موجودة حتى اليوم وأغلب تلك المدن موجودة في اثيوبيا العليا التي هي السودان اليوم مثل نبتة ومروي” (Sellassie. P 49) .
وفي واقع الأمر فإن سلاسي أرجع كل المواضع التي ذكرت فيها اثيوبيا وكوش في الكتاب المقدس إلى دولة اثيوبيا الحالية،(Sellassie. P 43) حتى النصوص التي ارتبطت مباشرة بملوك كوش المشهورين مثل الملك ترهاقا ، كما ورد سفر اشعيا 37:9 “وسمع عن ترهاقة ملك كوش قولاً قد خرج ليحاربك” فعند سلاسي كوش هنا هي اثيوبيا الحديثة.
المراجع
جيوفاني فانتيني ، تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث ، الخرطوم : 1978م.
ديودور الصقلي ، وصف اثيوبيا والاثيوبيون ، في سامية ، السودان في كتب اليونان والرومان.
سامية بشير دفع الله ، السودان في كتب اليونان والرومان ، الخرطوم : جامعة السودان المفتوحة 2008م.
عبدالقادر محمود عبدالله ، اللغة المروية ، الرياض : جامعة الملك سعود.
ابن فضل الله العمري ، التعريف بالمصطلح الشريف. ، في مصطفى محمد مسعد ، المكتبة السودانية .
محمد ابراهيم بكر ، تاريخ السودان القديم ، القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية 1971م .
هيرودوت ، تاريخ هيرودوت ، في سامية بشير دفع الله ، السودان في كتب اليونان والرومان. الخرطوم : جامعة السودان المفتوحة 2008م.
Arkell, A. J. A History of the Sudan from the Earliest times to 1821, London: University of London, 1955.
Herodotus, History of Herodotus. Encyclopedia Britannica, second edition, 1980
Richard Holton Piere, in Eide et al, Fonte Historiae Nubiorum. P 401, 475.
Sellassie, Sergew Hable, Ancient and Medieval Ethiopian History to 1270 Addis Ababa: 1972, p 97.
Tormod Eide, Tormod Eide et. al. Fonte Historiae Nubiorum.
من كتبوا العهد الجديد هم المسؤولون عن الارتباك حول اسم إثيوبيا
يشير العهد الجديد إلى رجل أرسلته الملكة الأم لمروي، والمعروفة باسم الملكة كانديس أو كنداكا، باسم “الخصي الإثيوبي”. قد يكون هذا مربكًا للقراء المعاصرين لأن كانديس حكمت مملكة كوش في ما يُعرف الآن بالسودان الحديث، وليس إثيوبيا. في العصور القديمة، كان مصطلح “إثيوبي” يستخدم على نطاق واسع لوصف الأشخاص من المنطقة الواقعة جنوب مصر، والتي تشمل أجزاء من السودان وإثيوبيا الحاليتين.
وبسبب التحديات التي تواجهها الدولة السودانية الحديثة والطبيعة الغامضة للتاريخ والهوية السودانية، سعى بعض السودانيين إلى مواءمة أنفسهم مع مجد التاريخ الإثيوبي من خلال الإشارة إلى بلدهم الحديث باسم إثيوبيا.
إن التعقيدات التاريخية والثقافية للسودان وهويته يمكن أن تؤدي إلى الرغبة في الاتصال بالتاريخ الغني والمشهور للمناطق المجاورة مثل إثيوبيا. إن تاريخ السودان متنوع ومتعدد الأوجه بالفعل، ويشمل حضارات قديمة مثل كوش ومروي. يتمتع الشعب السوداني الحديث بتراث فريد وفخور يستحق التقدير في حد ذاته.
=========================================================================
ملكة سبأ شخصية يختلف العلماء حول أصولها الدقيقة. فوفقًا لمعظم الأدلة التاريخية والأثرية، كانت مملكة سبأ القديمة تقع في اليمن الحديثة. ازدهرت هذه المملكة بين عام 1000 قبل الميلاد وعام 275 بعد الميلاد، وكانت معروفة بثرواتها وشبكاتها التجارية.
https://worldhistoryedu.com/what-was-the-kingdom-of-sheba-and-where-was-it-located/
ومع ذلك، فإن التقاليد الإثيوبية، وخاصة كتاب “كبرا ناغاست” (مجد الملوك)، تحدد ملكة سبأ على أنها ماكيدا، ملكة إثيوبيا. ويشير هذا النص، الذي يشكل حجر الزاوية للهوية الأرثوذكسية الإثيوبية، إلى أنها زارت الملك سليمان في القدس وأنجبت له ابنًا، منليك، الذي أصبح أول إمبراطور لإثيوبيا.
https://library.biblicalarchaeology.org/article/arabia-or-africa-where-is-the-land-of-sheba/
لذا، في حين أن اليمن هو الموقع الأكثر قبولًا على نطاق واسع لملكة سبأ، فإن التقاليد الإثيوبية تحتل أيضًا مكانة مهمة في الأسطورة. ملكة سبأ مزيج من التاريخ والأسطورة لا تزال تثير اهتمام العلماء والمتحمسين على حد سواء.
العلاقة التاريخية بين أكسوم “مهد إثيوبيا الحديثة وعاصمتها القديمة” وجنوب شبه الجزيرة العربية
العلاقة التاريخية بين مملكة أكسوم وجنوب شبه الجزيرة العربية معقدة للغاية. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية:
التجارة
كانت أكسوم تقع في موقع استراتيجي على البحر الأحمر، مما جعلها مركزًا حيويًا للتجارة بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية والهند. وكانت المملكة تسيطر على طرق تجارية مهمة وتسهل تبادل السلع مثل الذهب والعاج والحيوانات من إفريقيا مقابل سلع فاخرة مثل التوابل والحرير والأحجار الكريمة من شبه الجزيرة العربية والهند.
الروابط الثقافية واللغوية
كان الأكسوميون مزيجًا من الناطقين باللغة الكوشية من إثيوبيا والناطقين بالسامية من جنوب شبه الجزيرة العربية. كانوا يتحدثون لغة سامية ويكتبون بالأحرف السامية، مما ساهم في أحد أطول التقاليد القرائية المستمرة في إفريقيا.
اللغة الأساسية لمملكة أكسوم كانت الجعزية. والجعزية هي لغة سامية جنوبية كانت تستخدم في الإدارة والأدب والنصوص الدينية. وهي السلف للغات التغرينية والأمهرية الحديثة، والتي لا تزال تُتحدث في إثيوبيا اليوم. ساهم استخدام الكتابة واللغة الجعزية في واحدة من أطول التقاليد المتواصلة في القراءة والكتابة في أفريقيا.
الجعزية، التي لا تزال تستخدم كلغة طقسية في الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، توفر تقليدًا أدبيًا ولغويًا مستمرًا يمتد إلى آلاف السنين.
على النقيض من ذلك، تطورت اللغات القديمة في مصر، مثل الهيروغليفية المصرية، إلى القبطية، والتي تستخدم الآن في المقام الأول في السياقات الدينية من قبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وبالمثل، في السودان، تم استبدال لغات مثل النوبية القديمة إلى حد كبير باللغة العربية، على الرغم من استمرار التحدث ببعض اللغات واللهجات المحلية.
إن استمرارية لغة الجعزية وأحفادها هي في الواقع سمة ملحوظة للتراث الثقافي لإثيوبيا.
هذا لإظهار مدى فخر الإثيوبيين بتاريخهم ولغتهم وثقافتهم: استمرارية اللغة! على الرغم من أن اللغة المصرية القديمة كانت واحدة من أقدم اللغات المكتوبة والمنطوقة في العالم إلا أنها ماتت! لا يزال الإثيوبيون يتحدثون لغتهم التي يبلغ عمرها آلاف السنين!
التأثير العسكري والسياسي
مارست أكسوم نفوذاً كبيراً على جنوب شبه الجزيرة العربية، وخاصة خلال القرن الثالث الميلادي. ووسعت المملكة سيطرتها إلى أجزاء من غرب اليمن، بما في ذلك منطقة تهامة ونجران وأجزاء من أراضي حاشد1. أدى هذا التوسع إلى صراعات مع مملكتي حمير وسبئية، والتي استمرت طوال القرن الثالث.
الدين والتحول
في القرن الرابع الميلادي، في عهد الملك عزانا، تبنت أكسوم المسيحية كدين للدولة. وقد شكل هذا التحول تحولاً كبيراً في الهوية الدينية والثقافية للمملكة. كما أثر الأكسوميون على المشهد الديني في جنوب شبه الجزيرة العربية من خلال تفاعلاتهم وعلاقاتهم التجارية.
الانحدار والإرث
بدأ نفوذ أكسوم في التضاؤل في القرن السابع الميلادي مع ظهور الإسلام وزيادة المنافسة من التجار العرب المسلمين في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
https://www.studentsofhistory.com/axum-kingdomhttps://www.studentsofhistory.com/axum-kingdom
قبل تحول الملك عزانا إلى المسيحية في أوائل القرن الرابع الميلادي، كانت مملكة أكسوم تمارس ديانة وثنية. وقد تأثر هذا الدين بشكل كبير بمعتقدات وممارسات جنوب شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك استخدام رمز الهلال والقرص. كان الأكسوميون يعبدون آلهة وإلهات متعددة، وكانت ممارساتهم الدينية تشمل الطقوس والقرابين لهذه الآلهة
في الواقع، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى وجود مجتمعات يهودية في أكسوم قبل تحول الملك عزانا إلى المسيحية. تدعي بيت إسرائيل (اليهود الإثيوبيون) وهم ينحدرون من جذورًا يهودية قديمة، ويعتقد بعض العلماء أن التجار والمستوطنين اليهود كانوا موجودين في المنطقة خلال العصور ما قبل المسيحية. ومع ذلك، فإن مدى وتأثير اليهودية في أكسوم قبل تحول عزانا لا يزال موضوعًا للنقاش بين المؤرخين.
لقد شاركت مملكة أكسوم في أعمال عسكرية ضد مملكة حمير اليهودية في اليمن. حوالي عام 525 م، في عهد الملك كالب ملك أكسوم، شن الأكسوميون غزوًا على اليمن لحماية المجتمع المسيحي من اضطهاد الحاكم اليهودي ذي نواس. وقد دعمت الإمبراطورية الرومانية الشرقية هذا الغزو وأسفر عن هزيمة ذي نواس وإقامة حاكم مسيحي ، سوميافا أشوا.
بالإضافة إلى ذلك، حكم أبرهة، وهو حاكم أكسوم، اليمن وروج للمسيحية في المنطقة. واستمر في حماية المسيحيين وإعادة بناء الكنائس التي دمرت أثناء الاضطهاد.
لذا، خاضت أكسوم بالفعل حربًا ضد الحميريين اليهود ولعبت دورًا مهمًا في حماية المسيحيين في اليمن.
يُعتقد عمومًا أن أبرهة المذكور في الإسلام هو نفس الحاكم الأكسومي الذي سيطر على اليمن وأجزاء من شبه الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي. وفقًا للتقاليد الإسلامية، حاول أبرهة تدمير الكعبة في مكة بجيش يضم فيلة حربية، وهو الحدث المعروف باسم عام الفيل. هذه القصة مذكورة في القرآن ولها أهمية في التاريخ الإسلامي.
عام الفيل
هو حدث معروف في التاريخ الإسلامي، وفي حين أنه موثق في المقام الأول في النصوص الدينية مثل القرآن، إلا أن هناك بعض التفسيرات التاريخية والأدلة التي تدعم حدوثه.
الرواية القرآنية: ورد ذكر الحدث في القرآن في سورة الفيل، التي تصف كيف هزمت طيور صغيرة جيش أبرهة، بما في ذلك الفيلة الحربية، حيث قذفتهم بالحجارة.
التفسيرات التاريخية: فسر بعض المؤرخين والعلماء الحدث على أنه استعارة لكارثة طبيعية، مثل الوباء. على سبيل المثال، اقترح جون إس. مار وإلياس جيه. هوبارد أن الحدث ربما كان تفشي الجدري الذي أوقف غزو أبرهة ولم تكن هناك حجارة تنزل من السماء
https://pdfs.semanticscholar.org/0f09/056e1645c516d65f9fa4f5d5d84f45f49c7c.pdfhttps://pdfs.semanticscholar.org/0f09/056e1645c516d65f9fa4f5d5d84f45f49c7c.pdf
الأدلة الأثرية: في حين لا يوجد دليل أثري مباشر على وجه التحديد لعام الفيل، فإن السياق التاريخي لسيطرة أكسوم على اليمن ووجود أفيال الحرب في المنطقة خلال تلك الفترة الزمنية يضفي بعض المصداقية على الحدث.
التقاليد المحلية: تذكر التقاليد المحلية والسجلات التاريخية من المنطقة أيضًا محاولة أبرهة لتدمير الكعبة وهزيمته اللاحقة.
في حين أن المصادر الأساسية هي النصوص الدينية، فإن هذه التفسيرات والسياقات التاريخية توفر بعض الدعم لحدوث عام الفيل. يظل مزيجًا من السرد الديني والاحتمالات التاريخية لا أكثر ولا أقل دون أي حقائق ثابتة
==============================================================
من كتبوا العهد الجديد هم المسؤولون عن الارتباك حول اسم إثيوبياا
يشير العهد الجديد إلى رجل أرسلته الملكة الأم لمروي، والمعروفة باسم الملكة كانديس أو كنداكا، باسم “الخصي الإثيوبي”. قد يكون هذا مربكًا للقراء المعاصرين لأن كانديس حكمت مملكة كوش في ما يُعرف الآن بالسودان الحديث، وليس إثيوبيا. في العصور القديمة، كان مصطلح “إثيوبي” يستخدم على نطاق واسع لوصف الأشخاص من المنطقة الواقعة جنوب مصر، والتي تشمل أجزاء من السودان وإثيوبيا الحاليتين.
ينشأ الارتباك من السياق التاريخي والجغرافي لمصطلح “إثيوبي” خلال الوقت الذي كُتب فيه العهد الجديد. في العصور القديمة، كان مصطلح “إثيوبي” يستخدم على نطاق أوسع للإشارة إلى الأشخاص من المنطقة الواقعة جنوب مصر، والتي شملت أجزاء من السودان وإثيوبيا وحتى الصومال في العصر الحديث. كانت مملكة كوش، حيث حكمت الملكة كانديس (لقب ملكة الإثيوبيين)، تقع في ما يُعرف الآن بالسودان1.
لذا، عندما يشير العهد الجديد إلى الخصي الإثيوبي، فإنه يستخدم مصطلح “إثيوبي” بالمعنى الأوسع لوصف شخص من المنطقة الواقعة جنوب مصر، والتي شملت مملكة كوش. وقد يكون هذا الاستخدام الأوسع مربكًا بالفعل للقراء المعاصرين الذين يربطون “الإثيوبي” على وجه التحديد بإثيوبيا الحديثة.
وبسبب التحديات التي تواجهها الدولة السودانية الحديثة والطبيعة الغامضة للتاريخ والهوية السودانية، سعى بعض السودانيين إلى مواءمة أنفسهم مع مجد التاريخ الإثيوبي من خلال الإشارة إلى بلدهم الحديث باسم إثيوبيا.
إن التعقيدات التاريخية والثقافية للسودان وهويته يمكن أن تؤدي إلى الرغبة في الاتصال بالتاريخ الغني والمشهور للمناطق المجاورة مثل إثيوبيا. إن تاريخ السودان متنوع ومتعدد الأوجه بالفعل، ويشمل حضارات قديمة مثل كوش ومروي. يتمتع الشعب السوداني الحديث بتراث فريد وفخور يستحق التقدير في حد ذاته.