حقول الموت : المخدرات تزدهر في دارفور بظل الحرب ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه
في خضم الصراع الدامي الذي يشهده السودان ، حيث تتناحر الأطراف على السلطة والثروة ، تنتشر ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن دماء الحرب ، بل تساهم في تغذيتها وتعميق جراحها : زراعة وتجارة المخدرات ، فقد تحولت حقول دارفور الخضراء ، التي كانت يوماً ما مصدر رزق لمزارعيها ، إلى مزارع للموت ، حيث تزرع نبتة البنقو المخدرة ، لتغذي آلة الحرب وتدمر أجيالاً كاملة ، وتحت غطاء الحرب ، ازدهرت هذه التجارة الملعونة ، فباتت المزارع تمتد إلى آفاق بعيدة ، وتنتشر شبكات التوزيع في المدن والقرى ، قد انضم العديد من تجار المخدرات إلى صفوف المليشيات ، مستغلين الفوضى والحرب لتعزيز نفوذهم وثرواتهم ، وتحولت قوات الأمن ، التي كانت مكلفة بمكافحة هذه الآفة ، إلى متواطئين أو حتى مشاركين في هذه التجارة ، مدفوعين بالفساد والفقر ، لم تعد زراعة وتجارة المخدرات مقتصرة على مناطق بعيدة ، بل انتشرت في المدن الرئيسية مثل نيالا والضعين ، وحتى في العاصمة الخرطوم ، وأصبحت هذه التجارة تمثل مصدراً رئيسياً للتمويل للحرب ، حيث يتم استخدام الأموال الطائلة التي تجنيها لتمويل شراء الأسلحة والمعدات العسكرية لمليشيا الدعم السريع المتمردة ، ولم تتوقف تداعيات هذه الظاهرة عند هذا الحد ، بل امتدت لتشمل المجتمع بأكمله ، فقد أدى انتشار المخدرات إلى تدهور الصحة العامة ، وارتفاع معدلات الجريمة ، وتفكك الأسر ، كما أدى إلى تدمير البيئة ، حيث تستخدم المبيدات الحشرية الضارة في زراعة البنقو ، مما يؤثر على التربة والمياه ، إن ما يحدث في دارفور هو كارثة إنسانية ، تتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمواجهتها ، يجب على المجتمع الدولي الضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب ، والعمل على إعادة بناء الدولة والمؤسسات ، ومكافحة الفساد ، ومحاسبة المتورطين في تجارة المخدرات.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- أستمتع بآراء القراء كمن يرتوي من عذب شراب ، فأنا أعتبرها منارة أسترشد بها في رحلتي الكتابية ، ولكن ، سرعان ما يتحول هذا الاستمتاع إلى أذى حينما أصادف تعليقات سلبية لا تستند إلى أساس سليم ، إنني أحرص على التواصل مع من أعرفهم إن وجّهوا لي نقدًا لا أراه بناءً ، أسعى لفهم وجهة نظرهم ، إلا أنني أتفاجأ برد فعل أحد أساتذتي الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير ، فهو يبدو مسرورًا كلما طالت فترة انقطاعي عن الكتابة ، وكأنه ينتظر تلك اللحظة ليعبر عن سعادته! . سألته ذات مرة : “ما الذي يدفعك لقراءة ما أكتب إذا كنت لا تستسيغه؟ ألا تضيع وقتك سدى؟”، فكان رده صادمًا ، إذ أخبرني أنه وبعض زملائه قد وصفوني بـ”منبع الأحزان” وكتاباتي بـ”السوداوية”، فقلت له : “أيها الأستاذ الفاضل ، عن أي فرح وبهجة تتحدثون في وقتٍ يئن فيه السودان تحت وطأة حربٍ طاحنة ، أزهقت أرواحًا بريئة وشردت الملايين ، ودمرت كل ما هو أخضر ويابس؟ .
What joy and happiness are you talking about at a time when Sudan is groaning under the weight of a devastating war that has claimed innocent lives, displaced millions, and destroyed everything green and dry? .
وعلى قول جدتي:- “دقي يا مزيكا !!”.
خروج: (انشقاق في صفوف المعارضة السودانية “تقدم” تفك ارتباطها بمؤيدي حكومة موازية) ففي تحول جديد للمشهد السياسي السوداني المتأزم ، أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عن فك ارتباطها بالمجموعة التي كانت تسعى لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع المتمردة ، جاء هذا القرار تنفيذًا لتوصية اللجنة السياسية بتكوين لجنة فك الارتباط ، وذلك بعد أن أثار اقتراح تشكيل حكومة موازية جدلاً واسعًا داخل التنسيقية ، ولم يلقَ اقتراح تشكيل حكومة موازية ، الذي تقدمت به مجموعة تضم بعض السياسيين والحركات المسلحة داخل “تقدم”، قبولًا واسعًا من قبل قوى التنسيقية ، ورغم ذلك ، فقد مضت هذه المجموعة قدماً في مساعيها لتشكيل حكومة بديلة ، مدعومة بشكل أساسي من الجبهة الثورية ومكوناتها ، والتي تضم أبرز الحركات المسلحة العاملة في السودان ، وتأتي هذه الانشقاقات في صفوف المعارضة السودانية في ظل استمرار الحرب الدائرة بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع المتمردة ، منذ 15 أبريل 2023م ، والتي أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين ، ودمرت البنية التحتية للبلاد ، وقد أدت هذه الحرب إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل كبير ، مما دفع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني إلى نقل مقر الرئاسة إلى مدينة بورتسودان ، بعيدًا عن مناطق القتال ، ويعكس هذا الانقسام عمق الخلافات حول كيفية التعامل مع الأزمة السودانية ، والتساؤلات حول دور القوى السياسية في هذا الصراع الدامي ، كما يثير تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في السودان ، وإمكانية تحقيق المصالحة الوطنية في ظل هذه الانقسامات العميقة..
#أوقفوا – الحرب
ولن أزيد ،، والسلام ختام.