مقالات وآراء

أقتل نفسي .. وأحتفي

كلام الناس

نورالدين مدني

 

* عدت إلى المجموعة القصصية للكاتبة الروائية السودانجنوبية المهمومة بقضايا الوحدة والسلام في عموم السودان التليد إستيلا قايتانو “العودة”، لأصحبكم لنقرأ معاً القصة القصيرة التي إستمديت عنوان كلام اليوم منها ، لأنها تعبر تعبيراً صادقاً عن الموت المجاني الذي راج وسط ابناء السودان فيما بينهم في السودان ودولة جنوب السودان.

*أحسست وأنا أقرأ هذه القصة القصيرة أنها تجسد بعض ما يجري في الواقع وسط أبناء دارفور أنفسهم، وفي دولة جنوب السودان، بحيث لانكاد نفرق بين القاتل والقتيل أو الجاني والضحية.

*اقرأوا معي هذه المقاطع من قصة “أقتل نفسي .. وأحتفي” : أنا ، وبالأحرى جثتي الملقاة وسط كومة من جثث أخرى ههههه .. أقول جثث أخرى ، كأني لاأعرفهم ، طبعاً أعرفهم جميعاً ، هذا أخي وهذه أختي وفي حضنها صغيرها الذي لم يكمل رضاعته و… غيرهم من الأشخاص الذين أعرفهم من الأهل والأحباب لأننا كنا نعيش سوياً.

*في فقرة ثانية تقول “الجثة” : رأيت نفسي أقود جيشاً ، كنا نحن الجيش والضحايا في ان ، رأيت قاتلي وقاتل أخي وأختي وطفلها الرضيع وأبي الضرير وجارنا والتاجر الأجنبي ، رأيت مدناً تتحول إلى ركام وأكوام من الجثث المتعفنة .. أراهم الان بعيني المرتفعة عن الأرض ، أما عيني الأخرى فكانت غارقة في بركة الدم الأحمر اللزج “كلنا” هنا مثقوبوا الأجساد.

*القصة المشحونة بالرمزية الواقعية تحكي بعض تداعيات ماحدث في دولة جنوب السودان بعد الفتنة القبلية التي حدثت وسط رفقاء السلاح ، أبناء الحركة الواحدة ، لان تأريخ كتابة القصة في جوبا 3 مايو 2014م ، تستدرك “الجثة” قائلة : حفروا لنا قبراً واحداً ، ساقونا إليه جميعاً.

*في خواتيم قصتها القصيرة تقول إستيلا قايتانو على لسان بطلتها “الجثة” : حلق النسر بعيني الواحدة التي رأت كل شئ، كنت أحملق من عليائي على المشهد ، فاصبت بالأسى ، نسور تحوم في السماء ، لهيب يحرق كل شئ.

*أخيرأ تنطق “الجثة” بلسان الحكمة وتعترف بالحقيقة المأساة : أراني بام عيني التي يأكلها النسر الان ، أقتل إخوتي دون رحمة ، وأسرق أبي دون رهبة ، وأبيد عشيرتي دون رجفة.. وأقتل نفسي .. وأحتفي.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..