مقالات وآراء

التوسع الاستثماري الخليجي في إفريقيا : الفرص الواعدة والتحديات الاقتصادية والجيوسياسية

أبوبكر عبدالله

 

تناولت ورقة بحثية صادرة عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد (Afreximbank) في ديسمبر 2024م ظاهرة تصاعد الاستثمارات الخليجية في إفريقيا ، مسلطةً الضوء على الفرص والتحديات التي تصاحبها، إليكم أبرز ما جاء في هذه الورقة.

إفريقيا تشهد اهتمامًا استثماريًا متزايدًا نظرًا لمواردها الطبيعية الهائلة وتنامي عدد سكانها ، المتوقع أن يصل إلى 1.5 مليار نسمة بحلول عام 2025م ، مع ناتج محلي إجمالي يبلغ 3.1 تريليون دولار ونمو اقتصادي سنوي يتراوح بين 4-5٪. هذا النمو أدى إلى تزايد الاهتمام من قبل دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية ، الإمارات ، عمان ، الكويت ، قطر ، والبحرين) في إطار استراتيجياتها لتنويع اقتصاداتها بعيدًا عن النفط والغاز. فقد تجاوز حجم التبادل التجاري الخليجي-الإفريقي 121 مليار دولار ، بينما بلغت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة أكثر من 100 مليار دولار بين 2012م و2022م.

أهم المحاور في الورقة:

– العوامل التي تدفع نحو زيادة الاستثمارات في إفريقيا.

– تصاعد اهتمام مجلس التعاون الخليجي بالقارة.

– التدخلات القطاعية في مجالات الطاقة ، الزراعة ، والبنية التحتية.

– الآثار الاقتصادية والسياسات المقترحة لإدارة هذه الاستثمارات.

 

العوامل الدافعة للسباق الاقتصادي نحو إفريقيا

1. الموارد الطبيعية الهائلة

تمتلك إفريقيا 90٪ من احتياطي الكوبالت العالمي، 64٪ من المنغنيز ، 60٪ من الألماس ، 50٪ من الذهب والفوسفات، بالإضافة إلى 30٪ من الاحتياطات المعدنية العالمية.

تهيمن على إنتاج 75٪ من الكاكاو العالمي و60٪ من البن ، وتحتوي على 65٪ من الأراضي الصالحة للزراعة عالميًا.

2. التحولات الديموغرافية والاقتصادية

من المتوقع أن يصل عدد سكان إفريقيا إلى 2.4 مليار بحلول 2050م ، مما يجعلها سوقًا استهلاكيًا ضخمًا وقوة عمل متنامية.

ارتفاع متوسط العمر من 50 عامًا إلى 60 عامًا حاليًا ، ومن المتوقع أن يصل إلى 70 عامًا بحلول 2050م .

الطبقة المتوسطة الإفريقية في ازدياد، مما يزيد من القوة الشرائية والاستقرار الاقتصادي.

3. الأهمية الجيوسياسية

موقع إفريقيا الاستراتيجي يجعلها نقطة عبور رئيسية للتجارة والطاقة ، خاصة بين أوروبا ، الشرق الأوسط ، وآسيا.

القارة تمثل محورًا رئيسيًا للأمن البحري وسلاسل الإمداد ، لكنها تواجه تحديات مثل الإرهاب والقرصنة البحرية ، مما يزيد من تعقيد المشهد الاستثماري.

 

تزايد اهتمام دول الخليج بإفريقيا

1. التجارة والاستثمار

ارتفعت واردات دول الخليج من إفريقيا من 28.3 مليار دولار في 2016م إلى 70 مليار دولار في 2023م (نمو 140٪).

الصادرات الخليجية لإفريقيا ارتفعت من 30 مليار دولار إلى 51 مليار دولار خلال نفس الفترة.

أكبر الشركاء التجاريين لإفريقيا ضمن دول الخليج هم الإمارات (59.4 مليار دولار)، السعودية (25.6 مليار دولار)، وقطر (7.2 مليار دولار).

في عام 2023م ، استثمرت دول الخليج في 73 مشروعًا استثماريًا جديدًا في إفريقيا ، بقيمة تجاوزت 53 مليار دولار.

2. مقارنة بدول أخرى (الصين والولايات المتحدة)

في 2023م ، بلغ حجم التجارة بين إفريقيا والصين 285.6 مليار دولار، بينما بلغت مع الولايات المتحدة 67.5 مليار دولار ، وهو أعلى من التجارة مع الخليج التي بلغت 121 مليار دولار.

رغم ذلك ، شهدت الاستثمارات الخليجية نموًا متسارعًا مقارنة بالصين والولايات المتحدة.

تعتمد الصين على مشاريع البنية التحتية الكبرى ، بينما تركز الولايات المتحدة على المساعدات والتنمية المستدامة ، فيما تركز دول الخليج على الزراعة ، الطاقة ، والبنية التحتية.

 

التدخلات القطاعية الخليجية في إفريقيا

1. الأمن الغذائي والزراعة

تعتمد دول الخليج على استيراد الغذاء وقد زادت استثماراتها الزراعية في إفريقيا لتأمين إمدادات مستقرة:

الإمارات تستثمر 1.5 مليار دولار في مشاريع زراعية في المغرب والسودان وأوغندا.

السعودية استثمرت 1.2 مليار دولار في مصر لتعزيز إنتاج القمح ، إضافةً إلى مشاريع زراعية في السودان وكينيا.

قطر لديها مشاريع زراعية في إثيوبيا وكينيا لتعزيز إنتاج الأرز والذرة.

2. البنية التحتية والنقل

قطر استحوذت على 49٪ من شركة RwandAir واستثمرت 1.3 مليار دولار في مطار كيغالي ، ليصبح مركزًا إقليميًا للطيران.

شركة موانئ دبي العالمية (DP World) تدير موانئ في الجزائر ، مصر، والسودان ، وتخطط لاستثمار 1.72 مليار دولار في تطوير الموانئ الإفريقية.

أبوظبي للموانئ حصلت على امتيازات تشغيل موانئ في الكونغو وأنغولا بقيمة 250 مليون دولار.

3. الطاقة

قطر للطاقة استحوذت على 23٪ من حقل الغاز المصري “شمال الضبعة”، واستثمرت في حقول الغاز في ناميبيا وموزمبيق.

مصدر الإماراتية تخطط لاستثمار 10 مليارات دولار في مشاريع طاقة متجددة بإفريقيا.

أكوا باور السعودية أبرمت اتفاقيات بقيمة 1.78 مليار دولار لمشاريع طاقة الرياح وتخزين البطاريات في المغرب.

 

الآثار الاقتصادية والتحديات

1. التحديات الاقتصادية

الدين العام : ارتفاع الديون بسبب قروض الاستثمار الخليجي قد يؤدي إلى أزمات مالية.

التضخم : زيادة الطلب على الموارد المحلية قد يرفع الأسعار ويؤثر على القدرة الشرائية.

تقلبات سعر الصرف : تدفقات رأس المال الكبيرة قد تؤدي إلى ارتفاع قيمة العملات المحلية ، مما يضر بالصادرات.

2. القضايا الاجتماعية

خطر الاستحواذ على الأراضي : الاستثمارات الزراعية الضخمة قد تؤدي إلى تهجير السكان المحليين.

سوق العمل : الاستثمارات قد تخلق فرص عمل ، لكنها قد تؤدي أيضًا إلى “هجرة العقول” بسبب جذب العمالة الماهرة التوصيات السياسية

مواءمة الاستثمارات مع أولويات التنمية الوطنية لضمان تحقيق فائدة محلية طويلة الأمد.

تعزيز الشفافية والحوكمة لضمان مساهمة الاستثمارات في تنمية حقيقية ومستدامة.

ضمان شروط ديون ميسّرة لتجنب أزمات مالية.

تنظيم أسعار الصرف والسياسات النقدية لتقليل التأثيرات السلبية على الاقتصاد.

تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPPs) لضمان استدامة المشاريع.

إدراج معايير بيئية واجتماعية قوية في العقود الاستثمارية لحماية المجتمعات المحلية.

 

الخاتمة

توفر الاستثمارات الخليجية فرصة لإفريقيا لتطوير البنية التحتية ، تحسين الأمن الغذائي ، وتعزيز النمو الاقتصادي ، لكنها تأتي مع تحديات تتطلب سياسات حكيمة لضمان الاستفادة المتبادلة بين الطرفين.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..