مقالات سياسية

حصاد بذور الكراهية

د. محمد حمودة

إن الحروب لا تأت عن فراغ يسبقها سيل جارف من الكراهية وأسباب الإقتتال خصوصا حين ترتفع الشعارات الإقصائية.

كان شعار كل “كوز ندوسو دوس” لا يتماشى مع افكار البناء خصوصا ان وضعنا في الاعتبار ان الحديث عن دولة القانون وبناء المؤسسات العدلية والحقوقية واعلاء قيم الشفافية والمحاسبة يوجب ان تتم محاسبات فردية لمن اجرموا وليس محاكمات جماعية بهذه الصورة، الشعار يظل مثيرا للجدل ومثيرا للغبن بما يحمله من تهديد وترويع لمجموعة كبيرة من المواطنين السودانين، لذا كانت الحرب أحد ثمار الكراهية التي زرعتها القوى السياسية التي تريد اقصاء منافسيها بكافة الطرق حتى لو كان الثمن حربا ضروسا لا تبقي ولا تذر.

حذرنا من الكراهية حيث اعتبرنا ذلك أقل واجب تجاه بلادنا ولكن يبدو لي ان هناك امر قانوني يجب ان ينتبه له الساسة والنشطاء، ان تجريم نشاط حزب ما لا يعني تجريم كافة اعضائه لانه ببساطة الحزب شخصية قانونية مثله ومثل الشركة تكتسب شخصيتها وميلادها في تاريخ التسجيل واستيفاء الشروط، وتنتهي بحلها او تصفيتها او موت الشركاء او بامر محكمة او قانون.

لذا ان حل حزب المؤتمر الوطني لا يستوجب ان كل نشاط او سلوك من فرد يمكن ان يرقى لجريمة طالما يمارس حقه في التعبير بعيدا عن التخريب واستخدام العنف.

اشتعلت الحرب وبدأت بذور الكراهية تثمر حتى في وسائط التواصل الإجتماعي وصارت الحملات ضد الجيش الوطني أمرا عاديا من قوى سياسية بعينها تفرح بسقوط المدن وفقدان الأرواح وبذل بعض منسوبيها في التعاون مع المليشيا في الوشاية بافراد وضباط القوات المسلحة والاجهزة الأمنية الجهود، ولكن كان كل ذلك مرصودا فماذا سيكون الحصاد؟؟ رؤوس تقطع وبطون تبقر وقتلى ظنوا انها النهاية لخصومهم السياسيين، وكان يمكن ان يوفروا احقادهم لصناديق الاقتراع ليكون تنافسا مدنيا متحضرا لا تامرا مدنيا متخفيا تحت كدمول الجنجويد وظهر متحور للتحالف المدني اختصارا لمعاني تقاصرت دونها الهمم ومبادئ اريق ماء وجهها حين بيعت الذمم في سوق نخاسة دقلوا ودولاراته الملوثة بالدماء والذهب المسروق.

التجريم لحزب افسد لا يكون مكانه منابر السياسة بل المحاكم ومنصات القضاء العادل والمحكمة الدستورية لها سوابق وأن كانت مؤسفة ولكن تاريخنا البعيد أفضل من القريب فنحن كل عام نرذل ونتعامى عن الحقائق ولا نخجل عالينا واطينا وسادتنا هم أبعد من ان يكونا قادتنا ففعالهم مخازي واشواقهم دنيئة. كهذا يريدون سلطة بلا استحقاق وجرسى للكراسي وأن قطعت الاعناق.

حين جلسوا لعام أو يزيد طفقوا في قطع الارزاق بدعوى تفكيك التمكين وما ادراك ما التمكين فهو خطأ وفساد عولج بأفسد منه فلا قضاء ولا محاكم بل لجنة سياسية يفخر من يترأسها أنها سياسة وما علم أنه كتب تاريخها بمداد الجهل والغل بدلا من العدل والانصاف لتكون تجربة تحتذى وتأسيسا لدولة القانون والعدالة والحرية التى هي شعارات امنت بها الجماهير التى تاقت للحرية وجاءت بمن لا يستحق.

ثقافة الكراهية واستخدام اجهزة الدولة لقمع المخالفين في الفترة الإنتقالية كان من قصار القامة وضيقي الافق تجاوزا لمقولة الصادق المهدي –من فش غبينته خرب مدينته –فحدث ان اردت بذور الكراهية والاحن العنصرية لتجعل الخرطوم مكانا للقطط والكلاب الضالة بدلا من سكن للملايين الامنة في ظل دولة عدل وقانون. كل ذلك في بلادنا التي تواجه تحدي التاسيس الذي يراه البعض ماثلا واراه غائبا فلن يكون تاسيس بدون مصالحات وبدون مواجهات مع الذات قبل الاخر وتنقية الاجواء وتقبل الاختلاف.

اذا واصل شعينا تعاميه عن حقيقه ان ما يحدث من انكار لحق جزء كبير منه في الحياة العادية فسيكون الامر مدمرا وخطرا كبيرا واجب علينا التوقف مع الذات وترك الجري وراء الزائف من الرغبات والشعارات فلا الثورة خير لشعب عانى بسببها نزوحا وحروبا وقتالا فلنعرف ان الاصلاح المتدرج هو السبيل الوحيد للبقاء والتداول السلمي لا يتحمل اقصاء احد الوطن للجميع والفيصل هو القانون بين الصالح والطالح.

ان لم تنعظ سنرى الرؤوس مقطوعة والجماجم تدوسها الاقدام فمن يؤمن بالمدنية عليه عدم التستر خلف المليشيات طمعا في وصول سريع للسلطة، فالمدنية طريقها المؤسسات ليس الدبابات والبنادق والديمقراطية لا تقبل الاقصاء بل يبنيها الحوار مع المختلف كلها دروس نحتاج ان نعيها قبل ان يفوت الاوان.

‫6 تعليقات

  1. عدم تطبيق شعار كل كوز ندوسوا دوز وصلنا إلى مانحن فيه الآن والثورة الفرنسية خير مثال

  2. انت يا زول ولا أقول دكتور أهبل ولا شنو؟ وبعدين دكنور في شنو ودا منطقك؟ أفرض رئيس اللجنة قال سياسية فما معنى ذلك؟ هل تعني التحقيق مع بعض الفئات وترك الآخرين محاباة مثلاً؟؟ أليس قانون تفكيك التمكين بعنوانه هذا سياسي بالدرجة الأولى؟ وما العيب في ذلك؟ أليست أهداف ثورة التغيير أهداف سياسية بل الثورة أي ثورة بالضرورة هي عمل سياسي للتخلص من نظام ظالم سابق وإزالته وإزالة كافة جذوره وفروعه من مؤسسات الدولة أولاً ثم ثانياً معاقبة من اسنغلوا جذور وفروع التمكين هذه عبرة السلطة المباشرة أو المستفيدين من ورائهم بالحصول على امتيازات وفوائد على حساب الغير لا يستحقونها؟ هل يحتاج من أثرى ثراء حراماً وسجل في اسمه 99 قطعة أرض يحتاج إلى محكمة لإعلان تهمته باستغلال السلطة ومؤسسات الدولة. إن اللجنة توقفت على هذا البعد الظاهر فنزعت منهم فقط الملكية غير المشروعة وكان في إمكانها محاكمتهم عليها جنائياً أمام المحاكم ولكنها لم تفعل ومع ذلك يأتي واحد مثلك ليردد كالببغان كلام الفلول المتضررين من أعمال اللجنة وهو كلام سياسي بحت لا يجرأون على قوله أمام المحاكم وإن كانت هذه المحاكم هي محاكمهم وأدواتهم للتمكين وهي ليست استثناءً من أعمال اللجنة وقد فعلت ذلك بأمر الثورة وقوانينها، ولكن بسبب أمثالك باءت جهود الثورة بالفشل! ألا تعلم يا ديكنور أن عمل اللجنة موجه بالقانون نحو فئة سياسية واحدة تشمل رموز التمكين ومحاسيبهم من اللصوص سارقي مقدرات البلد ومواردها الطبيعية بل وإيراداتها كضرائب وجمارك وجبايات ما أنزل الله بها من سلطان من جيوب المواطنين؟ انتو يا عالَم بدو كم الدال دا بدون ما الواحد فيكم يتعلم ويفهم منطق الأشياء البسيط دا واتحداك لو شرح لنا منطقك أو غرضك من نشر هذا الكلام الآن وقد لاك الناس فيه ومجُّوه منذ سنين لما سئموه؟؟

  3. مقال يوريك عقلية التفكير الفقير . أجزم نفس عقل مالك عقار هو الموجود داخل جمجمة هذا الكاتب. غير مدرك للعلل مدعي معرفة الحلول. تفكير بدائي للغاية، واحد زي كاتب المقال من السهل ان يصبح احد المسؤولين في الدولة.. دولة التخلف و الوهم. هذا التفكير في دماغ البرهان/كباشي/عطا ٨٠%، مناوي جبرين /عبدالحي يوسف/ترك و هجوم ٩٠%، اما مالك عقار ، أجزم انه نفس العقل تكرر في شخصين في حالة فريدة في البشر. إيه

  4. المشكلة أيها الديك وتور ليست الشعار (اي كوز ندسو دوس) فهذا شعار عوام الثوار والدوس ليس بالجزمة ولكن بالقانون والذى يعني أيضا أبعاد الإخوان المسلمين واي جماعة سياسية تستخدم الدين في السياسة. نعم للإخوان المسلمين وغيرهم حق التعبير عن فكرهم الضال ولكن هنا يجب مواجهتهم بالفكر وتفنيد خطورة طرحهم الإسلامي

  5. من الواضح ان الكوز كاتب المقال من صنف فلنقاي خلا تابع سيدو ويكتب ما يملي عليه دون اعمال عقله ان وجد في ما يكتب!
    لو طبفت القوي المدنيةسياسة اي كوز ندوسو دوس بالفعل ايها الكوز الكاذب فلماذا هي التي تداس اليوم ويداس شعبها وليس بيدها لا سلطة ولا حكم؟ ام تري انها طبقت (الدوس) عليها وعلي المدنيين وتركت الكيزان؟
    وبعدين اذا طبقت القوي المدنيه شعار (اي كوز ندوسو دوس) بعقد بعض المحاكمات الصوريه للكيزان ولم يعدم او يسجن فيها اي كوز وظلوا طلقاء حتي قيامهم بالإنقلاب علي الحكم المدني،فما الذي يجعل الكيزان ينتقمون منهم بالذيح والقتل والسحل والسلخ وانتزاع الاحشاء واكل اكبادهم والتمثيل بجثثهم؟ لو كنتم ابرياء واسوياء حقا لما مارستم مثل هذه الجرائم والبشاعات ولأكتفيتم بمعاملتهم مثلما ما عاملوكم وسيتفهم الناس مبدا المعاملة بالمثل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..