مقالات وآراء سياسية

بهدووووووء (بدون زعل)(14)

بروفيسور نبيل حامد حسن بشير

 

في الحلقات 12 و 13 طرحت عدة أسئلة ، في رأيي أنها مشروعة ، وطلبت أن نجاوب عليها جميعا بهدوء وأمانة (مع امتناع الفاقد التربوي عن التدخل). أجبنا على بعضها في الحلقة 13.

نود أولا أن نشيد بانتصارات الجيش القومي المتتابعة ، خاصة تحرير ولاية الجزيرة ، وبالاخص مدني الحبيبة التي عادت الي حضن الوطن وكانت نتيجة عودتها دموع غالية منهمرة مع عدم القدرة علي التحكم فيها. نتمني العودة السريعة للخرطوم وتنظيف كل كردفان من المليشي وجرائم الحلو ثم تطهير دارفور وكل السودان من الخونة والعملاء.

1) ماذا فعلنا من اجله منذ الاستقلال حتى يومنا هذا؟ .

عندما استقل السودان في 1 يناير 1956م من الحكم الثنائي كان الطرف الثاني (مصر) من الحكم الثنائي ما زال تحت حكم الطرف الأول (الانجليز) ولم ينفك منه الا في يوم الجلاء في شهر أكتوبر من ذات العام. فمصر ليس لديها عيد للاستقلال ، بل عيد للجلاء ، أي جلاء المستعمر عن الأراضي المصرية. عند استقلالنا كانت مصر تتفوق علينا اقتصاديا ، زراعة وصناعة، وتعليما وصحة بما أقدره شخصيا بمائة عام. حينها كانت الدول الافريقية كلها ترزح تحت نير الاستعمار ، عدا ليبريا وأثيوبيا. كل تلك الدول كانت تحت استعمار انجليزي أو فرنسي ، والبعض تحت احتلال بلجيكي أو برتغالي أو إيطالي. التخلف الرهيب كان عنوان كل مناشط تلك الدول. أغلبها استقل اعتبارا من 1960م وحكمت بحكومات مدنية أو عسكرية ، حكومات ديموقراطية أو شمولية (الحزب الواحد). أما جنوب افريقيا فكانت تحت حكم الأبارتايد العنصري البغيض، لكنها وروديسا الجنوبية (زمبابوي) كانتا متقدمتان جدا اقتصاديا وعسكريا. انطلقت كل تلك الدول اقتصاديا وتنمويا بمعدلات تفوقت علينا تفوقا لم نستطع ملاحقته ، وهي الأن في مصاف الدول الأكثر نموا ، ونحن ما زلنا في مرحلة تكوين الدولة ولم نتخلص من الحروبات بيننا ، بل البعض يصنفنا من الدول الفاشلة. كل هذا جعل الرئيس جولياس نيريري (المعلم كما يطلق عليه أهل تنزانيا) ، أول رئيس لتنزانيا بعد الاستقلال يطلق علي السودان (رجل افريقيا المريض) ، ويبدوا أن مرضنا مستفحل وواضح ولم يشفي حتي الأن رغما عن مرور 69 عاما من الاستقلال. ما هو السبب ياترى؟ هل الدواء غير مناسب؟ أم أن تشخيص المرض لم يكن صحيحا (طبيب فاشل/ جاهل)؟ .

عندما خرج الاستعمار ترك لنا خدمة مدنية متميزة كما يقولون ، وجيش لا غبار عليه، ونظام شرطي متميز يناسب ذلك الزمان ، وبعض اساسيات البني التحتية التي كان من الممكن أن نطورها في الأقاليم التسعة (6 شمالية و3 جنوبية) التي كانت أساس الحكم الإداري ، وادارات أهلية في بعض المناطق كانت لها القدرة على تنظيم العمل ما بين الحكومة المركزية والقبائل بسلاسة. نظام تعليمي أساسي من 3 مراحل ، كل مرحلة عبارة عن 4 سنوات ، تعد الطالب للالتحاق بالجامعات أو بإحدى المهن أو الوظائف الحكومية أو القطاع الخاص. أما مصر (القطب الأخر للحكم الثنائي) فقد أسست بعض المدارس لكل المراحل بالمنهج المصري بالعاصمة وعطبرة والأبيض ومدني ، ثم جامعة القاهرة فرع الخرطوم. كانت العملة السودانية (الجنيه) حينها يعادل جنيها وربع إسترليني أو 3 دولارات وثلت. كانت هنالك جامعة واحدة وهي جامعة الخرطوم التي كانت تسمي كلية غوردون حتى يوم الاستقلال وكانت تصنيفيا في أعلي قائمة التعليم في افريقيا والعالم العربي. لم يترك لنا الاستعمار طرقا مرصوفة تربط بين الولايات ولم يؤسس لنظام صرف صحي ، لكن أسس لمناطق صناعية وورش للصيانة كان من الممكن أن تكون نواة للصناعات الخفيفة والمتوسطة ، كما أسس لميناء متميز ببورتسودان. اما بالنسبة للصحة فقد أسس بعض المستشفيات الكبرى بكل عواصم الولايات ومراكز صحية وشفخانات بالمراكز والقري. فعل ذات الشيء بالنسبة لصحة الحيوان ، وقام بتأهيل الكوادر لكل بكلية غوردون وبإنجلترا. أسس نظام بنكي مشابه للنظام الإنجليزي والمصري ، وأسس أسواق للمحاصيل ، وأسس لنظم التجارة الخارجية تصديرا واستيرادا. أما السياسة الخارجية ، أي وزارة الخارجية والسفارات فقد أسست بعد الاستقلال. كانت الاتصالات التلفونية واللاسلكية والتلغراف متاحة للاتصال بكل دول العالم ، ليس من العواصم فقط ، بل حتى من حواشات مشروع الجزيرة الذي أسسه المستعمر أيضا ، إضافة الي مشاريع النيل الأزرق والنيل الأبيض وطوكر والزيداب ، والسدود على النيل الأزرق سنار والروصيرص ، أما خزان جبل الأولياء فقد أسسه المصريون بالنيل الأبيض لخدمة مصر ، إضافة الي مطار الخرطوم وبعض المطارات الأخرى ببعض الولايات والخطوط الجوية السودانية ، التي يقال إنها كانت أول خطوط في أفريقيا. كل هذا كان متوفرا حتى يوم الاستقلال.

الأن نجيب علي ما قدمناه منذ الاستقلال حتى يومنا هذا. تسلم الحكم رجال على درجة عالية من الكفاءة ، بمعايير ذلك الزمان ، بعد انتخابات حرة نزيهة ، وبدات بعملية سودنة الوظائف الحكومية ، ووضع الدستور ، لكنها اضطرت لأن تتعامل مع تمرد في الولايات الجنوبية التي اندلعت في نهايات 1955م قبل الاستقلال بشهور ، مع اعتراضات أيضا من الجنوبيين على سودنة الوظائف بشماليين حيث جاء تعبيرهم عن ذلك بأننا (استبدلنا الانجليز بالشماليين) أي العرب. اخذ هذا الكثير من زمن وجهد الحكومة الأولي. ثم بدأت أيضا الخلافات بين الحزبين الكبيرين ، الوطني الاتحادي والأمة ، انتهي بأول انقلاب عسكري في 17 نوفمبر 1958م وكلكم يعرف من قام به وكيف ولماذا، وكيف انتهي. لم تنجز الديموقراطية الأولي أية إنجازات محسوسة حيث أنها لم تستمر الا 23 شهرا ، لكن لا ننكر ما قامت به حكومة نوفمبر (عبود) من إنجازات في الصناعة والطرق والإسكان والصرف الصحي والتعامل الدولي ، لكن كل هذا لا يعفيها من العنف بالجنوب الذي أدي الي سقوطها في 21 أكتوبر 1964م. جاءت الحكومة الانتقالية برئاسة الأستاذ سرالختم الخليفة تسندها جبهة الهيئات ، وكل ما قامت به بعض المحاولات لتهيئة الوضع للانتخابات لتأسيس حكم ديموقراطي. لكن ما هي نوعية الديموقراطية التي تناسب السودان بتركيبته القبائلية والعرقية والدينية ..الخ؟ هل نتبع ديموقراطية وست مينيستر البريطانية؟ أم ديموقراطية الهند؟ أم ديموقراطية الولايات المتحدة؟ أم الديموقراطية الأوروبية متعددة الأشكال والصيغ؟ ماذا سنفعل بالدستور؟ هل نعود الي دستور ما قبل حكم عبود؟ أم نعيد صياغته ليناسب المستجدات؟ هل هنالك بالفعل ما يسمي بالدستور الدائم؟ كيف يكون دائما والعالم يتغير يوما بعد يوم وهل هذا يناسب الأجيال القادمة؟ أم سنغيره مرات ومرات مما ينفي صفة الديمومة. هل ندخل فيه ما يناسب الشريعة الإسلامية أم نفصل الدين عن الدولة ويكون دستورا علمانيا؟ هنا بدأت الخلافات بين الإسلاميين الذين بدأوا يشكلون نسبة فاعلة في النشاط السياسي واقنعوا الحزبين الكبيرين بذلك ، والأحزاب اليسارية التي يقودها الحزب الشيوعي القوي جدا ، بل الأقوى في أفريقيا والشرق الأوسط وبدعم من الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق والصين الشعبية. استمرت الخلافات وتدهورت كل مناحي الحياة بالنسبة للمواطن وركزت الأحزاب وحكومتها علي المكايدات الي أن وصل الأمر بحل الحزب الشيوعي ، وتفاقمت في ذات الوقت مشكلة جنوب السودان ، وكانت النتيجة انقلاب 25 مايو 1969م بقيادة العقيد جعفر محمد نميري بمساندة قوية من الحزب الشيوعي وكان أول قرارته تجميد الدستور وحل كل الأحزاب السياسية. أما عن ما حدث منذ تسلم سيئة الذكر الانقاذ بالوطن والعباد قساترك الأمر لكم بان يعد كل منكم ورقة وقلم ويسكب ما قدر له من مداد في ما قامت به من دمار للوطن والمواطن علي أن نلتقي في الحلقة 15 سائلين الله أن يلطف بنا (أمين).

 

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. في السودان خرج المستعمرالانجليزى وترك لنا مستعمر سودانى بذهنيه وطبائع المستعمر الانجليزى ومن ثم تشكلت طبقة الافنديه الغردونيه الاستعماريه التي مارست الاستعمار باسواء اشكاله…..اما ادعاء اننا ورثنا خدمه مدنيه وتعليم وصحه من المستعمر -هراء!!!!!لان الخدمه المدنيه والتعليم الغردونى الذى اسسه المستعمر جوهره استعمارى لخدمه المستعمر وتخليق اذيال له…… لم يتشكل سودان يعبر عن التنوع في السودان بل شكل بلد بجهاز دوله متموضع حول ذهنيه الخدمه وامتياز الوظيفه وتشكيل امتيازات تاريخيه لمجموعه مركزيه اسلاموعروبيه نيليه متشابكه وتتمحور حول مصالحها عبر توظيف جهاز الدوله لخدمتهم كانهم دوله عميقه !!!!!ولم يفهم ذلك الا الجنوبيين حيث تمردو 1955 -تمرد توريت………………………………………….
    اما عن مكون الجيش فتكفى حادثه عنبر جوده التي تعبر عن ماهيه التكوين وكذلك تعامل الجيش مع الحركات المطالبيه منذ التمرد في جنوب السودان حيث قمع الطلاب ………………….. اما التعليم فقد ارتبط التعليم بالسياسة وليست فلسفه التعليم واستراتيجيات فلذل لم يؤسس تعليم حقيقي مفارق يقوم على منهجيه علميه وتفكير ناقد- اما الطب والمستشفيات فهذا كلام غير موضوعي لان ما هو المبرر ان السودانيين يسافرون الى مصر للعلاج( تلاحظ كميات من السودانيين فى باب اللوق وقرب وزاره الأوقاف بحثا عن العلاج وهذا مشهد من الستينات -الى الان—منظر مؤلم)……… يازول نحن في مستشفى كوستى يجيبو لينا أطباء مترديه ونطيحه( خريجى شهاده ادبى يدرسون طب في الاتحاد السوفيتى وتلقى الواحد يقضى خمس سنوات ثم يمنح درجه الطب ايدولجيا)….. غالب الإنجازات في السودان كما ذكرت مصريه ومنح امريكيه وتمت في عهود عسكريه في بلد اقحمت الأحزاب المدنيه الجيش في الفعل السياسى عبر تسليم السلطه للعسكر واختراق الجيش سياسيا عبر كوادر حزبيه ———–بلد فاشله: لا انتاج ولا علم ( ما شفت زول مثل د. زويل ود. يعقوب ولا الشعراوي ولا مصطفى محمود) ….

    1. يا اخي حرام عليك انتجت لنا العلامه يوسف عبدالحي الذي افتي بقتل ثلثي الشعب السوداني لينعم المتاسلمين بحياة الرفاهيه والدعه واكتناز المال والذهب من افوا الفقراء والاطفال وبناء الشاهقات وتعدد الزوجات ماذا تريد اكثر من هذا !!!!!!الم يعلمنا البشير اكل الهوت دوك يا اخي انتي رجل ظالم لاتري اثر من ارنبة انفك.

  2. للاسف البروف يتعمد المواصلة في المنهج القديم الذي تتلمزو عليه في جامعة الخرطوم وبالمجان التي كانت تستقبل عدد محدد افرز الينا صفوه من الافنديه الذين تربو علي أن يخدمو بضم الياء فقط وأنهم خساره علي البلد
    ويمنع الفاقد التربوي من التعليق والمشاركه نرجسيه شديده
    نحن من يحق لنا سؤالكم ماذا قدمتم لنا وللبلد احيبك صفر كبير
    لم نري من جيلك غير كنكشه في الوظائف ومحاربة الحيل الذي بعدهم
    ماذا قدمت معاهد أبحاثهم لخدمة المجتمع في تخفيف معاشه
    اين اختراعات علمائنا وكم هم ومن هم من نعلمهم قله
    كلمة الفاقد التربوي ابعدت طلاب كثر من المعاهد المهنيه عندما أطلق عليهم هذا الاسم
    ياريت نشوف خبراتكم من عنطزه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..