أثر البنية الهيكلية في ضعف الأحزاب.. نحو بنية فدرالية للأحزاب(٣-٦)

مجدي عبد القيوم(كنب)
*ان خواص الأداء هي خواص المنظومة وان الخطأ في المنظومات صفة ملازمة أي أن الخطأ خاصية تتعلق اساسا بالمنظومة وان أي منظومة مصممة لإحراز ما تحرزه من نتائج*
الدكتور/أحمد بيومي
نتابع محاولتنا في تسليط الضوء علي ما نعتقد أنه أحد أهم الاساب في الحالة المزرية التي وصلت إليها أحزابنا وهي قضية مركزية البني والهياكل ولعل مرد هذا التركيز علي هذه القضية علي
كثرة وتعدد الأسباب التي تسببت في إضعاف الأحزاب السياسية وتقلص دورها في صناعة المشهد لاهميتها القصوي ولان التنظيم كما هو معلوم الحلقة الأهم في العملية الإدارية في المفهوم العام ولا نعتقد أن هناك سببا جوهريا أكثر منه ولا حتي اختلاف وجهات النظر في المواقف السياسية حتي في القضايا المركزية كالموقف من الحرب التي تدور رحاها الان مثلا وذلك ببساطة لأن الموقف السياسي لا يكتسب بطبيعته صفة الديمومة خلافا للهياكل و الأبنية والتي تمثل الاداة لتنفيذ الاهداف سواء كانت برامج أو خلافه في الحالة الحزبية
ومن المؤكد اننا نصبو للاسهام في معالجة أوجه القصور بحسب ما توافر لدينا من تجربة عملية و معرفة نظرية ولا ننطلق من منصة رافضة للاحزاب وذلك ببساطة لايماننا المطلق أن البشرية لم تبتدع حتي اللحظة من التاريخ روافع سياسية للمجتمعات غير الأحزاب علي الرغم التطور المذهل للمجتمع البشري علي كل الصعد.
ويلاحظ القاريء أننا تناولنا القضية بشكل عام لأن الأزمة شاخصة تعاني منها كل الأحزاب بلا استثناء لذلك لم نجد مبررا للتخصيص أو الاشارة لاحزاب بعينها مع التأكيد أن الأبنية والهياكل نفسها ذات ارتباط بالمنطلقات أو الاسس النظرية للاحزاب وفلسفتها أو رؤاها النظرية التي ترتكز عليها ولكنها تعمل في الفضاء العام وفقا للنظام السياسي الإداري للدولة وينبغي أن يكون هناك اتساقا بين هذا النظام السياسي والبنية الهيكلية للاحزاب وهو في الحالة السودانية النظام الفدرالي ومن اهم جوانبه اقتسام السلطات .
ومع أن تركيزنا هنا علي مركزية الأبنية والهيئات إلا اننا سنتعرض للمركزية الديمقراطية كنمط قيادى لصلته الوثيقة بالموضوع الذي نتناوله ونبين دون اسهاب وكذلك بلا اختصار مخل انماط القيادة وطبيعة وسمات كل منها وعيوبها وميزاتها .
وكما ورد في المقتطف الذي يتصدر المقال فان تصميم المنظومة مرتبط بما تحرزه من نتائج لذا فاننا علي يقين أن الخلل البنوي هو السبب الاساسي في الحالة المزرية التي وصلت إليها الأحزاب .
تناولنا في المقال الثاني بايجاز غير مخل قضية تفويض السلطات والصلاحيات من حيث البني التنظيمية كهياكل وهيئات اعتبارية وليس كمنهج قيادي فحسب ومن المؤكد اننا لا نتحدث عن تمثيل مناطقي أو جهوي في الهيئات القيادية علي المستوي المركزي للاحزاب رغم اهميته انما نعني البني والهيئات الاعتبارية في المناطق الحزبية خارج المركز
في تقديرنا أن عدم الاتساق بين النظام الفدرالي كنظام حكم اداري للدولة وبين البني والهياكل الحزبية والتي تتسم بالمركزية السبب الاساسي في الأزمة التي تعاني منها الأحزاب واذا لم تتم معالجة هذا الخلل البنيوي فستظل الأزمة ماثلة
اذا كانت الميديا والوسائط أحد أهم الأسباب التي ضربت حتي مركزية الدول وصناعة القرار واسهمت في تفكيك بعضها فالاحري بالأحزاب والتي لم تنجو هي نفسها من تأثير الميديا أن تعيد صياغة هياكلها وابنيتها بما يتناسب والواقع الموضوعي
ولعل هذه الوسائط نفسها ستصبح من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الأحزاب في عملها ليس بحكم الأمر الواقع كما هو الآن بل ستضطر للتاسيس نظريا لذلك حتي في الجوانب التنظيمية.
يا سيدي أحزابنا التي ورثناها لم تفلح لا غي ترسيخ الديمقراطية ولا في إبعاد الإنقلابات العسكرية وأنظمتها الشمولية والدكتاتورية وما في واحد يقول أعطوها فرصة لأن الانقلابات حرمتها من الاستمرار في الحكم، لأن الأحزاب نفسها كانت ضالعة في هذه الإنقلابات ومن صنعها إن لم تكن بسببها ودي قصة معروفة وتاريخ قريب لم ينس بعد، ف.. لغاية هنا كفاية الفرصة التي جربناها فيها وهاهو حصادها ولا نريدها بعد هذه الحرب أن تعود أبداً ولا يعني استبعاد الأحزاب استبعاد الديموقراطية، بالعكس يمكن ممارسة الديمقراطية على أصولها وهي الديمقراطية المباشرة أي دون واسطة الأحزاب لأننا لا نريد تداول السلطة بين الأحزاب ونديدهم العسكر ونريد أن تبقى السلطة دائماً في يد صاحبها الشعب إلى يوم القيامة يفوضها لممثلين له في النقابات والدوائر الجغرافية والمهنية والحرفية والفئوية إلى آخر التقسيمات بحيث يبقى هؤلاء الممثلين أو نواب الشعب على الدوام تحت رقابة الشعب في الدوائر المعنية ومن قبل الأجهزة والمؤسسات الرقابية الرسمية والشعبية والاعلامية وهذا غير مقيد بالدورات الانتخابية بل في أي وقت أثنائها يمكن اعقاء أجدهم واستبداله بغيره ولا نريد منهم برامج انتخابية مسبقة بل يشتركون في صنعها مع غيرهم من النواب والوزراء المعينين من هؤلاء النواب المنتخبين وذلك داخل البرلمان مع اتاحة الفرصة لكل مواطن المشاركة بالرأي واقتراح مشروعات القوانين والمشروعات التنموية والشعب هو الحكم في أداء البرلمان بوسائله المختلفة ولن يطول الجلوس في البرلمان بأي وزير أو نائب خامل يفشل في طرح قضايا ومشاكل دائرته ولهم الحق في استبداله في وقت وهكذا على هذا النحو.
وهذا النظام لا يمنع أن يكون شكل الحكم كيفما يكتب في الدستور مركزيا أو فدراليا أو خلافه ولكن بالقطع يستبعد النظام الجمهوري الرئاسي ويعتمد فقط النظام البرلماني برئاسة رئيس مجلس وزراء منتخب كأي نائب في البرلمان على أن يكون الوزراء من التكنوقراط في الوزارات المتخصصة بجانب كونهم نوابا منتخبين ويعتمد تعيينهم وزراء في البرلمان ويعلن البرلمان قرارات تعيين الوزراء وأما موظفي الدولة من غير الوزراء فتحكمهم قوانين الخدمة العامة ولوائحها التي يجب مراجعتها وتطهيرها من أية نصوص تجعل لشخص واحد الانفراد بتطبيق هذه القوانين ولوائحها في التعيين والترقية والمحاسبة والعزل وووووهكذا