أخبار السودان

بعد التقدم الميداني… ما خيارات الجيش السوداني؟

د اماني الطويل

تغيرت الموازين العسكرية الميدانية لمصلحة الجيش السوداني في عمليات متصاعدة بدأت قبل ثلاثة أشهر، وتحققت فعلياً تقديرات قادة الجيش خلال هذا التوقيت في شأن إمكانية تغيير الأوضاع على الأرض لصالحهم على حساب قوات “الدعم السريع”. وأسهم في هذه الحال الجديدة بصورة رئيسة طبيعة الممارسات التي أقدمت عليها قوات “الدعم السريع” على الأرض، إذ اتسع حجم الانتهاكات ضد الأهالي المدنيين، وضُربت البنى التحتية لصيقة الصلة بحياة الناس كالماء والكهرباء حتى ينزحوا من أراضيهم، بما شكله كل ذلك من تهديد لصورة الجيش القومي وتقزيم له.

النتائج المباشرة لهذه الممارسات من جانب قوات “الدعم السريع” والمتضمنة اغتصاب النساء كان التفافاً شعبياً حول الجيش السوداني باعتباره منقذاً، وكذلك قبولاً دولياً وإقليمياً أوسع للجيش وطبيعة أطروحاته، وذلك على رغم العقوبات الأميركية التي أقرت من جانب وزارة الخزانة الأميركية التي حرصت فيها على أن تكون ضد الطرفين المتحاربين بالتوازي حتى وصلت إلى رموز القوتين، الفريق عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو قائد “الدعم السريع”.

لا تفاوض

وفي أجواء النصر هذه يحرص قائد الجيش على الإعلان في كل مدينة يدخلها منتصراً أنه “لا تفاوض”، وأن خياراته متبلورة في اتجاه القضاء على قوات “الدعم السريع”. وهذا الإعلان المتكرر دوماً من جانب الفريق عبدالفتاح البرهان يقود إلى طرح بعض التساؤلات في شأن الخيارات القادمة للجيش على المستويين العسكري والسياسي، ومدى القدرة على تحقيق هذه الخيارات في ضوء معطيات معقدة على المستويين الداخلي والخارجي.

وربما تكون أول هذه الأسئلة هي هل يعني الفريق عبدالفتاح البرهان بمقولته الشهيرة بالقضاء على التمرد قدرة عسكرية وسياسية مثلاً على طرد “الدعم السريع” من إقليم دارفور، الذي يسيطر على كل ولاياته عدا عاصمة شمال دافور الفاشر التي تدور حولها معركة مفصلية؟ وإذا كان هذا الخيار ماثلاً في ذهن البرهان فهل يجد سنداً يتيح له ذلك على المستويين العسكري والسياسي؟

وثانياً هل حرص الجيش السوداني على تحرير مناطق وسط السودان والخرطوم مرتبط بصفقات أو ترتيبات سياسية تمهد لانقسام السودان، بمعنى أن تحوز قوات “الدعم السريع” على إقليم دارفور مقابل أن يكون للجيش سيطرة كاملة على شرق ووسط السودان؟ وأخيراً ما صورة الدولة السودانية إذا ما بات نصر الجيش واقعاً معاشاً؟ أي سيطرة عسكرية مطلقة على المناطق التي سبق أن انسحب منها الجيش، خصوصاً في وسط السودان والخرطوم.

وفي ضوء المعطيات العسكرية والسياسية الراهنة، فإنه من الملاحظ أن مخطط الاعتصام بدارفور قد يكون مكوناً في استراتيجيات “الدعم السريع” أكثر منه موجوداً في استراتيجيات الجيش، وذلك طبقاً لمؤشرين، الأول حال الانسحاب أو الفرار التي مارستها قوات “الدعم” أمام قوات الجيش من المناطق الداخلية في المدن، بينما كان الاحتكاك على المحاور الخارجية بين الطرفين، التي جرى فيها اكتشاف القدرات العسكرية المتقدمة للجيش على “الدعم السريع”. من ثم كانت نتائج المعارك محسومة لصالحه، وذلك بعد دعم قدراته من قوات المشاة، فضلاً عن قدراته الجوية الممثلة في سلاح الطيران.

أما على المستوى السياسي فإن للجيش حلفاء من دارفور يقاتلون إلى جانبه، فضلاً عن جيوب محسوبة لصالحه ومعادية لـ”الدعم السريع” مثل الشيخ موسى هلال عم حميدتي ومؤسس الجنجويد الأول، وذلك فضلاً عن عدم قبول متوقع من جانب عبدالواحد نور وقبيلة الفور لسيطرة حميدتي على إقليم دارفور، وهو ما يرشح الإقليم لصراعات مسلحة في المستقبل القريب.

المؤشر الثاني لإصرار الجيش على عدم ترك دارفور في أيدي “الدعم السريع” هو استبساله ومن معه في معارك الفاشر، وكذلك وجود دعم إقليمي ودولي ممثلاً في السعودية ومصر ومجلس الأمن في فك الحصار عن الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

سيناريوهات محتملة

وطبقاً للمسارات العسكرية سالفة الذكر فإنه من المستبعد أن يتوقف الجيش السوداني على تخوم دارفور، لكنه في تقديرنا سيسعى إلى استعادة حامياته هناك التي فقدها، وربما يكون حسم الأمر في الفاشر لمصلحة الجيش مقدمة تحتمل سيناريوهين.

السيناريو الأول استمرار الجيش في التقدم مدعوماً بقدراته التي تطورت، وحاضنة شعبية آخذة في الاتساع نظراً إلى بزوغ أمل عودة السودانيين إلى بيوتهم، أما السيناريو الثاني فهو بدء مجهودات دولية وإقليمية لبحث مستقبل السودان، وليس فقط فكرة التفاوض مع “الدعم السريع”.

وفي هذا السياق، تقف العقوبات الأميركية التي فرضتها إدارة بايدن قبل أيام من رحيلها على الفريق البرهان كعقبة كؤود بين الطرفين، وهي العقبة التي قد تدفع الرجل نحو الاتجاه إلى روسيا بخطوات أكثر جدية، ومن هنا قد نتوقع من إدارة ترمب تجميداً لهذه العقوبات ربما بشروط انخراط الجيش وقائده في التفاعل مع المعطيات المطروحة أميركياً في شأن وقف الحرب داخل السودان، وحال مستقبله السياسي وكذلك رغبة واشنطن في عدم إفلات السودان من مظلة النفوذ الأميركي خصوصاً والغربي عموماً، لمصلحة المعسكر الشرقي الممثل في روسيا والصين.

وطبقاً لهذا المشهد، فإن الخيارات السياسية للجيش في المرحلة المقبلة هي الأعقد، وربما تكون هذه الخيارات هي المؤشر الحقيقي الذي يمكن أن يبلور اتجاهات المستقبل للسودان من حيث استمرار الاحتقانات السياسية، أو القدرة علي بلورة معادلة استقرار سياسي يسمح بتقدم تنموي.

وغالب الظن أننا أمام السيناريوهات التالية، الأول الاعتماد على الحاضنة الشعبية الموقتة التي تبلورت للجيش تحت مظلة تزايد المطلب الشعبي في ضمان الأمن الإنساني للسودانيين، وعودة النازحين إلى مواطنهم. وطبقاً لذلك يتم الاستمرار في شيطنة كل القوى السياسية السودانية، والانخراط في مشروع يضمن سيطرة مطلقة على السلطة في السودان، مع الإعلان أنها مرحلة انتقالية، وذلك بالتوازي مع هندسة نوع من الموالاة السياسية للجيش معتمدة على قطاعات منزوعة السياسة.

هذا الخيار طرحه الفريق أول عبدالفتاح البرهان، حين قال إن نائبه ياسر العطا يملك مشروعاً يستبعد القوى السياسية القديمة، ويعتمد على الشباب. وهذا التوجه قد يجد داعمين إقلييمين عطفاً على ما أفرزته الحرب السودانية من انقسامات اجتماعية وقبلية من ناحية. وكذلك وجود حال قبول واسعة لفكرة الحاكم الفرد سواء من الجيش أو غيره، دعمتها إقليمياً حالتا كل من لبنان وسوريا، بعد أن دفع المجتمع الدولي في الحال اللبنانية إلى تولي موقع الرئاسة قائد الجيش. أما في سوريا فجرى قبول ترؤس أحمد الشرع للبلاد دون أية شرعية مؤسسة على حوار أو توافق وطني.

والسيناريو الثاني هو إدراك قادة الجيش أن مشروع تقسيم السودان ماثل وبقوة وتدفع إليه شركات عالمية حالياً، تسعى إلى نهب موارد دارفور خصوصاً الذهب والصمغ الغربي، بما لها من وكلاء محليين يدفعون نحو تكوين حكومة منفى بشعارات سياسية رنانة، فيتكرر بذلك مشهد الكونغو في السودان، التي يُنهب منها معدن الكولتان اللازم لبطاريات أجهزة الاتصال والسيارات، وذلك تحت مظلة صراع مسلح.

هذا الإدراك إذا تحقق في ذهنية قادة الجيش السوداني فربما ينحازون إلى خيارات خلق حال توافق وطني واسع، يضمن الحفاظ على التراب الوطني السوداني ويحقق أمنه القومي بعد أن تهدأ المدافع، مما يتطلب من الجيش في المرحلة المقبلة الوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية السودانية، وعدم إعطاء وزن أعلى لهؤلاء الذين شاركوا في العمليات القتالية طمعاً ربما في إعادة سيطرتهم علي مفاصل الدولة السودانية، وكذلك تحجيم حال الاستقطاب السياسي بين الأطراف السودانية بخطط مدروسة، وأيضاً الدفع نحو حوارات متعددة المستويات في شأن مستقبل السودان.

وعليه، فإن دعم فكرة عقد النسخة الثانية من مؤتمر القوى السياسية السودانية بالقاهرة قد تكون خطوة في هذا الاتجاه، وأحسب أن الحوار حول العلاقات المدنية العسكرية في السودان طبقاً لنتائج هذه الحرب خطوة موازية من حيث الأهمية، التي يمكن أن يكون لها مسار منفصل بين خبراء ومتخصصين مستقلين. وإجمالاً يصنع المنتصرون التاريخ، المهم أن يكون هذا التاريخ صناعة لأمن ممتد واستقرار سياسي وصيانة للدولة من تقسيم يبدو مرئياً.

نقلا عن اندبندنت عربية

‫9 تعليقات

  1. المصريين (اولاد بمبا) هم الخطر علي السودان.

    ملحوظة:

    بمبا واحينا تكتب (بمبه) واسمها بالكامل (بمبا كشر) هي كانت اشهر رقاصة في مصر في اواخر القرن التاسع عشر و اوائل القرن العشرين وهي كانت زعيمة جميع الرقاصات في تلك الفترة، ومايميزها انها كانت مصرية مية المية حيث انه في تلك الفترة كان معظم الرقاصات اجنبيات من دول الشام وتركيا واليونان واروبا، لكن زعيمة الرقاصات بمبة كشر كانت مصرية ابا عن جد وكانت امرأة صاحبة سلطة وسطوة علي الجميع.

    المصريين فعلا طلعوا اولاد بمبا اولاد رقاصة يعنى.

    في العام ١٩٧٣م تم انتاج فيلم من بطولة نادية الجندى بعنوان (بمبا كشر) لتخليد ذكراها، وحقق الفيلم نجاح ساحق وتدافع اولاد واحفاد بمبا لدخول السينمات لمشاهدة سيرة ومسيرة امهم الرقاصة بمبا كشر.

    الفيلم موجود علي اليوتيوب ممكن تتفرجوا عليهو.

    من محن واحن الدنيا وسفالة وسفاهة ورخاصة الكيزان الارهابيين وعبيدهم الانجاس انهم عملاء وخونة لصالح مخابرات اولاد رقاصة او اولاد بمبا.
    محن محن والله محن

    1. انا شايف انك قاعد تكتب وتنسخ هذا التعليق مرار و تكرارا . مافي داعي للسفاهة وقلة الادب – كل ما تقلوا ادبكم كل ما الله يعاقبكم يا احفاد اتفاقية البقط . طبعا انت قاعد في الاغلب في مصر ومستمتع بالامان والخدمات !!!!

      1. سبحان الله شعب من ما الله خلقه وهو يعيش في ضنك وكوارث ومجاعات وانحطاط واستبداد . اكثر بلد في العالم يلقون الاطفال في الشارع لتاكلها الكلاب المتشردة- اغلب نسوانهم تم اغتصابهم في الغرب وجبال النوبة ودارفور وجنوب السودان وحاليا في الشمال والخرطوم – يعيشون علي المساعدات الدولية وبدل ان يفكروا في كيفية الخروج من هذا المستنقع. يفكروا فقط في شتم والاساءة الي الدولة الوحيدة التي مدت لهم يد المساعدة

      2. سبحان الله شعب من ما الله خلقه وهو يعيش في ضنك وكوارث ومجاعات وانحطاط واستبداد . اكثر بلد في العالم يلقون الاطفال في الشارع لتاكلها الكلاب المتشردة- اغلب نسوانهم تم اغتصابهم في الغرب وجبال النوبة ودارفور وجنوب السودان وحاليا في الشمال والخرطوم – يعيشون علي المساعدات الدولية وبدل ان يفكروا في كيفية الخروج من هذا المستنقع. يفكروا فقط في شتم والاساءة الي الدولة الوحيدة التي مدت لهم يد المساعدة
        نتمني فقط ان المصريين لا يقروون تعليقاتكم المنحطة حتي لا نسيء الي الشعب السوداني هناك

    2. سبحان الله شعب من ما الله خلقه وهو يعيش في ضنك وكوارث ومجاعات وانحطاط واستبداد . اكثر بلد في العالم يلقون الاطفال في الشارع لتاكلها الكلاب المتشردة- اغلب نسوانهم تم اغتصابهم في الغرب وجبال النوبة ودارفور وجنوب السودان وحاليا في الشمال والخرطوم – يعيشون علي المساعدات الدولية وبدل ان يفكروا في كيفية الخروج من هذا المستنقع. يفكروا فقط في شتم والاساءة الي الدولة الوحيدة التي مدت لهم يد المساعدة

  2. مشاكل مصر الاقتصادية و السودان السياسية حلها في التكامل الاقتصادي الكامل بين مصر و السودان حدود مفتوحة و عملة واحدة سوّف منطقة مزدهرة اقتصاديا و الاقتصاد هو الذي يقود السياسة في عالم اليوم لذلك سوف تختفي كلّ المشاكل السياسية و الاقتصادية للدولتين.

  3. هذا الإدراك إذا تحقق في ذهنية قادة الجيش السوداني فربما ينحازون إلى خيارات خلق حال توافق وطني واسع، يضمن الحفاظ على التراب الوطني السوداني ويحقق أمنه القومي بعد أن تهدأ المدافع، مما يتطلب من الجيش في المرحلة المقبلة الوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات السياسية السودانية، وعدم إعطاء وزن أعلى لهؤلاء الذين شاركوا في العمليات القتالية طمعاً ربما في إعادة سيطرتهم علي مفاصل الدولة السودانية، وكذلك تحجيم حال الاستقطاب السياسي بين الأطراف السودانية بخطط مدروسة، وأيضاً الدفع نحو حوارات متعددة المستويات في شأن مستقبل السودان

    .
    😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀😀

    اها يا الاستخبارات المصريه خفتوا الكيزان والارهابيين يتصيدوا الموقف يا اولاد الابالسه فاكرين نفسكم شطار سوف ينتهي الامر بان البرهان سوف يتغلب علي داعميهي وعلي كده تكون الاستخبارات المصريه حكمت السودان عبر العسكر فقط هههههه ههههه هههه عشم ابليس في الجنه قلنا ليكم ابعدوا من البرهان لان البرهان زاتو مجرور من انفه ومايقدر يتخلص من الارهابيين .

  4. خليك فى بلدك مصر ومشاكلها السودان مالقى منكم غير الاذى والاستغلال ونهب موارده والظلم والاستهزاء والسخرية من شعبه وسمارة وكدا فهمتى ولا لم تفهمى رغم ماقدمه السودان لمصر بداً من السد العالى وبحيرة تاصر وحروبكم مع اسرائيل وحماية طائرائكم وفتح لكم مطاراته وانشىء لكم القواعد العسكرية وغير ذلك كثير وحلاليب وموارده المصدرة لكم بتراب الفلوس ولكن الحساب ولد ولكن يبقى كلام الله باقى ما بقيت الدنيا ( وتلك الايام نداولها بين الناس … )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..